((الْخُلُوصُ مِنَ الشِّرْكِ وَطَهَارَةُ الْقَلْبِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ))
إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَدُلُّنَا عَلَى عِبَادَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ:
*إِيمَانٌ بِاللَّـهِ رَبِّ العَالَمِينَ، خُلُوصٌ مِنَ الشِّرْكِ: مِنْ شِرْكِ الْمُعْتَقَدِ، مِنْ شِرْكِ الضَّمِيرِ، مِنْ شِرْكِ الْقَلْبِ، مِنْ شِرْكِ اللِّسَانِ، مِنْ شِرْكِ الْجَوَارِحِ، خُلُوصٌ مِنَ الشِّرْكِ جُمْلَةً ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِلَّا فَلَا غُفْرَانَ.
«فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ»، «يَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ»، تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ، الْخُلُوصُ وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْقَدَ عَلَيْهِ الْخِنْصَرُ أَوَّلَ مَا يُعْقَدُ عِنْدَ عَدِّ الْخِصَالِ وَعِنْدَ السَّيْرِ إِلَى الْكَرِيمِ الْمُتَعَالِ، فَهَذَا أَوَّلًا.
*هَذِهِ الْعِبَادَةُ تَسْتَتْبِعُ حَتْمًا طَهَارَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحِقْدِ؛ إِذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْمَاءُ وَالنَّارُ فِي يَدٍ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَرْءُ الْمَاءَ وَالنَّارَ قَدِ اجْتَمَعَا فِي يَدٍ، لَا يُمْكِنُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ.
وَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ الطُّهْرُ وَالنَّجَاسَةُ فِي مَحَلٍّ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ النُّورُ وَالظَّلَامُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْحِقْدُ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبٍ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ التَّوْحِيدُ وَالشِّرْكُ فِي قَلْبٍ أَبَدًا.
«وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ» وَقَدِ اطَّلَعَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ إِلَى خَلْقِهِ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ بِجَانِبٍ وَبِمَبْعَدَةٍ؛ فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ، أَنْ يَخْرُجَ مِنْ حَيِّزِ التَّهْرِيجِ، ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: 88].
نَعَمْ! ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾؛ فَالْمَوْتُ أَقْرَبُ لِأَحَدِكُمْ مِنْ شَرَاكِ نَعْلِهِ.
نَعَمْ! إِنَّ الْمَوْتَ قَدْ تَبْقَى لَهُ أَنْفَاسٌ مَعْدُودَةٌ، وَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ، وَكَمْ مِنْ عَلِيلٍ بَرَأَ وَشُفِيَ، كَمْ مِنْ صَحِيحٍ هَلَكَ، وَكَمْ مِنْ عَلِيلٍ نَجَا، وَلَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ إِلَّا اللَّـهُ.
المصدر:مَا صَحَّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ