تفريغ مقطع : تحذير الإمام أحمد من بدعة الحاكم ونهيه عن الخروج عليه

الأئمةُ  -رضي الله عنهم- ذكروا ما يتعلقُ بدينِ اللهِ ربِّ العالمين؛ فأدَّوْا حقَّ اللهِ، وأدَّوا حقَّ الإمامِ، كما وقعَ مِن الإمامِ أحمد رحمهُ الله تعالى-، فإنه كان يُصلي وراءَهم ثم يُعيد الصلاةَ إذا كان في بيتِهِ، وكان يَنهى عن الخروجِ عليه مع ما تورطوا فيه، والإمامُ أحمد مع ذلك يحملُ حملًا شديدًا على الجهمية، وكان منهم الإمام، بل كان أكبرَ داعٍ إلى التجَهُّمِ؛ لأن السُّلطةَ كانت بيدِهِ، وكان معهُ الذهبُ ومعه العصا معًا، فكان يملُكُ الترغيبَ والترهيبَ، حتى إنه كان يقتُلُ على عدمِ متابعتِهِ في تجهُّمِهِ.

ومع ذلك الإمامُ أحمد رحمهُ اللهُ تعالى- نهى الفقهاءَ لمَّا آمرُوهُ على الخروجِ على الواثقِ وأمرَهُم بالصبرِ، وبيَّنَ حالَ الإمامِ أيضًا، ولم يكُن ذلك تعريضًا بالإمامِ ولا خروجًا عليه، فقال الإمامُ أحمد رحمه الله-: ((اصبروا حتى يستريحَ بَرٌّ أو يُستراحَ مِن فاجر))، وما عدَّ أحدٌ مِن الأئمةِ ذلك تعريضًا مِن الإمامِ أحمد بالإمامِ، بل كان ينهى عن الخروجِ ويُحاربُ المُعتقَد رحمهُ اللهُ تعالى رحمةً واسعة-، فصنَّفَ في الردِّ على الجهميةِ والزنادقة، وشنَّعَ بهم، وحذَّرَ منهم، وحملَ عليهم، بل كَفَّرَ الجهمية رحمهُ اللهُ تعالى-.

والإمامُ كان على رأسِ الجهمية، فلم يمنع ذلك الإمامَ أحمد رحمهُ اللهُ- مِن بيانِ الحقِّ مع التزامِهِ ما يجبُ لوليِّ الأمر، فلا يخرجُ عليه، ولا يدعو إلى الخروجِ عليه، ولكنْ يُبيِّنُ المُعتَقَد وإنْ كان الإمامُ هو الذي يعتقد، وليس هذا بخروجٍ على الإمامِ ولا شيء، وإلَّا ضاعَ الدينُ، لأن الإمامَ أحمد لو تنطعَ كما يتنطعُ المتنطعون، وقال لا أرُدُّ على الجهمية، لأن الإمامَ على رأسِ الجهمية، فلو رددتُ عليه لكان ذلك خروجًا عليه وسكتَ؛ لضاعَ الدين، وحاشا للهِ أنْ يضيعَ، وإنما أدَّى الحقَّ للإمامِ فلم يخرُج عليه، ونهى عن الخروج عليه، ومع ذلك أدَّى حقَّ اللهِ بالتحذيرِ مِن الجهميةِ، وعلى رأسِهِم الحاكمُ في ذلك الوقت وهو الواثق، بل قالَ تلك المقولةَ الشديدة: ((اصبروا حتى يستريحَ برٌّ أو يُستراحَ مِن فاجر))، فوصفَ بهذا الوصفِ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
  الانحراف في منهج الاستدلال عند الخوارج
  مَنْ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا مَعَ أَبِيهِ
  لو لم تذنبوا لذهب الله بكم
  فيروس كورونا | Coronavirus
  لم يحدث قط أن عم العري والتبرج ديار المسلمين كما هو في هذا العصر
  هل سيفرح الناس بموتك؟ هل سيستريح الناس منك؟!
  حكم قول علي كرّم الله وجهه
  الشيخ رسلان يقسم على إخوانه جميعا في كل مكان أن لا يقبلوا يديه
  تعرف على تاريخ اليهود في القدس وقصة الهيكل
  هذا منهج أهل السنة فى مجالسة المبتدعة فانتبه!!
  هل الأعمال شرط كمال أم شرط صحة ..؟
  الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا
  تَعَلُّمُ دِينِ اللهِ فِيهِ خَيْرٌ كَبِيرٌ
  حُكْمُ مُصَادَقَةِ أَهْلِ البِدَعِ وَالأَهْوَاءِ عَلَى النِّتِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان