تفريغ مقطع : حافظوا على شباب الأمة فهم صمام الأمان
هذا اليومُ عيدُكم أيها المسلمون، تجتمعون فيه، تُكبِّرون اللهَ ربَّ
العالمين، تحمدونَهُ، فتأملوا في حالِكم –في جَمْعِكم-؛ حتى تتذكروا به جَمْعَكم يوم القيامة وقد حشرَكم اللهُ ربُّ
العالمين والأولينَ والآخرينَ بين يديه في صعيدٍ واحد، ينفُذُهم البصر، ويُسمِعُهم
المُتكلم، ولا يخفى على ربِّك –تبارك وتعالى- منهم شيء، فتتطايرُ الصحفُ، فآخذٌ بيمينِهِ من أمام، وآخذٌ
بشِمالِهِ من وراءِ ظهرِهِ.
ليس
العيد في لُبْسِ الجديد، إنما العيد فيمن طاعاتُهُ تزيد.
تأمل اليومَ في حالِك وكيف مضى عليك موسمُ الطاعة الذي رُبما لن أُدركَهُ
ولن تُدركَهُ، يعلمُ ذلك اللهُ ربُّ العالمين وحده؛ ماذا صنعت؟ وماذا قدَّمْت؟
وماذا أنت ناوٍ أن تصنعَ بعد؟
إنَّ الأمرَ جِدٌّ لا هزلَ فيه.
وأمَّا الذين يسخرونَ –يسخرونَ من الدين-؛ فهؤلاء طوائفُ من المجرمين، كانوا كذلك منذُ كان الدين،
وهُم جندُ الشيطانِ وأعوانُهُ، وهؤلاء كالذُّباب، ليست لهم قيمة، لا يساوي الواحدُ
منهم وزنَهُ من تراب؛ فإنَّ الترابَ يُنتفعُ به، يُتيممُ به عند فَقْدِ الماءِ
حقيقةً أو حُكْمًا، أو يُتخذُ لَبِنَةً في جدار، قد يُنتفعُ بهذا التراب، وأمَّا
مِثلُ هذا؛ فلا قيمةَ له، ولا كالذباب، فإنّ الذبابَ لا يعصي اللهَ –جلَّ وعلا-.
مِثلُ هؤلاء في كلِّ جيل، وفي كل زمان، وفي كلِّ مكان! لا تأبهوا لهم.
اتقوا الله في دينِكم، تمسكوا به، عَضُّوا عليه بالنواجذِ كما أمركم
نبيُّكم -صلى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّم-.
وتأملوا في حالِ شبابِ الأمةِ، فإنهم منقسمون على ثلاثة أقسام:
*القسمُ الأول: تقيٌّ نقيٌّ، مُحِبٌّ للدين، مُقبلٌ على الشريعة، يصومُ الفرض، ويؤدي زكاةَ
مالِهِ، ويصلي لربِّهِ نَفْلًا وفرْضًا، ويحجُّ بيتَ ربِّهِ –تبارك وتعالى-، ويتكلمُ بالكلمةِ الطيبة، ويصلُ رَحِمَهُ، ويُنفقُ في سبيلِ
اللهِ –جلَّ وعلا-، ويفعلُ الخيرات، وهو يحاولُ -إن لم يفهم- فَهْمَ الدينِ على
الوجهِ الصحيح؛ لكنَّهم مفخرةُ الأمة، ينبغي أنْ تُعْنَى بهم الأمة، وألَّا
تَتَبَّعَهُم بأيِّ لونٍ من ألوانِ التعويق، فهُم ذخيرتُها، هُم أمانُها، صمامُ
أمانِها هؤلاء الشباب، فإذا ما نُزِعَ صمامُ الأمان؛ فهو الهلاك والدمار، نسألُ
اللهَ العافيةَ والسلامة.
*وقسمٌ ثانٍ: ضَاعَ، لم يَعُدْ، استلبتهُ السوالب، واختطفتهُ المذاهب، فصارَ مُلحدًا
مُحاربًا للدين، لا يعرفُ ربًّا، ولا يحترمُ نبيًّا، ولا يتمسكُ بكتاب، لا ينتمي
لأرض، ولا يدافعُ عن عِرض، ولا يدافعُ عن دينٍ ولا ينتمي إليه، جاهلٌ مطموسٌ، صارَ
حربًا على الأُمة، وهؤلاء أشدُّ الخَلْقِ حربًا على أُمَّتِهِم، يتشككونَ في الدين،
ويُشكِّكونَ فيه الخَلْقَ؛ بل في ربِّ العالمين، فهذا قِسمٌ معلوم.
*قِسمٌ ثالثٌ: وعلى هذا ينبغي أن تُعْقَدَ الآمالُ، هذا القِسْمُ هُم الحَيَارَى مِنَ
الشبابِ، ينظرون إلى الموروث، وتَرَبَّوْا في بيئاتٍ محافِظة، ثم وَفَدَ عليهم ما
وَفَدَ من الخَنَا والزنا والفواحش من بَصَرِيَّةٍ وسَمْعِيَّةٍ وذاتيةٍ مبذولة،
بغيرِ ثمنٍ تُبذل، فَيَحْتَارُ بين موروثِهِ، بَيْنَ ما تَرَبَّى عليه مِنْ
قِيَمِهِ، بين ما كان من أصولِ حضارتِهِ، وبين ما يَلْقَاهُ من سَيْلٍ نَجِس
يَنْحَدِرُ عليه لِيَجْرِفَهُ.
هؤلاءِ الحيارى يُشَكَّكونَ في كلِّ حين، يُشَكَّكونَ في القرآنِ وفي
نسبتِهِ إلى العليمِ الديَّان، يُشَكَّكونَ في رسولِ الله -صلى اللهُ عليه وآلِهِ
وسَلَّم-، ويُشَكَّكونَ في القَدَر، يُشَكَّكونَ في الأصول!!
خذوا بأيديِهم؛ فإنَّ المسلم أخو المسلم، لا يُسلِمُهُ، ولا يظلمُهُ، ولا
يخذلُه.
النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- جاء بالائتلاف وبالنهي عن الخلاف؛ يقول رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم-: «لا يؤمنُ أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسِهِ».
«المؤمنُ أخو المؤمن، لا يُسلِمُهُ ولا
يظلمُهُ ولا يخذلُهُ».
«المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يَشُدُّ بعضُهُ
بعضًا –وشبَّكَ بين أصابعِهِ -صلى اللهُ عليه وآلِهِ وسَلَّم-».
حقُّ المسلمِ عليك:
لو أنك نظرتَ في حقِّ أخيك المسلمِ عليك ولو كان عنده ما عنده ممَّا لا
يُخرجُهُ من المِلَّة ولا يُقيمُهُ على سواءِ البدعة؛ مهما كان من المعاصي، فخُذ
بيدِه.
أين يتعلم الدين؟!
فُرِّغَ المجتمعُ كلُّهُ من مُعلِّمٍ للدينِ الحقِّ لهؤلاء المساكين.
ماذا يتعلمون؟! وممن يتعلمون؟!
خذوا بأيديهم؛ فهؤلاء يحتاجونكم.
التعليقات
مقاطع قد تعجبك