دَلَائِلُ أَهَمِّيَّةِ الْمَاءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ


((دَلَائِلُ أَهَمِّيَّةِ الْمَاءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ))

*عِبَادَ اللهِ! مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ نِعْمَةِ الْمَاءِ فِي الْحَيَاةِ: أَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ الْمَاءَ الْكَثِيرَ النَّافِعَ ثَمْرَةً لِلْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالتَّقْوَى، وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-: قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16].

وَأَنَّ الشَّأْنَ الْعَظِيمَ هُوَ: لَوْ اسْتَقَامَ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى، وَكَانُوا مُؤْمِنِينَ مُطِيعِينَ لَوَسَّعْنَا عَلَيْهُمُ الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا، وَلَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً كَثِيرًا غَزِيرًا.

وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْمُجَمَّعَاتِ السَّكَنِيَّةِ الْمُهْلَكَةِ؛ آمَنُوا إِيمَانًا صَحِيحًا صَادِقًا، وَاتَّقَوْا عِقَابَ اللهِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ بَرَكَاتٍ كَثِيرَاتٍ، وَزِيَادَةِ خَيْرَاتٍ مَعْنَوِيَّةٍ وَمَادِّيَّةٍ تَأْتِيهِمْ مِنْ جِهَةِ السَّمَاءِ وَتَأْتِيهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأَرْضِ بِالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ وَالْخَيْرِ وَالْأَرْزَاقِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْآفَاتِ، وَلَكِنْ كَذَّبُوا الرُّسُلَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ بِسَبَبِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ الْخَبِيثَةِ.

وَقَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12].

فَقُلْتُ -يَعْنِي نُوح -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِقَوْمِي: اطْلُبُوا مِنْ رَبِّكُمْ أَنْ يَغْفِرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ بِتَوْبَتِكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرٍ وَفُسُوقٍ، إِنَّهُ كَانَ وَلَمْ يَزَلْ كَثِيرَ الْمَغْفِرَةِ لِذُنُوبِ مَنْ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ بِالْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ.

إِنْ تُؤْمِنُوا وَتُسْلِمُوا، وَتَسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ، وَتَتُوبُوا إِلَيْهِ؛ يُرْسِلْ عَلَى أَرْضِكُمْ وَبِلَادِكُمْ مَاءَ السَّمَاءِ كَثِيرًا مُتَتَابِعًا فِي مَنَافِعِكُمْ وَسُقْيَاكُمْ، وَيُكَثِّرُ أَمْوَالَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ، وَيَجْعَلُ لَكُمْ بَسَاتِينَ تَنْعَمُونَ بِجَمَالِهَا وَثِمَارِهَا، وَيَجْعَلُ لَكُمْ أَنْهَارًا جَارِيَةً؛ لِإِمْتَاعِ نُفُوسِكُمْ وَأَعْيُنِكُمْ، وَلِسُقْيَا الْأَشْجَارِ وَالزُّرُوعِ.

*وَمِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ وَعِظَمِ شَأْنِ نِعْمَةِ الْمِيَاهِ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ حَبْسَ الْمَطَرِ، وَالْجَدْبَ وَالْقَحْطَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً شَدِيدَةً لِلْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالْفَسَادِ: فَقَدْ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130].

وَنُقْسِمُ مُؤَكِّدِينَ أَنَّنَا قَبَضْنَا عَلَى آلِ فِرْعَوْنَ قَبْضَةً مُوجِعَةً بِالْقَحْطِ وَالْجَدْبِ وَالْجُوعِ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، وَإِتْلَافِ الْغَلَّاتِ وَبِالْآفَاتِ؛ رَغْبَةً مِنَّا أَنْ يَتَذَكَّرُوا، فَيَتَضَرَّعُوا وَيَسْتَغْفِرُوا، وَيَتُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ -جَلَّ وَعَلَا-.

فَمِنْ أَسْبَابِ حَبْسِ الْأَمْطَارِ وَغَلَاءِ الْأَسْعَارِ الظُّلْمُ وَالْفَسَادُ.

*وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَّ مِنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ مَنْعَ الْمَطَرِ أَوْ نُدْرَتَهُ، وَمَا يَتَرَتِّبُ عَلَيْهِ مِنْ جَدْبٍ وَقَحْطٍ: أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَه، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ -وَذَكَرَ ﷺ مِنْهَا-: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا.

وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنْ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا)) .

  

 

المصدر:نِعْمَةُ الْمَاءِ وَضَرُورَةُ الْحِفَاظِ عَلَيْهَا

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ
  الإِسْلَامُ أَعْظَمُ نِعَمِ اللهِ على العَبْدِ
  عِيدُكُمْ السَّعِيدُ بِالتَّطَهُّرِ مِنَ الشِّرْكِ، وَالْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي
  مَفْهُومُ الْجِهَادِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالِادِّعَاءِ
  الدرس العاشر : «الجُودُ وَالكَرَمُ في رَمَضَانَ»
  الْعَالَمُ كُلُّهُ -الْيَوْمَ- فِي حَاجَةٍ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ ﷺ
  نَبِيُّكُمْ ﷺ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا مَعَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الرَّضَاعَةُ
  حُكْمُ النِّكَاحِ فِي الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
  الْحَثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْأَيْتَامِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  دِينُ التَّسَامُحِ وَشَرِيعَةُ الْعَفْوِ وَالْإِحْسَانِ
  سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ
  الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَالْحَذَرُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ
  حُكْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ
  قَضِيَّةُ الْقُدْسِ قَضِيَّةُ الْأُمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان