((الْحَثُّ عَلَى تَكْوِينِ الْأُسْرَةِ الصَّالِحَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ))
*أَوَّلًا: فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ:
اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ هَذَا الْكَوْنَ مَبْنِيًّا عَلَى قَانُونٍ لَا يَتَخَلَّفُ، وَهُوَ قَانُونُ الزَّوْجِيَّةِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات: 49].
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْكَوْنِ خَلَقْنَا صِنْفَيْنِ، نَوْعَيْنِ مُخْتَلَفَيْنِ؛ فِي النَّاسِ، وَالنَّبَاتَاتِ، وَالْكَهْرُبَاءِ، وَالْمَغْنَاطِيسِ، وَالذَّرَّاتِ، نُبَيِّنُ لَكُمْ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ التَّكْوِينِيَّةَ، رَاغِبِينَ أَنْ تَضَعُوهَا فِي ذَاكِرَتِكُمْ أَيُّهَا الْمُتَلَقُّونَ الْمُتَدَبِّرُونَ.
وَكُلَّمَا اكْتَشَفْتُمْ وُجُودَ نِظَامِ الزَّوْجِيَّةِ فِي شَيْءٍ، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ خَفِيًّا عَلَيْكُمْ؛ تَذَكَّرْتُمْ هَذَا الْبَيَانَ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}، فَعَلِمْتُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ لَدُنْهُ، وَعَلِمْتُمْ أَنَّ خَالِقَ الْأَزْوَاجِ فَرْدٌ لَا نَظِيرَ، وَلَا شَرِيكَ مَعَهُ.
وَقَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [النجم: 45].
وَأَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ -مِنْ كُلِّ حَيٍّ-.
وَقَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! احْذَرُوا أَمْرَ رَبِّكُمْ أَنْ تُخَالِفُوهُ إِذَا أَمَرَكَمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ، الَّذِي خَلَقَ السُّلَالَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ مُشْتَقَّةً مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَخَلَقَ مِنْ آدَمَ زَوْجَهُ حَوَّاءَ، وَنَشَرَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِالتَّنَاسُلِ رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً كَثِيرَاتٍ.
*الْأُسْرَةُ الصَّالِحَةُ تُبْنَى عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ:
قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وَمِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظَمَتِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ -أَيَّهَا الرِّجَالُ- أَزْوَاجًا؛ لِتَمِيلُوا إِلَيْهِنَّ وَتَأْلَفُوهُنَّ، وَتُصِيبُوا مِنْهُنَّ مُتْعَةً وَلَذَّةً، وَجَعَلَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ نَوْعًا مِنَ الْحُبِّ الْهَادِئِ الثَّابِتِ، وَعَاطِفَةٍ نَفْسِيَّةٍ تَدْفَعُكُمْ إِلَى الْعَطَاءِ وَالْمُسَاعَدَةِ، وَمُشَارَكَةِ الْمَعْطُوفِ فِي آلَامِهِ وَآمَالِهِ.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لِعَلَامَاتٍ مُتَعَدِّدَاتٍ جَلِيلَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ تَفْكِيرًا عَمِيقًا مُتَأَنِيًّا فِيمَا خَلَقَ اللهُ بَيْنَ الْأَزْوَاجِ مِنْ مَوَدَّةٍ وَرَحْمَةٍ وَسَكَنٍ نَفْسِيٍّ.
*حَثُّ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى بِنَاءِ الْأُسْرَةِ الصَّالِحَةِ فِي سُنَّتِهِ الْمُطَهَّرَةِ:
فَقَالَ ﷺ: ((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ)) .
وَقَالَ ﷺ: ((تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا، فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) .
وَقَالَ ﷺ: ((النِّكَاحُ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)) .
((مُرَاعَاةُ حُقُوقِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ أَسْبَابِ صَلَاحِ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ))
إِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَقَابُلَ الْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَاتِ أَمْرٌ مُسْتَقِرٌّ، فَمَا مِنْ حَقٍّ إِلَّا وَفِي مُقَابَلَتِهِ وَاجِبٌ، وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ يُقَابِلُهُ الْحَقُّ، وَكَمَا أَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَقًّا -وَهُوَ حَقٌّ كَبِيرٌ-، كَذَلِكَ جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا حَقًّا.
*أَوَّلًا: حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ:
عَلَى نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْلَمْنَ أَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ أَزْوَاجَهُنَّ مِنْحَةً وَمِحْنَةً.
وَالنَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرَ أَنَّهُ اطَّلَعَ فِي النَّارِ فَوَجَدَ أَكْثَرَ آلِهَا النِّسَاءَ، يَكْفُرْنَ، وَقَالَتْ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَكْفُرْنَ بِاللهِ؟
قَالَ: ((لَا، يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَحْسَنَ إِلَى امْرَأَتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَّةً، ثُمَّ أَسَاءَ إِلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، قَالَتْ: مَا وَجَدْتُ مِنْكَ إِحْسَانًا قَطُّ)) .
وَمُعَاذٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا ذَهَبَ إِلَى الْيَمَنِ، وَعَادَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: ((مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟))
فَأَخْبَرَ مُعَاذٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ رَأَى أَقْوَامًا يَسْجُدُونَ لِبَطَارِقَتِهِمْ، وَأَنْتَ أَحَقُّ وَأَوْلَى.
فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَكُونُ إِلَّا للهِ، قَالَ: ((وَلَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا؛ لِعَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا)) .
وَأَقْسَمَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ مَفْرِقِ رَأْسِهِ إِلَى أَخْمَصِ قَدَمِهِ قُرْحَةٌ تَبُضُّ قَيْحًا وَصَدِيدًا، فَاسْتَقْبَلَتْهُ فَلَعَقَتْهُ بِلِسَانِهَا، مَا وَفَّتْهُ حَقَّهُ عَلَيْهَا .
وَالنَّبِيُّ ﷺ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَوْمًا: ((أَلَكِ بَعْلٌ؟))
فَأَجَابَتْ بِالْإِيجَابِ.
فَقَالَ: ((انْظُرِي كَيْفَ أَنْتِ لَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ أَوْ نَارُكِ)) .
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا بَيَّنَهُ الرَّسُولُ ﷺ مِنْ حَقِّ الرَّجُلِ عَلَى امْرَأَتِهِ.
وَالرَّسُولُ ﷺ عَلَّقَ دُخُولَ الْمَرْأَةِ الْجَنَّةَ عَلَى رِضَا زَوْجِهَا عَنْهَا، فَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا؛ دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ)) .
فَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا فِيمَا يَأْمُرُهَا بِهِ فِي حُدُودِ اسْتِطَاعَتِهَا؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَضَّلَ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ، وَجَعَلَ الْقَوَامَةَ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلِذَلِكَ الْمَرْأَةُ ((لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ -يَعْنِي: حَاضِرٌ غَيْرُ مُسَافِرٍ- إِلَّا بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ -إِلَّا الْفَرْضَ-, وَلَا تَأْذَنُ فِي بَيْتِهِ لِأَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ)) ، وَ((إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانًا عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ)) . وَفِي رِوَايَةٍ : ((لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا)).
فَلَوْ طَلَبَهَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ وَهِيَ عَلَى رَحْلِ بَعِيرٍ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ عَلَيْهِ.
وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: ((لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ دَخِيلٌ يُوشِكَ أَنْ يُفَارِقَ إِلَيْنَا )) .
يَعْنِي هِيَ لَا تُقَصِّرُ فِي طَاعَتِهِ شَيْئًا إِلَّا مَا عَجَزَتْ عَنْهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْدُمَ زَوْجَهَا عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهَا.
ثَانِيًا: حُقُوقُ الزَّوْجَةِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى زَوْجِهَا:
وَفِي مُقَابِلِ هَذَا الْحَقِّ الْعَظِيمِ، لِلرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ وَاجِبٌ أَيْضًا، وَهُوَ وَاجِبٌ عَظِيمٌ، يَقُولُ الرَّسُولُ ﷺ: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)).
فَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ خَلَقَ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَزْوَاجًا نَسْكُنُ إِلَيْهَا، وَجَعَلَ الْمَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ دَوْحَةً نَسْتَظِلُّ بِهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ)).
وَالْحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ عَظِيمَةٌ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَمُورٌ كَبِيرَةٌ:
قَالَ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
وَالْمَرْأَةُ عِنْدَ الرَّجُلِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَلْ أَدَّى إِلَيْهَا حَقَّهَا أَمْ فرَّطَ وَضَيَّعَ؟
قَالَ ﷺ: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائقُ الرِّجَال» . أَخرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِإِسنَادٍ صَحِيحٍ.
وَقَالَ ﷺ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
قَالَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- : «وَفِي هَذَا الْحَديثِ مُلَاطَفَةُ النِّسَاءِ وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِنَّ, وَالصَّبْرُ علَى عِوَجِ أَخْلَاقِهِنَّ, وَاحْتِمَالُ ضَعْفِ عُقُولِهِنَّ, وَكَرَاهِيَةُ طَلَاقِهِنَّ بِلَا سَبَبٍ, وَأنَّهُ لَا يُطْمَعُ بِاسْتِقَامَتِهَا وَاللهُ أَعلَم».
وَقَالَ ﷺ: «لا يَفْرِكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ». رَوَاهُ مُسلِمٌ .
قَالَ النَّوَوِيُّ ﷺ : «أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُه وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يَرْضَاهُ, بِأَنْ تَكُون شَرِسَةَ الْأَخلَاقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ».
*وَمِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا: إِعْطَاؤُهَا حُقُوقَهَا، وَعَدَمُ بَخْسِهَا:
فَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟
فَقَالَ ﷺ: ((أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ، وَيَكْسوَهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلَا يَضْرِبَ الْوَجْهَ، وَلَا يُقَبِّحَ، وَلَا يَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ)). وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَه .
وَقَوْلُهُ ﷺ: ((وَلَا يُقَبِّحَ)): يَعْنِي لَا يَقُولُ لَهَا: قَبَّحَكِ اللهُ.
فَبَعْضُ النَّاسِ يَأْخُذُهُ الْكَرَمُ وَالسَّخَاءُ مَعَ الْأَصْدَقَاءِ وَالرُّفَقَاءِ وَيَنْسَى حَقَّ الزَّوْجَةِ، مَعَ أَنَّ الْمَرْءَ يُؤْجَرُ عَلَى إِنْفَاقِهِ فِي بَيْتِهِ، كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ -يعني عِتْقًا-، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
هَذَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، لَا أَنْ يَكُونَ مَتَاعًا زَائِدًا مَعَ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى هَذَا الدِّينَارِ الَّذِي يُنْفَقُ فِي تَرَفٍ وَيُوضَعُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.
وَآخَرُونَ اتَّخَذُوا ضَرْبَ زَوْجَاتِهِمْ مِهْنَةً، فَلَا يَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهَا، وَعَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- تَقُولُ: ((مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ لَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
وَالرَّسُولُ ﷺ هُوَ الْقُدْوَةُ وَهُوَ الْمَثَلُ.
وَآخَرُونَ مِنَ الرِّجَالِ اتَّخَذُوا الْهَجْرَ عُذْرًا، وَاتَّخَذُوهُ طَرِيقًا لِأَيِّ سَبَبٍ وَحَتَّى وَإِنْ كَانَ تَافِهًا، وَرُبَّمَا هَجَرَ الْمِسْكِينَةَ شُهُورًا؛ لَا يُكَلِّمُهَا وَلَا يُؤَانِسُهَا، وَقَدْ تَكُونُ غَرِيبَةً عَنْ أَهْلِهَا، أَوْ شَابَّةً صَغِيرَةً يُخْشَى عَلَى عَقْلِهَا مِنْ الْوَحْدَةِ وَالتَّفَرُّدِ وَالْوَحْشَةِ، فَهَؤُلَاءِ فِي جَانِبٍ وَسُنَّةُ الرَّسُولِ ﷺ فِي جَانِبٍ.
*وَمِنْ حُقُوقِهَا: تَعْلِيمُهَا الْعِلْمَ الشَّرْعِيَّ وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَاتِ، وَحثُّهَا عَلَى ذَلِكَ:
قَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 34].
قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ -أُمُّنَا عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا-: ((نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا، وَمُسْلِمٌ مَوْصُولًا .
وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُتَابِعَ تَعْلِيمَهَا الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ وَالسُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ بِنَفْسِهِ، وَيُشجِّعَهَا وَيُعِينَهَا عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].
وَقَالَ ﷺ: ((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ -وَالنَّضْحُ: أَنْ تَغْمِسَ أَصَابِعَكَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ تَنْضَحُ هَذَا الْمَاءَ فِي وَجْهِهَا، لَا أَنْ تَأْتِيَ بِالْمَاءِ فَتَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِهَا سَكْبًا!!-، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ وَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ)) . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَه، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِيهِ عَلَاقَةٌ شَفِيفَةٌ، فِيهَا الْحِرْصُ، وَفِيهَا الْأُلْفَةُ وَالْمَوَدَّةُ، وَفِيهَا الْأَدَاءُ الْحَسَنُ بِالتَّلَصُّصِ عَلَى سُبُلِ الْمَشَاعِرِ الْمَدْفُونَةِ مِنْ أَجْلِ إِخْرَاجِهَا لَتْزَكَوَ بَعْدُ وَتَزْدَهِرُ.
*وَمِنْ حُقُوقِهَا: مُعَامَلَتُهَا الْمُعَامَلَةَ الْحَسَنَةَ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى شُعُورِهَا، وَتَطْيِيبُ خَاطِرِهَا:
قَالَ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزِيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي)) ؛ يَعْنِي: زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّ اللهَ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228].
وَمِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ الَّتِي انْتَشَرَتْ فِي أَوْسَاطِ بَعْضِ الْأُسَرِ الْمُسْلِمَةِ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ الْحَسَنَةِ الَّتِي أُمِرْنَا بِهَا: بَذَاءَةُ اللِّسَانِ، وَتَقْبِيحُ الْمَرْأَةِ خِلْقَةً وَخُلُقًا، وَالتَّأَفُّفُ مِنْ أَهْلِهَا بِذِكْرِ نَقَائِصِهِمْ وَعُيُوبِهِمْ، مَعَ سَبِّهَا وَشَتْمِهَا وَمُنَادَاتِهَا بِالْأَسْمَاءِ وَالْأَلْقَابِ الْقَبِيحَةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: إِظْهَارُ النُّفُورِ وَالِاشْمِئْزَازِ مِنْهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: تَجْرِيحُهَا بِذِكْرِ مَحَاسِنِ نِسَاءٍ أُخَرَ، وَأَنَّهُنَّ أَجْمَلُ وَأَفْضَلُ، وَأَحْلَى وَأَكْمَلُ، وَذَلِكَ يُكَدِّرُ خَاطِرَهَا فِي أَمْرٍ لَيْسَ لَهَا فِيهَا يَدٌ.
وَمِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى شُعُورِ الزَّوْجَةِ، وَمِنْ إِكْرَامِهَا: مُنَادَاتُهَا بِأَحَبِّ أَسْمَائِهَا إِلَيْهَا، وَإِلْقَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهَا حِينَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ، وَالتَّوَدُّدُ إِلَيْهَا بِالْهَدِيَّةِ وَالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ.
وَمِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَطِيبِ الْمُعَاشَرَةِ: عَدَمُ تَصَيُّدِ أَخْطَائِهَا وَمُتَابَعَةِ زَلَّاتِهَا، بَلْ الْعَفْوُ، وَالصَّفْحُ، وَالتَّغَاضِي، خَاصَّةً فِي أُمُورٍ تَجْتَهِدُ فِيهَا وَقَدْ لَا تُوَفَّقُ فِي أَدَائِهَا، فَتَأَمَّلْ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ .
*وَمِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ أَيْضًا عَلَى زَوْجِهَا: الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا مِنَ الْفَسَادِ وَمِنْ مَوَاطِنِ الشُّبَهِ، وَإِظْهَارُ الْغَيْرَةِ عَلَيْهَا، وَحَثُّهَا عَلَى الْقَرَارِ فِي الْبَيْتِ، وَإِبْعَادُهَا عَنْ رَفِيقَاتِ السُّوءِ، وَالْحِرْصُ عَلَى أَلَّا تَذْهَبَ إِلَى الْأَسْوَاقِ، وَإِنْ ذَهَبَتْ فَاذْهَبْ مَعَهَا.
وَلَا تَدَعْهَا تُسَافِرُ بِدُونِ مَحْرَمٍ، وَاسْتَشْعِرْ أَنَّ هَذِهِ أَمَانَةٌ عِنْدَكَ وَأَنْتَ مَسْئُولٌ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيِّتِهِ)) .
*وَمِنْ حُقُوقِهَا: إِعْفَافُهَا، وَتَلْبِيَةُ حَاجَاتِهَا: فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْفَظُهَا، فَهُوَ يُغْنِيهَا عَنِ التَّطَلُّعِ إِلَى غَيْرِهِ، وَاحْرِصْ عَلَى إِشْبَاعِ حَاجَاتِهَا الْعَاطِفِيَّةِ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَالثَّنَاءِ الْحَمِيدِ، وَاقْتَطِعْ مِنْ وَقْتِكَ لَهَا، وَاجْعَلْ لِبَيْتِكَ نَصِيبًا مِنْ بَشَاشَتِكَ وَدَمَاثَةِ خُلُقِكَ.
*إِجْمَالُ حُقُوقِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَآثَارُ مُرَاعَاتِهَا فِي حِمَايَةِ الْأُسْرَةِ:
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ هَذِهِ الْحُقُوقِ -حُقُوقِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ- وَالْقِيَامِ بِهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ؛ لِتَتِمَّ بِهِ النِّعْمَةُ، وَتَتَحَقَّقَ السَّعَادَةُ، وَيَصْفُوَ الْعَيْشُ، وَهِيَ أَنْ يَقُومَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَا لِصَاحِبِهِ مِنْ حُقُوقٍ، وَيُرَاعِي مَا لَهُ مِنْ وَاجِبَاتٍ.
فَمِنَ الزَّوْجِ: الْقِيَامُ بِالْإِنْفَاقِ، وَمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ كِسْوَةٍ وَمَسْكَنٍ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْ يَكُونَ طَيِّبَ النَّفْسِ، وَأَنْ يُحْسِنَ الْعِشْرَةَ بِاللُّطْفِ وَاللِّينِ، وَالْبَشَاشَةِ وْالْأُنْسِ، وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ.
وَعَلَيْهَا أَنْ تَقُومَ بِخِدْمَتِهِ وَإِصْلَاحِ بَيْتِهِ، وَتَدْبِيرِ مَنْزِلِهِ وَنَفَقَتِهِ، وَتُحْسِنُ إِلَى أَبْنَائِهِ وَتُرَبِّيهِمْ، وَتَحْفَظُهُ فِي نَفْسِهَا وَبَيْتِهِ وَمَالِهِ، وَأَنْ تُقَابِلَهُ بِالطَّلَاقَةِ وَالْبَشَاشَةِ وَتُهَيِّئَ لَهُ أَسْبَابَ رَاحَتِهِ، وَتُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ السُّرُورَ، لِيَجِدَ فِي بَيْتِهِ السَّعَادَةَ وَالِانْشِرَاحَ وَالرَّاحَةَ، بَعْدَ نَصَبِ الْعَمَلِ وَتَعَبِهِ.
فَإِذَا قَامَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَا لِصَاحِبِهِ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَاتِ، صَارَتْ حَيَاتُهُمَا سَعِيدَةً، وَاجْتِمَاعَهُمَا حَمِيدًا، وَرَفْرَفَ عَلَى بَيْتِهِمَا السُّرُورُ وَالْحُبُورُ، وَنَشَأَ الْأَطْفَالُ فِي هَذَا الْجَوِّ الْهَادِئِ الْوَادِعِ، فَشَبُّوا عَلَى كَرَمِ الطِّبَاعِ، وَحُسْنِ الشَّمَائِلِ، وَلَطِيفِ الْأَخْلَاقِ.
فَعَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي هَذِهِ الْعَلَاقَاتِ، وَأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهَا مِنْ أَجَلِّ الْقُرُبَاتِ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَوْ سَارَتْ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
المصدر: بِنَاءُ الْأُسْرَةِ الْمُسْلِمَةِ الْقَوِيَّةِ وَحِمَايَتُهَا