نَصَائِحُ غَالِيَةٌ لِلطُّلُّابِ وَالدَّارِسِينَ
*النَّصِيحَةُ بِالْإِخْلَاصِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَخُطُورَةُ الرِّيَاءِ:
فَيَا طُلَّابَ الْعِلْمِ؛ أَخْلِصُوا النِّيَّةَ للهِ فِي الطَّلَبِ؛ فَإِنَّ مِنْ مُقَرَّرَاتِ الشَّرْعِ وَمِنْ مُسَلَّمَاتِ الدِّينِ: أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا وَأُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ، وَقَدْ نَبَّهَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ النِّيَّةِ، وَوُجُوبِ تَخْلِيصِهَا مِمَّا قَدْ يَشُوبُهَا مِنْ شَوَائِبَ تُفْسِدُ الْقَصْدَ وَتُحْبِطُ الْعَمَلَ.
فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-.
حُسْنُ النِّيَّةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ: أَنْ يَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَالْعَمَلَ بِهِ، وَإِحْيَاءَ الشَّرِيعَةِ، وَتَنْوِيرَ قَلْبِهِ، وَتَحْلِيَةَ بَاطِنِهِ، وَالْقُرْبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالتَّعَرُّضَ لِمَا أَعَدَّ لِأَهْلِهِ مِنْ رِضْوَانِهِ وَعَظِيمِ فَضْلِهِ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((مَا عَالَجْتُ شَيْئًا هُوَ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي)).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ.
قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ.
قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَـسُحِبَ عَـلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).
فَتَعَلُّمُ الْعِلْمِ لِغَيْرِ وَجْهِ اللهِ تَعَالَى ابْتِغَاءً لِشَهْوَةٍ فَارِضَةٍ، وَشُهْرَةٍ بَاطِلَةٍ، وَطَلَبًا لِشَهْوَةٍ عَاجِلَةٍ، وَسَعْيًا وَرَاءَ تَقْدِيرٍ يَصِيرُ إِلَى عَدَمٍ، وَعَدْوًا خَلْفَ فَرَحٍ يَؤُولُ إِلَى نَدَمٍ، كُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُدْخَلُ فِي دَائِرَةِ الْوَعِيدِ، وَيُنْظَمُ فِي سِلْكِ التَّحْرِيمِ الشَّدِيدِ.
عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِي بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِف بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ)).أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ طَلَبَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ عُقُوبَةٌ فِي الدُّنْيَا عَاجِلَةٌ، وَمَحْقٌ لِبَرَكَةِ الْعُمُرِ، وَذَهَابٌ لِخَيْرِهِ، وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدُ وَعِقَابٌ أَلِيمٌ.
قَالَ الْحَسَنُ: ((عُقُوبَةُ الْعَالِمِ مَوْتُ الْقَلْبِ)).
قِيلَ لَهُ: وَمَا مَوْتُ الْقَلْبِ؟
قَالَ: ((طَلَبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ)).
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: ((إِذَا رَأَيْتُمُ الْعَالَمَ مُحِبًّا لِدُنْيَاهُ فَاتَّهِمُوهُ عَلَى دِينِكُمْ، فَإِنَّ كُلَّ مُحِبٍّ لِشَيْءٍ يَحُوطُ مَا أَحَبَّ)).
*نَصَائِحُ ثَمِينَةٌ لِطُلَّابِ الْعِلْمِ مِنَ الْعَلَّامَةِ الْبَشِيرِ الْإِبْرَاهِيمِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-:
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبَشِيرُ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((يَا أَبْنَاءَنَا، إِنَّ الْحَيَاةَ قِسْمَانِ: حَيَاةٌ عِلْمِيَّةٌ، وَحَيَاةٌ عَمَلِيَّةٌ، وَإِنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهُمَا تَنْبَنِي عَلَى الْأُولَى قُوَّةً وَضَعْفًا، وَإِنْتَاجًا وَعُقْمًا، وَإِنَّكُمْ لَا تَكُونُونَ أَقْوِيَاءَ فِي الْعَمَلِ إِلَّا إِذَا كُنْتُمْ أَقْوِيَاءَ فِي الْعِلْمِ، وَلَا تَكُونُونَ أَقْوِيَاءَ فِي الْعِلْمِ إِلَّا إِذَا انْقَطَعْتُمْ لَهُ، وَوَقَفْتُمْ عَلَيْهِ الْوَقْتَ كُلَّهُ، إِنَّ الْعِلْمَ لَا يُعْطِي الْقِيَادَ إِلَّا لِمَنْ مَهَرَهُ السُّهَادُ، وَصَرَفَ إِلَيْهِ أَعِنَّةَ الِاجْتِهَادِ.
لَا تَعْتَمِدُوا عَلَى حِلَقِ الدُّرُوسِ وَحْدَهَا، وَاعْتَمِدُوا مَعَهَا عَلَى حِلَقِ الْمُذَاكَرَةِ، فَإِنَّ الْمُذَاكَرَةَ لِقَاحُ الْعِلْمِ؛ فَاشْغَلُوا أَوْقَاتَكُمْ حِينَ تَخْرُجُونَ مِنَ الدَّرْسِ بِالْمُذَاكَرَةِ فِي ذَلِكَ الدَّرْسِ، إِنَّكُمْ إِنْ تَفْعَلُوا؛ تَنْفَتِحْ لَكُمْ أَبْوَابٌ مِنَ الْعِلْمِ، وَتَلُحْ لَكُمْ آفَاقٌ وَاسِعَةٌ مِنَ الْفَهْمِ.
لَا تَقْنَعُوا بِالْكِتَابِ الْمُقَرَّرِ، وَاقْرَؤُوا غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ السَّهْلَةِ الْمَبْسُوطَةِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ؛ تَسْتَحْكِمِ الْمَلَكَةُ، وَيَتَّسِعِ الْإِدْرَاكُ، وَسَيَنْتَهِي الْإِصْلَاحُ الَّذِي تَقُومُ بِهِ إِدَارَاتُ جَامِعَاتِنَا إِلَى اخْتِيَارِ كُتُبٍ سَهْلَةٍ مُمْتِعَةٍ فِي كُلِّ عِلْمٍ، تَفْرِضُ عَلَيْكُمْ قِرَاءَتَهَا وَمُطَالَعَتَهَا، ثُمَّ كُتُبٍ أُخْرَى فِي الْمَعَارِفِ الْعَامَّةِ؛ كَالتَّارِيخِ، وَالْأَدَبِ، وَالْحِكْمَةِ، وَالْأَخْلَاقِ، وَالتَّرْبِيَةِ.
فَوَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَرَوِّضُوهَا عَلَى اخْتِيَارِ النَّافِعِ الْمُفِيدِ مِنَ الْكُتُبِ؛ فَمِنَ الْعَارِ الْفَاضِحِ أَلَّا نَرَى فِي الْكَثِيرِ مِنْ أَبْنَائِنَا الَّذِينَ تَخَرَّجُوا مِنَ الْجَامِعَةِ، وَاتَّجَهُوا بِفِطْرَتِهِمْ إِلَى الْأَدَبِ، مَنِ اسْتَوْعَبَ كِتَابَ الْأَغَانِي قِرَاءَةً، مِنَ الْعَارِ أَلَّا نَرَى ذَلِكَ، وَلَا فِي مَنِ اتَّجَهُوا إِلَى عُلُومِ الدِّينِ مَنِ اسْتَوْعَبَ قِرَاءَةَ الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ؛ وَلَعَمْرِي مَا سِلَاحُ الْأَدِيبِ إِلَّا الْعِقْدُ الْفَرِيدُ وَأَمْثَالُهُ، وَلَا سِلَاحُ الْفَقِيهِ إِلَّا تِلْكَ الْكُتُبُ وَأَشْبَاهُهَا.
وَوَفِّرُوا الْوَقْتَ كُلَّهُ لِلدَّرْسِ النَّافِعِ وَالْمُطَالَعَةِ الْمُثْمِرَةِ.
وَلَا تَعْتَمِدُوا عَلَى حِفْظِ الْمُتُونِ وَحْدَهَا، بَلِ احْفَظُوا كُلَّ مَا يُقَوِّي مَادَّتَكُمُ اللُّغَوِيَّةَ، وَيُنَمِّي ثَرْوَتَكُمُ الْفِكْرِيَّةَ، وَيُغَذِّي مَلَكَتَكُمُ الْبَيَانِيَّةَ.
وَالْقُرْآنَ الْقُرْآنَ؛ تَعَاهَدُوهُ بِالْحِفْظِ، وَأَحْيُوهُ بِالتِّلَاوَةِ، وَرَبُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَلَى الِاسْتِشْهَادِ بِهِ فِي اللُّغَةِ وَالْقَوَاعِدِ، وَعَلَى الِاسْتِشْهَادِ بِهِ فِي الدِّينِ وَالْأَخْلَاقِ، وَعَلَى الِاسْتِظْهَارِ بِهِ فِي الْجَدَلِ، وَعَلَى الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي الِاعْتِبَارِ بِسُنَنِ اللهِ فِي الْكَوْنِ.
إِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَنْطَوُونَ فِي أَيَّامِ الطَّلَبِ عَلَى خَيَالَاتٍ وَأَمَانِيَّ مِنَ الرَّاحَةِ وَرُفَهْنِيَةِ الْعَيْشِ، وَعَلَى آمَالٍ فَسِيحَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، يَوْمَ تَنْتَقِلُونَ إِلَى الْعَمَلِ، وَتَنْتَقِلُونَ إِلَى أَهْلِيكُمْ تَحْمِلُونَ الشَّهَادَاتِ وَالْأَلْقَابَ.
وَإِنَّ هَذَا هُوَ مَنْشَأُ الْقَلَقِ وَالِاضْطِرَابِ فِي نُفُوسِ الْكَثِيرِينَ مِنْ إِخْوَانِكُمُ الَّذِينَ يُزَاوِلُونَ التَّعْلِيمَ الْآنَ.
فَادْفَعُوا عَنْكُمْ هَذِهِ الْخَيَالَاتِ، وَوَطِّنُوا النُّفُوسَ عَلَى أَنَّكُمْ تَلْقَوْنَ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمَجْهَدَةِ فِي الْحَيَاةِ الْعَمَلِيَّةِ أَضْعَافَ مَا تَلْقَوْنَ مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ الْعِلْمِيَّةِ.
لَا أَقُولُ لَكُمْ هَذَا تَهْوِيلًا، وَلَكِنْ أَقُولُهُ تَرْوِيضًا، وَمَنْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ؛ هَانَتْ عَلَيْهِ الشَّدَائِدُ، وَوَجَدَ كُلَّ شَيْءٍ ضَاحِكًا بَاسِمًا جَمِيلًا مَحْبُوبًا.
وَمَنْ تَخَيَّلَ الرَّاحَةَ، وَحَكَّمَ أَخْيِلَتَهَا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ كَذَبَتْهُ الْآمَالُ كَانَ بَيْنَ عَذَابَيْنِ، أَمَضُّهُمَا كَذِبُ الْمَخِيلَةِ.
يَا أَبْنَائِي!
إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ وَضَعَكُمْ وَضْعًا صَيَّرَكُمْ جَدِيرِينَ بِأَنْ تَطْلُبُوا الْعِلْمَ لِوَجْهِ الله، لَا لِلْوَظَائِفِ وَلَا لِلشَّهَادَاتِ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَخْلِصُوا فِي الطَّلَبِ. اِنْتَهَى كَلَامُ الْبَشِيرِ -رَحِمَهُ اللهُ- )).
وَأَقُولُ:
*يَا طُلَّابَ الْعِلْمِ؛ صُونُوا الْعِلْمَ وَلَا تُذِلُّوهُ:
وَمِنْ صِيَانَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَهُ: مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ -رَحِمَهُ اللهُ- بِسَنَدِهِ عَنْ حَمْدَانَ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: ((كُنْتُ عِنْدَ شَرِيكٍ، فَأَتَاهُ بَعْضُ وَلَدِ الْمَهْدِيِّ، فَاسْتَنَدَ إِلَى الْحَائِطِ -أَيْ: ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ وَلَدِ الْمَهْدِيِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ- وَسَأَلَهُ -أَيْ: سَأَلَ شَرِيكًا- عَنْ حَدِيثٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: كَأَنَّكَ تَسْتَخِفُّ بِأَوْلَادِ الْخِلَافَةِ!!
قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الْعِلْمَ أَزْيَنُ عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْ أَنْ يُضَيِّعُوهُ.
قَالَ: فَجَثَا ذَلِكَ الْوَلَدُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ سَأَلَهُ.
فَقَالَ شَرِيكٌ: «هَكَذَا يُطْلَبُ الْعِلْمُ».
وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيِّ قَالَ: ((كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَبْدًا أَسْوَدَ لِامْرَأَةٍ مِنْ مَكَّةَ، وَكَانَ أَنْفُهُ كَأَنَّهُ بَاقِلَاةٌ، قال: وَجَاءَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ -أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ- إِلَى عَطَاءٍ هُوَ وَابْنَاهُ، فَجَلَسُوا إِلَى عَطَاءٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا صَلَّى انْفَتَلَ إِلَيْهِمْ، فَمَا زَالُوا يَسْأَلُونَهُ عَنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَقَدْ حَوَّلَ قَفَاهُ إِلَيْهِم، ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ لِابْنَيْهِ: قُومَا، فَقَامَا، وَقَالَ: يَا بْنَيَّ لَا تَنِيَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ؛ فَإِنِّي لَا أَنْسَى ذُلَّنَا بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْعَبْدِ الْأَسْوَدِ)).
فَيَا طُلَّابَ الْعِلْمِ؛ لَا تُذِلُّوهُ، لَا تُهِينُوا الْعِلْمَ، وَحَافِظُوا عَلَيْهِ، وَكَرِّمُوهُ، وَأَكْرِمُوهُ.
ولَكِنْ هَلْ حَقَّقَ الْمُسْلِمُونَ مَعْرِفَةَ وَعِلْمَ فَرْضِ الْعَيْنِ مِنَ الْعِلْمِ كَمَا فَرَضَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ؟!
*انْتِشَارُ الْجَهْلِ بَيْنَ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَخُطُورَتُهُ:
إِنَّكَ لَتَسْمَعُ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ -بَلْ مِنْ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ- مَنْ يَقُولُ لَكَ مُتَبَجِّحًا: إِنَّ الصَّلَاةَ هَذِهِ لَيْسَتْ شَيْئًا عِنْدَ اللهِ، وَإِنَّ الْمَرْءَ إِذَا كَانَ نَظِيفَ الْقَلْبِ أَبْيَضَهُ؛ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ طَائِرًا -كَمَا يَقُولُ الْعَوَامُّ!!- مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ وَلَا زَكَاةٍ وَلَا حَجٍّ!!
هَذَا عَيْنُ الْإِرْجَاءِ.
هَذَا تَعَلَّمَ مِنَ الْعَقِيدَةِ شَيْئًا؟!
مَنْ عَلَّمَهُ؟!
إِنَّ جَمَاهِيرَ الْمُسْلِمِينَ -وَأَخُصُّ الْمُثَقَّفِينَ وَحَمَلَةَ الشَّهَادَاتِ مِنْهُمْ- قَدْ فُرِّغُوا دِينِيًّا وَثَقَافِيًّا وَعِلْمِيًّا، فَهُمْ كَالطَّبْلِ الْأَجْوَفِ.
أَيْنَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَالْمَرَاحِلُ الِابْتِدَائِيَّةُ وَالْإِعْدَادِيَّةُ وَالثَّانَوِيَّةُ فِي التَّعْلِيمِ الْعَامِّ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا تُعَلِّمُ الدِّينَ، وَلَا تُعَلِّمُ الْعِلْمَ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ مُتَعَيَّنٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ؟! لَا يُعَلِّمُونَهُ.
وَأَمَّا الْجَامِعَاتُ؛ فَلَيْسَ فِيهَا مِنْ تَعْلِيمِ الدِّينِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَأَيْنَ يَتَعَلَّمُ هَؤُلَاءِ؟!
هَؤُلَاءِ مَحْسُوبُونَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ؛ لِذَلِكَ يَسْهُلُ أَنْ يُقَادُوا كَمَا تُقَادُ الْأَنْعَامُ، أَلَا تَرَاهُمْ يَخْرُجُونَ الْمُظَاهَرَاتِ وَالِاعْتِصَامَاتِ؟!
أَلَا تَرَاهُمْ يَخْرُجُونَ لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى، وَالْإِحْرَاقِ، وَالْقَتْلِ، وَالتَّخْرِيبِ، وَالتَّدْمِيرِ؟!
وَلَوْ عَلِمُوا الدِّينَ عِلْمًا صَحِيحًا؛ لَحَجَزَهُمْ عَنْ هَذَا الْبَاطِلِ وَهَذَا الْفَسَادِ.
تَأَمَّلْ؛ إِنَّ هَذَا الدِّينَ الْعَظِيمَ يَنْفِي عَنِ الْعُقُولِ خُرَافَاتِهَا، وَعَنِ الْقُلُوبِ شَعْوَذَاتِهَا، وَيَنْفِي عَنِ الْجَوَارِحِ خَطَأَهَا وَخَطَاءَهَا، وَيُقِيمُ الْأَبْدَانَ وَالْأَرْوَاحَ وَالْقُلُوبَ وَالْأَنْفُسَ عَلَى الْجَادَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ، مِنْ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ قَالَ الصَّحَابَةُ، هَذَا هُوَ الْعِلْمُ.
فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَلْتَفِتَ، وَأَلَّا نُضَيِّعَ الْأَوْقَاتَ.
عَلَى هَذَا الْجِيلِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيُمْسِكُ بِالزِّمَامِ بَعْدَ حِينٍ، وَيَنْبَغِي عَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا الْأُمَّةَ مِنْ وَرْطَتِهَا؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُعَادُونَهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، ظَاهِرًا مَكْشُوفًا، لِأَنَّ أُولَئِكَ قَدْ بَحَثُوا بِعُقُولٍ عَرَبِيَّةٍ، بِعُقُولٍ مُسْلِمَةٍ، بَحَثُوا، وَوَفَّرُوا لِهَؤُلَاءِ الْبَاحِثِينَ مَا وَفَّرُوهُ لَهُمْ مِنَ الْإِمْكَانَاتِ الْعِلْمِيَّةِ، وَالْإِمْكَانَاتِ التَّرَفِيَّةِ، وَوَفَّرُوا لَهُمْ سُبُلَ الْحَيَاةِ الْكَرِيمَةِ، تَتَوَفَّرُ عَلَى الْبَحْثِ، وَأَخْرَجُوا لَهُمْ مَا أَخْرَجُوهُ مِمَّا طَوَّرُوهُ، فَصَارَ مِنْ أَسْلِحَةِ الدَّمَارِ الشَّامِلِ، يُهَدِّدُونَ بِهَا النَّاسَ، وَيَرْدَعُونَهُمْ بِهَا، وَالْمُسْلِمُونَ لَا يَسْتَعْمِلُونَ حَتَّى مَا آتَاهُمُ اللهُ {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، هَذَا لَا يَأْخُذُونَ بِهِ!!
*نَصِيحَةٌ لِلطُّلَّابِ لِتَجَنُّبِ أَخْطَارِ الِاخْتِلَاطِ وَالشَّهَوَاتِ:
وَقَبْلَ بِدَايَةِ الْعَامِ الدِّرَاسِيِّ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الِاخْتِلَاطِ الْمَفْتُوحِ, وَالتَّسَيُّبِ الْمَفْضُوحِ, وَاللَّامُبَالَاة الَّتِي لَا حِسَابَ لَهَا, وَالرَّتْعِ فِي شَهَوَاتٍ لَا نِهَايَةَ لِحَدِّهَا، قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يَجِدُ الْإِنْسَانُ خَيْرًا مِنْ كَلَامِ نَبِيِّهِ ﷺ تَذْكِيرًا لِلشَّبَابِ, وَحَضًّا لَهُمْ عَلَى الْأَخْذِ بِمَوْفُورِ الْوَقَارِ, وَالْبُعْدِ عَنْ مَوَاطِنِ الزَّلَلِ.
إِنَّ الْأُمَّةَ الْيَوْمَ تَعْقِدُ رَجَاءَهَا بِأَمْرِ رَبِّهَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- عَلَى شَبَابِهَا الَّذِي يُؤْمِنُ بِرَبِّهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَعُودَ الْأَمْرُ مُصَحَّحًا إِلَى سَبِيلِهِ السَّوِيِّ, وَطَرِيقِهِ الْمَرْضِيِّ بَعِيدًا عَنْ عَسْفِ الشَّهَوَاتِ, وَتَخَبُّطِ اللَّذَّاتِ, وَبَعِيدًا عَنِ الْخَبْطِ فِي أَوْدِيَةِ الضَّلَالَاتِ, وَرُجُوعًا إِلَى النَّهْجِ الْأَحْمَدِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
لَا يَجِدُ الْمَرْءُ فِي النَّصِيحَةِ خَيْرًا مِنْ كَلَامِ رَبِّهِ, وَمِنْ وَحْيِهِ إِلَى نَبِيِّهِ ﷺ: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النور : 33], وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
وَذَكَرَ الرَّسُولُ ﷺ ذَلِكَ عِدْلًا بِعِدْلٍ وَمِثْلًا بِمِثْلٍ, وَأَتَى بِفَوَائِدَ مِمَّا يَتَحَصَّلُ عَلَيْهِ الْمَرْءُ فِي حِينِ زَوَاجِهِ عَلَى مَنْهَجِ رَبِّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ: ((فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ)), فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْعِدْلِ وَالْمِثْلِ كِفَاءًا بِكِفَاءٍ, وَأَخْذًا بِمَا جَاءَ بِهِ خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ ﷺ: ((فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
وَالْوِجَاءُ الَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَهُ فِي فُحُولِ إِبِلِهِمْ: أَنْ يَأْتِيَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِحَجَرَيْنِ يَرُضُّ الْخُصْيَتَيْنِ - خُصْيَتَيِ الْفَحْلِ - بَيْنَهُمَا رَضًّا مِنْ أَجْلِ قَطْعِ مَادَّةِ الشَّهْوَةِ وَقَتْلِ نَوَازِعِ اللَّذَّاتِ، فَأَخَذَ الرَّسُولُ ﷺ ذَلِكَ فَجَعَلَهُ وَاقِعًا, ثُمَّ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ السَّبِيلَ إِلَيْهِ مَسْلُوكًا, وَالنَّهْجَ إِلَيْهِ مَحْمُودًا وَوَاضِحًا, فَقَالَ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: ((فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ)).
إِذَنْ؛ هُمَا أَمْرَانِ فِي كِفَّتَيْنِ إِذَا مَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْمَرْءُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَحَدِهِمَا؛ فَلَدَيْهِ الْآخَرُ: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ, فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ, وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ, وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ)).
النَّبِيُّ ﷺ حَضَّ الشَّبَابَ عَلَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِرَحْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَاصِمًا لِلشَّابِّ مِنْ أَنْ يَتَلَوَّثَ شَبَابُهُ بِمَا يُشِيِنُهُ, وَأَنْ يَتَوَرَّطَ فِي مَعْصِيَةٍ مِنْ مَعَاصِي اللهِ -جَلَّ َوَعَلَا- بِإِطْلَاقِ الْبَصَرِ, وَالْبَطْشِ بِالْيَدِ, وَالسَّعْيِ بِالرِّجْلِ اقْتِرَافًا لِلزِّنَا وَإِن لَمْ يَسْتَوْجِبْ حَدًّا, فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ((كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا فَهُوَ مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْأُذُنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا السَّعْيُ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ)).
فَسَمَّى الرَّسُولُ ﷺ ذَلِكَ كُلَّهُ زِنًا, وَبَيَّنَ لَنَا نَبِيُّنَا ﷺ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ حَظًّا عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ نَسْلِ آدَمَ مَنْسُولًا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ, وَأَخَذَ بِمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ الْأَمِينُ ﷺ فَحَبَسَ مَادَّةَ الشَّهْوَةِ مِنْ أَصْلِهَا, وَجَفَّفَ فِي مَنَابِعِهَا؛ حَتَّى لَا تَسْرِيَ الدِّمَاءُ, وَحَتَّى لَا تَشْتَعِلَ الْغَرَائِزُ بِثَوْرَةٍ عَارِمَةٍ قَدْ لَا تُكَفُّ إِلَّا بِالْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.
المصدر: التَّعْلِيمُ ضَرُورَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَنَصَائِحُ غَالِيَةٌ لِلطُّلُّابِ