أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا
إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمَشْهُودِ, فِي يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ, فِي يَوْمِ النَّحْرِ -يَوْمِ الْأَضْحَى- فَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَتَقَرَّبُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِنَحْرِ وَذَبْحِ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ فِي مَكَّةَ -زَادَهَا اللهُ تَشْرِيفًا-, وَكَذَلِكَ فِي عُمُومِ الْأَمْصَارِ, يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِالْقُرْبَانِ.
فَهَذَا يَوْمُ النَّحْرِ, هَذَا يَوْمُ الْأَضْحَى, وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَعْمَالِ الْحَجِّ تَقَعُ فِيهِ.
فَفِي هَذَا الْيَوْمِ يَقُومُ إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْحَجِيجِ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الْكُبْرَى, ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْحَرُونَ هَدْيَهُمْ أَوْ يَذْبَحُونَهُ, وَيَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُمْ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَالْحَلْقُ عِبَادَةٌ لَا يَكُونُ إِلَّا للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَحْدَهُ, ثُمَّ يَقُومُونَ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ -زِيَارَةِ الْكَرِيمِ فِي بَيْتِهِ- يَقُومُونَ بِزِيَارَةِ الْفَرْضِ, بِزِيَارَةِ الْإِفَاضَةِ.
فِي هَذَا الْيَوْمِ تَقَعُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ.
وَأَمَّا هَذَا الرُّكْنُ -وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ- فَهُوَ رُكْنُ الْحَجِّ الْأَكْبَرُ, سَبَقَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ؛ لِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ, لِلتَّطَهُّرِ مِنَ الْمَآثِمِ وَالْعُيُوبِ, مِنْ أَجْلِ التَّأَهُّلِ لِزِيَارَةِ الْكَرِيمِ فِي بَيْتِهِ.
فَإِنَّ الْحَجِيجَ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ؛ لِيَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ, وَلِيُطَهِّرَهُمْ مِنْ عُيُوبِهِمْ, ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْفِرُونَ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يَبِيتُونَ لَيْلَتَهُمْ, ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْفِرُونَ إِلَى مِنًى؛ لِرَجْمِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ الْكُبْرَى, ثُمَّ لِتَقْدِيمِ الْهَدْيِ وَالْقُرْبَانِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَحَلْقِ الرُّؤُوسِ.
ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطُوفُوا بِهِ, وَلِلسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ -فِي طَوَافِ زِيَارَةِ الْكَرِيمِ فِي بَيْتِهِ- وَحُقَّ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ طَهَّرَهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ أَنْ يَكُونُوا مُسْتَأْهلِينَ مُؤَهَّلِينَ لِزِيَارَةِ بَيْتِ اللهِ الْعَظِيمِ, وَلِلطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ, وَلِلسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
فَهَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ, وَهُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ الْقَرِّ)) ؛ وَهُوَ الْحَادِي عَشَرَ, وَفِيهِ يَقَرُّ الْحَجِيجُ, يَسْكُنُونَ بِمِنًى بَعْدَ أَنْ أَدَّوْا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَادِي عَشَرَ وَالثَّانِي عَشَرَ لِمَنْ تَعَجَّلَ, وَالثَّالِثَ عَشَرَ لِمَنْ تَأَخَّرَ, وَهِيَ ((أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ -جَلَّ وَعَلَا-)) ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
المصدر:أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ وَدُرُوسٌ مِنْ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-