تفريغ مقطع : حقيقة العبودية... راجـع نفسك

وَراجِع نَفسَك...

أَكَلامُكَ كَلَامُ مَنْ هُوَ عَبْد؟!

أَمَشْيُكَ مَشْيُ مَنْ هُوَ عَبْد؟!

أَحَرَكَةُ حَيَاتِكَ حَرَكَةُ مَنْ هُوَ عَبْد؟!

أَهَذِهِ أَحوَالُ العَبِيد؟!

إِنَّ العَبْدَ مُنكَسِرٌ فِي أَسْرِ وَقَبْضَةِ مَالِكِهِ وَسَيِّدِه؛ فَكَيْفَ بِاللَّهِ رَبِّ العِبَادِ وَخَالِقُهُم وَكَالِؤهُم وَمُصَرِّفُهُم وَمُدَبِّرُ أُمُورِهِم؟!

فَمَتى رَآكَ حَيْثُ نَهَاك؛ فَمَا أَنْتَ بِعَبْدٍ، وَمَتَى افْتَقَدَكَ حَيْثُ طَلَبَكَ؛ فَمَا أَنْتَ بِعَبْدٍ!!

وَإِنَّمَا العَبْدُ مَنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِ سَيِّدِهِ؛ فَهُوَ يُقِيمُهُ وَيُقْعِدُهُ، وَيُصَمِّتُهُ وَيُنْطِقُهُ، وَيُحَرِّكُهُ وَيُسَكِّنُهُ، وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَمَتَى كُنتَ لِرَبِّكَ كَذَلِكَ؛ فَقَدْ حَقَّقْتَ العُبُودِيَّة.

فَإِذَا انْصَبَغَ القَلبُ بَيْنَ يَدَيْ إِلَهِهِ وَمَعْبُودِهِ الحَق بِصَفِةِ العُبُودِيَّةِ, وَصَارَت العُبُودِيَّةُ صِفَةً وَذَوْقًا, لَا تَكَلُّفًا, لِأَنَّهَا إِذَا كَانَت تَكَلُّفًا فَمَا هِيَ بِعُبُودِيَّة, وَإِنَّمَا يَعُودُ المَرءُ إِلَى طَبْعِهِ وَإِلَى الجِبِلَّةِ الَّتِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيهَا.

مَا خَلَقَهُ اللَّهُ سَيِّدًا, وَمَا هُوَ بِأَصِيلٍ فِي الكَونِ؛ وَإِنَّمَا هُوَ عَبدٌ, فَإِذَا فَرَّ مِنْ هَذَا الأَسْرِ وَحَاوَلَ الأَبَقَ (الهَرَبَ / التَّبِاعُد) مِنْهُ؛ فَعَلَيهِ أَنْ يَعُودَ إِلَيهِ؛ لِأَنَّهُ لَنْ يَخرُجَ عَنْ أَسْرِهِ بِحَالٍ.

وَلِذَلِك جَعَلَهَا اللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ عَلَى مَرْتَبَتَيْن:

- أَمَّا العُبُودِيَّةُ بِمَعْنَى القَهْر، بِمَعْنَى المِلْك, بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ اللَّازِمِ الذِي لَا يُدْفَعُ مِنهُ شَيء؛ فَهَذِهِ لَازِمَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ, فَالعَبْدُ بِهَذَا المَعْنَى لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ فَضِيلَة، وَإِبْلِيسُ بَهَذَا المَعْنَى عَبْد، إِذْ هُوَ مِنْ خَلقِ الرَّبِّ، وَاللَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ، قَاهِرٌ لَهُ، يَفْعَلُ بِهِ مَا يَشَاء, وَاللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ كَذَلِكَ لِكُلِّ المَخلُوقَاتِ، خَالِقُهَا ومُوجِدُهَا وَإِلَهُهَا وَسَيِّدُهَا, وَالمُتَصَرِّفُ فِيهَا وَالمُدَبِّرُ لِأُمُورِهَا.

فَلَيْسَ فِي هَذَا مِنْ فَضِيلَةٍ لِأَحَدٍ، وَالعَبْدُ بِهَذَا المَعْنَى شَامِلٌ لِلكُلِّ.

- وَأَمَّا العَبْدُ بِمَعْنَى العَابِد، بِمَعْنَى المُتَذَلِّلِ الخَاضِعِ, الَّذِي يَأتِي بِكَمَالِ الحُبِّ فِي كَمَالِ الذُّلِّ؛ وَهِيَ حَقِيقَةُ العُبُودِيَّة.

فَحَقِيقَةُ العُبُودِيَّةِ: كَمَالُ حُبٍّ فِي كَمَالِ ذُلٍّ، فَمَهْمَا أَتَى المَرءُ بِكَمَالِ الحُبِّ مِنْ غَيْرِ كَمَالِ الذُّلِّ فَمَا هُوَ بِعَبدٍ، وَمَهْمَا أَتَى بِكَمَالِ الذُّلِّ دُونَ كَمَالِ الحُبِّ فَمَا هُوَ بِعَبدٍ، حَتَّى يَأْتِيَ بِهِمَا مَعًا؛ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ العُبُودِيَّةِ: أَنْ تَكُونَ آتِيًا بِكَمَالِ الحُبِّ فِي كَمَالِ الذُّلِّ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  في مثل هذا اليوم سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس!!
  الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا
  قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ وَضَعَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَوْتِ وَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ
  ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَالا يَعْنِيهِ))
  كبيرةُ الكذبِ على اللهِ وعلى رسولهِ
  مَا ذَنْبُهُ لِكَيْ يُضْرَبَ وَيُهَانَ؟!! وَلَكِنْ اللهُ الْمَوْعِد..
  قوموا وانهضوا معشر المسلمين من سباتكم
  حُكْمُ الْخِتَانِ – ضَوَابِطُ الْخِتَانِ – الرَّدُّ عَلَى مُؤْتَمَرَاتِ تَجْرِيمِ الْخِتَانِ
  حقيقة العبودية... راجـع نفسك
  ليس العيب على الصعاليك...
  هَلْ خَلَا مَجْلِسٌ لَكَ مِنْ غِيبَة؟!
  هل كان النبي إخوانيًا؟ أم كان قطبيًا؟! عليك بالأمر بالأول
  فرقة إسلامية! يأتون فيها برجال مخنثين يغنون ويرقصون!!
  اتَّقُوا اللَّهَ وَكُلُوا مِنْ حَلَالٍ، وَصَلُّوا فِي الصَّفِّ الأَخِيرِ
  وما على المرء باس لو شتمه جميعُ الناس، وصِينت الديانة.
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان