التَّحْذِيرُ مِنْ بِدْعَةِ التَّكْبِيرِ الْجَمَاعِيِّ


التَّحْذِيرُ مِنْ بِدْعَةِ التَّكْبِيرِ الْجَمَاعِيِّ:

«وَإِذَا مَا جَلَسَ الْإِنْسَانُ فِي الْمُصَلَّى عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ وَحْدَهُ»، وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَائِدٌ يَأْخُذُ الْمُكَبِّرَ -مُكْبِّرَ الصَّوْتِ- وَيَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ... وَهُمْ يَسِيرُونَ خَلْفَهُ مِثْلَ الْمَايِسْتِرُو مَعَ فِرْقَتِهِ، فَهَذَا غَيْرُ وَارِدٍ، وَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ!!

 كُلُّ وَاحِدٍ يُكَبِّرُ وَحْدَهُ مَعَ رَبِّهِ وَحْدَهُ-، وَأَمَّا التَّكْبِيرُ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ، فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ، بِصَوْتٍ وَاحِدٍ، فَهَذَا بِدْعَةٌ.

النَّاسُ يُعْلِنُونَ التَّكْبِيرَ لَا يَسْتَحُونَ، يُكَبِّرُونَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي الطُّرُقَاتِ، عَلَى الْفُرُشِ، فِي الْبُيُوتِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَتَوَاطَؤُونَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ قَطُّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَأْتُونَ بِالتَّكْبِيرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ مَعَ الْجَهْرِ فِي مَسَاجِدِ اللهِ بِعَقِبِ الصَّلَوَاتِ؛ هَذِهِ بِدْعَةٌ، وَالتَّكْبِيرُ الْجَمَاعِيُّ بِدْعَةٌ فِي الطُّرُقَاتِ، فِي الْمَسَاجِدِ، فِي الْمُصَلَّى، وَإِنَّما «يُكَبِّرُ كُلٌّ رَبَّهُ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ، يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ، هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ فِيهِ»، يُكَبِّرُ رَبَّهُ، وَيَشْكُرُ وَيَفْرَحُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ؛ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ، يَفْرَحُ بِالطَّاعَةِ، وَيَشْكُرُ اللهَ بِهَا.

فَيُكَبِّرُ التَّكْبِيرَ الْمُطْلَقَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا إِلَّا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلًّا لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى.

وَيُكَبَّرُ تَكْبِيرٌ مُقَيَّدٌ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ غَيْرِ مَا تَوَاطِئٍ وَلَا اجْتِمَاعٍ مُتَعَمَّدٍ عَلَى التَّكْبِيرِ.

((بِتَصَرُّفٍ مِنَ التَّعِلِيقِ عَلَى الشَّرْحِ الْمُمْتِعِ -كِتَابُ الصَّلَاةِ- بَابَ: صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ)).

 

((الْفَرَحُ الشَّرْعِيُّ فِي عِيدِ الْمُسْلِمِينَ))

شَرَعَ اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- أَيْضًا الْفَرَحَ فِي أَيَّامٍ هِيَ مِنْ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَعْيَادُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ».

وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ الْإِنْسَانُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ الحَادِي عَشَرَ، وَالثَّانِيَ عَشَرَ، وَالثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ وَأَمَّا يَوْمُ النَّحْرِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عِيدُ الْمُسْلِمِينَ الْأَكْبَرُ, وَهُوَ بِعَقِبِ أَدَاءِ النُّسُكِ الجَلِيلِ الَّذِي يُيَسِّرُهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ؛ مِنَّةً مِنْهُ وَعَطَاءً.

وَقَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِاللَّعِبِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ يَوْمَ الْعِيدِ:

فَعَنْ عَائِشَةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَتْ: ((دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ -وَهُوَ شِعْرٌ حَمَاسِيٌّ-، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟!! وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ)).

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ: ((دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي, وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ؟!! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: ((دَعْهُمَا))، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا)).

وَفِي حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ))، وَفِيهِ رِوَايَةٌ: وَزَادَ فِيهِ: ((وَذِكْرٍ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- )).

وَتُسْتَحَبُّ التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ:

فَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: ((كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ؛ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ((تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ)).

فَهَذَا اللَّهْوُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ مُرَخَّصٌ فِيهِ، فَهُوَ لَهْوٌ مُرَخَّصٌ فِيهِ، وَلَيْسَ بِأَيِّ لَهْوٍ، وَأَمَّا أَنْ يُتَوَسَّعَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ الْمَرْءُ إِلَى مَا حَرَّمَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ؛ فَمَا يَلِيقُ بِعَبْدٍ أَنْ يُقَابِلَ نِعْمَةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ.

 

 

المصدر : فضل يوم عرفة، والدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  خَطَرُ اللِّسَانِ
  ثَمَرَاتُ كَثْرَةِ الْأُمَّةِ وَحُكْمُ تَنْظِيمِ النَّسْلِ وَتَحْدِيدِهِ
  فَسَادُ الْمُجْتَمَعَاتِ يَكُونُ بِسَبَبِ فَسَادِ الْأَفْرَادِ وَالْأُسَرِ
  تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ وَافْرَحُوا فِي عِيدِكُمْ
  الصِّدْقُ مِنْ صِفَاتِ اللهِ، وَمِنْ صِفَاتِ الْمُرْسَلِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ
  نِعَمُ اللهِ عَلَيْنَا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى
  عِظَمُ شَأْنِ الْأَمَانَةِ وَخُطُورَةُ رَفْعِهَا
  أَخْطَرُ الشَّائِعَاتِ فِي تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ وَآثَارُهَا
  التَّرْشِيدُ فِي السُّنَّةِ.. خَاصَّةً فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ تَرْبِيَةً مُجْتَمَعِيَّةً صَحِيحَةً
  مِنْ أَعْظَمِ ثَمَرَاتِ الزَّوَاجِ الذُّرِّيَّةُ
  وَظِيفَةُ دِينِ اللهِ فِي الْحَيَاةِ
  مَعْرَكَةٌ تَارِيخِيَّةٌ لِلْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ فِي سَيْنَاءَ ضِدَّ الْإِرْهَابِ وَالْخِيَانَةِ
  شَهَادَاتُ الْمُنْصِفِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ بِالرَّحْمَةِ
  آدَابُ السَّلَامِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان