تفريغ مقطع : مذاهب الناس في قتل الحسين ـ رضي الله عنه-

وَالنَّاسُ فِي أَمْرِ الحُسَينِ طَرَفَانِ وَوَسَط:

* فَطَرَفٌ هُمُ النَّوَاصِبُ مِنْ قَتَلَةِ الحُسَيْنِ وَمِنْ مُبْغِضِي آلِ البَيْتِ، يَقُولُونَ: إِنَّ الحُسَيْنَ قَدْ قُتِلَ بِحَقٍّ، وَقَدْ خَرَجَ عَلَى الإِمَامِ خُرُوجًا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَهُ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم- يَقُولُ: -كَمَا يَقُولُون-, وَالحَدِيثُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي ((الصَّحِيحِ)): ((مَنْ جَاءَكُم وَأَمْرُكُم جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ العَصَا؛ فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ)). مَعْنَى الحَدِيث.

قَالُوا: فَقَدْ قُتِلَ الحُسَيْنُ بِحَقٍّ، وَهُم لَا يُحِبُّونَ الحُسَيْن وَلَا عَلِيًّا وَلَا آلَ البَيْتِ، بَلْ إِنَّهُم يُظْهِرُونَ السُّرُورَ لِمَقْتَلِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَهَذَا طَرَف.

* وَطَرَفٌ آخَرٌ يَقُولُونَ: إِنَّهُ كَانَ إِمَامَ الوَقْتِ, وَكَانَ مُتَوَلِّيًا, وَكَانَ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ أَزِمَّةُ الأُمُورِ, فَإِنَّهُ يَعْقِدُ الرَّايَاتِ لِأَهْلِ الجِهَادِ وَيُوَلِّي مَنْ يُوَلِّي مِنَ العُمَّالِ, وَلَا يُصَلَّى إِلَّا خَلْفَ مَنْ وَلَّاهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

وَهَذَا خَطَأ، فَإِنَّ الحُسَيْنَ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ آلِ البَيْتِ أَجْمَعِين-، فَهَذَا طَرَفٌ.

طَرَفٌ قَدْ أَفْرَطَ فِيهِ جِدًّا، وَطَرَفٌ فَرَّطَ فِي أَمْرِهِ جِدًّا!!

* وَأَمَّا أَهْلِ السُّنَّةِ, فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: إِنَّ الحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَدْ قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا، وَإِنَّهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لمَّا أَنْ حُوصِرَ, وَلَمَّا جَدَّ الجِدُّ وَانْفَضَّ عَنْهُ النَّاسُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ آلِ البَيْتِ أَجْمَعِينَ-؛ طَلَبَ مِنْ عُمَرَ بْن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَكَانَ ابنُ زَيَادٍ قَدْ أَرْسَلَهُ فِي جَيْشٍ لِمُقَاتَلَةِ الحُسَيْنِ أَوْ الإِتْيَانِ بِهِ، فَلَمَّا جَدَّ الجِدُّ، قَالَ الحُسَيْنُ: إِمَّا أَنْ تَدَعُونِي كَيْ أَرْجِعَ إِلَى المَدِينَةِ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتُ, وَإِمَّا أَنْ تَدَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، وَإِمَّا أَنْ تَدَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ المُسْلِمِينَ فَأُرَابِطَ هُنَالِكَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَأَبَوْا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَسْتَأسِرَ لهُم -وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ-، وَأَبَوْا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ ابنِ زِيَادٍ وَأَنْ يَصِيرَ أَمْرُهُ إِلَيْهِ، فَأَبَي -رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ-؛ فَقَتَلُوهُ ، فَقُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

فَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ الحُسَيْنَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَا كَانَ مُوَفَّقًا فِي الخُرُوجِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-, وَلِذَلِكَ كَمَا يَقُولُ عُلَمَاؤُنَا -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِم-, وَكَمَا قَرَّرُوهُ بَعْدُ فِي كُتُبِ العَقِيدَةِ مِنْ عَدَمِ الخُرُوجِ عَلَى وُلَاةِ الأَمْرِ, وَأَنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ مِنَ الشَّرِّ مَا يَجُرُّ، وَصَارَ ذَلِكَ مُدَوَّنًا فِي كُتُبِ العَقِيدَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ فِي ((مِنْهَاجِ السُّنَّةِ)) وَفِي غَيْرِهِ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ-.

فَأَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ حُسَيْنًا -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لمَّا جَدَّ الجِدُّ؛ عَرَضَ عَلَيْهِم مَا عَرَضَ، وَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِم أَنْ يَنْصِفُوهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، فَإِمَّا أَنْ يَتْرُكُوهُ لِكَيْ يَعُودَ إِلَى المَدِينَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَدَعُوهُ حَتَّى يَذْهَبِ إِلَى يَزِيد، وَإِمَّا أَنْ يَدَعُوهُ حَتَّى يَذْهَبَ فَيُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَبِّ العَالمِينَ مُجَاهِدًا، وَقَدْ أَنْصَفَهُم -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، وَلَكِنْ أَبَوْا إِلَّا أَنْ يَسْتأْسِرَ لَهُم، وَأَبَى أَنْ يُعْطِيَ الدَّنِيَّةَ مِنْ أَمْرِهِ, وَأَنْ يَأْتِيَ الأَمْرَ الَّذِي فِيهِ المَذَلَّة، فَتَأَبَّى عَلَيْهِم؛ فَقَتَلُوهُ، وَمَنَعُوا عَنْهُ المَاءَ وَالمَاءُ مَبْذُولٌ، رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ آلِ البَيْتِ أَجْمَعِينَ-.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  أويسرك أن تكون امرأتك في ليل بناؤك مادة الأحلام عند الشباب بليل حتى يستوجبون الغسل ؟!
  حَوْلَ زِلْزَالِ تُرْكِيَا وَسُورِيَّا
  الحَيَوَانَات تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ وَيُضَيِّعُهُا الإنسان!!
  الأمة مُهددةٌ في سويدائِها؛ بتغيير شريعتها ودينها
  يَسُب ويَلعَن ويَشتم ويتعارك مع الناس وإذا سألته لمَ؟ يقول إني صائم!!
  قتل وإبادة أهل السنة فى كتب الشيعة الروافض
  لماذا لا تتوب الآن؟!
  لقد أفسَدُوا على المسلمينَ دينَهُم
  تطور فكر الخوارج في العصر الحديث
  حكم الاحتفال بأعياد غير المسلمين
  فَسَلُوا أَبَا الْأَلْبَانِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْجِرِيسِيِّ!!
  كَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ
  عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ
  حال المؤمن عند الأمر وعند الإخبار
  إذا سُرِقَ من بيتهِ مالًا؛ اتهمَ الشيطانََ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان