«الِاسْتِغَاثَةُ الْمَشْرُوعَةُ وَالِاسْتِغَاثَةُ الْمَمْنُوعَةُ»
وَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الِاسْتِغَاثَةُ بِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْأَحْيَاءِ الْعَالِمِينَ الْقَادِرِينَ عَلَى الْإِغَاثَةِ، فهَذَا جَائِزٌ كالاِسْتِعَانَةِ بِهِمْ.
وَالِاسْتِغَاثَةُ هِيَ: هِيَ طَلَبُ الْغَوْثِ، وَهُوَ الْإِنْقَاذُ مِنَ الشِّدَّةِ وَالْهَلَاكِ؛ وَهِيَ أَنْوَاعٌ:
الْأَوَّلُ: الِاسْتِغَاثَةُ بِاللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: وَهَذهِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَمِنْ أَكْمَلِ الْأَعْمَالِ، قَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، أَيْ: مُتَتَابِعِينَ.
وَالثَّانِي: الِاسْتِغَاثَةُ بالأمواتِ أَوْ بِالأَحْيَاءِ غَيْرِ الحَاضِرِينَ غَيْرِ القَادِرِينَ عَلَى الإِغَاثَةِ: فَهَذَا شِرْكٌ؛ لأنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ لِهَؤُلَاءِ تَصَرُّفًا خَفِيًّا في الكونِ، فَيَجْعَلُ لَهُمْ حَظًّا في الرُّبُوبِيَّةِ؛ وَا أَسَفَاهُ!!
الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الاِسْتِغَاثَةِ: الاِسْتِغَاثَةُ بالأحياءِ العَالِمِينَ القَادِرِينَ عَلَى الإِغَاثَةِ، فهَذَا جَائِزٌ كالاِسْتِعَانَةِ بِهِمْ؛ قال تعالى في قِصَّةِ مُوسَى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ [القصص: 15].
الرَّابِعُ مِنْ أَنْوَاعِ الِاسْتِغَاثَةِ: الِاسْتِغَاثَةُ بِحَيٍّ غَيْرِ قَادِرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ لَهُ قُوَّةً خَفِيَّةً؛ كَمَنْ يَسْتَغِيثُ بِمَشْلُولٍ؛ لِيُنْقِذَهُ مِنَ الغَرَقِ، فهَذَا -كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِعَانَةِ- لَغْوٌ وَسُخْرِيَّةٌ.
المصدر:قَضَاءُ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ مِنْ نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ