جُمْلَةٌ مِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ


((جُمْلَةٌ مِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ))

هَذَا الدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ بِعَقَائِدِهِ وَحَقَائِقِهِ, وَأَخْلَاقِهِ وَأَعْمَالِهِ, وَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ أَكْبَرُ الْبَرَاهِينِ الْقَوَاطِعِ الضَّرُورِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ, وَأَنَّ رَسُولَهُ حَقٌّ, وَدِينَهُ حَقٌّ, وَمَا عَارَضَ ذَلِكَ هُوَ الْبَاطِلُ, وَهُوَ بِنَفْسِهِ جَذَّابٌ لِكُلِّ مَنْ قَصْدُهُ الْحَقُّ وَمَعَهُ إِنْصَافٌ.

* فَإِنَّهُ إِذَا نَظَرَ وَحَقَّقَ عَقَائِدَهُ؛ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ بِاللهِ, وَبِأَوْصَافِهِ الْعَظِيمَةِ, وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى, وَبِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللهُ, وَبِكُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللهُ, وَبِكُلِّ حَقٍّ أَخْبَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ, وَبِذَلِكَ تَمْتَلِئُ الْقُلُوبُ إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَنُورًا وَطُمَأْنِينَةً بِاللهِ, وَقُوَّةَ تَوَكُّلٍ وَاعْتِمَادٍ عَلَيْهِ, وَذَلِكَ يُوجِبُ كَمَالَ الْإِخْلَاصِ للهِ، وَالْقِيَامَ بِعُبُودِيَّتِهِ الظَّاهِرِةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَالتَّبَرِّي مِنَ الشِّرْكِ كَبِيرِهِ وَصَغِيرِهِ.

وَإِذَا نَظَرَ إِلَى أَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ؛ وَجَدَهُ يَحُثُّ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ، وَيُحَذِّرُ مِنْ كُلِّ خُلُقٍ رَذِيلٍ، وَيَدْعُو إِلَى الْقِيَامِ بِحُقُوقِ اللهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَبِالْمُعَامَلَةِ الْحَسَنَةِ.

وَإِذَا نَظَرَ إِلَى تَعَالِيمِهِ وَإِرْشَادَاتِهِ الْعَالِيَةِ؛ رَآهُ يَحُثُّ عَلَى كُلِّ عِلْمٍ نَافِعٍ مُزَكٍ لِلْقُلُوبِ، مُطَهِّرٍ لِلْأَخْلَاقِ، نَافِعٍ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَأَنَّهُ مُرْشِدٌ إِلَى كُلِّ صَلَاحٍ وَإِصْلَاحٍ.

فَشَرْحُ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلنَّاسِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ؛ فَإِنَّهُ يُقَوِّي إِيمَانَ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَزْدَادُ بِهِ بَصَائِرُهُمْ وَرَغْبَتُهُمْ، وَيَحْمَدُونَ اللهَ الَّذِي مَنَّ عَلَيْهِمْ بِهَذَا الدِّينِ الْكَامِلِ, الَّذِي حَوَى كُلَّ خَيْرٍ عِلْمِيٍّ وَعَمَلِيٍّ، وَكُلَّ هِدَايَةٍ وَرَحْمَةٍ، وَهُوَ السَّبَبُ الْوَحِيدُ إِلَى سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَكَذَلِكَ هُوَ أَكْبَرُ دَاعٍ لِمَنْ وَقَفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنَ الْأَجَانِبِ، خُصُوصًا الْمُنْصِفِينَ مِنْهُمْ، فَمُرِيدُ الْحَقِّ إِذَا وَقَفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ فِي تَفْضِيلِهِ عَلَى كُلِّ دِينٍ، وَالْمُكَابِرُ يُزَلْزِلُ عَقِيدَتَهُ، وَيُخَفِّفُ شَرَّهُ.

وَبِهِ تَنْدَفِعُ شُبَهُ الْمُبْطِلِينَ مِنَ الْمُلْحِدِينَ وَغَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّ الْحَقَّ يَسْتَوْلِي عَلَى الْقُلُوبِ، وَيُزْهِقُ الْبَاطِلَ, فَإِنَّهُ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً؛ امْتَنَعَ أَنْ يَقُومَ بِقَلْبِهِ بَاطِلٌ يُقَدِّمُهُ عَلَيْهِ, إِلَّا إِذَا عَارَضَ ذَلِكَ عَرَضٌ فَاسِدٌ مِنْ كِبْرٍ أَوْ حَسَدٍ أَوْ رِيَاسَةٍ أَوْ تَعَصُّبٍ أَوْ غَيْرِهَا.

وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الدِّينَ رَآهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاحِ وَالرُّشْدِ وَالْفَلَاحِ, وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَفِيلَانِ بِبَيَانِ ذَلِكَ كَفَالَةً تَامَّةً, فِيهِمَا الْآيَاتُ وَالْبَرَاهِينُ عَلَى أَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَحْصُلَ الصَّلَاحُ الْحَقِيقِيُّ، وَلَا سَبِيلَ لِلْبَشَرِ إِلَى الْإِصْلَاحِ وَالْخَيْرِ وَالسَّعَادَةِ إِلَّا بِهَذَا الدِّينِ, فَإِنَّهُ مَا مِنْ مَصْلَحَةٍ دَقِيقَةٍ وَلَا جَلِيلَةٍ إِلَّا أَرْشَدَ إِلَيْهَا هَذَا الدِّينُ, وَلَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّ عَلَيْهِ, وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَ مِنْهُ؛ يَأْمُرُ بِتَوْحِيدِ اللهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَيَحُثُّ عَلَى الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْإِذْعَانِ.

وَيَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالصِّدْقِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَبِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ وَالْأَصْحَابِ وَالْمُعَامَلِينَ وَجَمِيعِ الْخَلْقِ.

وَيَنْهَى عَنِ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ وَالْقَسْوَةِ، وَالْعُقُوقِ وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْخُلُقِ مَعَ الْأَوْلَادِ وَالْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ.

وَيَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ وَالْمُحَالَفَاتِ، وَيَنْهَى عَنِ النُّكْثِ وَالْغَدْرِ, وَيَأْمُرُ بِالنُّصْحِ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ, وَيَنْهَى عَنِ الْغِشِّ, وَيَأْمُرُ بِالِاجْتِمَاعِ وَالتَّآلُفِ وَالتَّحَابُبِ وَبِالِاتِّفَاقِ, وَيَنْهَى عَنِ التَّعَادِي وَالتَّبَاغُضِ وَالِافْتِرَاقِ.

يَأْمُرُ بِالْمُعَامَلَاتِ الْحَسَنَةِ, وَأَنْ تُوَفِّيَ مَا عَلَيْكَ كَامِلًا مُوَفَّرًا، لَا بَخْسَ فِيهِ، وَلَا نَقْصَ فِيهِ وَلَا مُمَاطَلَةَ, وَيَنْهَى عَنِ الْمُعَامَلَاتِ السَّيِّئَةِ, وَالْمَطْلِ، وَالْغِشِّ، وَالْبَخْسِ وَالتَّطْفِيفِ, وَأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَبِغَيْرِ حَقٍّ, وَيَأْمُرُ بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ, وَيَنْهَى عَنْ ضِدِّهَا, وَعَنِ التَّعَدِّي عَلَى النَّاسِ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَيَأْمُرُ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ وَطَيِّبٍ وَنَافعٍ وَمُسْتَحْسَنٍ شَرْعًا وَعَقْلًا وَفِطْرَةً, وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَمُنْكَرٍ وَخَبِيثٍ شَرْعًا وَعَقْلًا وَفِطْرَةً, يُبِيحُ كُلَّ طَيِّبٍ, وَيُحَرِّمُ كُلَّ خَبِيثٍ.

يَأْمُرُ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى, وَيَنْهَى عَنِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.

يَأْمُرُ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ, وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ وَحْدَهُ, وَالطَّمَعِ فِي جُودِهِ وَفَضْلِهِ, وَالتَّنَوُّعِ فِي فِعْلِ الْأَسْبَابِ الْمُحَصِّلَةِ لِخَيْرِهِ وَثَوَابِهِ, وَيَنْهَى عَنِ التَّعَلُّقِ بِالْمَخْلُوقِينَ وَالْعَمَلِ لِأَجْلِهِمْ, يَأْمُرُ بِنَبْذِ الْوَثَنِيَّاتِ وَالْخُرَافَاتِ الْمُفْسِدَةِ لِلْعُقُولِ وَالْأَدْيَانِ.

وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَهَذَا الدِّينُ الْعَظِيمُ يَأْمُرُ بِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلَاحٍ, وَيَنْهَى عَنْ كُلِّ شَرٍّ وَضَرَرٍ)).

 

المصدر:حَاجَتُنَا إِلَى الدِّينِ الرَّشِيدِ وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  ​((الدَّرْسُ السَّابِعُ: دَعْوَةُ الْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا إِلَى التَّوْحِيدِ))
  مَوْتُ الْمُسْلِمِ دِفَاعًا عَنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ عَلَامَاتِ حُسْنِ الْخِتَامِ
  وَسَائِلُ لِتَحْقِيقِ الْإِيجَابِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ
  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: حُسْنُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّأْدِيبِ لِلْأَبْنَاءِ
  مِنْ أَعْظَمِ حِكَمِ الْعِيدِ: اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ
  مِنْ دُرُوسِ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّ: الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَالْمِحْنَةَ يَتْبَعُهَا مِنْحَةٌ
  مُؤَامَرَةُ الْيَهُودِ الْمَكْشُوفَةُ وَغَفْلَةُ الْمُسْلِمِينَ!!
  إِسْهَامَاتُ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِي فِي خِدْمَةِ الْمُجْتَمَعِ
  الدرس الثاني : «الْإِخْلَاصُ»
  سُبُلُ التَّغْيِيرِ لِصَلَاحِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَالْأُمَّةِ
  بَعْضُ فَضَائِلِ الْحَجِّ
  الْمَوْعِظَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((التَّوْحِيدُ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبِيدِ))
  تَحْقِيقُ الْإِيجَابِيَّةِ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
  الْكَلِمَةُ أَمَانَةٌ؛ فَأَمْسِكُوا أَلْسِنَتَكُمْ!
  اصْدُقُوا! فَالْكَلِمَةُ أَمَانَةٌ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان