الترجمة المختصرة للشيخ أبو عبد الله محمد بن سعيد رسلان
تأليف /
أبو عبد الرحمن أحمد بن زكي فرحات
و
أبو عبد الله محمود بن إمام حجازي
...
المقدمة
ـــــــــ
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِــرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَـا وَمِنْ سَيِّئَــاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُــوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَـاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُـــونَ ﴾ [آل عِمْرَان:١٠٢].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُــوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَـالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُـونَ بِهِ وَالْأَرْحَــامَ إِنَّ اللَّـهَ كَـانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًـا﴾[النِّسَاء:١].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُــوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُـولُوا قَــوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِـــرْ لَكُمْ ذُنُـوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَـدْ فَـازَ فَــوْزًا عَظِيمًا ﴾[الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].
أَمَّا بَعْــدُ :
فَـإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْـدَثَـاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّـارِ .
أَمَّــا بَعْــدُ :
فهذه ترجمة مختصـرة لفضيلة الشيخ العلامـة ابى عبدالله محمد بن سعيد رسلان "حفظه الله " ، أَعـددنـاهـا بعـد مـلازمـةٍ لهُ ومعـرفـةٍ بهِ حفظه الله ،
والتـرجمـةُ لأهـل العلمِ دأبُ طُـُــلابهم على مـر الأزمـان ، وستظـلًّ كـذلك مـا دَامَ شيخٌ وطـالبٌ ،
فالتعـريفُ بالعلمــاءِ وبثُّ سِيـرتهم وأخــلاقهم وذِكْــرُ ما اتصفـوا بهِ من جميـل الصفــات ونبيـل الخِــلال مِمَّـا يُعين طــالبُ العلمِ فى هـذهِ الأزمـان التى كَثُــرَ فيهـا القُــرَّاءُ ، وقَــلَّ فيهـا الفُقهــاءُ ، وكَثُــرَ الأُمَــراءُ وقَـلَّ الأُمنَـاءُ وذَهَـبَ فيها العلمـاءُ وكَثُــرَ الجُهــلاءُ ، وصــارت البـدعةُ سُنَّـةً والسُّنَّـةُ بـدعـةً ، وتُفُقّـهَ لغيـرِ الـدين ، والتمُستِ الـدُّنيـا بعمـلِ الآخـرة.
وعليـكَ أيُّهـا القـارئُ أن تُـدرك أننـا أمـام عـالمٍ يُحــاول بكُـل جُهـدهِ أنْ يُخفى أَمْـرَهُ ، ومـا هـو عليه مِمَّـا آتـاهُ اللهُ من فضلهِ ، فى ذِكْـرِهِ ، وقيـامهِ ، وصيـامهِ ، وورعـهِ ، وزهـدهِ ، وحـالهِ ، ولكـــــن ؛ بطـولِ المُـلازمـة تتبـدَّى أشيــاءُ يكـون من النَّـافـعِ لطـالبِ العلم أنْ يعلمهـا.
وتجـدُ فى هـذهِ الترجمـة عقيـدة الشيخ ومنهجـهِ ، وجُهُــودَهُ العلميـة ، ومـا يتعلـقُ بِلُغتـهِ ، وأدبـهِ وفصـاحتِـهِ ، وزهـدِهِ ، وتواضعـهُ ، وثنـاء العلمـاءِ والمشايخِ عليه.
ونَــرجـو أن نكـونَ فى هـذا المختصـر قـد وَفَّيْنَـا مـا ارتَجينـاهُ منهُ إلى أن يُيَسّـرَ اللهُ إخـراجَ التـرجمـة المَبسـوطـة الـوافيـة.
واللهُ نسـأل أن يـرزقنــا الإخلاث فى القـول وأن ينفـعَ بهـا مُـؤلفيهـا وقـارئهـا وناشـرهـا والـدَّالَّ عليهـا ، إنَّـهُ هــو البَـرُّ الـرَّحيمُ والجـوادُ الكـريمُ.
ـــ المُـؤلفـانِ ــــ .
اسْمُهُ
وَنَسَبُهُ:
هُوَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ
الْمُحَدِّثِ الْفَقِيهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَحْمَد
رَسْلَان -حَفِظَهُ اللهُ-.
وُلِدَ فِي قَرْيَةِ سُبْكِ
الْأَحَدِ مِنْ أَعْمَالِ مُحَافَظَةِ الْمُنُوفِيَّةِ بِمِصْرَ -حَرَسَهَا اللهُ-
فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ نُوفَمْبِرَ عَامَ خَمْسَةٍ
وَخَمْسِينَ وَتِسْعِ مِئَةٍ وَأَلْفٍ.
دِرَاسَتُهُ
وَمُؤَهِّلَاتُهُ:
حَصَلَ -حَفِظَهُ اللهُ- عَلَى
بَكَالُورْيُوسِ الطِّبٍّ وَالْجِرَاحَةِ مِنْ جَامِعَةِ الْأَزْهَرِ.
وَعَلَى لِيسَانْسِ الْآدَابِ
قِسْمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ شُعْبَةِ الدِّرَاسَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ.
وَعَلَى دَرَجَةِ الْمَاجِسْتِيرِ
فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، بِتَقْدِيرِ مُمْتَازٍ مَعَ مَرْتَبَةِ الشَّرَفِ الْأُولَى،
عَنْ بَحْثٍ فِي «ضَوَابِطِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ».
وَعَلَى دَرَجَةِ الدُّكْتُورَاه
-الْعَالِمِيَّةِ- فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، بِتَقْدِيرِ مُمْتَازٍ مَعَ مَرْتَبَةِ
الشَّرَفِ الْأُولَى، فِي بَحْثٍ عَنِ: «الرُّوَاةِ الْمُبدَّعُونَ مِنْ رِجَالِ
الْكُتُبِ السِّتَّةِ».
عَقِيدَتُهُ:
الشَّيْخُ -حَفِظَهُ اللهُ-
عَلَى عَقِيدَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ الْمُتَّبَعِينَ، وَهُوَ فِيهَا جَبَلٌ ثَابِتٌ رَاسِخٌ
وَطَوْدٌ بَاذِخٌ شَامِخٌ، لَا يَنْفَكُّ عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَيْهَا وَالدِّفَاعِ
عَنْهَا، شَأْنُهُ فِي ذَلِكَ شَأْنُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ الْمُصْلِحِينَ فِي كُلِّ
زَمَانٍ.
وَتَقْرِيرُهُ -حَفِظَهُ
اللهُ- لِهَذِهِ الْعَقِيدَةِ الشَّرِيفَةِ مَبْثُوثٌ فِي خُطَبِهِ وَدُرُوسِهِ
وَكُتُبِهِ، وَلَا يَنْسَى أَحَدٌ -وَلَوْ كَانَ مِنْ خُصُومِ الرَّجُلِ-
مَوَاقِفَهُ فِي الدِّفَاعِ عَنِ الْعَقِيدَةِ مِنْ قَدِيمٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ: بَيَانُهُ
لِحَقِيقَةِ الرَّوَافِضِ وَانْحِرَافِهِمْ فِي الْعَقِيدَةِ فِي غَمْرَةِ
إِعْجَابِ الْقَوْمِ بِهِمْ أَثْنَاءَ حَرْبِهِمُ الْخَادِعَةِ مَعَ الْيَهُودِ.
وَمَا
تَصَدِّيهِ لِمَدْرَسَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنْ ذَوَاكِرِنَا بِبَعِيدٍ؛
حَيْثُ بَيَّنَ حَقِيقَتَهُمْ، وَكَشَفَ خَبِيئَةَ أَمْرِهِمْ.
وَكَذَلِكَ رَدَّ عَلَى
الْمُنْحَرِفِ حَرَامِي الضَّلَالِ أَبِي زَنَّةَ الْمُتَطَاوِلِ عَلَى
الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ وَكُتُبِ السُّنَّةِ.
وَأَمَّا بَيَانُهُ
لِعَقَائِدِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ الْمُنْحَرِفَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَمَا
أَكْثَرَ كَلَامَهُ عَنْ عَقَائِدِ الْخَوَارِجِ وَالْمُرْجِئَةِ
وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفِرَقِ الْمُنْحَرِفَةِ.
وَمِنَ الْفِرَقِ
الْحَدِيثَةِ الَّتِي أَوْضَحَ الشَّيْخُ عَقَائِدَهَا وَحَذَّرَ مِنْهَا: الْبَهَائِيَّةُ
وَالْبَابِيَّةُ، كَمَا تَكَلَّمَ عَنْ حَقِيقَةِ الْعَلْمَانِيَّةِ
وَاللِّيبْرَالِيَّةِ.
وَلَا يَخْفَى تَصَدِّي
الشَّيْخِ -حَفِظَهُ اللهُ- لِمَشَايِخِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَالْحِزْبِيَّةِ
وَدِفَاعُهُ عَنِ الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، وَصَبْرُهُ عَلَى الْأَذَى مِنْ
قِبَلِ أُولَئِكَ.
هَذَا
كُلُّهُ بِجَانِبِ بَيَانِ عَقِيدَةِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ
تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَجَمَعَ فِي دَعْوَتِهِ إِلَى الْعَقِيدَةِ بَيْنَ
التَّأْصِيلِ وَالتَّحْذِيرِ، كَمَا هِيَ
طَرِيقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وَمَا أَكْثَرَ مَا أُلْقِيَ
عَلَيْهِ مِنْ تُهَمٍ، عِنْدَمَا تَصَدَّى لِلشِّيعَةِ الرَّوَافِضِ -مَثَلًا- إِبَّانَ
الْحَرْبِ الْمَزْعُومَةِ الَّتِي كَانَتْ مَعَ الْيَهُودِ، حَتَّى اتُّهِمَ بِأَنَّهُ
يُنَاصِرُ الْيَهُودَ!!
وَمِثْلُ ذَلِكَ عَدَمُ الْتِفَاتِهِ
لِتَهْرِيفِ الْمَشَايِخِ الْحِزْبِيِّيِنَ مِنَ الدِّيمُقْرَاطِيِّيِنَ وَقَدِ انْهَالَتْ
مِنْهُمُ التُّهَمُ عَلَيْهِ جُزَافًا، وَمَا كَانَ صَنِيعُهُ إِذْ ذَاكَ إَلَّا الدِّفَاعَ
عَنِ الْعَقِيدَةِ وَرَدَّ بَاطِلِ أُولَئِكَ الْحِزْبِيِّيِنَ وَتَشْوِيهِهِمْ لِحَقِيقَةِ
الدِّينِ.
وَمِمَّا قِيلَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا –:
وَإِنِ اسْتَطَالَ
مُجَاهِرٌ فِي عِرْضِهِ
|
جَعَلَ الصِّيَانَةَ
لِلدِّيَانَةِ مَغْنَمَا
|
هَذَا مَعَ اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ
مِنَ الشِّدَّةِ فِي مَوْضِعِهَا بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ؛ زَجْرًا لِلْمُخَالِفِينَ، وَحِيَاطَةً
لِدِينِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
مَنْهَجُهُ:
مَنْهَجُ الشَّيْخِ أَشْهَرُ
مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، فَهُوَ -حَفِظَهُ اللهُ- سَلَفِيُّ الْمَنْهَجِ حَتَّى
النُّخَاعِ، وَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَدَلَّ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ مِنْ
مَنْهَجِهِ، وَهَذَا يُفَسِّرُ لَنَا شُهْرَتَهُ فِي أَوْسَاطِ الدَّعْوَةِ
السُّنِّيَّةِ السَّلَفِيَّةِ عَلَى اتِّسَاعِ رُقْعَتِهَا فِي الْعَالَمِ
كُلِّهِ، مَعَ أَنَّهُ مَا عُرِفَ إِلَّا فَارًّا مِنَ الشُّهْرَةِ فِرَارَهُ مِنَ
الْأَسَدِ.
وَمِمَّا قِيلَ فِي ذَلِكَ نَظْمًا –:
عَنْ مَنْهَجِ الْأَسْلَافِ
لَيْسَ يَنْثَنِي
|
يَذُودُ عَنْ حِيَاضِهِمْ
وَلَا يَنِي
|
فَقَوْلُهُمْ دِمَاهُ
وَالْعِظَامُ
|
مَنْ سَارَ خَلْفَهُمْ هُوَ
الْإِمَامُ
|
وَمِنْ َأوَضْحِ الْأَدِلَّةِ عَلَى صِدْقِ رَجُلٍ فِي مَنْهَجِهِ
ثَبَاتُهُ عَلَيْهِ، وَدَعْوَتُهُ إِلَيْهِ، وَعَدَمُ تَحَلْحُلِهِ قِيدَ
أُنْمُلَةٍ عَنْهُ، وَإِنْ تَغَيَّرَتِ الْأَحْوَالُ وَتَبَدَّلَتِ الْأَقْوَالُ،
وَهَذَا هُوَ صَنِيعُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ عَبْرَ الزَّمَانِ.
قَالَ الشَّيْخُ
السُّحَيْمِيُّ -حَفِظَهُ اللهُ-:
«وَأَنَا أَعْرِفُ وللهِ
الْحَمْدُ أُنَاسًا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهَا هَذِهِ
الثَّوْرَاتُ، أَوْ مَا يُسَمَّى بِالصَّقِيعِ الْعَرَبِيِّ!! يَعْنِي فَمَا
زَالُوا يُذَكِّرُونَ وَيَعِظُونَ، وَمَا دَخَلُوا فِي هَذِهِ الْمَعْمَعَةِ،
وَمِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ السَّائِرِينَ عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ.
وَلَعَلِّي أَذْكُرُ مِنْهُمْ
شَيْخًا فَاضِلاً يَجْهَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَنَا أَعْرِفُهُ عَنْ
قُرْبٍ؛ لِشِدَّةِ تَحَرِّيهِ لِلْحَقِّ، وَدَعْوَتِهِ النَّاسَ إِلَى لُزُومِ
السُّنَّةِ، وَهُوَ أَخُونَا فَضِيلَةُ الشَّيْخِ الدُّكْتُورِ مُحَمَّد سَعِيد
رَسْلَان -وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالَى- أَرَى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ بَلَدِهِ لَا
يَعْرِفُهُ، مَعَ أَنَّهُ مِنْ خِيرَةِ مَنْ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى لُزُومِ
السُّنَّةِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْغَوْغَائِيَّةِ الَّتِي تَعِيشُهَا بَعْضُ
الْبِلَادِ» اهـ.
وَلَقَدْ حَبَاهُ اللهُ
بَصِيرَةً نَافِذَةً، وَنَظْرَةً ثَاقِبَةً، فَحِينَمَا يَتَلَهَّى النَّاسُ بِالْبَهَارِجِ
الزَّائِفَةِ الْخَائِبَةِ يَكُونُ نَظَرُهُ صَوْبَ الْمآلِ وَالْعَاقِبَةِ.
وَخَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى
ذَلِكَ مُكْثُهُ أَعْوَامًا مُتَطَاوِلَاتٍ يُحَذِّرُ النَّاسَ فِتْنَةً بَصَّرَهُ
اللهُ بِهَا قَبْلَ أَنْ تُطِلَّ بِرَأْسِهَا حَتَّى وَقَعَتْ وَبَسَطَتْ فِي
الْبِلَادِ رُوَاقَهَا، فَزَلَّتْ فِيهَا أَقْدَامٌ، وَسَقَطَ فِي هَاوِيَتِهَا
أَقْوَامٌ فِي إِثْرِ أَقْوَامٍ وَثَبَّتَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَلَمْ
يَخْشَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، رَغْمَ اتِّهَامِ أَهْلِ الْبَاطِلِ لَهُ
بِالْعَظَائِمِ.
للهِ دَرُّهُ مِنْ إِمَامٍ
مَا أَثْقَبَ نَظْرَتَهُ وَأَنْفَذَ عَيْنَ بَصِيرَتِهِ إِذْ قَالَ قَبْلَ هَذِهِ
الْفِتْنَةِ بِسَنَوَاتٍ فِي خُطْبَةِ «اتَّقُوا اللهَ فِي مِصْرَ»: «...
إِنِّي لَأَرَى الدِّمَاءَ تَسِيلُ مِنْ خِلَالِ سِتْرٍ شَفِيفٍ».
وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ
وَوَقَعَ بَعْدَهَا بِزَمَانٍ.
وَلَا
غَرْوَ، فَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ : «الْفِتْنَةُ إِذَا أَقْبَلَتْ عَرَفَهَا كُلُّ
عَالِمٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَرَفَهَا كُلُّ جَاهِلٍ».
وَمِنْ أَمْثِلَةِ التَّصَدِي لِلْبِدَعِ وَأَهْلِهَا تَصَدِّيهِ لِدُعَاةِ
الْحِزْبِيَّةِ وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، وَهَذَا ذَائِعٌ مَشْهُورٌ يَعْرِفُهُ
الْقَاصِي وَالدَّانِي، أَمَا تَذْكُرُ رَدَّهُ عَلَى حُرْقُوصٍ وَأَبِي الْفِتَنِ
وَغَيْرِهِمَا، إِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُنْسَى.
وَالرَّجُلُ إِمَامٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ خَبِيرٌ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ
وَبِعِلْمِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَإِذَا اشْتَدَّ
عَلَى بَعْضِ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ فَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ؛ لِعِلْمِهِ
بِهَذَا الْبَابِ -أَعْنِي: الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ- وَبِمَوَاقِعِ كَلَامِ
الْعَرَبِ إِذْ جَمَعَ اللهُ لَهُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ، فَكَيْفَ إِذَا
انْضَافَ إِلَى جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَنْهَجِ سَلَفًا؟!
وَأَنْتَ لَا يُمْكِنُكَ أَنْ
تُثِيرَ حَفِيظَةَ الْمُبْتَدِعِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِكَ عِنْدَهُ إِمَامًا مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهَذَا أَمْرٌ فِي الْمُبْتَدِعَةِ قَدِيمٌ قِدَمِ
الْبِدْعَةِ فِي الدِّينِ.
وَمِمَّا قِيلَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:
وَتَرَى الْعَوَاذِلَ حِينَ
يُذْكَرُ شَيْخُنَا
|
كَالنَّارِ بَلْ مِنْهَا أَشَدَّ
تَضَرُّمَا
|
إِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ
زَمَانٍ أَهْلُهُ
|
شَرِبُوا الْهَوَى سُمًّا
وَعَافُوا الْبَلْسَمَا
|
إِلَّا كِرَامًا فِي
اللِّئَامِ كَأَنَّهُمْ
|
شَعَرَاتُ بِيضٍ قَدْ
عَلَوْنَ الْأَدْهَمَا
|
مِحْنَتُهُ:
لَقَدْ مَنَّ اللهُ -تَبَارَكَ
وَتَعَالَى- عَلَى شَيْخِنَا -حَفِظَهُ
اللهُ- بِالثَّبَاتِ فِي الْفِتْنَةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِالْبِلَادِ فِي
الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ يَنَايِرَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَلْفَيْنِ
مِنْ مِيلَادِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ ڠ، فَثَبَتَ عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ الَّذِي
كَانَ قَدْ قَضَى زَمَنًا مُتَطَاوِلًا فِي بَيَانِهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَتَحْذِيرِ
الْأُمَّةِ مِنْ مُخَالَفَتِهِ.
وَلَمْ يَتَوَقَّفِ الْأَمْرُ
عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ بَلْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُجَلِّي
لِلْأُمَّةِ مُخَطَّطَاتِ أَعْدَائِهَا الرَّامِيَةَ إِلَى سَحْقِهَا وَمَحْقِهَا.
وَمِثَالُ ذَلِكَ: كَلَامُهُ -حَفِظَهُ
اللهُ- عَنِ الْفَوْضَى الْخَلَّاقَةِ وَإِرْجَاعُ هَذَا الْمُصْطَلَحِ إِلَى
أَسْفَارِ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ، وَبَيَانُ أَنَّ أَعْدَاءَنَا يَنْطَلِقُونَ فِي
عَدَاوَتِهِمْ لَنَا مِنْ مُنْطَلَقَاتٍ عَقَائِدِيَّةٍ، قَالَ -حَفِظَهُ
اللهُ-: «يُرَادُ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ فِيمَا يُسَمُّونَهُ بِالْفَوْضَى
الْخَلَّاقَةِ، وَكُنَّا نَظُنُّ قَدِيمًا -عِنْدَمَا طَفَا هَذَا الْمُصْطَلَحُ
عَلَى سَطْحِ الْأَحْدَاثِ- أَنَّهُ مُصْطَلَحٌ سِيَاسِيٌّ بَاضَهُ الشَّيْطَانُ
فِي عُقُولِ الْقَوْمِ فَفَرَّخَ، وَصُنِعَ فِي الدَّوَائِرِ الْمُظْلِمَةِ
الَّتِي تَكِيدُ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَلِأَرْضِ الْإِسْلَامِ وَلِأَهْلِ
الْإِسْلَامِ، كُنَّا نَظُنُّ أَنَّهُ مُصْطَلَحٌ سِيَاسِيٌّ وَإِذَا هُوَ
مُصْطَلَحٌ تَوْرَاتِيٌّ يَهُودِيٌّ لَاهُوتِيٌّ صَلِيبِيٌّ، كَذَا، وَسَتَرى إِنْ
شَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
مَا الْفَوْضَى
الْخَلَّاقَةُ؟
هِيَ الدَّفْعُ بِالشَّارِعِ
الْمِصْرِيِّ إِلَى الْقِتَالِ إِلَى التَّنَاحُرِ إِلَى التَّنَازُعِ ثُمَّ
تَرْكُ الْأُمْرِ يَمْضِي إِلَى مَدَاهُ، فَإِذَا وَقَعَ التَّفْكِيكُ
لِلْمُجْتَمَعِ أُعِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ نِظَامُ بِنَائِهِ عَلَى التَّصُوُّرِ
الْغَرْبِيِّ الصَّلِيبِيِّ... وَبِاخْتِصَارٍ هِيَ سَلْبُ مَا تَبَقَّى مِنْ مَزَايَا
الْإِسْلَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ»([1]).
وَظَلَّتِ السِّنُونَ تَطْوِي
الْمَسَافَاتِ طَيًّا وَتَتَّخِذُ مِنَ السُّهُولَةِ وَالْحُزُونَةِ لَهَا
مَطِيًّا حَتَّى ذَرَّتِ الْفَوْضَى الْخَلَّاقَةُ بِقَرْنِهَا ثُمَّ ضَرَبَتْ فِي
رُبُوعِ الْبِلَادِ بِجِرَانِهَا وَوَقَعَتْ تِلْكَ الْفِتْنَةُ، فَكَانَتْ أُولَى
خُطَبِهِ فِي ظِلِّ هَذِهِ الْفِتْنَةِ غَيْرِ الظَّلِيلِ بِعُنْوَانِ «مِصْرُ
وَالْفَوْضَى الْخَلَّاقَةُ»، وَكَأَنَّهُ بِهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَا
وَقَعَ آنَئِذٍ هُوَ مَا كَانَ يُحَذِّرُ مِنْهُ قَبْلَ سَنَوَاتٍ سَبَقَتْ
وَأَعْوَامٍ غَبَرَتْ.
وَقَدْ تَزَامَنَ هَذَا
الثَّبَاتُ مَعَ تَهَافُتِ الْحِزْبِيِّينَ عَلَى نَارِ الْفِتْنَةِ كَتَهَافُتِ
الْفَرَاشِ، وَقَدْ كَانُوا -قَبْلُ- يَتَزَيَّوْنَ بِزِيِّ أَهْلِ السُّنَّةِ -وَمَا
هُمْ مِنْهُمْ- فَيَرُوجُ عَلَى الْعَوَامِّ وَأَشْبَاهِ الْعَوَامِّ تَزَيِّيهِمْ.
فَغَيَّرُوا مَنْهَجَهُمْ، وَمَا
كَانَ بِمَنْهَجٍ لَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَسَتَّرُونَ بِهِ؛
لِيُرَوِّجُوا عِنْدَ الْعَوَامِّ بِضَاعَتَهُمْ، وَيُسَوِّقُوا عِنْدَهُمْ
سِلْعَتَهُمْ، غَيَّرُوا مَا كَانُوا يَدْعُونَ إِلَيْهِ، فَصَارَ حَلَالًا
-بَعْدَ تِلْكَ الْفِتْنَةِ- مَا كَانَ قَبْلَهَا مُحَرَّمًا، وَصَارَ بَعْدَهَا
جَائِزًا مَا كَانَ قَبْلَهَا مُجَرَّمًا، بَلْ صَارَ بَعْدَهَا الْكُفْرُ
إِيمَانًا وَالْإِسَاءَةُ إِحْسَانًا!!
وَقَدْ ثَبَّتَ اللهُ
شَيْخَنَا -حَفِظَهُ اللهُ- فِي خِضَمِّ هَذِهِ الْفِتْنَةِ وَبَعْدَهَا، عَلَى
مَا ابْتُلِيَ بِهِ مَنْ تَسَلُّطِ السُّفَهَاءِ، الَّذِينَ رَمَوْهُ
بِالْفَوَاقِرِ -وَهُوَ مِمَّا رُمِيَ بِهِ بَرَاءٌ- فَأَعْلَى اللهُ فِي
الْعَالَمِينَ ذِكْرَهُ، وَمَا كَانَ مَخْفُوضًا، وَبَثَّ فِي الْآفَاقِ عِلْمَهُ
وَمَا كَانَ مَقْبُوضًا، وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ
النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.
وَسِيرَةُ شَيْخِنَا -حَفِظَهُ
اللهُ- تُذَكِّرُنَا بِسِيرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ؛ فِي دِفَاعِهِ عَنِ السُّنَّةِ
وَمُحَارَبَتِهِ أَهْلَ الْبِدْعَةِ، مَعَ شِدَّةِ وَرَعِهِ، وَزُهْدِهِ فِي
الدُّنْيَا.
وَمِمَّا
قِيلَ فِيهِ شِعْرًا:
وَإِمَامُنَا عَلَمٌ عَلَى
دَرْبِ الْهُدَى
|
فِي سَفْحِهِ بَعَثَ
الْعُدَاةُ عَرْمَرَمَا
|
فَبِحُجَّةٍ ذَادَ
الْكُمَاةَ وَمَا رَمَى
|
مِنْ جَعْبَةِ
الْوَحْيَيْنِ إِلَّا أَسْهُمَا
|
بِالْحَقِّ يَنْتَصِرُ
الْكَرِيمُ لِدِينِهِ
|
وَبِبَغْيِهِ الْبَاغِي
يَعُودُ مُذَمَّمَا
|
قَالَ الشَّيْخُ فَلَاحٌ مَنْدِكَار
-حَفِظَهُ اللهُ-: «وَأسْتَشْهِدُ لَهُ
بِالشَّيْخِ شَيْخِنَا سَعْد الْحُصين، الشَّيْخُ سَعْدٌ أَيْضًا كَانَ ضَيْفًا
عِنْدَنَا مَعَ الشَّيْخِ رَسْلَان, قُلْتُ: وَ اللهِ يَا شَيْخُ [يَعْنِي
الشَّيْخَ رَبِيعَ بْنَِ هَادِي] كُلَّمَا دَخَل عَلَيْهِ (وَلَّا) الْتَقَيْنَا
عَلَى غَدَاءٍ (وَلَّا) عَشَاءٍ يَقُولُ لِي جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا جَمَعْتَنِي
مَعَ هَذَا الرَّجُلِ وَيَقُولُ لِلشَّيْخِ رَسْلَان: وَاللَّهِ تُذَكِّرُنِي
بِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ فِي زُهْدِهِ».
جُهُودُهُ
الْعِلْمِيَّةُ وَالدَّعَوِيَّةُ:
إِنَّ
مِمَّا يُلَاحِظُهُ النَّاظِرُ فِي سِيَرِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ الْمَوْسُوعِيَّةَ
فِي الْعِلْمِ، وَالتَّبَحُّرَ فِي أَكْثَرَ مِنْ فَنٍّ، فَكَانَ يُوصَفُ
الْعَالِمُ بِأَنَّهُ مُحَدِّثٌ فَقِيهٌ أُصُولِيٌّ لُغَوِيٌّ مُفَسِّرٌ، بَلْ
قَدْ تَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ إِلَى هَذَا مَعْرِفَةً بِبَعْضِ الْعُلُومِ التَّجْرِيبِيَّةِ.
ثُمَّ طَرَأَتْ
آفَةُ التَّخَصُّصِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ فَأَوْرَثَتْهُمْ
ضَعْفًا وَجُمُودًا، وَلَكِنَّ شَيْخَنَا حَفِظَهُ اللهُ يَأْبَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ
سَلَفِيًّا فِي هَذَا، كَمَا أَنَّهُ سَلَفِيُّ الْعَقِيدَةِ وَالْمَنْهَجِ؛ فَقَدْ
بَرَعَ فِي الْعَقِيدَةِ وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ
الْعُلُومِ.
بَدَأَتْ دَعْوَةُ الشَّيْخِ
مُنْذُ مَا يَزِيدُ عَلَى ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَقَدْ بَدَأَ الشَّيْخُ
دَعْوَتَهُ بِالْخَطَابَةِ وَإِلْقَاءِ الدُّرُوسِ الْعِلْمِيَّةِ وَتَصْنِيفِ
الْكُتُبِ النَّافِعَةِ.
وَقَدْ كَانَتِ الْخَطَابَةُ وَالدُّرُوسُ
الْعِلْمِيَّةُ فِي أَوَّلِ الدَّعْوَةِ فِي مَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي الْمُنُوفِيَّةِ
وَغَيْرِهَا، وَكَانَ مَرْكَزُ الدَّعْوَةِ آنَذَاكَ الْمَسْجِدَ الشَّرْقِيَّ بِسُبْكِ
الْأَحَدِ.
وَلَمَّا
مَنَّ اللهُ تَعَالَى بِتَأْسِيسِ جَمْعِيَّةِ الْفُرْقَانِ وَمَعْهَدِ إِعْدَادِ
الدُّعَاةِ صَارَ الْمَسْجِدُ مَقَرًا لِلدِّرَاسَةِ بِالْمَعْهَدِ يُدَرِّسُ الشَّيْخُ
فِيهِ طُلَّابَهُ كُتُبَ الْعَقِيدَةِ وَالْمَنْهَجِ، وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَالْمُصْطَلَحِ
وَالنَّحْوِ وَالْبَلَاغَةِ؛ فَتَلَقَّى عَلَى يَدَيْهِ جَمْعٌ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ،
ثُمَّ انْطَلَقُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْخَيْرَ فِي الْآفَاقِ فَانْتَشَرَتِ
السُّنَّةُ وَعَزَّ أَهْلُهَا، وَأُمِيتَتِ الْبِدْعَةُ وَخَسِئَ أَهْلُهَا،
وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
مُؤَلَّفَاتُهُ:
لِلشَّيْخِ -حَفِظَهُ اللهُ-
مُؤَلَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ جَمَّةُ الْفَوَائِدِ غَزِيرَةُ الْمَنَافِعِ، وَلَهُ
شُرُوحٌ نَافِعَةٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِنْ أَهَمِّ
هَذِهِ الْمُؤَلَّفَاتِ وَالشُّرُوحِ:
1- فَضْلُ الْعِلْمِ وَآدَابُ
طَلَبَتِهِ وَطُرُقُ تَحْصِيلِهِ وَجَمْعِهِ.
2-دَعَائِمُ مِنْهَاجِ
النُّبُوَّةِ.
3- ضَوَابِطُ الرِّوَايَةِ
عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ: وَهُوَ الْبَحْثُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الشَّيْخُ
عَلَى دَرَجَةِ الْمَاجِسْتِيرِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ طُبِعَ فِي
ثَلَاثَةِ مُجَلَّدَاتٍ.
4-الرُّوَاةُ
الْمُبَدَّعُونَ مِنَ رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ: وَهُوَ الْبَحْثُ الَّذِي
حَصَلَ بِهِ الشَّيْخُ عَلَى دَرَجَةِ الدُّكْتُورَاه -الْعَالِمِيَّةِ- فِي
عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ طُبِعَ فِي أَرْبَعَةِ مُجَلَّدَاتٍ.
5-فَضْلُ
الْعَرَبِيَّةِ وَوُجُوبُ تَعَلُّمِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
6- حَقِيَقةُ مَا يَحْدُثُ فِي مِصْرَ (طُبِعَ فِي
ثَلَاثَةِ مُجَلَّدَاتِ).
7- شَرْحُ أُصُولِ السُّنَّةِ
لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ (وَهُوَ فِي مُجَلَّدَيْنِ).
8- شَرْحُ كِتَابِ الْأَدَبِ
الْمُفْرَدِ (وَهُوَ فِي سِتَّةِ مُجَلَّدَاتٍ).
9- شَرْحُ تَطْهِيرِ الِاعْتِقَادِ لِلصَّنْعَانِي.
10- شَرْحُ مُذَكِّرَةِ التَّوْحِيدِ لِلْعَلَّامَةِ
عَبْدِالرَّزَّاقِ عَفِيفِي.
11- الْوَضْعُ فِي الْحَدِيثِ وَجُهُودُ الْعُلَمَاءِ
فِي مُوَاجَهَتِهِ.
12- ضَوَابِطُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ.
13- آدَابُ طَالِبِ الْعِلْمِ.
14- مَرَاتِبُ طَلَبِ الْعِلْمِ وَطُرُقُ تَحْصِيلِهِ.
15- ذَمُّ الْجَهْلِ وَبَيَانُ قَبِيحِ أَثَرِهِ.
16- التَّرْهِيبُ مِنَ الرِّبَا.
17- تَهْذِيبُ شَرْحِ عَقِيدَةِ
أَهْل ِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لِابْنِ عُثَيْمِينَ.
18- مَوْقِفُ الصَّحَابَةِ مِنْ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ.
19- آفَاتُ الْعِلْمِ.
20- أَهَمُّ الْمُصَنَّفَاتِ فِي عِلْمِ الرِّوَايَةِ.
21- شَرْحُ الْقَوَاعِدِ الْأَرْبَعِ.
22- شَرْحُ رِسَالَةِ «وَاجِبُ الْعَبْدِ إِذَا أَمَرَهُ
اللَّهُ بِأَمْرٍ».
23- شَرْحُ رِسَالَةِ «الْجَامِعِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ
وَحْدَهُ».
24- شُرُوطُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَنَوَاقِضُ
الْإِسْلَامِ.
25- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
(مَعْنَاهَا-شُرُوطُهَا-نَوَاقِضُهَا-فَضْلُهَا).
26- خُطُورَةُ الِابْتِدَاعِ وَشُؤْمُ الْبِدَعِ.
27- عَدَاوَةُ الشَّيْطَانِ.
28- حُسْنُ الْخُلُقِ.
29- شَأْنُ الْكَلِمَةِ فِي الْإِسْلَامِ.
30- نَصَائِحُ مُهِمَّةٌ وَتَوْجِيهَاتٌ.
31- حَوْلَ حَيَاةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ
تَيْمِيَّةَ .
32- قِرَاءَةٌ وَتَعْلِيقٌ وَتَخْرِيجٌ لِرَسَالَةِ
شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ
«الْعُبُودِيَّة».
33- قِرَاءَةٌ وتَعْلِيقٌ وَتَخْرِيجٌ لِرِسَالَةِ
شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ «الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ
عَنِ الْمُنْكَرِ».
34- تَمَامُ الْمِنَّةِ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْحِ
الْأُصُول ِالسِّتَّةِ (لِابْنِ عُثَيْمِينَ ).
35- التَّعْلِيقُ عَلَى رِسَالَةٍ فِي سُجُودِ
السَّهْوِ (لِابْنِ عُثَيْمِينَ ).
وَلِلشَّيْخِ غَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُؤَلَّفَاتِ
وَالشُّرُوحِ عَلَى كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ، نَسْأَلُ اللهَ
أَنْ يَجْزِيَ شَيْخَنَا عَلَى جُهُودِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ خَيْرَ
الْجَزَاءِ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
·
لُغَتُهُ
وَأَدَبُهُ وَبَلاغَتُهُ:
الشَّيْخُ -حَفِظَهُ اللهُ-
أَدِيبٌ بَارِعٌ، كَثِيرُ الْحِفْظِ، مُتَصَرِّفٌ فِي ضُرُوبِ الْإِنْشَاءِ، بَلِيغُ
الْعِبَارَةِ، مُتَضَلِّعٌ فِي فُنُونِ الْأَدَبِ، مُتْقِنٌ لِعُلُومِ اللِّسَانِ،
أَلْفَاظُهُ الزُّلَالُ أَوْ أَرَقُّ، وَمَعَانِيهِ السِّحْرُ أَوْ أَدَقُّ، بَصِيرٌ
بِمَذَاهِبِ الْكَلَامِ، عَالِمٌ بِمَوَاضِعِ النَّقْدِ، مَطْبُوعٌ عَلَى
جَزَالَةِ الْأَلْفَاظِ وَفَخَامَةِ الْأَسَالِيبِ، فَكَأَنَّ أَلْفَاظَهُ
مُنَاغَاةٌ لِلْأَطْيَارِ، وَكَأَنَّ كَلَامَهُ مَمَرُّ الصَّبَا عَلَى عَذَبَاتِ
الْأَغْصَانِ، يَتَخَيَّرُ مِنَ الْأَلْفَاظِ أَحْسَنَهَا مَسْمُوعًا وَأَقْرَبَها
مَفْهُومًا وَأَلْيَقَهَا بِمَنْزِلِهَا، وَأَشْكَلِهَا بِمَا يُجَاوِرُهَا، يُجَلِّي
عَنْ نَفْسِهِ بِأَبْلَغِ بَيَانٍ، وَقَدْ قَبَضَ عَلَى أَزِمَّةِ الْبَلَاغَةِ
وَمَلَكَ أَعْنَاقَ الْمَعَانِي، وَيَبْلُغُ كَلَامُهُ الْقُلُوبَ، وَإِنَّهُ
لَآيَةٌ فِي بَلَاغَةِ التَّعْبِيرِ، وَإِصَابَةِ مَقَاتِلِ الْأَغْرَاضِ.
وَقَدْ شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ
عَالِمَانِ فِي الْأَدَبِ وَالْبَلَاغَةِ وَالنَّقْدِ وَالتَّحْقِيقِ؛
الْأُسْتَاذُ الدُّكْتُورُ عَلِي عَشْرِي زَايد، وَالْمُحَقِّقُ الْكَبِيرُ
الدُّكْتُور رَمَضَان عَبْدَالتَّوَّاب.
وَإِنَّ فِي كَلَامِهِ
لَفُحُولَةً نَدَرَتْ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ، حَيْثُ انْتَشَرَتِ الرَّكَاكَةُ
وَالرِّكَّةُ، وَتُكُلِّمَ فِي الدِّينِ بِلُغَةِ (الْمَصَاطِبِ)، وَأَعْيَا
الدُّعَاةَ إِقَامَةُ الْجُمْلَةِ الْعَرَبِيَّةِ الصَّحِيحَةِ فَضْلًا عَنِ
الْفَصِيحَةِ الْبَلِيغَةِ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ الْجُمْلَةَ الْوَاحِدَةَ
عَلَى مَشَقَّةٍ بِهِ، فَأُخْتُهَا عَلَيْهِ أَشَقُّ، وَعِنْدَهُ أَصْعَبُ، وَهَذَا
حَالُ الدُّعَاةِ الْمُسْمَّيْنَ زُورًا عُلَمَاءَ، فَمَا بَالُ مَنْ دُونَهُمْ
وَلَا أَظُنُّ أَنَّ تَحْتَهُمْ دُونَ؟!!
وَقَدْ شَهِدَ لِلشَّيْخِ مُخَالِفُوهُ
قَبْلَ مُؤَالِفِيهِ بِبَلَاغَتِهِ وَفَصَاحَتِهِ إِذْ إِنْكَارُهَا عَمًى
وَصَمَمٌ، وَالْحَقُّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ، فَمُقَدَّمُ
الْمُخَالِفِينَ اعْتَرَفَ -وَلَا يَسَعُهُ إِلَّا الِاعْتِرَافُ- بِأَنَّ
الشَّيْخَ مِنْ حُرَّاسِ الْعَرَبِيَّةِ الْوَاقِفِينَ عَلَى ثَغْرِهَا ضِدَّ
الْمُتَرَبِّصِينَ بِهَا. وَكُتُبُ الشَّيْخِ وَخُطَبُهُ فِي بَيَانِ فَضْلِ
الْعَرَبِيَّةِ وَحَرْبِهِ لِلْعَامِيَّةِ شَاهِدٌ عَلَى مَا نَقُولُ وَدَلِيلٌ، وَالتَّدْلِيلُ
عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ حَثِّ طُلَّابِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا الْمَنْحَى
وَالتَّدْلِيلُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ فَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ غَيْرُ
مَنْكُورٍ، يَقُولُ أَبُو الطَّيِّبِ:
وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي
الْأَفْهَامِ شَيْءٌ
|
إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ
إِلَى دَلِيلِ
|
تَوَاضُعُهُ:
آثَارُ السَّلَفِ فِي التَّوَاضُعِ
كَثِيرَةٌ ضَافِيَةٌ وَتَطْبِيقُهُمْ لَهَا مِثْلُهَا كَثْرَةً وَانْتِشَارَا
وَاشْتِهَارَا، وَتَوَالَتْ أَزْمَانٌ تَكَبَّرَتِ الْعَنْزَةُ وَافْتَخَرَتْ
بِأَلْيَةِ الْخَرُوفِ، وَانْتَشَرَتْ طَائِفَةُ (أَصْحَابِ الْأَلَيَاتِ
الصِّنَاعِيَّةِ) فِي كِبْرِهِمْ وَزَهْوِهِمْ.
فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ الَّتِي تَوَاضَعَ
فِيهَا التَّوَاضُعُ وَاخْتَفَى إِلَّا عِنْدَ مَنْ رَحِمَ اللهُ تَعَالَى كَانَ
سُلُوكُ الشَّيْخِ مَعْلَمًا وَمَنَارًا فِي التَّوَاضُعِ الْحَقِّ -لَا
التَّوَاضُعِ الْكَاذِبِ الَّذِي احْتَرَفَهُ كَثِيرٌ مِنَ الدُّعَاة.
وَنَذْكُرُ هُنَا مَوْقِفًا وَاحِدًا يَدُلُّ
عَلَى تَوَاضُعِ الشَّيْخِ:
* قِيلَ مِنْ عَلَامَاتِ
التَّوَاضُعِ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَقِيَكَ، وَالشَّيْخُ فِي تَطْبِيقِهِ
لِهَذِهِ الْعَلَامَةِ عَلَى نَحْوٍ عَظِيمٍ حَتَّى مَعَ الْأَطْفَالِ فَإِنَّهُ
إِنْ لَقِيَ طِفْلًا وَقَفَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا مَازَحَهُ وَدَاعَبَهُ.
رَأَيْنَاهُ يَسِيرُ إِلَى
بَيْتِهِ وَقَرِيبًا مِنَ الْبَيْتِ بِأَمْتَارٍ -يَظُنُّ أَنَّهُ فِي مَأْمَنٍ
مِنَ الْعَيْنِ- يَقِفُ أَطْفَالٌ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا بِهِ لَمْ تَمْنَعْهُ
مِشْيَتُهُ الْمُتَأَمِّلَةُ، وَنَظْرَتُهُ الثَّاقِبَةُ، وَحَرَكَةُ ذِرَاعِةِ
الْآمِلَةُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ شُغُلُهُ وَهَمُّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ مِنْ
ذَلِكَ أَنْ يَقِفَ مُسَلِّمًا عَلَيْهمْ مَاسِحًا عَلَى رُءُوسِهِمْ.
تَعَوَّدْنَا مُنْذُ
عَرَفْنَا الشَّيْخَ -حَفِظَهُ اللهُ- أَنْ إِذَا رَأَيْنَاهُ يَصْنَعُ شَيْئًا
نَبْحَثُ فِي السُّنَّةِ وَسِيَرِ السَّلَفِ لِنَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ، فَالشَّيْخُ
عَلَى آثَارِ السَّلَفِ يَسِيرُ فِي سُلُوكِهِ وَأَخْلَاقِهِ كَمَا هُوَ عَلَى
آثَارِهِمْ فِي عَقِيدَتِهِ وَمَنْهَجِهِ.
رَجَعْنَا فَنَظَرْنَا
فَإِذَا الْبُخَارِيُّ يَرْوِي فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ:
«كَانَ النَّبِيُّ ص
يَفْعَلُهُ بِهِمْ». وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِيهِ عَنْ عَنْبَسَةَ
قَالَ: «أُرِيتُ ابْنَ عُمَرَ يُسَلِّمُ عَلَى الصِّبْيَانِ فِي الْكُتَّابِ». صَحَّحَهُ
الْأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيحِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ».
وَمَهْمَا رَأَيْتَ خَلَّةً
مِنْ خِلَالِهِ وَرَجَعْتَ إِلَى السُّنَّةِ وَسِيرَةِ السَّلَفِ وَجَدْتَهَا لَا
مَحَالَةَ.. وَسَلْ مُجَرِّبًا.
زُهْدُهُ:
لَمَّا كَانَ أَفْضَلَ
الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ -كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ- كَانَ الشَّيْخُ
عَلَى هَذَا النَّهْجِ يَسِيرُ فَيُخْفِي زُهْدَهُ، وَلَكِنْ مِنَ الزُّهْدَ مَا
لَيْسَ يُخْفَى، فَأَيْنَ يَضَعُ بَيْتَهُ مَثَلًا؟!
وَقَدْ كَانَتْ كَلِمَةٌ مِنْ
رَجُلٍ رَآهُ مُلَخِّصَةً لِهَذَا الْخُلُقِ مِنْ أَخْلَاقِ الشَّيْخِ إِذْ
يَقُولُ الرَّجُلُ بَعْدَمَا جَالَسَهُ وَرَأَى مَلْبَسَهُ وَمَطْعَمَهُ
وَمَسْكَنَهُ: لَقَدْ كُنَّا نَقْرَأُ عَنِ الزُّهْدِ فِي الْكُتُبِ حَتَّى
رَأَيْنَاهُ فِي الشَّيْخِ -حَفِظَهُ اللهُ-.
وَفَصْلُ الْخِطَابِ فِي تَوَاضُعِهِ وَزُهْدِهِ مَا قَالَهُ -حَفِظَهُ
اللهُ- فِي خُطْبَةِ (احْذَرْ أَهْلَ زَمَانِكَ): «نَحْنُ جَمِيعًا طُلَّابُ
عِلْمٍ وَأَنَا طُوَيْلِبُ عِلْمٍ لَمْ أَرْقَ بَعْدُ أَنْ أَكُونَ طَالِبَهُ
وَإِنَّمَا أَنَا طُوَيْلِبُ عِلْمٍ أَقْتَدِي بِسَلَفِي الصَّالِحِينَ، وَأَجْتَهِدُ
فِي الْقَصِّ عَلَى آثَارِهِمْ فِي حَيَاتِهِمْ؛ فِي مَطْعَمِهِمْ، فِي
مَشْرَبِهِمْ، فِي حَرَكَةِ حَيَاتِهِمْ، فِي سُلُوكِيَّاتِهِمْ، دَعُونَا مِنْ
هَذَا الْوَغَشِ الَّذِي أَفْسَدَ عَلَيْنَا الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَعُودُوا
إِلَى الْحَقِّ تُفْلِحُوا، وَاللَّهُ يَرْعَاكُمْ، وَيُسَدِّدُ خُطَاكُمْ، وَيُحْسِنُ
خِتَامَنَا أَجْمَعِينَ».
وَالْمَقَامُ لَا يَتَّسِعُ
لِذِكْرِ الْعَدِيدِ مِنْ صِفَاتِهِ وَذِكْرِ الْمَوَاقِفِ الَّتِي تُبَيِّنُ
مُتَابَعَتَهُ لِلسَّلَفِ فِيهَا، مِنَ الْوَرَعِ، وَالْحِكْمَةِ، وَالذَّكَاءِ
وَالْفِطْنَةِ، وَمُحَافَظَتِهِ عَلَى هَيْبَةِ الْعِلْمِ، وَشَرَفِ الْخُصُومَةِ،
وَالْبِرِّ وَالصِّلَةِ، وَالسَّعْيِ فِي حَاجَةِ الْآخَرِينَ وَحَلِّ
مُشْكِلَاتِهِمْ، وَمُعَامَلَتِهِ طُلَّابَهُ، وَأُسْلُوبِ تَرْبِيَتِهِ
طُلَّابَهُ... إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُشَاهَدٌ يَرَاهُ كُلُّ مَنْ
لَقِيَهُ وَعَرَفَهُ، وَنَسْأَلُ اللهَ تَيْسِيرَ كِتَابَتِهِ وَنَشْرِهِ، وَالْإِشَارَةُ
تُنْبِئُ عَمَّا وَرَاءَهَا مِنْ كَثِيرِ الْعِبَارَةِ.
بُكَاؤُهُ:
الشَّيْخُ -حَفِظَهُ اللهُ-
حَرِيصٌ عَلَى أَلَّا يُضْبَطَ مُتَلَبِّسًا بِبُكَاءٍ مَعَ رَهَافَةِ إِحْسَاسِهِ
وَرِقَّةِ قَلْبِهِ، فَإِنْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، وَجَاشَتْ بِالدَّمْعِ مِنْ
خَشْيَةِ اللهِ ﻷ أَخْفَاهُ إِخْلَاصًا وَابْتِعَادًا عَمَّا
يَتَرَفَّعُ عَنْهُ كُلُّ عَالِمٍ بَصِيرٍ، وَرُبَّمَا كَانَ الْأَمْرُ خَارِجًا
عَنِ الطَّاقَةِ وَالِاحْتِمَالِ، فَيَعْصِيهِ دَمْعُهُ حِينَ يُرِيدُ كَتْمَهُ
وَكَبْتَهُ، وَلَكِنَّهَا النَّفْسُ الَّتِي امْتَلَأَتْ حِسًّا وِرِقَّةً مَاذَا
يَصْنَعُ مَعَهَا وَقَدْ غَلَبَتْهُ؟ كُلُّ مَا يَسْتَطِيعُ فِعْلَهُ أَلَّا
يَنْشُرَ مَا كَانَ وَهَذَا مَا كَانَ:
* فِي خُطْبَةِ: (بَيْنَ
الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ) وَكَانَتْ خُطْبَةً رَائِعَةً رَقْرَاقَةً فِي شَهْرِ
شَعْبَانَ ابْتَدَأَهَا الشَّيْخُ بِمَوْعِظَةٍ بَلِيغَةٍ عَظِيمَةٍ فِيمَا
يَعْتَرِي النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ وَهِيَ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الَّذِي لَا
تُحْسَدُ عَلَيْهِ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَشَقَّ الدَّمْعُ مَجْرَاهُ
عَلَى خَدِّهِ مِنْ تَحْتِ نَظَّارَتِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ إِمْسَاكَهُ رَغْمَ
جِهَادِهِ، وَلَكِنْ أَتَدْرُونَ.. هَذِهِ الْخُطْبَةُ لَمْ تُنْشَرْ مُصَوَّرَةً
حَتَّى الْآنَ، وَهِيَ مُتَوَفِّرَةٌ بِالصَّوْتِ فَقَطْ وَأَمَّا الصُّورَةُ
فَإِلَى كَهْفِ الطَّيِّ.
* فِي
خُطْبَةِ (رِقَابَةُ السِّرِّ وَرِعَايَةُ الضَّمِيرِ): دَعَا الشَّيْخُ
بَعْدَ الْخُطَبْةِ دُعَاءً -وَالشَّيْخُ لَا يَلْتَزِمُ الدُّعَاءَ بَعْدَ
الْخُطْبَةِ- بَكَى فِيهِ وَكَانَ مِمَّا قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنْ قَضَيْتَ عَلَى
عَبْدِكَ الْعَذَابَ فَبَعِيدًا عَنْ أَعْيُنِ خَلْقِكَ حَتَّى لَا يَقُولُوا
عَذَّبَ مَنْ كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ..). وَلَكِنَّ
الدُّعَّاءَ كُلَّهُ لَمْ يُنْشَرْ مَعَ الْخُطْبَةِ لِأَنَّ بُكَاءَ الشَّيْخِ
ظَاهِرٌ فِيهِ بَادٍ.
وَمَهْمَا حَاوَلَ
الْإِنْسَانُ إِخْفَاءَ أَمْرِهِ فَإِنَّ اللهَ يُظْهِرُهُ رَغْمَ مُحَاوَلَتِهِ
إِخْفَاءَهُ فَفِي دَرْسٍ لِلشَّيْخِ -حَفِظَهُ اللهُ- أَتَى حَدِيثُ أُسَامَةَ
-مِحْنَةُ الدُّعَاةِ- فِي الَّذِي لَا يَعْمَلُ بِمَا يَعْلَمُ وَيُعَلِّمُ
وَهُنَا غَلَبَ الْبُكَاءُ الشَّيْخَ فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَلَامَ فَتَوَقَّفَ
حِينًا ثُمَّ أَكْمَلَ -حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى-.
* فِي حَجِّهِ عَامَ 1432هـ، كَانَ الشَّيْخُ
وَاقِفًا وَإِذَا بِرَجُلٍ مِنْ طِوَالِ رِجَالِ إِفْرِيقِيَا يَكْشِفُ بِطُولِهِ
النَّاسَ عَلَى بْعُدِهِمْ فَرَأَى الشَّيْخَ -حَفِظَهُ اللهُ- فَتَرَدَّدَ بَيْنَ
إِقْدَامٍ وَإِدْبَارٍ أَهُوَ هُوَ أَمْ هُوَ غَيْرُهُ؟! وَتَنَازَعَ نَفْسَهُ
الْإِقْبَالُ وَالْإِدْبَارُ، وَآثَرَ الْإِقْدَامَ فَأَقْدَمَ، وَحَمْلَقَ
بِعَيْنَيْهِ، وَطَأْطَأْ رَأْسَهُ مُتَأَمِّلًا فِي وَجْهِهِ، وَسَأَلَ
بِكَلِمَاتٍ مُتَقَطِّعَةٍ عَلَى اللِّسَانِ مَوْصُولَةٍ فِي الْقَلْبِ: الشَّيْخُ
مُحَمَّد سَعْيد رَسْلَان؟ فَقِيلَ لَهُ: نَعَمْ.
فَسَلَّمَ عَلَى الشَّيْخِ
وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: أَتَسْمَحُ لِي أُنَادِي إِخْوَانِي يُسَلِّمُونَ عَلَيْكَ
فَإِنَّ الْحُبَّ يَحْدُوهُمْ لِرُؤْيَتِكَ وَالشَّوْقَ يَحْفِزُهُمْ لِلسَّلَامِ
عَلَيْكَ، فَلَمَّا سَأَلَهُمُ الشَّيْخُ عَبْدُاللهِ -وَلَدُ الشَّيْخِ
الْأَكْبَرُ-: مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: مِنْ مُورِيشْيُوسُ([2]).
وَذَهَبَ الرَّجُلُ يُنَادِي
رِفَاقَهُ، فَانْهَمَرَتْ عَيْنُ الشَّيْخِ دَمْعًا سَحَّاحًا عَلَى وَجْنَةٍ
يَابِسَةٍ مِنَ الزُّهْدِ نَضِرَةٍ بِرِيِّ دُمُوعِ الْخُضُوعِ وَالذُّلِّ
خَشْيَةً مِنَ اللهِ.
ثَنَاءُ
الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ عَلَيْهِ:
·
ثَنَاءُ فَضِيلَةِ الشَّيْخ صَالِح السُّحَيْمِيّ
-حَفِظَهُ اللهُ-: وَقَدْ سَبَقَ نَقْلُ جُزْءٍ مِنْهُ.
·
ثَنَاءُ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ رَبِيعِ بْنِ هَادِي
الْمَدْخَلِيِّ -حَفِظَهُ اللهُ-:فِي حَجِّ
عَامِ 1433هـ الْتَقَي شَيْخُنَا الشَّيْخَ رَبِيعًا حَفِظَهُمَا اللهُ تَعَالَى
وَبَعْضَ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ وَقَدَّمَهُ الرَّبِيعُ لِلْكَلَامِ وَكَانَ
شَيْخُنَا يُسْأْلُ أَسْئِلَةً وَيُجِيبُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْعَلَاقَةِ
الْوَطِيدَةِ بَيْنَهُمَا وَعَلَى تَقْدِيرِ الشَّيْخِ رَبِيعٍ لِشَيْخِنَا -حَفِظَهُمَا
اللهُ-.
وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ
أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بَازمُول ثَنَاءَ الشَّيْخِ رَبِيعٍ عَلَى شَيْخِنَا -حَفِظَهُمُ اللهُ جَمِيعًا-:
سُئِلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ
بْنُ عُمَرَ بَازمُول سُؤَالًا هَاتِفِيًّا وَهُوَ مَنْشُورٌ عَلَى الشَّبَكَةِ
الْعَنْكَبُوتِيَّةِ (الْإِنْتَرْنِت).
السَّائِلُ: شَيْخَنَا يَعْنِي مَاذَا تَقُولُونَ فِي الشَّيْخِ مُحَمَّد سَعِيد
رَسْلَان.
الشَّيْخُ أَحْمَد بَازمُول: «وَاللَّهِ مِنَ الْمَشَايِخِ الْمَعْرُوفِينَ عِنْدَ الشَّيْخِ رَبِيعٍ
وَعِنْدَ الْمَشَايِخِ السَّلَفِيِّينَ الرَّجُلُ صَاحِبُ دَعْوَةٍ سَلَفِيَّةٍ
إِنْ شَاءَ اللهُ فِيمَا نَعْرِفُهُ مَا يَطْعَنُ فِيهِ إِلَّا الْحَدَّادِيُّونَ
وَالْمُمَيِّعَةُ وَالْحِزْبِيينَ (هَكَذَا) هَا هُمُ الَّذِينَ يَطْعَنُونَ فِيهِ
أَمَّا السَّلَفِيُّونَ الْحَمْدُ للهِ فَيَعْنِي يُثْنُونَ عَلَى الرَّجُلِ
وَيَعْرِفُونَ دَعْوَتَهُ وَمَنْهَجَهُ السَّلَفِيَّ».
·
ثَنَاءُ الشَّيْخِ سَعْد الْحُصَيْن -حَفِظَهُ
اللهُ-: يَقُولُ: «مِنَ
الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَازَتْنِي فِي مُحَمَّد سَعِيد رَسْلَان هُوَ التَّقَشُّفُ
لِأَنَّ أَنَا كَذَلِكَ وَللَّهِ الْحَمْدُ لِحَدِّ مَا بَسْ أَقَلُّ مِنْهُ
وَمُتَقَشِّفٌ لَكِنْ هُوَ مَا شَاءَ اللهُ يَسْكُنُ فِي بَيْتِ طِينٍ إِلَى الْآنَ. وَمَا يَرْضَى الْمُسَاعَدَاتِ يَعْنِي حَاوَلْتُ (...) نُعِينُهُ بِمَا
نَسْتَطِيعُ فَمَا رَضِيَ أَبَدًا.
مَا
شَاءَ اللهُ عِنْدَهُ الْآنَ، عِنْدَهُ مَدْرَسَةٌ فِي مَسْجِدِهِ (...)
فَكَلَّمْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ وَاللَّهِ يَا أَخِي مَا أَنْصَحُكَ إِلَّا بِمَا
أَنْصَحُ لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي الدُّعَاةِ إِلَى اللهِ عَلَى مِنْهَاجِ
النُّبُوَّةِ أَنَّكَ تَتْرُكُ، خَلِّيكَ
فِي الْمَسْجِدِ (عَلَشَان أي واد) يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ يَسْتَفِيدُ فَجَزَاهُ
اللهُ خَيْرًا وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ. بس عَجِيبٌ أَنَّهُ يُوَافِقُ هُوَ لَأِنَّهُ
جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا أَنَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ لَا أَصِلُ وَلَا إِلَى كَعْبِهِ
فِي الْعِلْمِ لَكِنْ أَبَدًا يَقْبَلُ مِنِّي أَيَّ شَيْءٍ أَقُولُهُ».
·
ثَنَاءُ الشَّيْخِ فَلَاح مَنْدِكَار وَنَقْلُهُ ثَنَاءِ الشَّيْخَيْنِ
الْحُصَيْنِ والرَّبِيعِ -حَفِظَهُمُ اللهُ-:وَقَدْ سَبَقَ نَقْلُ جُزْءٍ مِنْهُ.
·
ثَنَاءُ الشَّيْخِ أَحْمَد سَالم -حَفِظَهُ اللهُ-: السَّائِلُ: مَا رَأْيُكَ مِنْ مَوْقِفِ
الشَّيْخ رَسْلَان مِنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَوَصْفِ الْبَعْضِ لِلشَّيْخِ
رَسْلَان أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا سِوَي الطَّعْنِ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ؟
«الشَّيْخ رَسْلاَن، اللِّي (الذي)
يَطْعَنُ فِي الشَّيْخِ رَسْلَان يَبْقَي إِنْسَانٌ لَا خُلُقَ لَهُ وَأَكَادُ
أَقُولُ لَا دِينَ لَهُ؛ الشَّيْخُ رَسْلَان عَفُّ اللِّسَانِ، مُحْتَرَمٌ، مُؤَدَّبٌ،
لَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ -نَحْسَبُهُ كَذَلِكَ- وَلَا نُزَكِّيهِ عَلَي اللهِ،
وَهُوَ مُزَكًّي مِنْ كَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْ كِبَارِ أَهْلِ
الْعِلْمِ، فَلَا يَضُرُّنَا صِغَارُهُمْ إِذْ قَدَحُوا وَقَالُوا، الَّشْيخُ
رَسْلَان نَحْسَبُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْكِبَارِ، نَحْسَبُهُ مِنْ أَهْلِ
التَّقْوَي وَلاَ نُزَكِّيهِ عَلَي اللهِ...».
·
ثَنَاءُ فَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ
الْوَصَّابِي -حَفِظَهُ اللهُ-([3]): زَارَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَصَّابِي شَيْخَنَا بِمَسْجِدِهِ
بِسُبْكِ الْأَحَدِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا قَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ
عَلَيْهِ: «فَجَزَى اللهُ الشَّيْخَ الْفَاضِلَ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيد
رَسْلَان عَلَى مَا سَمِعْنَا مِنْهُ مِنْ
هَذَا خَيْرَ الْجَزَاءِ وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا
إِلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ».