تفريغ مقطع : اجلس بنا نغتب في الله ساعة... الكلام في أهل البدع

وَلَيسَت الغِيبَةُ أَنْ تَذْكُرَ أَخَاكَ بِمَا لَيسَ فِيهِ؛ هَذَا بُهتان؛ وَأَمَّا الغِيبَة: فَأَنْ تَذْكُرَ أَخَاكَ بِمَا هُوَ فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُهُ.

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: «أَتَدْرُونَ مَا الغِيبَة؟».

قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَم.

قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَه».

قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُول؟

قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَد اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهْتَّهُ».

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَالَ فِي مُؤمِنٍ مَا لَيسَ فِيهِ؛ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الخَبَال حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَال». رَوَاهُ أَبْو دَاوُد بإِسنَادٍ صَحِيحٍ.

وَرَدْغَةُ الخَبَالِ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّار -نَسأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالعَافِيَة-.

فَنُطَهِّرُ اللِّسَانَ مِنْ آفَاتِهِ، هَذِهِ التَّخْلِيَة، وَالتَّخلِيَةُ مُقَدَّمةٌ عَلَى التَّحْلِيَة، أَلَا تَرَى إِنَّكَ إِنْ تَلَوْتَ القُرآنَ وَذَكرْتَ اللهَ رَبَّ العَالمِينَ وَسَبَّحْتَهُ -وَهَذِهِ تَحْلِيَة تَأْتِي بِهَا بِاللِّسَانِ- وَلَمْ تُخْلِّي اللِّسَانَ مِن آفَاتِه؛ بَدَّدَ عَلَيْكَ اللِّسَانُ بآفَاتِهِ مَا حَصَّلْتَهُ مِنْ حَسَنَاتٍ؟

فَالتَّخلِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحلِيَة، لَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا أَنْ نَتَكَلَّمَ فِي أَصحَابِ البِدَع, وَأَنْ نَذْكُرَهُم بِمَا فِيهِم, وَأَنْ نُحّذِّرَ مِنْهُم, وَأَنْ نُنَفِّرَ النَّاسَ عَنهُم وَعَن مَسَالِكِهِم وَعَنْ بِدَعِهِم وَعَنْ مَنَاهِجِهِم؛ شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ بإِخْلَاصٍ وَعِلْمٍ وَحِلْمٍ.

وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ مِنْ عُلَمَائِنَا مِنْ أَهْلِ الجَرْحِ وَالتَّعدِيل إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ؛ قَالَ لَهُ: اجْلِس بِنَا نَغْتَب فِي اللهِ سَاعَة، اجْلِس بِنَا لِنَغْتَابَ فِي اللهِ سَاعَة... مَا تَقُولُ فِي فُلَان؟

يَقُولُ: فُلَانٌ لَا يسوي بَعْرَة... فَلَانٌ هَذا ضَعِيفُ الحِفْظ... فَلُانٌ هَذَا فِيهِ كَذَا...

فَذِكْرُ الرِّوَاةِ بِمَا فِيهِم, وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَهْلِ البِدَع وَالتَّحذِيرُ مِنهُم مِنْ أَعظَمِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الغِيبَةِ المَذْمُومَة، فَهَذَا شَيءٌ آخَر شَيءٌ برَأْسِه-.

وَمِنْ أَعظَمِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ: التَّنْفِيرُ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ وَمِنْ مَسَالِكِهِم وَمِن مَنَاهِجِهِم؛ شَرِيطَةَ ألَّا يُفْتَرَى عَلَيهِم وَأَنْ يُعْدَلَ فِيهِم, وَأَنْ يُتَكَلَّمَ فِيهِم بِإِخلَاصٍ وَعِلمٍ وَحِلْمٍ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؛ فَقَد أَتَى بشَيءٍ مِنْ هَدْيِ السَّلَفِ الصَّالحِين، وَمَنْ لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ كَذَلِك؛ فَقَد ظَلَمَ نَفْسَهُ؛ أَنْ يَتَكَلمَ بِجَهْلٍ أَوْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِجَوْرٍ أَوْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ وَلَكِنْ مِنْ غَيرِ نِيَّةٍ صَادِقَة، كَأَنْ تَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِيهِ مُنَافَرَة، وَيَكُونُ فِيهِ مَا يَقُولُ وَمَا يُحَذِّرُ مِنْهُ؛ وَلَكِنَّ النِّيَّةَ غَيرُ حَاضِرَة، فَلَا بُدَّ مِنَ الإِخلَاصِ وَلَا بُدَّ مِنَ العِلْمِ وَلَا بُدَّ مِنَ العَدْلِ.

فَإِذَا تَوَفَّرَت هَذِهِ الشُّرُوط وَهِيَ: الإِخلَاصُ وَالعِلْمُ وَالعَدْلُ؛ فَحِينَئذ تَكُونُ قُرْبَةً إِلَى اللهِ رَبِّ العَالمِينَ، وَإِلَّا كَانَت مِنْ أَكبَرِ المَعَاصِي...

كَمَا قَالَ ابنُ دَقِيقٍ العِيد: «إِنَّ أَعْراضَ المُسلِمِينَ حُفْرَةٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّم، يَقِفُ عَلَيْهَا الحُكَّامُ وَالعُلَمَاء».

فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَأَلَّا يَخْلِطَ بَيْنَ النُّصُوص، وَإِنَّمَا يُجرِي كُلًّا فِي مَجْرَاه، وَاللهُ يَرْعَاهُ وَيَتَوَلَّاهُ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  هام جدا لكل من أراد الحج أو العمرة
  رمضان وشياطين الجن والإنس
  قانون لا ينبغي أن يغيب عنك أبدًا
  نصيحة للشباب عشية العام الدراسي
  مختصر شروط ونواقض لا إله إلا الله
  قولوها واستحضروها واجعلوها دائمًا في قلوبكم
  قد يدخلك ذنب الجنة ، وقد تدخلك طاعة النار
  انظر كيف يتصرف الخائف من الله عز وجـل!!
  تزكية فضيلة الشيخ العلامة رسلان -حفظه الله- لابنه عبد الله
  صار الحجابُ يَحتاج حجابًا... فقد تَبرَّجَ الحِجاب‬!!
  بَيْنَ الابْنِ وَأُمِّهِ
  وصية مهمة جدًا للشباب في بداية العام الدراسي
  هل الأعمال شرط كمال أم شرط صحة ..؟
  لمَاذا أنت غَضُوب لا يقِفُ أمامَ غضَبِكَ أحد؟
  تعليق الرسلان على أحداث سوريا عام 2013
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان