((الْأَطْفَالُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَقُرَّةُ عَيْنٍ لِلْأَبَوَيْنِ))
فَالْأَوْلَادُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وهُمْ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].
الْمَالُ الْكَثِيرُ الْوَفِيرُ، وَالْبَنُونَ الْكَثِيرُونَ زِينَةُ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ.
وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَجْعَلُ لَلْعَبْدِ وَلَدًا صَالِحًا فِي الدُّنْيَا، يَتَأَتَّى مِنْهُ دُعَاءٌ صَالِحٌ فِي الْآخِرَةِ، يَصِلُ إِلَيْهِ فِيهَا أَجْرُهُ -بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ -مِنْهَا-: أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو اللهَ لَهُ)).
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ الَّذِي يَتَأَتَّى مِنَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ بِالدُّعَاءِ لِأَبَوَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا هُوَ اسْتِمْرَارٌ لِحَيَاتِهِ هُوَ، كَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
فَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لَلْمَرْءِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ, وَزُخْرًا لَهُ بَعْدَ الْمَمَاتِ, ثُمَّ يَكُونُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَفْعًا فِي الدَّرَجَاتِ.
وَهَذَا زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- سَأَلَ اللَّهَ وَلَدًا ذَكَرًا صَالِحًا، يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَكُونُ وَلِيًّا مِنْ بَعْدِهِ، وَيَكُونُ نَبِيًّا مَرْضِيًّا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ، وَهَذَا أَفْضَلُ مَا يَكُونُ مِنَ الْأَوْلَادِ.
وَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعَبْدِهِ أَنْ يَرْزُقَهُ وَلَدًا صَالِحًا، جَامِعًا لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَامِدِ الشِّيَمِ، فَرَحِمَهُ رَبُّهُ وَاسْتَجَابَ دَعْوَتَهُ.
المصدر:تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّة وَحُقُوقُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ