الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ

الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ

 ((الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ))

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((رَمَضَانُ مَدْرَسَةٌ تُعَلِّمُ الطَّاعَاتِ وَتُهَذِّبُ الْأَخْلَاقَ))

فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ عَلَّمَ الْأُمَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَيْفَ تَكُونُ عَابِدَةً للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَصَارَ الشَّهْرُ مَدْرَسَةً لِتَعَلُّمِ الطَّاعَاتِ، وَالْإِقْبَالِ عَلى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، وَطَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ فِي كُلِّ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ.

جَعَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الصِّيَامَ مَدْرَسَةً؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ نَتَعَلَّمَ كَيْفَ نَعْبُدُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَكَيْفَ نُحَصِّلُ التَّقْوَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

فَالصِّيَامُ يُعَلِّمُنَا التَّقْوَى، وَشَهْرُ رَمَضَانَ مَدْرَسَةٌ؛ يَتَعَلَّمُ الْإِنْسَانُ فِيهَا كَيْفَ يَكُونُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُحَصِّلًا لِلتَّقْوَى.

ثُمَّ هُوَ مَدْرَسَةٌ يَتَعَلَّمُ المَرْءُ فِيهَا كَيْفَ يُصَلِّي للهِ، وَكَيْفَ يَقُومُ اللَّيْلَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ قِيَامَ اللَّيْلِ شَرَفَ المُؤْمِنِ.

((اعْمَلْ مَا شِئْتَ؛ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ)) .

وَشَهْرُ رَمَضَانَ مَدْرَسَةٌ فِي تَعْلِيمِ الْأُمَّةِ كَيْفَ تَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهَا -جَلَّ وَعَلَا- سَائِرَ الْعَامِ.

((الْعِبَادَةُ لَا تَنْقَطِعُ بِانْتِهَاءِ رَمَضَانَ!!))

*الصِّيَامُ مُمْتَدٌّ طَوَالَ الْعَامِ:

عِبَادَ اللهِ! يُعَلِّمُنَا هَذَا الشَّهْرُ بِصِيَامِهِ كَيْفَ نَفْزَعُ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِحِرْمَانِ النَّفْسِ مِنْ بَعْضِ مَا تُحِبُّ؛ حَتَّى نُحِسَّ بِالمَحْرُومِ حَقًّا وَصِدْقًا: بِمَنْ لَمْ يُؤْتِهِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَا آتَانَا بِالَّذِي يَجِدُ مَسَّ الجُوعِ.

وَهَذَا مُمْتَدٌّ فِي سَائِرِ الْعَامِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ: مَا يَكُونُ بِعَقِبِ عِيْدِ الْفِطْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ -كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَرْفَعُهُ-: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)).

وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا، وَبَيَّنَ هَذَا الْإِجْمَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: ((شَهْرٌ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَينِ)) أَيْ: بِسِتِّينَ يَوْمًا؛ إِذِ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَهَذَا تَمَامُ الْعَامِ؛ فَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَأَنَّمَا صَامَ الْعَامَ كُلَّهُ.

وَدَلَّنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى الْوَصْفَةِ النَّبَوِيَّةِ نَسْتَخْرِجُ بِهَا غِشَّ الصَّدْرِ، نُخْرِجُ بِهِ مَا فِي هَذَا الصَّدْرِ مِنْ غِشِّهِ وَوَسَاوِسِهِ، وَمَا يُحِيطُ بِالْقَلْبِ مِنْ غَبَشِهِ وَنَكَدِهِ؛ لِكَيْ يَكُونَ خَالِصًا للهِ، مَحَلًّا لِنُزُولِ فُيُوضَاتِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ؛ إِذْ هُوَ مَحَلُّهُ وَمَرْبَاهُ، وَلَا مَرْبَى لَهُ سِوَاهُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ)).

وَوَحَرُ الصَّدْرِ: غِشُّهُ، وَوَسَاوِسُهُ.

لَقَدْ بَيَّنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَّ مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ فَكَأَنَّمَا صَامَ الْعَامَ، فَحَدَّدَ لَنَا أَيَّامَ الْبِيضِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ، وَالخَامِسَ عَشَرَ».

ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرِ بِثَلَاثِينَ؛ إِذِ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ الَّذِي تُسَمُّونَهُ المُحَرَّمُ)).

فَبَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ طَرِيقَةَ الصِّيَامِ فِي سَائِرِ الْعَامِ، وَبَيَّنَ أَنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ: «صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا».

وَحَضَّنَا عَلَى صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَهُنَالِكَ -أَيْضًا- مَا يَكُونُ هُنَالِكَ مِنْ صَوْمِ تِسْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَائِلِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، وَفِيهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَهِيَ أَيَّامٌ مُبَارَكَاتٌ، وَمَوْسِمٌ جَلِيلٌ مِنْ مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ.

*قِيَامُ اللَّيْلِ مُمْتَدٌّ طَوَالَ الْعَامِ:

عباد الله! إِنَّ الْقِيَامَ -الَّذِي كَانَ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ، وَالَّذِي سَنَّهُ لَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ- هَذَا الْقِيَامُ مَمْدُودٌ طُولَ الْعَامِ.

وَكَثِيرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وَلَا يَحْرِصُونَ عَلَيْهِ، وَالنَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا، فَيَحْسَبُونَ أَنَّ رَمَضَانَ إِنَّمَا خُصَّ بِالْقِيَامِ دُونَ سَائِرِ لَيَالِي الْعَامِ، وَهَذَا خَطَأٌ شَنِيعٌ!

سَنَّ لَنَا نَبِيُّنَا ﷺ الْقِيَامَ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ، وَهَذَا فِي الْعَامِ كُلِّهِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ يَقُومُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مَا تَيَسَّرَ لَهُ أَنْ يَقُومَ؛ حَتَّى إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُمْ لَيْلَةً لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ شُغُلٍ؛ فَإِنَّهُ يَقْضِي ذَلِكَ -رُبَّمَا فِي النَّهَارِ- ﷺ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَبِيرٌ فَهُوَ شَرَفُ المُؤْمِنِ.

وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهَذَا الشَّرَفِ فَإِنَّهُ لَا شَرَفَ لَهُ.

قَالَ ﷺ: ((وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ)).

بَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْقِيَامَ مُمْتَدٌّ فِي الْعَامِ، وَأَنَّ الرَّبَّ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلْيَكُنْ.

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ، فَإِذَا رُوجِعَ قَالَ: ((أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا)) ﷺ.

النَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرَنَا أَنَّ ((مَنْ قَامَ اللَّيْلَ بِعَشْرِ آيَاتٍ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ بِمِائَةِ آيَةٍ؛ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ اللَّيْلَ بِأَلْفِ آيَةٍ؛ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ)).

وَالمُقَنْطِرُونَ: الَّذِينَ يُعْطَوْنَ قِنْطَارًا مِنَ الْأَجْرِ، لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.

فَمَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ.

وَ((مَنْ قَامَ بِاللَّيْلِ، فَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا جَمِيعًا رَكْعَتَينِ؛ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)) كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ.

فَهَلُمَّ إِلَى قِيَامِ اللَّيْلِ، وَمَا كَانَ مِنْ قِيَامٍ فِي رَمَضَانَ فَقِسْ عَلَيْهِ، وَأَقْصَى ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فِي رَمَضَانَ وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ، كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا ﷺ))، وَرُبَّمَا صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ قُعُودٍ ﷺ.

وَأَقَلُّهُ: أَنْ تُصَلِّيَ للهِ رَكْعَةً وَاحِدَةً.

وَالنَّبِيُّ ﷺ مَا تَرَكَ الْوِتْرَ أَبَدًا، لَا فِي حَلٍّ وَلَا فِي سَفَرٍ، فَكَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ ﷺ، وَهُوَ قِيامُ اللَّيْلِ، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ؛ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَتُوتِرُ لَهُ مَا كَانَ شَفْعًا قَبْلُ مِنْ صَلَاتِهِ.

وَصَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، وَلِصَلَاةِ اللَّيلِ صُوَرٌ دُونَ ذَلِكَ، فَكَانَ ﷺ لَا يَدَعُ الْوِتْرَ، لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ - صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ-.


 

ضَرُورَةُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ:

النَّبِيُّ ﷺ كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، كَانَ عَمَلُهُ دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ.

فَلْتَكُنْ مُوَاظِبًا عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ -وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا- وَلَكِنْ دَاوِمْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّكَ إِنْ دَاوَمْتَ عَلَيْهِ؛ كَانَ سَجِيَّةً وَعَادَةً، فَلَا تَكَادُ النَّفْسُ تَنْقَطِعُ عَنْهُ بَعْدُ حَنِينًا إِلَيْهِ، وَإِقْبَالًا عَلَيْهِ، وَأَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ.

وَكَانَ عَمَلُهُ ﷺ دِيمَةً؛ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامٍ بِاللَّيْلِ بِصَلَاةٍ، وَلَوْ كَحَلْبِ شَاةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ صِيَامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ؛ وَلَوْ أَنْ يَصُومَ الاثْنَيْنَ وَالخَمِيسَ، فَإِنْ كَانَ شَاقًّا عَلَيْهِ؛ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ الْبِيضِ.

لَا بُدَّ أَنْ يَصُومَ مِنَ الشَّهْرِ شَيْئًا؛ لِكَيْ تَعْتَادَ النَّفْسُ فَطْمَهَا عَمَّا تُحِبُّ وَتَهْوَى؛ لِكَيْ تَكُونَ قَائِمَةً عَلَى مَرْضَاةِ رَبِّهَا الْعَلِيِّ الْأَعْلَى.

*مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ لَا تَنْتَهِي بِانْقِضَاءِ رَمَضَانَ!!

عِبَادَ اللهِ! مِنْ مَعَالِمِ رَمَضَانَ مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ، وَهِيَ مُمْتَدَّةٌ طُولَ الْعَامِ.

تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ، وَاظِبُوا عَلَى النَّظَرِ فِيهِ، وَتِلَاوَتِهِ، وَمَعْرِفَةِ مَعَانِيهِ، وَالْإِحَاطَةِ بِمَرَامِيهِ.

وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ، كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ((إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)).

وَأَمَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَذْلِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، وَحُرٍّ وَعَبْدٍ، وَذَكَرٍ وَأُنْثَى، فَعَلَّمَكَ الْبَذْلَ وَالْعَطَاءَ، عُلِّمْتَ؛ فَإِنِ اْنْتَكَسْتَ فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَكَ!


 

يُعَلِّمُنَا هَذَا الشَّهْرُ وَالصِّيَامُ كَيْفَ نَصْبِرُ عَلَى أَوَامِرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الشَّرْعِيَّةِ، وَعَلَى أَقْدَارِهِ الْكَوْنِيَّةِ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَرَضَ عَلَيْنَا الصِّيَامَ، وَفِيهِ حِرْمَانٌ.

فَالْحِرْمَانُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالشَّهْوَةِ فِيهِ ضَبْطٌ لِلْغَرِيزَةِ مِنْ مَطْعَمٍ وَمَنْكَحٍ، فِيهِ ضَبْطٌ لِلنَّفْسِ عَلَى صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيمِ، وَهَذَا أَمْرٌ تَتَمَلْمَلُ مِنْهُ النُّفُوسُ، وَتَجْزَعُ مِنْهُ الْقُلُوبُ إِلَّا إِذَا اطْمَأَنَّتْ بِذِكْرِ رَبِّهَا، وَأَنَابَتْ إِلَى أَوَامِرِ نَبِيِّهَا ﷺ.

 ((مَعْنَى الْعِيدِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْعِيدَ هُوَ كُلُّ يَوْمٍ فِيهِ جَمْعٌ.

وَهُوَ مِنْ: ((عَادَ يَعُودُ))؛ كَأَنَّهُمْ عَادُوا إِلَيْهِ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ أُخِذَ مِنَ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَادُوهُ، وَجَمْعُهُ: أَعْيَادٌ.

وَيُقَالُ: عَيَّدَ الْمُسْلِمُونَ: يَعْنِي شَهِدُوا عِيدَهُمْ، وَسُمِّيَ الْعِيدُ عِيدًا؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ كُلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ مُجَدَّدٍ.

وَسُمِّيَ الْعِيدُ بِهَذَا الِاسْمِ -أَيْضًا-؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى فِيهِ يَعُودُ عَلَى الْخَلْقِ بِعَوَائِدِ الْإِحْسَانِ -يَعْنِي أَنْوَاعَ الْإِحْسَانِ الْعَائِدَةِ عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَفِي يَوْمِ الْأَضْحَى-.

((حِكَمٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِيدِ))

*مِنْ حِكَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِيدِ: فَرَحُ الْمُسْلِمِينَ الشَّرْعِيُّ:

عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا نَزَلَ الْمَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَحْتَفِلُونَ بِيَوْمَيْنِ، فَقَالَ الرَّسُولُ : «إنَّ اللهَ أَبْدَلَكُمْ خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى».

فَهَذَانِ هُمَا عِيدَا الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَمِنْ شَعَائِرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْفَرَح فِيهمَا؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ هَذيْنِ الْيَوْمَيْنِ بِعَقِبِ عِبَادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ وَفَرْضَيْنِ جَلِيلَيْنِ مِنْ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ الْكَرِيمِ؛ لِأَنَّ عِيدَ الْفِطْرِ هُوَ مِنْ أَجْلِ الْفِطْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، يَفْرَحُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِأَدَاءِ هَذَا النُّسُكِ العَظِيمِ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ مِنْ ذَبْحِ مَطَامِعِ النَّفْسِ وَشَهَواتِهَا؛ قُرْبَانًا للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

فَبَعَدَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ؛ شَرَعَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْفَرَحَ فِي يَومِ الْفِطْرِ:  {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: ١٨٥].

وَأَمَّا يَوْمُ النَّحْرِ: فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عِيدُ الْمُسْلِمِينَ الْأَكْبَرُ، وَهُوَ بِعَقِبِ أَدَاءِ النُّسُكِ الجَلِيلِ الَّذِي يُيَسِّرُهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِن عِبَادِهِ -مِنَّةً مِنْهُ وَعَطَاءً-.

فَهَذِهِ الْأَعْيَادُ إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُعَظِّمَ شَعَائِرَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيهَا، فَعَلَيْنَا أَنْ نَفْرَحَ فِيهَا، الْفَرَحُ يَوْمُ الْعِيدِ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُعَظَّمَ، وَهَذَا الْفَرَحُ كَالحُزْنِ سَوَاءٌ بِسَوَاء فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ مَبْنيٌّ عَلَى قَوَاعِدَ، وَلَيْسَ مُرْسَلًا مُطْلَقًا.

قَالَ تَعَالَى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨].

فَإِذَنْ؛ الْفَرَحُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَبِرَحْمَتِهِ، وَتَعَلَمُ أَنَّهُ لَنْ يَشْبَعَ مُؤمِنٌ مِنْ خَيْرٍ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الجَنَّة، وَالْإِنْسانُ لَا يَقَرُّ لَهُ قَرَارٌ وَلَا يَهْدَأُ لَهُ بَالٌ حَتَّى يَطَأَ بِقَدِمِهِ الجَنَّةَ.

لَيَكُنْ الْمُسْلِمُ فَرِحًا بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِ رَمَضَانَ، وَعَمَلِ مَا تَيَسَّرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَالْقِرَاءَةِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

*مِنْ حِكَمِ الْعِيدِ: إِظْهَارُ شَعَائِرِ اللهِ وَتَعْظِيمُهَا:

لَقَدْ شَرَعَ اللهُ لَكُمْ التَّكْبِيرَ عِنْدَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ.

قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].

وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ: ((اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ)) .

وَقَدْ وَرَدَتْ صِيَغٌ سِوَى هَذِهِ.

وَيُسَنُّ جَهْرُ الرِّجَالِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَالْأَسْوَاقِ، وَالْبِيُوتِ؛ إِعْلَانًا بِتَعْظِيمِ اللهِ وَإِظْهَارًا لِعِبَادَتِهِ وَشُكْرِهِ وَحَمْدِهِ، وَيُسِرُّ بِهِ النِّسَاءُ؛ لِأَنَّهُنَّ مَأْمُورَاتٌ بِالتَّسَتُّرِ وَالْإِسْرَارِ بِالصَّوْتِ.

وَمَا أَجْمَلَ حَالِ النَّاسِ وَهُمْ يُكَبِّرُونَ اللهَ تَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا فِي كُلِّ مَكَانٍ عِنْدَ انْتِهَاءِ شَهْرِ صَوْمِهِمْ، يَمْلَؤُونَ الْآفَاقَ تَكْبِيرًا وَتَحْمِيدًا وَتَهْلِيلًا، يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ!!

*وَمِنْ إِظْهَارِ شَعَائِرِ اللهِ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى: فَمِنَ السُّنَّةِ الَّتِي لَا خِلَافَ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّهَا الرَّسُولُ فِي الْمَسْجِدِ أَبَدًا، لَا فِي عِيدِ فِطْرٍ وَلَا أَضْحَى مَعَ أَنَّ مَسْجِدَ النَّبيِّ الصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ.

*مِنْ حِكَمِ الْعِيدِ: تَوْسِعَةُ اللهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَدَاءِ طَاعَاتِهِمْ:

لَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُبَيِّنُ لِلْمُسْلِمِينَ لِيُبَيِّنُوا لِلْأُمَّةِ حَتَّى يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا أَنَّ نِعْمَةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِمْ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الْأَعْيَادِ؛ إِنَّمَا هِيَ فِي التَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَدَائِهِمْ لِطَاعَاتِ كَثِيرَةٍ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.

*مِنْ حِكَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِيدِ: التَّرْوِيحُ الشَّرْعِيُّ عَنِ النَّفْسِ:

اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذِهِ الْأَعْيَادِ، وجَعَلَ فِيهَا تَوْسِعَةً عَلَى الْعِيَالِ، وَجَعَلَ فِيهَا -أَيْضًا- تَوْسِعَةً وَتَرْوِيحًا عَنِ النَّفْسِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَأَتَّى مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ يُغْضِبُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ لَنَا فِي الْعِيدِ تَرْوِيحًا عَنِ النَّفْسِ، جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْعِيدِ فُسْحَةً، وَإِظْهَارًا للسُّرِورِ.

*وَمِنَ الْحِكَمِ الْعَظِيمَةِ فِي الْعِيدِ أَنَّ: اجْتِمَاعَ النَّاسِ فِي الْمُصَلَّى يُذَكِّرُ بِاجْتِمَعَاهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:

 

يُؤَدِّي الْمُسْلِمُ الصَّلَاةَ -صَلَاةَ الْعِيدِ- بِخُشُوعٍ وَحُضُورِ قَلْبٍ، وَيُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَدُعَائِهِ، وَيَرْجُو رَحْمَتَهُ وَيَخَافُ عَذَابَهُ.

وَيَتَذَكَّرُ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى اجْتِمَاعَ النَّاسِ فِي الْمَقَامِ الْأَعْظَمِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي صَعِيدِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَيَرَى إِلَى تَفَاضُلِهِمْ فِي هَذَا الْمُجْتَمَعِ -يَعْنِي إِذَا اجْتَمَعُوا لِصَلَاةِ الْعِيدِ-، فَيَتَذَكَّرُ بِهِ التَّفَاضُلَ الْأَكْبَرَ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} [الإسراء: 21].

*مِنْ حِكَمِ الْعِيدِ: حُبُّ الْمُوَاسَاةِ، وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْفُقَرَاءِ، وَالتَّعَاطُفُ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ:

شَرَعَ اللهُ تَعَالَى لَنَا فِي خِتَامِ شَهْرِ رَمَضَان أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ الفِطرِ قَبْلَ صَلَاةِ العِيدِ.

وَهِيَ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَمَا فَرَضَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَوْ أَمَرَ بِهِ؛ فَلَهُ حُكمُ مَا فَرَضَهُ اللهُ تَعَالَى أَوْ أَمَرَ بِهِ.

قَالَ تَعَالَى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلنَاكَ عَلَيهِمْ حَفِيظًا} [النساء:80].

*وَحِكْمَةُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا؛ فَفِيهَا إِحْسَانٌ إِلَى الْفُقَرَاءِ، وَكَفٌّ لَهُمْ عَنِ السُّؤَالِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ؛ لِيُشَارِكُوا الْأَغْنِيَاءَ فِي فَرَحِهِمْ وَسُرُورِهِمْ بِهِ، وَلِيَكُونَ عِيدًا لِلْجَمِيعِ.

*وَفِيهَا الِاتِّصَافُ بِخُلُقِ الْكَرَمِ، وَحُبِّ الْمُوَاسَاةِ.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِين؛ فَمَنْ أدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَه، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

*مِنْ حِكَمِ الْعِيدِ: التَّوَاصُلُ، وَالتَّآلُفُ، وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ:

هَذَا عِيدُكُمْ -عِبَادَ اللهِ-! تَصَدَّقُوا، وَتَوَاصَلُوا، وَتَرَاحَمُوا، وَتَوَادُّوا، وَتَنَاصَرُوا، وَتَحَابُّوا.

 قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90].

إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَأْمُرُ عِبَادَهُ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ أَنْوَاعِ السُّلُوكِ الْفَاضِلِ الْحَسَنِ:

*الْأَوَّلُ: الْعَدْلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ سُبْحَانَهُ؛ بِتَوْحِيدِهِ، وَعَدَمِ الْإِشْرَاكِ بِهِ، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ مَنْهِيَّاتِهِ، وَالْعَدْلُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَنَفْسِهِ؛ بِمَنْعِهَا مِمَّا فِيهَا هَلَاكُهَا وَفَسَادُهَا، وَالْعَدْلُ مَعَ الْخَلْقِ بِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

*الثَّانِي: الْإِحْسَانُ مَعَ اللهِ سُبْحَانَهُ فِي أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَعِبَادَتِهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَمَعَ الْخَلْقِ؛ بِأَنْ تُحْسِنَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ، وَبِإِتْقَانِ الْعَمَلِ وَإِكْمَالِهِ.

*الثَّالِثُ: صِلَةُ الرَّحِمِ، وَهُمُ الْقَرَابَةُ الْأَدْنَوْنَ وَالْأَبْعَدُونَ مِنْكَ، فَتُسْتَحَبُّ صِلَتُهُمْ بِمَا فَضُلَ مِنَ الرِّزْقِ الَّذِي آتَاكَ اللهُ إِيَّاهُ.

وَقَالَ الرَّسُولُ ﷺ: «تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». وَالْحَدِيثُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».

وَ«تَصِلُ الرَّحِمَ»؛ أَيْ: تُحْسِنُ إِلَى أَقَارِبِكَ، وَتُوَاسِي ذَوِي الْقَرَابَةِ فِي الْخَيْرَاتِ.

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ وَاجِبٌ مِنَ الْوَاجِبَاتِ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْقَطِيعَةُ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ.

عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَبْدَأَ فِي صِلَةِ أَرْحَامِه وَيَسْتَمِرَّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يُقَابِلُوا صَنِيعَهُ بِالْإِحْسَانِ وَالْوَصْلِ.

لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَإِنَّمَا الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا.

 ((مِنْ أَعْظَمِ حِكَمِ الْعِيدِ: اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الرَّسُولَ كَانَ يُصَلِّي الْعِيدَ فِي الْمُصَلَّى، وَلَمْ يُصَلِّهِ أَبَدًا فِي الْمَسْجِدِ .

 وَأَيْضًا «كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ بِالْخُروجِ إِلَى الْمُصَلَّى -جَمِيعَ النِّسَاءِ-».

يَخْرُجُ الْجَمِيعُ -جَمِيعُ النِّسَاءِ-، الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ تَخْرُجُ إِلَى الْمُصَلَّى، يَخْرُجُ الْحُيَّضُ -يَخْرُجْنَ إِلَى المُصَلَّى-، يَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى، يَقِفْنَ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ بَعِيدًا؛ ((يَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ))  كَمَا قَالَ الرَّسُولُ .

وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَا تَجِدُ ثَوْبًا لَائِقًا تَخْرُجُ بِهِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ أَو لِشُهُودِهِ؛ تُعِيرُهَا أُخْتُهَا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ ثِيَابِهَا.

الرَّسُولُ يَأمُرُ الْمَرْأَةَ بِأَنْ تَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى -وَلَو كَانَتْ حَائِضًا، وَلَو كَانَت لَا ثَوْبَ لَهَا-.

انْظُرْ مَعَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ.

يَأْمُرُ النَّبِيُّ ﷺ الْجَمِيعَ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى وَالنِّسَاءَ -وَلَوْ كَانَتِ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ حَائِضًا-.

هَذِهِ السُّنَّةُ الْعَظِيمَةُ مَبْنَاهَا عَلَى كَثْرَةِ الْجَمْعِ، مَبْنَاهَا عَلَى اجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي كُلِّ بَلَدٍ، يَخْرُجُونَ جَمِيعًا حَتَّى النِّسَاءُ وَالْأَطْفَالُ، يَخْرُجُ الْجَميعُ؛ مِنْ أَجْلِ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى.

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- جَعَلَ مُحَمَّدًا ﷺ دَاعِيَةَ ائْتِلَافٍ، فَلَا تَخْتَلِفُوا، وَجَعَلَ مُحَمَّدًا ﷺ دَاعِيَةَ مَحَبَّةِ، فَلَا تَبَاغَضُوا.

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى)) .

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ)).

إِذَنْ، الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا جَسَدٌ وَاحِدٌ.

إِنَّ الْأُخُوَّةَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى نَوْعَيْنِ:

*أُخُوَّةٌ هِيَ أُخوَّةُ النَّسَبِ.

*وَأُخُوَّةٌ هِيَ أُخُوَّةُ الْعَقِيدَةِ.

فَأَمَّا الْأُخُوَّةُ الْأُولَى فَإِنَّهَا هِيَ أَوَّلُ مَا يَحْرِصُ الْمَرْءُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ، إِذَا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ مَا يَسُوءُ؛ هِيَ أَوَّلُ مَا يَنْطِقُ بِهِ الْمَرْءُ إِذَا مَا أَتَاهُ مَا يُفْجِعُهُ وَيُفْظِعُهُ كَأَنَّمَا يَدْعُو أَخَاهُ لِيُنْقِذَهُ بِقُدْرَتِهِ الَّتِي مَكَّنَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهَا وَمِنْهَا مِمَّا قَدْ أَلَّمَ بِهِ ((أَخ))، هِيَ أَوَّلُ مَا يَأْتِي لِلْإِنْسَانِ عِنْدَمَا يَقَع عَلى الْإِنْسَانِ مَا يَسُوؤُهُ.

*وَأَمَّا أُخُوَّةُ الْعَقِيدَةِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

يَقُولُ نَبِيُّنَا ﷺ عَنْ أُخُوَّةِ الْعَقِيدَةِ لَا نَسَبَ وَلَا رَحِمَ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟

قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ», وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ})).

أَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْقَانُونِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ؟!!

النَّبِيُّ ﷺ نَهَى الْمُسْلِمِينَ عَنِ التَّبَاغُضِ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ اللهِ تَعَالَى، بَلْ عَلَى  أَهْوَاءِ النُّفُوسِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَنَهَى عَنِ الْحَسَدِ وَتَمَنِّي الشَّرِّ، وَأَمَرَهُمْ ﷺ أَنْ يَكُونُوا مُتَوَاصِلِينَ مُتَرَاحِمِينَ.

فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ بِالْهُدَى والرَّشَادِ، وَنَهَانَا عَنْ كُلِّ خُلُقٍ مَذْمُومٍ.

فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيحِهِ».

لَا يُبْغِضْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، لَا تَشْتَغِلُوا بِأَسْبَابِ الْعَدَاوَةِ؛ إِذِ الْعَدَاوَةُ وَالْمَحَبَّةُ مِمَّا لَا اخْتِيَارَ فِيهِ، فَإِنَّ الْبُغْضَ مِنْ نِفَارِ النَّفْسِ عَمَّا يُرْغَبُ عَنْهُ، وَأَوَّلُهُ الْكَرَاهَةُ وَأَوْسَطُهُ النُّفْرَةُ وَآخِرُهُ الْعَدَاوَةُ، كَمَا أَنَّ الْحُبَّ مِنَ انْجِذَابِ النَّفْسِ إِلَى مَا يُرْغَبُ فِيهِ.

«وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا»: كُونُوا مُتَوَاصِلِينَ مُتَرَاحِمِينَ.

عِبَادَ اللهِ! حَقُّكُمْ أَنْ تَتَوَحَّدُوا، وَأَنْ تَتَآخَوْا، وَأْنَ تَتَعَامَلُوا مُعَامَلَةَ الْإِخْوَةِ، وَأَنْ تَتَعَاشَرُوا بِمَوَدَّةٍ وَمَحَبَّةٍ، وَأَنْ تَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالنَّصِيحَةِ.

 ((الْمُسْلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْحَقَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ، نَأْخُذُ كِتَابَ اللهِ مُؤْمِنِينَ بِكِتَابِ اللهِ عَلَى مُرَادِ رَبِّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَنَأْخُذُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ مُؤْمِنِينَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ.

 الْكِتَابُ عَلَى مُرَادِ اللهِ, وَالسُّنَّةُ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

 وَلَنْ تَعْرِفَ مُرَادَ اللهِ، وَلَا مُرَادَ رَسُولِهِ إِلَّا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ بِفَهْمِهِمْ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عَاصَرُوا وَقَائِعَ التَّنْزِيلِ، وَعِنْدَهُمُ السَّلِيقَةُ اللُّغَوِيَّةُ؛ فَيَفْهَمُونَ الْمَقَاصِدَ كَأَنَّهَا حَيَّةٌ.

الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَطْهَرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ قُلُوبًا؛ زَكَّاهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي كِتَابِهِ، وَزَكَّاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ فِي صَحِيحِ صَرِيحِ سُنَّتِهِ، وَتَرَكَهُمْ عَلَى الْجَادَّةِ -عَلَى الْجَادَّةِ الْبَيْضَاءِ-.

فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وَصْفِ حَالِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ -كَمَا فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ- قَالَ ﷺ: ((مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي))  -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-.

نَجَاتُكَ وَخَلَاصُكَ، وَفَوْزُكَ وَفَلَاحُكَ وَنَجَاحُكَ أَنْ تَكُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ، خَلْفَ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَارُوا وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

لَوْ أَخَذَ النَّاسُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحْدَهُ لَاسْتَقَامَتِ الْأُمُورُ, وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ.

((مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي)).

هَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ مُخْتَلِفِينَ فِي الْعَقِيدَةِ؟!!

حَاشَا وَكَلَّا!!

هَلِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي أُصُولِ الْعِبَادَاتِ؟!!

 حَاشَا وَكَلَّا, وَإِنَّمَا كَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- -وَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي, ثُمَّ الِّذِينَ يَلُونَهُمْ, ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)) .

 قَالَ: لَا أَدْرِي ذَكَرَ بَعْدُ قَرْنًا آخَرَ أَمْ لَا.

الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَتَابِعُو التَّابِعِينَ هَذِهِ هِيَ الثَّلَاثَةُ الْقُرُونُ الْمُفَضَّلَةُ, وَلَا تَحْسَبَنَّ الْقَرْنَ مِئَةَ عَامٍ كَمَا فِي عُرْفِ النَّاسِ, وَإِنَّمَا ذَهَبَ الْقُرُونُ الْمُفَضَّلَةِ بِذَهَابِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ-.

مَا الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ؟

كَانُوا يَجْمَعُونَ الْأُمَّةَ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُنَفِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَيُحَارِبُونَهُمْ, وَيَحْسِبُونَ ذَلِكَ, وَيَحْتَسِبُونَهُ عِنْدَ اللهِ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ.

أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ فِي كُلِّ مَكَانٍ!

أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ فِي كُلِّ زَمَانٍ!

دُونَكِ حَدِيثُ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ ﷺ.

الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ: ((مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي)) ﷺ وَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-.

اتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ! وَاجْتَهِدُوا فِي أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُكُمْ خَالِصَةً لِلَّهِ، لِلَّهِ وَحْدَهُ.

 وَلَا يَخْدَعَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ!

 ((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ -أَيْ يَئِسَ عَلَى الْإِقْلَابِ الْمَكَانِيِّ- إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ, وَلَكِنْ بِالتَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ)) .

 فَكُفُّوا تَحْرِيشَ الشَّيْطَانِ عَنْكُمْ!

تَوَادُّوا, تَنَاصَحُوا؛ فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ لَوْ عَلِمَهُ أَهْلُهُ, وَاللَّهِ لَكَانُوا أَسْعَدَ أَهْلِ الْأَرْضِ, وَإِنْ كَانُوا فِي قِلَّةٍ؛ وَإِنْ كَانُوا فِي عُدْمٍ, وَإِنْ كَانُوا لَا يَجِدُونَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَالصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- كَانُوا مُقِلِّينَ.

 كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَنَامُ عَلَى الْحَصِيرِ يُؤَثِّرُ فِي جَنْبِهِ.

 كَانَ ﷺ لَوْ أَرَادَ الْمُلْكَ قَادِرًا عَلَيْهِ مُعْطًى إِيَّاهُ؛ وَلَكِنْ رَدَّهُ ﷺ؛ وَفَضَّلَ أَنْ يَعِيشَ عَبْدًا نَبِيًّا؛ فَكَانَ سَيِّدًا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعِيشُ لِنَفْسِهِ قَدْ يَعِيشُ مُسْتَرِيحًا وَلَكِنَّهُ يَعِيشُ صَغِيرًا, وَيَمُوتُ صَغِيرًا!!

 وَالَّذِي يَعِيشُ لِدِينِهِ.. يَعِيشُ لِآخِرَتِهِ.. يَعِيشُ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِرْشَادِ الضَّالِّينَ، وَهِدَايَةِ الْحَائِرِينَ؛ يَعِيشُ كَبِيرًا وَيَمُوتُ كَبِيرًا, وَيُسَمَّى فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ كَبِيرًا رَبَّانِيًّا.

الَّذِي يَعِيشُ لِنَفْسِهِ قَدْ يَحْيَا مُسْتَرِيحًا قَدْ يَحْيَا مُسْتَرِيحًا؛ قَدْ! قَدْ يَحْيَا مُسْتَرِيحًا؛ لِأَنَّ الْمُنَغِّصَاتِ لَا بُدَّ وَاقِعَةٌ, وَلِأَنَّ الْمُتَنَكِّبَ لِسَبِيلِ الْحَقِّ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ فِي الْقَلَقِ، وَالْهَمِّ، وَالْغَمِّ الْمُقِيمِ؛ وَلِأَنَّ السَّعَادَةَ وَانْشِرَاحَ الصَّدْرِ فِي إِخْلَاصِ الْقَصْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أَخْلِصُوا الْقَصْدَ لِلَّهِ!

عِيشُوا لِلدِّينِ!

عِيشُوا لِلْآخِرَةِ! كُونُوا أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ يَا أَبْنَاءَ الدُّنْيَا؛ وَلَا تَسْتَبْدِلُوا بَاقٍ بِفَانٍ؛ وَلَا تَسْتَبْدِلُوا ثَمِينًا بِرَخِيصٍ!!

فَإِنَّ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ يَفْنَى, وَالْآخِرَةَ لَوْ كَانَتْ مِنْ خَزَفٍ يَبْقَى؛ لَفُضِّلَتِ الْآخِرَةُ عَلَى الدُّنْيَا.

 فَكَيْفَ وَالدُّنْيَا مِنْ خَزَفٍ يَفْنَى, وَالْآخِرَةُ مِنْ ذَهَبٍ يَبْقَى؟!

 كَيْفَ  لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا مِنْ ذَهَبٍ يَفْنَى, وَالْآخِرَةُ مِنْ خَزَفٍ يَبْقَى!

فَلْتَعْتَدِلْ أَمَامَكُمْ مَوَازِينُكُمْ!

 وَلْتَضَعُوا أَقْدَامَكُمْ عَلَى صِرَاطِ رَبِّكُمْ!

أَدِيمُوا ذِكْرَ اللهِ؛ أَدْمِنُوا ذِكْرَ اللهِ؛ لِتَرِقَّ الْقُلُوبُ الْغَلِيظَةُ!

 أَدِيمُوا ذِكْرَ اللهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُذِيبُ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ إِلَّا ذِكْرُ اللهِ!

تَعَلَّمُوا دِينَ رَبِّكُمْ!

وَحِّدُوا رَبَّكُمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-!

 تَعَلَّمُوا الْعَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ, وَارْجِعُوا إِلَيْهَا؛ فَإِنَّ الْعَمَلَ لَوْ كَانَ صَالِحًا ظَاهِرًا لَا يُقْبَلُ إِلَّا وَمَعَهُ رُوحُهُ.

أَفِيقُوا؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ؛ وَالْأُمَّةُ تُرِيدُكُمْ كُلَّكُمْ.

 وَلَا يَظُنَّنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى اللهِ؛ يَقُولُ: لَا عِلْمَ عِنْدِي, لَا مَالَ لَدَيَّ, لَا قُدْرَةَ أَمْتَلِكُهَا.

 أَلَا شَاهَتْ وُجُوهُ الْأَبْعَدِينَ!

 مَا أَقْبَحَ الْجَهْلَ وَأَقْبَحَ أَهْلَهُ!

 بَلْ يَسْتَطِيعُ كُلُّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((الْمُسْلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ)).

 وَفِي رِوَايَةٍ: ((الْمُؤْمِنُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ)).

 هَذِهِ وَهَذِهِ صَحِيحَةٌ فِي ((الصَّحِيحِ)) .

الْمُسْلِمُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ؛ الْمُؤْمِنُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ.

 نَعَمْ! ((إِذَا تَدَاعَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).

الْإِسْلَامِ -أَيْضًا- كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي تَمْثِيلِ الْمُسْلِمِينَ بِحَامِلٍ تَعَلَّقَ بِهِ جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْجَسَدِ الْوَاحِدِ فِي الْجَسَدِ الْإِنْسَانِيِّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْكِرَ أَحَدٌ فَضْلَ عُضْوٍ وَلَوْ كَانَ هَامِشِيًّا وَلَوْ كَانَ زَائِدَةً, كَمَا يَقُولُونَ؛ لِأَنَّهَا إِنِ اعْتَلَّتْ عَلَيْكَ آذَتْكَ, وَتَطَلَّبَتْ مِنْكَ مَالًا وَرُقَادًا.

 عَافَاكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.

إِذَنْ؛ كُلُّ عُضْوٍ؛ ظُفْرُكَ أَنْتَ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ؛ أَشْفَارُ عَيْنَيْكَ تُؤَدِّي الْوَظِيفَةَ فِي مَكَانِهَا؛ وَلَا تَحْتَقِرْ وَظِيفَتَهَا.

 نَعَمْ! أَنْتَ لَا تَعْرِفُ قِيمَةَ الْعُضْوِ مِنْ أَعْضَائِكَ إِلَّا إِذَا اعْتَلَّ, أَوْ فُقِدَ؛ لِأَنَّ إِلْفَ الْعَادَةِ جَعَلَكَ لَا تَعْرِفُ النِّعْمَةَ إِلَّا عِنْدَ فَقْدِهَا.

 وَأَعْضَاؤُكَ بَنَاهَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَآتَاكَ إِيَّاهَا عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ الْوَظِيفَةَ مَا دَامَتْ صَحِيحَةً؛ فَأَنْتَ لَا تُحِسُّ بِهَا إِلَّا إِذَا اعْتَلَّتْ أَوْ فُقِدَتْ.

الْجَسَدُ الْإِنْسَانِيُّ أَنْتَ لَا تُنْكِرُ فَائِدَةَ أَيِّ عُضْوٍ مِنْهُ, وَلَوْ كَانَ فِي نَظَرِ النَّاسِ قَلِيلًا حَقِيرًا.

وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ جَسَدٌ وَاحِدٌ, لَوْ أَدَّيْتَ عَمَلَكَ, وَاتَّقَيْتَ رَبَّكَ وَأَخْلَصْتَ فِي أَدَاءِ مَا نِيطَ بِعُنُقِكَ, وَأَكَلْتَ مِنْ حَلَالٍ, وَأَطْعَمْتَ أَهْلَكَ وَأَبْنَاءَكَ تَكُونُ قَدْ قَدَّمْتَ أَعْظَمَ خِدْمَةٍ لِدِينِ اللهِ.

 وَمِنْ هُنَا فَابْدَأْ.

 ((نَصِيحَةٌ غَالِيَةٌ لِلنِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ))

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ -وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ بَعْدَ خُطْبَةِ الْعِيدِ أَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَى النِّسَاءِ- يَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ, تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ».

فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ» .

((يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ)): لَا يَنْضَبِطْنَ فِي أَلْسِنَتِهِنَّ وَمَنْطِقِهِنَّ، وَقَلَّ أَنْ تَجِدَ امْرَأَةً انْضَبَطَ لِسَانُهَا؛ لِمَ؟!!

لِأَنَّ انْضِبَاطَ اللِّسَانِ فَرْعٌ عَنِ انْضِبَاطِ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ عَزِيزٌ فِي الرِّجَالِ؛ فَضْلًا عَنِ النِّسَاءِ!!

 ((يُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ))، وَهَذَا فَاشٍ مُتَفَشٍّ فِي النِّسَاءِ؛ وَخَاصَّةً فِي هَذَا الزَّمَانِ.

يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ!!».

 ((نَصَائِحُ جَامِعَةٌ فِي يَوْمِ عِيدِ الْمُسْلِمِينَ))

عِبَادَ اللهِ! أَخْلِصُوا النِّيَّةَ لِلَّهِ, وَوَحِّدُوا اللهَ, وَتَعَلَّمُوا دِينَ اللهِ, وَتَآلَفُوا, وَتَنَاصَحُوا, وَتَنَاصَرُوا, وَتَحَابُّوا, وَتَمَاسَكُوا, وَتَرَاصُّوا؛ حَتَّى تَكُونُوا كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ.

تُوبُوا إِلَى اللهِ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ الْمُمَزَّقَةَ، وَارْفَعُوا الْخُصُومَاتِ، وَعُودُوا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ كُلَّ الْعَبْدِ الَّذِي يَذِلُّ لِكِتَابِ رَبِّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ، فَيَقُولُ لِأَمْرِ رَبِّهِ وَأَمْرِ نَبِيِّهِ ﷺ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.

نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَهْدِينَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا, وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا, وَلَا تَجْعَلْ فِينَا وَلَا حَوْلَنَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَطْرُودًا وَلَا مَحْرُومًا.

اللَّهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا إِلَيْكَ, وَأَقْبِلْ بِقُلُوبِنَا عَلَيْكَ.

اللَّهُمَّ اهْدِ قُلُوبَنَا, وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا, وَأَصْلِحْ بَالَنَا, وَاشْرَحْ صُدُورَنَا, وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا, وَوَفِّقْنَا لِكُلِّ خَيْرٍ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا دُعَاةً إِلَى الْهُدَى, مُتَمَسِّكِينَ بِهِ؛ حَتَّى نَلْقَى وَجْهَكَ الْكَرِيمَ.

اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الضَّلَالَ وَالْإِضْلَالَ, وَاهْدِنَا وَاهْدِ بِنَا, وَاجْعَلْنَا سَبَبًا لِمَنِ اهْتَدَى.

اللَّهُمَّ رُدَّ الشَّارِدِينَ مِنَ الْأُمَّةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ, وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَاجْعَلْهُمْ عَلَى الْحَقِّ قَائِمِينَ، خَلْفَ النَّبِيِّ الْأَمِينِ ﷺ.

اللَّهُمَّ احْرُسْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ, وَبِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ, وَبِقُدْرَتِكَ عَلَيْنَا، لَا نَهْلِكُ وَأَنْتَ رَجَاؤُنَا.

اللَّهُمَّ أَحْسِنْ خِتَامَنَا.

نَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنَا الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مَا مَضَى, وَاحْفَظْنَا فِيمَا هُوَ آتٍ؛ حَتَّى تَقْبِضَنَا عَلَى الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَالتَّوْحِيدِ عَلَى كَلِمَةِ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)).

اللَّهُمَّ صُنْ فُرُوجَ الْمُسْلِمِينَ, وَحَصِّنْ فُرُوجَ الْمُسْلِمِينَ, وَصُنْ أَعْرَاضَ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ, وَصُنْ عَوَاصِمَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْكُفَّارِ الْمُعْتَدِينَ الْغَاصِبِينَ الْمُحْتَلِّينَ, وَمِنْ كُلِّ مُبْتَدِعٍ ضَالٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, وَاجْمَعْ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى طَاعَتِكَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَى نَبيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمعِين.

 

المصدر:الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  حب الوطن الإسلامي، وفضل الدفاع عنه، ومنزلة الشهادة في سبيل الله
  الْإِسْلَامُ عَمَلٌ وَسُلُوكٌ..نَمَاذِجُ مِنْ حَيَاةِ التَّابِعِينَ
  خُطْبَةُ عِيدِ الْفِطْرِ 1444هـ
  تَكْرِيمُ الْمَرْأَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَرَدُّ الشُّبُهَاتِ الْمُثَارَةِ حَوْلَهَا
  سُبُلُ بِنَاءِ الْأُمَمِ وَدَوْرُ الْفَرْدِ فِيهَا
  مَفْهُومُ الْعِرْضِ وَالشَّرَفِ
  مِنْ مَوَاقِفِ الشَّرَفِ وَالنُّبْلِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُشَرَّفَةِ
  موقف المسلم من العلم المادي
  الْعَدْلُ وَأَثَرُهُ فِي اسْتِقْرَارِ الْمُجْتَمَعِ
  نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان