تفريغ مقطع : وا حلباه! وا حلباه!

حَلب... حلبُ الشَّمَّاءُ الصَّهبَاء، حَلبُ العِلم، حَلبُ الأدَب، حَلبُ الشِّعر، حَلبُ المَواهِب، تُدمَّرُ!! تُسوَّى بالأرضِ بحِقدٍ صَليبيٍّ أثِيمٍ!!
وَبأيدِي بَعضِ أبنَاءِ المُسلمِينَ مِمَّن خَانُوا دِينَهُم، وخَانُوا كِتَابَ ربِّهِم، وخَانُوا نَبيَّهُم -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-!!
ثمَّ انتقَلَ القَصفُ إلى دِمَشق، يَتَتبَّعُونَ الحَواضِرَ الإسلامِيةَ التي نَمَت فِيهَا حَضارَةُ الإِسلامِ العَظِيم، وَتَرسَّخَت أُصولُهَا، وتَأسَّسَت علَى أُسُسِهَا.
دِمَشق... بَغدَاد, بَغدادُ الرَّشيد, ثُمَّ العَينُ علَى القَاهِرَة، فَهذِهِ هي الحَواضِرُ الثَّلاث عند المُسلِمين فِي المَشرِقِ العَربي الإسلَامِي، المُسلمُون لَا يَلتفِتون؛ فَلْتُهدَم دِمَشقُ علَى رُؤوسِ أبنَائهَا، يُخوِّنُون وَيتكَلَّمُون وَيَهرِفُونَ بمَا لَا يَعرِفون، إنَّهُ مَجدُكُم... تُراثُكُم... يُدَمَّرُ تَدمِيرًا؛ حتَّى لَا تَكُونَ لكُم جُذور، وكُلُّ أُمَّة لَا مَاضِيَ لهَا فَلَا مُستَقبَل لهَا, حَاضِرُهَا ضَائع, مُبَعثرٌ مُبدَّدٌ, وأمَّا مُستقبَلُهَا فَغَائِمٌ لَا يُمكِنُ الوصُولُ إِلَيهِ!! أَينَ أَنتُم؟! وَأَينَ عُقُولُكُم؟!
يُدَمِّرونَ حَلب، يَقتُلونَ الأطفَال، يَستَخرِجونَ الأجِنَّةَ مِن بُطونِ الحَوامِل!!
يُروِّعُونَ الشِّيوخَ وَالعَجَائزَ, كَأنَّ بَينَهُم وَبينَ جُدرَانِ أَبنِيَتِهَا ثَأرًا!!

وَاحَلبَاه.... أَينَ المُسلِمون؟!!
مُنشَغِلُونَ بِأزمَةٍ هُنَا وَأَزمَةٍ هُنَاك، بأُمورٍ تَافِهَةٍ رَخِيصَةٍ, وَتَارِيخُهُم يُسحَق!! يُدَمَّر!! يُنسَف!! وَهُم لَا يَأبَهُون!! بَلْ رُبمَا تَجدُوا فِيهِم كَثيرًا مِن الفَرِحِين؛ لِسُوءِ نِيَّةٍ أَوْ لِفَسَادِ طَوِيَّة!!
ثُمَّ انتَقَلُوا إِلى دِمَشق، وَمَا الذِي بَقِيَ فِي دِمَشق؟!!
دِمَشقُ الحَاضِرةُ الأُمَويَّةُ العَربيَّةُ الخَالِصَةُ فِي عُرُوبَتِهَا, مَعَ إسلَامِيَّتِهَا السَّوِيَّة.
حِقدٌ دَفِينٌ، وَاليَهود يَعقِدُونَ مَجلِسَ وُزَرَائهِم بِاجتِمَاعِهِ في الجُولَان, وَيَقُولُ رَئيسُ وُزَرائهِم: الجُولَانُ إِسرائيلِيَّةٌ إِلَى الأَبَد!!
وَاحُزنَاه... لَيتَ أُمِّي لَم تَلِدنِي -كَمَا قَالَ ابنُ الأَثِير-, لَيتَ أُمِّي لَم تَلِدنِي؛ حتَّى لَا أَشهَدَ مِثلَ هَذهِ الأَحدَاث...
مِن قَبل بَغدَاد، وَالآن فِي قَبضَةِ الرَّوافِض بمَعرِفَةِ الحُلفَاء الذِينَ دَمَّرُوهَا أَولًا, ثُمَّ العَينُ عَلَى القَاهِرَة، وَمَاذَا بَعدُ؟!!
كُلُّ الحَضَارَاتِ القَدِيمَةِ فِي لِيبيَا يُعبَثُ بِهَا، تُنسَفُ تَارَة... تُشَوَّهُ تَارَة... تُدَمَّرُ تَارَة... ثُمَّ مَاذَا بَعدُ؟!
لَن يَبقَى لنَا سِوَى مَكَّةَ وَالمَدِينَة، مَا المُخَطَّطُ لِذلِك؟
تَدوِيلُهُمَا, وَهِي خِطَّةٌ مَعرُوفَةٌ؛ أَنْ يَكُونَ عِندَ المُسلِمين فَاتِيكَانٌ إِسلَامِيٌ كمَا عِندَ الكَاثُولِيك!! بِمَعنَى: أَنْ تَصِيرَ مَكَّةُ وَالمَدِينَة مُدَوَّلَتين, لَا تَخضَعَانِ لِسُلطَةٍ بعَينِهَا!! وتُتَنَاوَبُ عَلَيهَا سُلُطَاتُ المُتَعَاقِبينَ عَلَى السُّلطَةِ فِيهَا, وَتُفتَحُ مَكَّةُ وَالمَدِينَة كَالمَزارَاتِ السِّياحِيَّة!!
كمَا يَذهَبُونَ إِلَى المَوالِد!! وَيَدخُلُ إِليهَا مَن شَاءَ مِنْ مُسلِمٍ وَغَيرِ مُسلِم وَلَو كَانَ وَثَنِيًّا!! وَلَو كَانَ مُلحِدًا!!
مَاهَذا العَبَث؟! أَينَ أَنتُم؟!!

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  حافظوا على شباب الأمة فهم صمام الأمان
  رسالة إلى جنود وضباط القوات المسلحة المصرية
  صيغ التكبير الواردة عن السلف
  صفات المرأة الصالحة
  هل كان النبي إخوانيًا؟ أم كان قطبيًا؟! عليك بالأمر بالأول
  رسالة إلى كل إعلامي على وجه الأرض
  إِنْ لَمْ يَكُنْ الإِخْوَان والقُطْبيُّونَ مُبْتَدِعَةً!! فَمَن المُبْتَدِعَةُ إِذَن؟!!
  النقاب فى زمان العرى والإنحلال والدياثة
  تفصيل القول في مسألة صيام العشر من ذي الحجة
  شيخ الإسلام بن تيمية المفترى عليه في القديم والحديث
  لا تُفَوِّتْ الخيرَ على نفسِكَ
  الذين يعبدون الصنم والبقر... يعظمون معابدهم!! ويحكم أيها المسلمون أين تعظيم مساجدكم؟
  إَذَا تَرَكَ المُسلِمونَ الإِسلَام فَمَن يَتَمَسَّكُ بِهِ؟!
  ((1)) سبحانه هو الغنيُّ
  تَذَكَّر مَن صَامَ مَعَنَا العَامَ المَاضِي وَصَلَّى العِيد
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان