«دُرُوسٌ مُهِمَّةٌ لِعُمُومِ المُسْلِمِينَ فِي رَمَضَانَ»
«الدرس العاشر»
«الجُودُ وَالكَرَمُ في رَمَضَانَ»
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.
أَمَّا بَعْدُ:
«كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ»
فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بِنَ عَبَّاسٍ –رَضي الله عنهما- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَئِذٍ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْـمُرْسَلَةِ».
وَهَذَا تَشْبِيهٌ عَلَى أَبْلَغِ صُورَةٍ؛ إِذْ شَبَّهَ جُودَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالرِّيحِ الْـمُرْسَلَةِ فِي عُمُومِهَا، وَفِي تَوَاتُرِهَا، وَفِي خَيْرِهَا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- وَصْفٌ لِـخُلُقٍ مِنْ أَخْلَاقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَهَذَا الْخُلُقُ يَكُونُ أَعْلَى مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ.
فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الظَّرْفَ الزَّمَنِيَّ مَحَلًّا لِكَثْرَةِ الْجُودِ وَلِلْبُلُوغِ بِهِ إِلَى الْـمَحَلِّ الَّذِي لَا يُرْتَقَى.
وَهُوَ ﷺ كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ.
فَأَمَّا الْجُودُ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنَ الْكَرَمِ؛ لِأَنَّ الْكَرَمَ يَكُونُ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ وَسُؤَالٍ، وَأَمَّا الْجُودُ فَإِنَّهُ صِفَةٌ مُلَازِمَةٌ مِنْ غَيْرِ مَا اسْتِحْقَاقٍ وَلَا سُؤَالٍ.
الْكَرَمُ يَكُونُ عِنْدَمَا يَكُونُ هُنَالِكَ مُسْتَحِقٌ فَيُعْطَى، وَعِنْدَمَا يَكُونُ فَقِيرٌ فَيُكْرَمُ، سَوَاءٌ سَأَلَ وَهُوَ مُسْتَحِقٌ، أَمْ لَمْ يَسْأَلْ، فَالَكَرَمُ يَكُونُ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ وَسُؤَالٍ، وَأَمَّا الْجُودُ فَهُوَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِلنَّفْسِ، فَهِي تُعْطَي مِنْ غَيْرِ مَا اسْتِحْقَاقٍ وَلَا سُؤَالٍ.
وَ اللهُ ـ هُوَ الْجَوَادُ، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْكَبِيرِ», وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي «الْحِلْيَةِ»: «إِنَّ اللهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكُرَمَاءَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجَوَدَةَ، يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا».
وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ –أَيْضًا-، وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ: «إِنَّ اللهَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ». هُنَا عَلَى الْـمَصْدَرِ، وَهُنَالِكَ عَلَى الْـمُتَّصِفِ بِالصِّفَةِ.
وَحَدِيثٌ آخَرُ:
«إِنَّ اللهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا».
فَاللهُ ـ هُوَ الْكَرِيمُ وَهُوَ الْجَوَادُ، وَيُحِبُّ الْكَرَمَ وَأَهْلَهُ، وَيُحِبُّ الْجُودَ وَأَهْلَهُ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَرَمَ وَالْجُودَ مِنْ مَعَالِي الْأُمُورِ.
وَيَكْرَهُ اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- السَّفَاسِفَ، وَالْأُمُورَ الْـمُسْتَصَغَرَةَ، وَالْأَحْوَالَ الْـمُسْتَرْزَلَةَ، يَكْرَهُ اللهُ سَفْسَافَ الْأَخْلاقِ، ومُنحَطَّهَا، وَيُحِبُّ اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- مَعَالِيَ الْأُمُورِ.
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَا وَصَفَ ابْنُ عبَّاسٍ حَالَهُ «أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْـمُرْسَلَةِ».
وَكَانَ هُوَ فِي حَالَتِهِ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَكْرَمَ النَّاسِ, وَأَجْوَدَ النَّاسِ ﷺ؛ فَفِي «الصَّحِيحِ» أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِبُرْدَةٍ فَأَهْدَتْهَا إِلَيْهِ.
تَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟
قَالُوا: الشَّمْلَةُ.
قَالَ: شَمْلَةٌ مُطَرَّزَةٌ بِحَاشِيَتِهَا، مَنْسُوجَةٌ بِحَاشِيَتِهَا.
فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ, اكْسُنِيهَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هِيَ لَكَ». وَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا.
ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْتَهُ, فَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ -أَيْ أَصْحَابُ الرَّجُلِ، أَقْبَلُوا عَلَيْهِ لَائِمِينَ، وَقَالُوا: تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ السَّائِلَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لِشَيْءٍ: لَا، قَطُّ، وَأَنَّكَ مَتَى سَأَلْتَهُ أَنْ يُعْطِيَكَهَا أَعْطَاكَهَا مِنْ غَيْرِ مَا تَسْوِيفٍ وَلَا مَنَظَرَةٍ - يَعْنِي مِنْ غَيْرِ مَا انْتِظَارٍ وَلَا تَرَيُّثٍ-، وَأَخَذُوا يَلُومُونَهُ يَقُولُونَ: إِنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا ﷺ.
فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: وَاللهِ مَا أَخَذْتُهَا إِلَّا رَجَاءَ بَرَكَتِهَا؛ إِذْ جَعَلَهَا عَلَى جِلْدِهِ، إِذْ جَعَلَهَا عَلَى جَسَدِهِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ كَفَنِي. فَكَانَتْ.
فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَالَاتِهِ جَمِيعِهَا أَجْوَدَ الْخَلْقِ، لَا يَرُدُّ سَائِلًا، وَيُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَقْرَ, كَمَا فِي «الصَّحِيحِ» أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ غَنَمًا فِي شِعْبٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ.
فَأَعْطَاهُ الرَّسُولُ ﷺ إِيَّاهَا جَمِيعَهَا.
فَعَادَ الرَّجُلُ إِلَى قَوْمِهِ يَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَقْرَ.
يُعْطِي النَّبِيُّ ﷺ عَطَاءً بِلَا حُدُودٍ، وَهُوَ يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَقْرَ.
وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَأَلَّفُ بِالْعَطَاءِ وَبِالْبَذْلِ قُلُوبَ أَقْوَامٍ لَا تُقَادُ إِلَّا بِزِمَامِ الْعَطَاءِ وَلَا تَنْقَادُ إِلَّا لَه.
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ, وَأَكْرَمَ النَّاسِ, وَأَحْسَنَ النَّاسِ, وَأَجْمَلَ النَّاسِ.
وَقَدْ سُئِلَ الرَّسُولُ ﷺ عْنِ الْكَرِيمِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ, مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟
قَالَ: «أَتْقَاهُمْ».
قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: «تَسْأَلُوُنَنِي عَنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ؟ ذَلِكَ نَبِيُّ اللهِ يُوسُفُ ابْنُ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ، فَهَذَا أَكْرَمُ النَّاسِ».
قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: «تَسْأَلُوُنَنِي عَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ؟»
قَالُوا: نَعَم .
قَالَ: «فَأَكْرَمُهُمْ وَأَحْسَنُهُم وَأَجْوَدُهُمْ وَأَفْضَلُهُم فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَحْسَنُهُمْ وَأَكْرَمُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا».
فَبَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّ الْكَرَمَ يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
الرَّسُولُ ﷺ كَانَ أَجْوَدَ الْخَلْقِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُون فِي رَمَضَانَ، بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَحُضُّ عَلَى مُمَارَسَةِ الْجُودِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ إِطَارِ شُحِّ النَّفْسِ، وَإِمْسَاكِهَا؛ إِذِ الشُّحُّ أَبْلَغُ الْبُخْلِ، وَأَعْظَمُهُ.
اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ يُبَيِّنُ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا ص طَرِيقَةً عَمَلِيَّةً؛ لِلْخُرُوجِ مِنْ قَيْدِ النَّفْسِ، وَمِنْ أَسْرِ شُحِّهَا، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَتَدَرَّبَ الْإِنْسَانُ عَلَى الْعَطَاءِ، وَيَجْعَلُهَا النَّبِيُّ ﷺ حَالَةً مِن حَالَاتِ الْبَذْلِ الَّذِي لَا يَتَنَاهَى، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: «وَابْتِسَامُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ».
وَمَا هِيَ بِشَيْءٍ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ، وَلَكِنَّهَا عُنْوَانٌ عَلَى بَاطِنٍ مُنْبَسِطٍ لِخَلْقِ اللهِ الْـمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا كَذَاذَةُ الطَّبْعِ، وَأَمَّا الْغِلْظَةُ وَالْجَفَاءُ وَالفَظَاظَةُ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُبِضَّ شَيْئًا مِنِ ابْتِسَامٍ، وِلَا شَيْئًا مِنْ فَرَحٍ يَلْقَى بِهِ مُؤْمِنٌ مَؤْمِنًا، وَيُلَاقِي بِهِ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا.
*الصَّدَقَةُ مِنْ أَعْمَالِ هَذَا الشَّهْرِ، وَمِمَّا يتَأَكَّدُ فِيهِ: الصَّدَقَةُ وَالجُودُ بِالمَوْجُودِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ».
*تَفْطِيرُ الصَّائِمِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَسَقْيُ المَاءِ:
رَغَّبَ النَّبِيُّ ﷺ فِي تَفْطِيرِ الصَّائِمِ، وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَسَقْيِ المَاءِ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو –رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟
قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».
وَعَنْ عُمَرَ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟
قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ، أشْبَعْتَهُ مِنْ جُوعٍ، كَسَوْتَهُ مِنْ عُرْيٍ، قَضْيْتَ لَهُ حَاجَةً، أَعَنْتَهُ، فَرَّجْتَ لَهُ كَرْبًا بِإِذْنِ رَبِّهِ».
قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ». رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: «لَيْسَ صَدَقَةٌ أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ مَاءٍ». رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لِغَيْرِهِ.
يَحْفِرُ بِئْرًا، يَجْعَلُ لِلنَّاسِ صُنْبُورًا فِي سَبِيلٍ، يَبْذُلُ المَاءَ لِابْنِ السَّبِيلِ وَالعَطْشَانِ.
سَقْيُ المَاءِ؛ حَتَّى وَلَوْ لِلكِلَابِ؛ حَتَّى وَلَوْ كَانَ لِلكَلْبِ الضَّالِّ؛ فِيهِ أَجْرٌ عِنْدَ الكَبِيرِ المُتَعَالِ.
وَتَلَوُّثُ المِيَاهِ شَائِعٌ ذَائِعٌ لَا يَخْفَى، وَتَدِبُّ بِسَبَبِهِ أَمْرَاضٌ تَفْتِكُ بِالأَجْسَادِ وَتَفْرِيهَا فَرْيًا، فَمَنْ شَارَكَ أَوْ صَنَعَ لَهُمْ صَنِيعًا لِيَكُونَ مَاؤُهُ بَعِيدًا عَنْ هَذَا التَّلَوُّثِ؛ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الحَدِيثِ، وَقَدْ أَتَى بِأَعْظَمِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّبَ بِهِ عَبْدٌ إِلَى اللهِ.
فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ؛ لِأَنَّهُ إِذَا قَامَ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَنْظُرُ الْـمَرْءُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، وَيَنْظُرَ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ، وَيَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ؛ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ. يَا لَهُ مِنْ دِينٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ، يَا لَهُ مِن دِينٍ لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ!.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَنَا، وَارْزُقْنَا الْجُودَ وَالْكَرَمَ؛ وَأَنْت الْجَوَادُ الْكَرِيمُ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.
المصدر:دُرُوسٌ مُهِمَّةٌ لِعُمُومِ المُسْلِمِينَ فِي رَمَضَانَ