التَّضَرُّعُ إِلَى اللهِ فِي الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ

التَّضَرُّعُ إِلَى اللهِ فِي الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ

((التَّضَرُّعُ إِلَى اللهِ فِي الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ))

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مُجِيبُ الْمُضْطَرِّ كَاشِفُ السُّوءِ))

فَإِنَّ ((اللهَ -تَعَالَى- يُنَبِّهُ أَنَّهُ هُوَ الْمَدْعُوُّ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، الْمَرْجُوُّ عِنْدَ النَّوَازِلِ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [ الإسراء: 67 ]، وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]، وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]؛ أَيْ: مَنْ هُوَ الَّذِي لَا يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّ إِلَّا إِلَيْهِ، وَالَّذِي لَا يَكْشِفُ ضُرَّ الْمَضْرُورِينَ سِوَاهُ؟!!)).

((هَلْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ الَّذِي أَقْلَقَتْهُ الْكُرُوبُ، وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ، وَاضْطَرَّ لِلْخَلَاصِ مِمَّا هُوَ فِيهِ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ؟!! وَمَنْ يَكْشِفُ السُّوءَ -أَيِ: الْبَلَاءَ وَالشَّرَّ وَالنِّقْمَةَ- إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ؟!!)).

 {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].

((مَنْ هَذَا الْعَظِيمُ الَّذِي يُجِيبُ الْمَكْرُوبَ الْمَجْهُودَ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ النَّازِلَ بِهِ؟!! وَمَنْ هَذَا الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ الَّذِي يَجْعَلُكُمْ سُكَّانَ الْأَرْضِ، تَتَوَارَثُونَ سُكْنَاهَا، وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا، وَالِانْتِفَاعَ بِخَيْرَاتِهَا جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ؟!! أَمَعْبُودٌ مَعَ اللهِ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيَخْلُقُ النَّاسَ وَفْقَ سُنَّةِ الْأَجْيَالِ الَّتِي يَخْلُفُ بَعْضُهَا بَعْضًا؟!!

تَذَكُّرًا قَلِيلًا جِدًّا يَتَذَكَّرُونَ، فَلَا يُحْدِثُ التَّذَكُّرُ أَثَرًا نَفْسِيًّا وَلَا سُلُوكِيًّا)).. {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}.

وَقَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9].

((اذْكُرُوا -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ يَوْمَ بَدْرٍ؛ إِذْ تَسْتَجِيرُونَ رَبَّكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَتَطْلُبُونَ مِنْهُ الْغَوْثَ وَالنَّصْرَ، فَأَجَابَ دُعَاءَكُمْ)).

وَقَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87-88].

((وَضَعْ فِي ذَاكِرَتِكَ -أَيُّهَا الْمُتَلَقِّي لِكَلَامِ رَبِّكَ- قِصَّةَ يُونُسَ بْنِ مَتَّى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- صَاحِبِ الْحُوتِ، حِينَ انْصَرَفَ عَنْ قَوْمِهِ مُغَاضِبًا لَهُ؛ مِنْ أَجْلِ دِينِ رَبِّهِ، ضَائِقًا صَدْرُهُ بِعِصْيَانِهِمْ، دُونَ أَنْ نَأْمُرَهُ بِفِرَاقِهِمْ.

وَظَنَّ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ أَلَّنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ؛ عِقَابًا لَهُ عَلَى تَرْكِ قَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِنَا، فَابْتَلَاهُ اللهُ بِشِدَّةِ الضِّيقِ وَالْحَبْسِ، وَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ.

فَنَادَى رَبَّهُ فِي الظُّلُمَاتِ -ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَظُلْمَةِ الْبَحْرِ، وَظُلْمَةِ جَوْفِ فَمِ الْحُوتِ- تَائِبًا مُعْتَرِفًا بِذَنْبِهِ بِتَرْكِهِ الصَّبْرَ عَلَى قَوْمِهِ، قَائِلًا: لَا إِلَهَ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ فِي الْوُجُودِ كُلِّهِ إِلَّا أَنْتَ، تَنَزَّهْتَ عَنْ كُلِّ شَرِيكٍ، وَعَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِرُبُوبِيَّتِكَ وَإِلَاهِيَّتِكَ.

أُؤَكِّدُ اعْتِرَافِي بِذَنْبِي؛ إِذْ ذَهَبْتُ مُغَاضِبًا قَوْمِي الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِي قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لِي بِانْصِرَافِي عَنْهُمْ.

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ دُعَاءَهُ، وَخَلَّصْنَاهُ مِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، وَقَدَّرْنَا أَنْ يَلْفِظَهُ الْحُوتُ عَلَى الْيَابِسَةِ قَرِيبًا مِنْ شَاطِئِ الْبَحْرِ، فَفَعَلَ.

وَمِثْلُ هَذَا التَّخْلِيصِ مِنَ الْغَمِّ نُخَلِّصُ سَائِرَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ كَامِلِي الْإِيمَانِ مِنَ الْكُرُوبِ، ضِمْنَ سُنَّتِنَا فِي تَصَارِيفِنَا بِعِبَادِنَا إِذَا دَعَوْنَا وَاسْتَغَاثُوا بِنَا)).

*وَدَعْوَةُ يُونُسَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- اشْتَمَلَتْ عَلَى أَقْسَامِ التَّوْحِيدِ الثَّلَاثَةِ -تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَتَوْحِيدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؛ «فَالتَّوْحِيدُ مَلْجَأُ الطَّالِبِينَ، وَمَفْزَعُ الْهَارِبِينَ، وَنَجَاةُ الْمَكْرُوبِينَ، وَغِيَاثُ الْمَلْهُوفِينَ، وَحَقِيقَتُهُ: إِفْرَادُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِالْمَحَبَّةِ وَالْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ، وَالذُّلِّ وَالْخُضُوعِ».

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((دَعْوَةُ أَخِي ذِي النُّونِ مَا دَعَا بِهَا مَكْرُوبٌ إِلَّا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)). الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ.

هَذِهِ الدَّعْوَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي دَعَا بِهَا يُونُسُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ؛ فَرَّجَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْهُ بِهَا.

وَكَذَلِكَ يُفَرِّجُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنِ الْمُؤْمِنِينَ؛ حَتَّى إِنَّ الْإِنْسَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى هَذِهِ الدَّعْوَةِ عِنْدَ الْكَرْبِ الْتِفَاتًا خَاصًّا، فَإِنَّهُ إِذَا دَعَا بِهَا، ثُمَّ لَمْ يُفَرَّجْ عَنْهُ، وَلَمْ يُنَجِّهِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ طَوِيلًا مَعَ إِيمَانِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ نَجَاةَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَخَذُوا بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الصَّالِحَةِ الْمُبَارَكَةِ؛ جَعَلَ هَذِهِ النَّجَاةَ كَنَجَاةِ يُونُسَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَمَّا دَعَا بِهَا وَهُوَ فِي بَاطِنِ الْحُوتِ.

فَـ((الْإِيمَانُ يُنَجِّي مِنَ الْأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]؛ أَيْ: إِذَا وَقَعُوا فِي الشَّدَائِدِ؛ لِإِيمَانِهِمْ بِرَبِّهِمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- )).

 ((مِنْ حِكْمَةِ اللهِ فِي الِابْتِلَاءِ))

((إِنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ- أَثْنَى عَلَى يُونُسَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ بِسُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ كَشْفَ مَا بِهِمْ مِنَ الضُّرِّ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ -سُبْحَانَهُ- بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87-88].

وَكَذَلِكَ أَثْنَى عَلَى أَيُّوبَ بِقَوْلِهِ: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]، وَعَلَى يَعْقُوبَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ} [يوسف: 86]، وَعَلَى مُوسَى بِقَوْلِهِ: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].

 فَالشَّكْوَى إِلَيْهِ -سُبْحَانَهُ- لَا تُنَافِي الصَّبْرَ الْجَزِيلَ، بَلْ إِعْرَاضُ عَبْدِهِ عَنِ الشَّكْوَى إِلَى غَيْرِهِ جُمْلَةً وَجَعْلُ الشَّكْوَى إِلَيْهِ وَحْدَهُ هُوَ الصَّبْرُ.

وَاللهُ -تَعَالَى- يَبْتَلِي عَبْدَهُ؛ لِيَسْمَعَ شَكْوَاهُ وَتَضَرُّعَهُ وَدُعَاءَهُ، وَقَدْ ذَمَّ -سُبْحَانَهُ- مَنْ لَمْ يَتَضَرَّعْ إِلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَكِنْ لَهُ وَقْتَ الْبَلَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} [المؤمنون: 76].

وَالْعَبْدُ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ يَتَجَلَّدَ عَلَى رَبِّهِ، وَالرَّبُّ -تَعَالَى- لَمْ يُرِدْ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَتَجَلَّدَ عَلَيْهِ، بَلْ أَرَادَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَسْتَكِينَ لَهُ، وَيَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ، وَاللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَمْقُتُ مَنْ يَشْكُوهُ إِلَى خَلْقِهِ، وَيُحِبُّ مَنْ يَشْكُو مَا بِهِ إِلَيْهِ.

وَلَئِنْ شَكَوْتَ إِلَى ابْنِ آدَمَ إِنَّمَا    =    تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لَا يَرْحَمُ

 

وَقَدْ قِيلَ لِبَعْضِهِمْ: كَيْفَ تَشْتَكِي إِلَيْهِ مَا لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ؟!!

فَقَالَ: رَبِّي يَرْضَى ذُلَّ الْعَبْدِ إِلَيْهِ)).

وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُرْسَلِينَ بِرَفْعِ الضَّرَاعَةِ وَالشَّكْوَى لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا يُزِيلُ الضُّرَّ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَكْشِفُ الْكَرْبَ إِلَّا هُوَ.

وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42-43].

((وَأُقْسِمُ لَكَ مُؤَكِّدًا يَا رَسُولَ اللهِ! أَنَّنَا أَرْسَلْنَا رُسُلًا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ؛ فَكَذَّبُوهُمْ وَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَتِهِمْ، فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ بِالْفَقْرِ وَالْجُوعِ، وَالْأَمْرَاضِ وَالْأَوْجَاعِ؛ رَغْبَةَ أَنْ يَتَذَلَّلُوا لِرَبِّهِمْ، وَيَخْضَعُوا لَهُ وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ.

فَهَلَّا تَذَلَّلُوا لَنَا حِينَ جَاءَهُمْ عَذَابُنَا التَّأْدِيبِيُّ الْجَزَائِيُّ!! وَلَكِنْ غَلُظَتْ قُلُوبُهُمْ، فَلَمْ يَخْشَعُوا وَيَتَذَلَّلُوا، وَأَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَحَسَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانَ يَعْمَلُونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالتَّكْذِيبِ، وَالْإِصْرَارِ عَلَى مَعَاصِي اللهِ)).

وَقَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50].

((لَقَدْ أَمَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْفِرَارِ إِلَيْهِ؛ أَيِ: الْفِرَارِ مِمَّا يَكْرَهُهُ اللهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِلَى مَا يُحِبُّهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

فَمَنِ اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الدِّينَ كُلَّهُ، وَزَالَ عَنْهُ الْمَرْهُوبُ، وَحَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْمُرَادِ وَالْمَطْلُوبِ.

وَكُلُّ مَنْ خِفْتَ مِنْهُ فَرَرْتَ مِنْهُ؛ إِلَّا اللهَ تَعَالَى، فَإِنَّهُ بِحَسَبِ الْخَوْفِ مِنْهُ يَكُونُ الْفِرَارُ إِلَيْهِ)) .

 ((قَالَ ﷺ: ((سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ -اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ-؛ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ)). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَأَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُومُ حَيْثُ قَامَ رَسُولُ اللهِ، وَيَبْكِي كَمَا بَكَى!!

عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟

قَالَ: ((سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)).

ثُمَّ أَتَاهُ الْغَدَاةَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ! أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟

قَالَ: ((سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)))). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ))، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي ((صَحِيحِ الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ)).

 ((الدُّعَاءُ عَدُوُّ الْبَلَاءِ))

((الدُّعَاءُ مِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ، وَهُوَ عَدُوُّ الْبَلَاءِ، يُدَافِعُهُ، وَيُعَالِجُهُ، وَيَمْنَعُ نُزُولَهُ، وَيَدْفَعُهُ، أَوْ يُخَفِّفُهُ إِذَا نَزَلَ، وَهُوَ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ.

*وَلِلدُّعَاءِ مَعَ الْبَلَاءِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْبَلَاءِ فَيَدْفَعُهُ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنَ الْبَلَاءِ فَيَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، فَيُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ؛ وَلَكِنْ قَدْ يُخَفِّفُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَاوَمَا أَيِ: -الدُّعَاءُ وَالْبَلَاءُ-، وَيَمْنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.

رَوَى الْحَاكِمُ فِي ((صَحِيحِهِ)) يَعْنِي: الْمُسْتَدْرَكِ- مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وَإِنَّ الْبَلَاءَ يَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ، فَيَعْتَلِجَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»؛ يَعْنِي: فَيَتَصَارَعَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَفِيهِ أَيْضًا أَيْ: فِي ((مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ)) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ؛ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ».

وَفِي ((الْمُسْتَدْرَكِ)) -أَيْضًا- مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ». هَذَا الْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ دُونَ زِيَادَة: ((وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ»، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ((الْمُسْنَدِ))، وَكَذَلِكَ ابْنُ مَاجَه، وَحَسَّنَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ دُونَ الزِّيَادَةِ، فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَصِحُّ: ((وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ)).

وَمِنْ أَنْفَعِ الْأَدْوِيَةِ: الْإِلْحَاحُ فِي الدُّعَاءِ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي ((سُنَنِهِ)) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ». وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَه.

وَفِي كِتَابِ ((الزُّهْدِ)) لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((مَا وَجَدْتُ لِلْمُؤْمِنِ مَثَلًا إِلَّا رَجُلًا فِي الْبَحْرِ عَلَى خَشَبَةٍ، فَهُوَ يَدْعُو: يَا رَبِّ! يَا رَبِّ! لَعَلَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُنْجِيَهُ)).

يَعْنِي: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ فِي الْحَيَاةِ كَمَثَلِ الرَّجُلِ انْكَسَرَتْ سَفِينَتُهُ فِي الرِّيَاحِ الْهُوجِ، وَالْأَمْوَاجِ الَّتِي كَالْجِبَالِ، وَفِي الظُّلُمَاتِ الَّتِي إِذَا أَخْرَجَ كَفَّهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا، وَتَعَلَّقَ بِخَشَبَةٍ، فَهُوَ يَقُولُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ! سَلِّمْ سَلِّمْ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ! سَلِّمْ سَلِّمْ!

يَقُولُ مُوَرِّقٌ: ((مَا وَجَدْتُ لِلْمُؤْمِنِ مَثَلًا إِلَّا رَجُلًا فِي الْبَحْرِ عَلَى خَشَبَةٍ، فَهُوَ يَدْعُو: يَا رَبِّ يَا رَبِّ! لَعَلَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُنْجِيَهُ)).

هَلْ تَرَى هَذَا الرَّجُلَ فِي الْبَحْرِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِتِلْكَ الْخَشَبَةِ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالِ؛ هَلْ يَكُفُّ عَنِ الدُّعَاءِ؟!!

هَلْ يَكُفُّ عَنِ الرَّجَاءِ؟!!

هَلْ يَتَوَانَى عَنِ الطَّلَبِ؟!!

إِنَّهُ مَا يَزَالُ لَاهِجًا بِلِسَانِهِ، ذَاكِرًا بِقَلْبِهِ، مُتَعَلِّقًا بِوِجْدَانِهِ، يَطْلُبُ رَحَمَاتِ سَيِّدِهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، لَا يَكُفُّ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْقَطِعُ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَلَا أَدْنَى مِنْهَا، قَالَ: فَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ فِي الْحَيَاةِ كَمَثَلِ هَذَا الرَّجُلِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِتِلْكَ الْخَشَبَةِ فَي الْبَحْرِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ! لَعَلَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يُنْجِيَهُ.

 ((مُبَشِّرَاتٌ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْبَأْسِ))

((لَقَدْ ذَكَرَ اللهُ مِنَ الشَّدَائِدِ الَّتِي جَرَتْ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ، وَكَادَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى النُّفُوسِ الْيَأْسُ؛ أَنْزَلَ اللهُ فَرَجَهُ وَنَصْرَهُ؛ لِيَصِيرَ لِذَلِكَ مَوْقِعٌ فِي الْقُلُوبِ، وَلِيَعْرِفَ الْعِبَادُ أَلْطَافَ عَلَّامِ الْغُيُوبِ.

وَيُقَارِبُ هَذَا الْمَعْنَى: إِنْزَالُهُ الْغَيْثَ عَلَى الْعِبَادِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ لِمُبْلِسِينَ، فَيَحْصُلُ مِنْ آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ وَالِاسْتِبْشَارِ بِفَضْلِهِ مَا يَمْلَأُ الْقُلُوبَ حَمْدًا وَشُكْرًا وَثَنَاءً عَلَى الْبَارِي -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

وَكَذَلِكَ يُذَكِّرُهُمْ نِعَمَهُ بِلَفْتِ أَنْظَارِهِمْ إِلَى تَأَمُّلِ ضِدِّهَا؛ كَقَوْلِهِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام: 46 ]، وَقَوْلِهِ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ {71} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ {72} وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [ القصص: 71-73].

وَنَلْمَحُ مِثْلَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قِصَّةِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ حِينَ اشْتَدَّتْ بِهِمُ الْأَزْمَةُ، وَدَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ وَقَالُوا: {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} [ يوسف: 88 ]. الْآيَةَ، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ قَالَ: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [ يوسف: 99 ] فِي تِلْكَ النِّعْمَةِ الْوَاسِعَةِ، وَالْعَيْشِ الرَّغِيدِ، وَالْعِزِّ الْمَكِينِ، وَالْجَاهِ الْعَرِيضِ؛ فَتَبَارَكَ مَنْ لَا يُدْرِكُ الْعِبَادُ مِنْ أَلْطَافِهِ وَدَقِيقِ بِرِّهِ أَقَلَّ الْقَلِيلِ.

وَيُنَاسِبُ هَذَا مِنْ أَلْطَافِ الْبَارِي: أَنَّ اللهَ يُذَكِّرُ عِبَادَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمَصَائِبِ مَا يُقَابِلُهَا مِنَ النِّعَمِ؛ لِئَلَّا تَسْتَرْسِلَ النُّفُوسُ فِي الْجَزَعِ، فَإِنَّهَا إِذَا قَابَلَتْ بَيْنَ الْمَصَائِبِ وَالنِّعَمِ؛ خَفَّتْ عَلَيْهَا الْمَصَائِبُ، وَهَانَ عَلَيْهَا حَمْلُهَا، كَمَا ذَكَّرَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ أُصِيبُوا بِأُحُدٍ مَا أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165] -لِأَنَّهُمْ فِي بَدْرٍ قَتَلُوا سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، فَنَزَّلَ الْمَأْسُورِينَ مَنْزِلَةَ الْمَقْتُولِينَ، وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي أُحُدٍ سَبْعُونَ، فَقَالَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}-  وَأَدْخَلَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي أَثْنَاءِ قِصَّةِ أُحُدٍ {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123].

وَكَذَلِكَ يُبَشِّرُ اللهُ عَبْدَهُ بِالْمَخْرَجِ مِنْهَا حِينَ تُبَاشِرُهُ الْمَصَائِبُ؛ لِيَكُونَ هَذَا الرَّجَاءُ مُخَفِّفًا لِمَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [يوسف: 15 ].

وَكَذَلِكَ رُؤْيَا يُوسُفَ؛ كَانَ يَعْقُوبُ إِذَا ذَكَرَهَا رَجَا الْفَرَجَ، وَهَبَّ عَلَى قَلْبِهِ نَسِيمُ الرَّجَاءِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [ يوسف: 87 ].

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِأُمِّ مُوسَى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [ القصص: 7].

وَأَعْظَمُ مِنْ ذلك كُلِّهِ: أَنَّ وَعْدَ اللهِ لِرُسُلِهِ بِالنَّصْرِ، وَبِتَمَامِ الْأَمْرِ، وَحُسْنِ الْعَاقِبَةِ؛ هَوَّنَ عَلَيْهِمْ بِهِ الْمَشَقَّاتِ، وَسَهَّلَ عَلَيْهِمُ الْكَرِيهَاتِ، فَتَلَقَّوْهَا بِقُلُوبٍ مُطْمَئِنَّةٍ وَصُدُورٍ مُنْشَرِحَةٍ، وَأَلْطَافُ الْبَارِي فَوْقَ مَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ، أَوْ يَدُورُ فِي الْخَيَالِ)).

 ((سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا))

إِنَّ اسْتِحْبَابَ التَّبْشِيرِ وَالْفَأْلِ الْحَسَنِ فِي الْمِحَنِ وَالنَّوَازِلِ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ رَسُولُنَا الْكَرِيمُ، وَحَضَّ عَلَيْهِ دِينُنَا الْعَظِيمُ؛ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ، وَأَنْ نُبَشِّرَ النَّاسَ وَنُطَمْئِنَهُمْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمِحَنِ،  قَالَ رَبُّنَا جَلَّتْ قُدْرَتُهُ-: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7].

((وَهَذِهِ بِشَارَةٌ لِلْمُعْسِرِينَ؛ أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- سَيُزِيلُ عَنْهُمُ الشِّدَّةَ، وَيَرْفَعُ عَنْهُمُ الْمَشَقَّةَ)).

وَقَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5-6].

((وَقَوْلُهُ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ أَنَّهُ كُلَّمَا وُجِدَ عُسْرٌ وَصُعُوبَةٌ؛ فَإِنَّ الْيُسْرَ يُقَارِنُهُ وَيُصَاحِبُهُ؛ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْعُسْرُ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلَ عَلَيْهِ الْيُسْرُ فَأَخْرَجَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((وَإِنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)).

وَتَعْرِيفُ (الْعُسْرِ) فِي الْآيَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ، وَتَنْكِيرُ (الْيُسْرِ) يَدُلُّ عَلَى تَكْرَارِهِ؛ فَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ.

وَفِي تَعْرِيفِهِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الدَّالِّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ وَالْعُمُومِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ عُسْرٍ -وَإِنْ بَلَغَ مِنَ الصُّعُوبَةِ مَا بَلَغَ- فَإِنَّهُ فِي آخِرِهِ التَّيْسِيرُ مُلَازِمٌ لَهُ)).

وَفِي ((الصَّحِيحَيْنِ))عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا)).

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ)).

قَالُوا: ((وَمَا الْفَأْلُ؟)).

قَالَ: ((كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ)).

((التَّحْذِيرُ مِنْ نِسْيَانِ الضُّرِّ بَعْدَ كَشْفِهِ!!))

((يُخْبِرُ -تَعَالَى- عَنْ كَرَمِهِ بِعَبْدِهِ وَإِحْسَانِهِ وَبِرِّهِ، وَقِلَّةِ شُكْرِ عَبْدِهِ، وَأَنَّهُ حِينَ يَمَسُّهُ الضُّرُّ.. مِنْ مَرَضٍ، أَوْ فَقْرٍ، أَوْ وُقُوعٍ فِي كُرْبَةِ بَحْرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُنْجِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ إِلَّا اللهُ، فَيَدْعُوهُ مُتَضَرِّعًا مُنِيبًا، وَيَسْتَغِيثُ بِهِ فِي كَشْفِ مَا نَزَلَ بِهِ، وَيُلِحُّ فِي ذَلِكَ.

{ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ} اللهُ {نِعْمَةً مِنْهُ} بِأَنْ كَشَفَ مَا بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالْكُرْبَةِ، {نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ}؛ أَيْ: نَسِيَ ذَلِكَ الضُّرَّ الَّذِي دَعَا اللهَ لِأَجْلِهِ، وَمَرَّ كَأَنَّهُ مَا أَصَابَهُ ضُرٌّ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى شِرْكِهِ)).

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ} [الزمر: 8].

((وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ بَلَاءٌ وَشِدَّةٌ؛ دَعَا رَبَّهُ رَاجِعًا إِلَيْهِ، مُسْتَغِيثًا بِهِ، مُسْتَيْقِنًا مِنْ عُمْقِ فُؤَادِهِ أَنَّهُ لَا يَكْشِفُ الضُّرَّ إِلَّا هُوَ.

ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مُتَرَاخِيَةٍ مِنَ الزَّمَنِ إِذَا أَعْطَاهُ رَبُّهُ نِعْمَةً عَظِيمَةً تَفَضُّلًا مِنْهُ سُبْحَانَهُ-، وَمَلَّكَهُ إِيَّاهَا؛ نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو رَبَّهُ إِلَى كَشْفِهِ عَنْهُ، وَأَبْطَرَتْهُ النِّعْمَةُ!!)).

 ((وَأَخْبَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَأَنَّهُ إِذَا مَسَّهُ ضُرٌّ -مِنْ مَرَضٍ أَوْ مُصِيبَةٍ-؛ اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ، وَسَأَلَ اللهَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ؛ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا، وَأَلَحَّ فِي الدُّعَاءِ؛ لِيَكْشِفَ اللهُ عَنْهُ ضُرَّهُ‏.‏

{‏فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ‏}؛ أَيِ‏:‏ اسْتَمَرَّ فِي غَفْلَتِهِ مُعْرِضًا عَنْ رَبِّهِ، كَأَنَّهُ مَا جَاءَهُ ضُرُّهُ، فَكَشَفَهُ اللهُ عَنْهُ؛ فَأَيُّ ظُلْمٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا الظُّلْمِ‏؟!!‏‏ يَطْلُبُ مِنَ اللهِ قَضَاءَ غَرَضِهِ، فَإِذَا أَنَالَهُ إِيَّاهُ؛ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى حَقِّ رَبِّهِ، وَكَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ لِلهِ حَقٌّ، وَهَذَا تَزْيِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، زَيَّنَ لَهُ مَا كَانَ مُسْتَهْجَنًا مُسْتَقْبَحًا فِي الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ، ‏{‏كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ‏}؛‏ أَيِ‏:‏ الْمُتَجَاوِزِينَ لِلْحَدِّ ‏{‏مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏})).

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ} [يونس: 12].

((وَإِذَا أَصَابَ الْإِنْسَانَ الْمُسْرِفَ عَلَى نَفْسِهِ بِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي الْجَهْدُ وَسُوءُ الْحَالِ وَلَوْ قَلِيلًا؛ سَأَلَنَا مُتَذَلِّلًا لِكَشْفِهِ فِي جَمِيعِ حَالَاتِهِ؛ عَلَى جَنْبِهِ مُضْجِعًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ قَائِمًا، فَحِينَ أَزَلْنَا عَنْهُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَرَفَعْنَاهُ عَنْهُ؛ اسْتَمَرَّ عَلَى حَالَتِهِ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهُ الضُّرُّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى كَشْفِهِ، وَنَسِيَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْبَلَاءِ وَالضِّيقِ وَالْفَقْرِ)).

اللهم إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَجَميعِ سَخَطِكَ.

يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ؛ اغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُحِلُّ النِّقَمَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُورِثُ النَّدَمَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الْقِسَمَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلَاءَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُعَجِّلُ الْفَنَاءَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُدِيلُ الْأَعْدَاءَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تَرُدُّ الدُّعَاءَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُمْسِكُ غَيْثَ السَّمَاءِ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تُظْلِمُ الْهَوَاءَ، وَاغْفِرْ لَنَا الذُّنُوبَ الَّتِي تَكْشِفُ الْغِطَاءَ.

عُبَيْدُكَ بِفِنَائِكَ، مُسَيْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، فَقِيرُكَ بِفِنَائِكَ، سَائِلٌ بِفِنَائِكَ، كُنْتَ وَتَكُونُ، وَأَنْتَ حَيٌّ قَيُّومٌ، تَنَامُ الْعُيُونُ، وَتَنْكَدِرُ النُّجُومُ، وَأَنْتَ حَيٌّ قَيُّومٌ، لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

المصدر: التَّضَرُّعُ إِلَى اللهِ فِي الْمِحَنِ وَالشَّدَائِدِ

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  ((اغْتِنَامُ عَهْدِ الشَّبَابِ فِي بِنَاءِ الذَّاتِ)) -إِتْقَانُ الْعِبَادَةِ وَإِتْقَانُ الْعَمَلِ-
  مَكَانَةُ الشُّهَدَاءِ وَوُجُوبُ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ
  الْجَارُ مَفْهُومُهُ وَحُقُوقُهُ
  التَّرْشِيدُ فِي حَيَاتِنَا مَوْضُوعَا الْمِيَاهِ، وَالْإِنْفَاقِ فِي رَمَضَانَ أُنْمُوذَجًا
  مَاذَا بَعْدَ الْحَجِّ؟
  ((دُرُوسٌ وَعِظَاتٌ مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَاتِ)) ​((الدَّرْسُ السَّابِعُ: دَعْوَةُ الْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا إِلَى التَّوْحِيدِ))
  ما صح في ليلة النصف من شعبان
  قِيمَةُ الِاحْتِرَامِ
  جُملة مِن أحكامِ العيديْن
  حُسْنُ الخُلُقِ سَبَبُ بِنَاءِ المُجْتَمِعِ الصَّالِحِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان