((وَإِذَا رَحِمْتَ فَأَنْتَ أُمٌّ أَوْ أَبٌ))
يَا مَنْ لَهُ مِنَ الْأَخْلَاقِ مَا تَهْوَى الْعُلَا مِنْهَـا وَمَـا يَتَعَشَّقُ الْكُـُبَراءُ
فَإِذَا سَخَوْتَ بَلَغْتَ بِالْجُودِ الْمَدَى وَفَعَلْـتَ مَا لَا تَـفْعَلُ الْبُـذَلَاءُ
وَإِذَا عَفَوْتَ فَقادِرًا وَمُقَــدَّرًا لَا يَستَهِــينُ بِعَفْوِكَ الْجُهَــلَاءُ
وَإِذَا رَحِمْتَ فَأَنْتَ أُمٌّ أَوْ أَبٌ هَذَانِ فِي الدُّنْيَا هُمَا الرُحَماءُ
وَإِذَا غَضِبْتَ فَإِنَّما هِيَ غَضْبَةٌ فِي الْحَقِّ لَا ضِغْنٌ وَلَا بَغْضَاءُ
وَإِذَا رَضِيتَ فَذَاكَ فِي مَرْضَاتِهِ وَرِضَا الْكَثِيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
وَإِذَا خَطَبْتَ فَلِلْمَنَابِرِ هِــزَّةٌ تَعْرُو الْنَدِيَّ وَلِلْقُلُوبِ بُكَاءُ
وَإِذَا قَضَيْتَ فَلَا ارْتِيَابَ كَأَنَّمَا جَاءَ الْخُصُومَ مِنَ السَّمَاءِ قَضَاءُ
وَإِذَا حَمَيْتَ الْمَاءَ لَمْ يُورَدْ وَلَوْ أَنَّ الْقَيَاصِرَ وَالْمُلُوكَ ظِمَاءُ
وَإِذَا أَجَرْتَ فَأَنْتَ بَيْتُ اللهِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ الْمُسْتَجِيرَ عَدَاءُ
وَإِذَا مَلَكْتَ النَّفْسَ قُمْتَ بِبِرِّهَا وَلَوَ اَنَّ مَا مَلَكَتْ يَدَاكَ الشَّاءُ
وَإِذَا بَنَيْتَ فَخَيرُ زَوْجٍ عِشْرَةً وَإِذَا ابْتَنَيْتَ فَدُونَكَ الْآبَاءُ
وَإِذَا صَحِبْتَ رَأَى الْوَفَاءَ مُجَسَّمًا فِي بُرْدِكَ الْأَصْحَابُ وَالْخُلَطَاءُ
وَإِذَا أَخَذْتَ الْعَهْدَ أَوْ أَعْطَيْتَهُ فَجَمِيعُ عَهْدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفَاءُ
وَإِذَا مَشَيْتَ إِلَى الْعِدا فَغَضَنْفَرٌ وَإِذَا جَرَيْتَ فَإِنَّكَ النَكْبَاءُ
وَتَمُدُّ حِلْمَكَ لِلسَّفِيهِ مُدَارِيًا حَتَّى يَضِيقَ بِعَرضِكَ السُّفَهَاءُ
فِي كُلِّ نَفْسٍ مِنْ سُطَاكَ مَهَابَةٌ وَلِكُلِّ نَفْسٍ فِي نَدَاكَ رَجَاءُ
وَالرَّأْيُ لَمْ يُنْضَ الْمُهَنَّدُ دُونَهُ كَالسَّيفِ لَمْ تُضْرب بِهِ الْآرَاءُ
الْحَرْبُ فِي حَقٍّ لَدَيْكَ شَرِيعَةٌ وَمِنَ السُّمُومِ النَّاقِعَاتِ دَوَاءُ
وَالْبِرُّ عِنْدَكَ ذِمَّةٌ وَفَرِيضَةٌ لَا مِنَّةٌ مَمْنُونَةٌ وَجَبَاءُ
جَاءَتْ فَوَحَّدَتِ الزَكاةُ سَبِيلَهُ حَتَّى الْتَقَى الْكُرَمَاءُ وَالْبُخَلَاءُ
أَنْصَفَتَ أَهْلَ الْفَقْرِ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى فَالْكُلُّ فِي حَقِّ الْحَيَاةِ سَوَاءُ
مِنْ كُلِّ دَاعِي الْحَقِّ هِمَّةُ سَيْفِــهِ فَلِسَيفِهِ فِي الرَّاسِيَاتِ مَضَاءُ
سَاقِي الْجَريحِ وَمُطْعِمُ الْأَسْرَى وَمَنْ مِنَتْ سَنَابِكَ خَيْلِهِ الْأَشْلَاءُ
إِنَّ الشَّجَاعَةَ فِي الرِّجَالِ غِلَاظَــةٌ مَا لَمْ تَزِنْهَا رَأْفَةٌ وَسَخَاءُ
وَالْحَربُ مِنْ شَرَفِ الشُّعُوبِ فَإِنْ بَغَوْا فَالْمَجْدُ مِمَّا يَدَّعُونَ بَرَاءُ
وَالْحَـــرْبُ يَبْعَثُهَــا الْقَوِيُّ تَجَبُّرًا وَيَنُوءُ تَحْتَ بَلَائِهَا الضُّعَفاءُ
كَمْ مِنْ غَزَاةٍ لِلرَّسُولِ كَرِيمَةٍ فِيهَا رِضًى لِلْحَقِّ أَوْ إِعْلَاءُ
كَانَتْ لِجُنْــدِ اللهِ فِـيهَا شِـــدَّةٌ فِي إِثْرِهَا لِلْعَالَمِينَ رَخَاءُ
ضَرَبُوا الضَّلَالَةَ ضَرْبَةً ذَهَبَتْ بِهَا فَعَلَى الْجَهَالَةِ وَالضَلَالِ عَفَاءُ
دَعَمُوا عَلَى الْحَرْبِ السَّلَامَ وَطَالَمَا حَقَنَتْ دِمَاءٌ فِي الزَّمَانِ دِمَاءُ
المصدر: مُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، فَلْنَحْمَلْ رَحْمَتَهُ لِلْعَالَمِينَ