((مِنْ دُرُوسِ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ثَنَاءُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ))
مِنَ الْفَوَائِدِ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ثَنَاءُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَقَدْ قَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88 -89].
وَالْجَامِعُ لِمَعْنَاهُ أَنَّهُ سَلِيمٌ مِنَ الشُّرُورِ كُلِّهَا وَمِنْ أَسْبَابِهَا، مَلَآنُ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالْكَرَمِ، سَلِيمٌ مِنَ الشُّبُهَاتِ الْقَادِحَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ، وَمِنَ الشَّهَوَاتِ الْحَائِلَةِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ كَمَالِهِ، سَلِيمٌ مِنَ الْكِبْرِ وَمِنَ الرِّيَاءِ وَالشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ.
وَسَلِيمٌ مِنَ الْغِلِّ وَالْحِقْدِ، مَلَآنُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، وَالتَّوَاضُعِ لِلْحَقِّ وَلِلْخَلْقِ، وَالنَّصِيحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَالرَّغْبَةِ فِي عُبُودِيَّةِ اللهِ، وَفِي نَفْعِ عِبَادِ اللهِ.
وَوَصَفَهُ رَبُّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالْإِحْسَانِ؛ فَقَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 109-110].
وَعَدَ الْبَارِي أَنَّ كُلَّ مُحْسِنٍ فِي عِبَادَتِهِ، مُحْسِنٍ إِلَى عِبَادِهِ، أَنَّ اللهَ يَجْزِيَهُ الثَّنَاءَ الْحَسَنَ وَالدُّعَاءَ مِنَ الْعَالَمِينَ بِحَسَبِ إِحْسَانِهِ، وَهَذَا ثَوَابٌ عَاجِلٌ وَآجِلٌ، وَهُوَ مِنَ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمِنْ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ.
{سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}: سَلَامٌ وَتَحِيَّةٌ، وَعَافِيَةٌ وَأَمْنٌ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَنَقْصٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
وَهَذَا السَّلَامُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ -وَمِنْ قَبْلِهِ نُوحٌ وَمِنْ بَعْدِهِ مُوسَى وَهَارُونَ وَإِلْيَاسَ- هُوَ ثَوَابٌ تَكْرِيمِيٌّ مُعَجَّلٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا؛ إِذْ شَرَعَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُحَيُّوهُمْ بِالسَّلَامِ كُلَّمَا ذَكَرُوا أَسْمَاءَهُمْ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَجْمَعِينَ-.
المصدر:أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ وَدُرُوسٌ مِنْ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-