((الْفَرَحُ فِي الْعِيدِ
وَحِمَايَةُ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ))
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ:
((الْحُبُّ الْفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ))
فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى ذَاكِرًا الأَوْطَانَ وَمَوَاقِعَهَا فِي القُلُوبِ: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} [النساء: 66].
فَسَوَّى بينَ قَتْلِ أَنْفُسِهِم والخُرُوجِ مِن دِيَارِهِم.
وَلَو قَنَعَ النَّاسُ بِأَرْزَاقِهِمْ قَنَاعَتَهُمْ بِأَوْطَانِهِمْ، مَا اشْتَكَى عَبْدٌ الرِّزْقَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ بِأَوْطَانِهِم أَقْنَعُ مِنْهُم بِأَرْزَاقِهِمْ.
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِمَكَّةَ يَقُولُ: «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ». وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَه: «وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِليَّ». صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
((الدِّفَاعُ عَنْ وَطَنِنَا الْإِسْلَامِيِّ جِهَادٌ شَرْعِيٌّ))
قَالَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((بِلَادُ الْإِسْلَامِ هِيَ الْبِلَادُ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا شَعَائِرُ الْإسْلَامِ عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ شَامِلٍ».
فَبِلَادُنَا بِلَادٌ إِسْلَامِيَّةٌ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَمَا دَامَتْ بِلَادُنَا إِسْلَامِيَّةً فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى لِاسْتِقْرَارِهَا, وَاكْتِمَالِ أَمْنِهَا, وَيَجِبُ حِيَاطَتُهَا بالرِّعَايَةِ، وَالْحِفَاظِ وَالْبَذْلِ.
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ -كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى ((رِيَاضِ الصَّالِحِينَ))-: ((حُبُّ الْوَطَنِ: إِنْ كَانَ إِسْلَامِيًّا فَهَذَا تُحِبُّهُ؛ لِأَنَّهُ إِسْلَامِيٌّ)).
الْوَطَنُ إِنْ كَانَ إِسْلَاميًّا يَجِبُ أَنْ يُحَبَّ، وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُشَجِّعَ عَلَى الْخَيْرِ فِي وَطَنِهِ، وَعَلى بَقَائِهِ إِسْلَامِيًّا, وَأَنْ يَسْعَى لِاسْتِقْرَارِ أَوْضَاعِهِ وَأَهْلِهِ, وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ.
عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ بَلَدَهُ الْإِسْلَامِيَّ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ، وَأَنْ يَمُوتَ دُونَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالْأَرْضُ مَالٌ، فَمَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُو شَهِيدٌ.
((فَضْلُ الْجِهَادِ دِفَاعًا عَنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ))
إِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا, وَهُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى وَالْجَنَّةِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَوْلا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ, وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْجِهَادَ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ، وَمِنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مَا تَقَرَّبَ بِهِ الْمُتَقَرِّبُونَ، وَتَنَافَسَ فِيهِ الْمُتَنَافِسُونَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ نَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الدِّينِ، وَقَمْعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.
قَالَ ﷺ: ((لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)).
وَقَالَ ﷺ -كَمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي ((الصَّحِيحِ)) -: ((مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ)).
وَقَالَ ﷺ: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ)).
فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَغَيْرُهَا تَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا جَعَلَ اللهُ فِيهِ مِنَ الْأُجُورِ الْعَظِيمَةِ، وَالتِّجَارَةِ الرَّابِحَةِ.
«رِسَالَةٌ إِلَى أَهْلِ لِيبْيَا الْحَبِيبَةِ»
يَا أَهْلَ لِيبْيَا؛ رِجَالًا وَنِسَاءً، شِيبًا وَشُبَّانًا، وَأَطْفَالًا!
لَا يَخْدَعَنَّكُمُ الْخَوَارِجُ التَّكْفِيرِيُّونَ عَنِ الْحَقِّ الَّذِي عَرَفْتُمُوهُ، وَالصَّوَابِ الَّذِي اعْتَقَدْتُمُوهُ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ لَكُمْ خَيْرًا.
أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، لَا يُرِيدُونَ لِبَلَدِكُمْ قَرَارًا وَلَا اسْتِقْرَارًا، وَلَا يُرِيدُونَ لَكُمْ أَمْنًا، وَلَا أَمَانًا، وَلَا اطْمِئْنَانًا.
وَلَا يُرِيدُونَ لِثَرْوَاتِ بَلَدِكُمْ وَمَا حَبَاهُ اللهُ مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَعُودَ عَلِيْكُمْ أَوْ يُرَدَّ إِلَيْكُمْ.
اعْلَمُوا وَتَيَقَّنُوا أَنَّ الْفَوْضَى الَّتِي يَسْعَى إِلَيْهَا الْخَوَارِجُ وَمَنْ خَلْفَهُمْ سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَرِيبٍ تَنْجَلِي -بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ-؛ فَإِنَّ الْخَوَارِجَ -كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَا اسْتِمْرَارَ لَهُمْ فِي عَصْرٍ وَلَا بَقَاء، قَالَ ﷺ عَنِ الْخَوَارِجِ: ((كُلَّمَا طَلَعَ قَرْنٌ قُطِعَ)) ، وَهُوَ ﷺ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ.
وَلَمْ تَقُمْ فِي تَارِيخِ الْإِسْلَامِ لِلْخَوَارِجِ دَوْلَةٌ!!
«رِسَالَةٌ إِلَى شَبَابِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي لِيبْيَا الْحَبِيبَةِ»
يَا شَبَابَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي لِيبْيَا الْحَبِيبَةِ! يَا أَهْلَ الْحَقِّ! يَا حَائِطَ الصَّدِّ دُونَ شَعْبِكُمُ النَّقِيِّ أَمَامَ دَجَلِ التَّكْفِيرِيِّينَ وَانْحِرَافَاتِ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ! اتَّقُوا اللهَ فِي دِينِكُمْ وَدَعْوَتِكُمْ.
إِنَّ دَعْوَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ تَسْتَجِيبُ لَهَا فِطرَةُ اللِّيبِيِّينَ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ.
وَأَكْثَرُ اللِّيبِيِّينَ كَذَلِك؛ تَوَافَقَتْ فِطرَةُ قُلُوبِهِمُ النَّقِيَّة بِدَعْوَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ السَّوِيَّةِ؛ فَأَخَذُوا بِهَا وَاعْتَقَدُوهَا وَحَيَوْا عَلَيْهَا؛ مُتَمَسِّكِينَ بِهَا دَاعِينَ إِلَيْهَا؛ إِذْ هِيَ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالْفِطْرَةِ الَّتِي وَافَقَتْ فِطْرَتَهُمُ الَّتِي يُحَاوِلُ التَّكْفِيرِيُّونَ طَمْسَهَا أَوْ مَسْخَهَا -وَلَا يَبْلُغُونَ -بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ- مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا-.
((الْفَرَحُ الشَّرْعِيُّ فِي الْعِيدَيْنِ))
عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ الرَّسُولَ ﷺ لَمَّا نَزَلَ الْمَدِينَةَ، وَجَدَهُمْ يَحْتَفِلُونَ بِيَوْمَيْنِ، فَقَالَ الرَّسُولُ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ»..
فَهَذَانِ هُمَا عِيدَا الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَمِنْ شَعَائِرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْفَرَح فِيهمَا؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ هَذَيْنِ الْعِيدَيْنِ بِعَقِبِ عِبَادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ، وَفَرْضَيْنِ جَلِيلَيْنِ مِنْ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ الْكَرِيمِ؛ لِأَنَّ عِيدَ الْفِطْرِ هُوَ مِنْ أَجْلِ الْفِطْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، يَفْرَحُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِأَدَاءِ هَذَا النُّسُكِ العَظِيمِ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ مِنْ ذَبْحِ مَطَامِعِ النَّفْسِ، وَشَهَواتِهَا؛ قُرْبَانًا للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
فَبَعَدَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ؛ شَرَعَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الْفَرَحَ فِي يَومِ الْفِطْرِ: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: ١٨٥].
وَأَمَّا يَوْمُ النَّحْرِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عِيدُ الْمُسْلِمِينَ الْأَكْبَرُ وَهُوَ بِعَقِبِ أَدَاءِ النُّسُكِ الجَلِيلِ الَّذِي يُيَسِّرُهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِن عِبَادِهِ -مِنَّةً مِنْهُ وَعَطَاءً-.
((مُخَالَفَاتٌ مُشْتَهِرَةٌ يَوْمَ الْعِيدِ))
عِبَادَ اللهِ! فَلْنَحْرِصْ -إِنْ شَاءَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-- عَلَى أَلَّا نَأْتِي بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُخَالِفَةِ لِهَدْيِ نَبِيِّنَا ﷺ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ؛ مِنَ التَّزَيُّنِ بِحَلْقِ اللِّحْيَةِ وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرِّجَالِ!! وَمُصَافَحَةِ النِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ, وَالتَّشَبُّهِ بِالكُفَّارِ وَالْغَرْبِيِّينَ فِي الْمَلَابِسِ, وَاسْتِمَاعِ الْمَعَازِفِ, وَتَبَرُّجِ النِّسَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اتِّخَاذِ الْمُنْكَرَاتِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنهُمْ».
وَتَخْصِيصُ يَوْمِ الْعِيدِ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ لَيْسَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ مِنَ الْبِدَعِ الْمَرْذُولَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ؛ لَا مِنَ الْكِتَابِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ.
((نَصِيحَةُ النَّبِيِّ ﷺ لِلنِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ))
لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ لِلرِّجَالِ؛ تَوَجَّهَ إِلَى النِّسَاءِ يَعِظُهُنَّ، يَقُولُ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ».
يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((صِنْفَانِ مِنَ النَّاسِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلاَتٌ مُمِيلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا)).
عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي نَفْسِهَا، فِي عِرْضِهَا، فِي لَحْمِهَا، فِي دَمِهَا، فِي بَيْتِهَا، فِي زَوْجِهَا، فِي أَبْنَائِهَا، فِي دِينِهَا وَأُمَّتِهَا، فِي وَطَنِهَا، أَلَّا تَكُونَ مَثَارَ فِتْنَةٍ تَضِيعُ بِسَبَبِهَا الْأَعْمَارُ، وَتُهْدَرُ بِسَبَبِهَا الْقُوَى.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ».
قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟
قَالَ: «يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ!!».
جُحُودٌ وَنُكْرَانٌ؛ وَلَكِنْ هَكَذَا خَلْقُ اللهِ النِّسَاء، ((خَلَقَهَا اللهُ -أَيْ الْمَرْأَةَ- مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ مَا فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ أَنْتَ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ؛ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا؛ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا عَلَى عِوَجٍ)).
((تَذَكَّرُوا بِجَمْعِكُمْ يَوْمَ حَشْرِكُمْ!))
هَذَا الْيَوْمُ عِيدُكُمْ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ-، تَجْتَمِعُونَ فِيهِ، تُكَبِّرُونَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، تَحْمَدُونَهُ.
فَتَأَمَّلُوا فِي حَالِكُمْ –فِي جَمْعِكُمْ-؛ حَتَّى تَتَذَكَّرُوا بِهِ جَمْعَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ حَشَرَكُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَالْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الْمُتَكَلِّمُ، وَلَا يَخْفَى عَلَى رَبِّكَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنْهُمْ شَيْءٌ ، فَتَتَطَايَرُ الصُّحُفُ، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ مِنْ أَمَامَ، وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.
لَيْسَ الْعِيدُ فِي لُبْسِ الْجَدِيدِ، إِنَّمَا الْعِيدُ فِيمَنْ طَاعَاتُهُ تَزِيدُ.
تَأَمَّلِ الْيَوْمَ فِي حَالِكَ، وَكَيْفَ مَضَى عَلَيْكَ مَوْسِمُ الطَّاعَةِ الَّذِي رُبَّمَا لَنْ أُدْرِكَهُ وَلَنْ تُدْرِكَهُ، يَعْلَمُ ذَلِكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ؛ مَاذَا صَنَعْتَ؟!!
وَمَاذَا قَدَّمْتَ؟!!
وَمَاذَا أَنْتَ نَاوٍ أَنْ تَصْنَعَ بَعْدُ؟!!
إِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ.
*الْعِبَادَةُ لَا تَنْقَطِعُ بَعْدَ رَمَضَانَ!!
أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ رَبِّكُمْ، وَصُومُوا سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَمَا أَرْشَدَكُمْ إِلَى ذَلِكَ نَبِيُّكُمْ ، وَدَاوِمُوا عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْجُودِ بِإِخْلَاصٍ وَيَقِينٍ، وَإِقْبَالٍ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
((الْحَثُّ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالِاجْتِمَاعِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ))
عِبَادَ اللهِ! النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُ بِتَمَاسُكِ الصُّفُوفِ..
الرَّسُولُ ﷺ يُحَرِّمُ التَّدَابُرَ، وَيُحَرِّمُ التَّقَاطُعَ، وَيُحَرِّمُ التَّشَاجُرَ..
النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ..
وَيَأْمُرُنَا النَّبِيُّ ﷺ بِصِلَةِ الرَّحِمِ الْأَمَسِّ الْأَقْرَبِ؛ فَيَأْمُرُ النَّبِيُّ ﷺ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَيَنْهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْعُقُوقِ.
النَّبِيُّ ﷺ بَيَّنَ لَنَا عِظَمَ حَقِّ الْأُمِّ عَلَى الْعَبْدِ..
((وَطَنُكُمُ الْإِسْلَامِيُّ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ!!))
عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ الْكُلَّ فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ -سَفِينَةُ الْوَطَنِ-، فَإِنْ كُسِرَتْ -نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ- غَرِقَ الْجَمِيعُ، لَنْ تَبْقَى حِينَئِذٍ عَدَاوَةٌ تَنْفَعُ، وَالْخِيَانَةُ هِيَ الْخِيَانَةُ، فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي أَنْفُسِكِمْ، وَفِيمَنْ وَرَاءَكُم، وَفِي وَطَنِكُمْ، فِي تُرَابِكُمْ، فِي أَرْضِكُمْ، فِي هَوَائِكُمْ وَمَائِكُمْ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا يَتَوَجَّبُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَافِظُوا عَلَيْهِ، وَأَنْ تُدَافِعُوا عَنْهُ.
أَفِيقُوا! اتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ الْوَاقِعَةُ -سَلَّمَكُمُ اللهُ وَحَمَاكُمْ، وَسَلَّمَ اللهُ وَطَنَنَا وَجَمِيعَ أَوْطَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَحْسَنَ خِتَامَنَا أَجْمَعِينَ-.
أَسْأَلُ اللهَ –جَلَّتْ قُدْرَتُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ- أَنْ يَرْحَمَنَا، وَأَنْ يَرْحَمَ أَمْوَاتَنَا وَجَمِيعَ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُحْسِنَ لَنَا الْخِتَامَ أَجْمَعِينَ؛ إِنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْبَرُّ الْكَرِيمُ وَالْجَوَادُ الرَّحِيمُ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.