تفريغ مقطع : الِانْتِخَابَاتُ الرِّئَاسِيَّةُ

((الِانْتِخَابَاتُ الرِّئَاسِيَّةُ))

الَّذِي هُوَ مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ مِمَّا هُوَ مُشَاهَدٌ وَمَنْظُورٌ فَهُوَ الْإِصْرَارُ وَالْإِكْبَابُ عَلَى إِسْقَاطِ مِصْرَ، وَإِحْدَاثِ الْفَوْضَى فِيهَا، فَإِنَّهَا الْجَائِزَةُ الْكُبْرَى، وَلَا تَبْلُغُ دَوْلَةٌ مِنَ الدُّوَلِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْفَوْضَى عُشْرَ مِعْشَارِ الْأَهَمِيَّةِ الَّتِي تَحُوزُهَا مِصْرُ عِنْدَ أُولَئِكَ السَّاعِينَ فِي الْتِهَامِهَا -حَفِظَهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَحَفِظَ أَبْنَاءَهَا-.

فَهَذَا التَّوْقِيتُ مَقْصُودٌ، يُقْصَدُ مِنْهُ أَنَّ الْأُمَّةَ الْمِصْرِيَّةَ سَتُشْغَلُ عَلَى حَسَبِ مَا قَرَّرَ دُسْتُورُهَا فِي مَعْرَكَةٍ فِي غَيْرِ مُعْتَرَكٍ، فِي مَعْرَكَةِ الرِّئَاسَةِ؛ لِأَنَّ الدُّسْتُورَ يَنُصُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَدْءِ الْإِجْرَاءَاتِ فِي إِجْرَاءَاتِ الِانْتِخَابَاتِ الرِّئَاسِيَّةِ قَبْلَ عِشْرِينَ وَمِئَة مِنَ الْأَيَّامِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الرَّئِيسِ، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ سَتَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيبِ بِادِئَةً فِي الْأُسْبُوعِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ يَنَايَر سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَأَلْفَيْنِ (2018م)، يَعْنِي بَعْدَ حَوَالَيْ شَهْرٍ مِنَ الْآن، فَتَدْخُلُ الْأُمَّةُ فِي مُعْتَرَكٍ لَا مَجَالَ لَهُ.

الشَّرْعُ يَقُولُ: إِنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ لَا يُنَازَعُ فِي مَقَامِهِ وَلَا فِي مَنْصِبِهِ، وَلَا يُنَافَسُ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ بَاقٍ فِيهِ إِلَّا إِذَا عَرَضَ عَارِضٌ مِنْ مَوَانِعِ الْأَهْلِيَّةِ، فَذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْرِضْ؛ فَالشَّرْعُ يَقُولُ: إِنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ الْمُسْلِمَ لَا يُنَافَسُ وَلَا يُنَازَعُ فِي مَقَامِهِ وَلَا فِي مَنْصِبِهِ الَّذِي بَوَّأَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِيَّاهُ، الشَّرْعُ يَقُولُ وَالْعَقْلُ يُصَدِّقُ.

لَا مَجَالَ مُطْلَقًا لِلتَّقَاتُلِ وَإِخْرَاجِ الْعَدَاوَاتِ، وَنَصْبِ الشِّبَاكِ لِلْمُؤَامَرَاتِ فِي الْفَتْرَةِ الْقَادِمَةِ، لَنْ تَسْقُطَ الْقُدْسِ وَحْدَهَا، وَلَنْ يُهْدَمَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى وَحْدَهُ، إِنَّهَا الْمُؤَامَرَةُ.

اتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمِصْرِيُّونَ، فَأَنْتُمُ الْبَاقُونَ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنْ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَبَعْدَمَا أَصَابَ الضَّعْفُ قَلْبَ الْأُمَّةِ، وَلَنْ يَضُخَّ الدِّمَاءَ فِي قَلْبِهَا سِوَاكُمْ، فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

لَا تَنَافَسُوا، لَا تَصَارَعُوا عَلَى الْحُكْمِ، إِنَّ الْحُكْمَ للهِ، وَإِنَّ الْأَمْرَ للهِ، وَإِنَّ الْمُلْكَ للهِ، يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى الشَّرْعِ، إِلَى كُتُبِ الْعَقِيدَةِ الَّتِي خَطَّهَا سَلَفُكُمْ مِنْ عُلَمَائِكُمُ الصَّالِحِينَ؛ لَوَجَدْتُمْ أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ وَمَنْ بِيَدِهِ السُّلْطَةُ وَمَنْ لَهُ الْحُكْمُ بِأَمْرِ اللهِ؛ لَا يُنَازَعُ، وَلَا يُنَافَسُ، وَلَا يُدْخَلُ فِي مُنَافَسَةِ عَلَى مَنْصِبِهِ.

وَالْعَقْلُ يَقُولُ إِنَّهُ يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُوَفِّرَ الْجُهُودَ وَالْمَالَ، وَأَنْ نَتَكَاتَفَ، وَأَنْ نَتَسَاعَدَ، وَأَنْ نَتَعَاوَنَ؛ مِنْ أَجْلِ الْخُرُوجِ مِنَ النَّفَقِ الْمُظْلِمِ، وَمِنْ أَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ هَذَا اللَّيْلِ الْبَهِيمِ، وَمِنْ أَجْلِ أَنْ تَقُومَ الْأُمَّةُ مُرْتَكِزَةً عَلَى مِحْوَرٍ قَائِمٍ وَأَصِيلٍ، وَهُوَ هَذَا الشَّعْبُ الْمِصْرِيُّ الْأَصِيلُ، هُوَ الصَّخْرَةُ الْبَاقِيَةُ يَنْحَطُّ عَنْهَا السَّيْلُ، هُوَ الصَّخْرَةُ الْقَائِمَةُ الَّتِي تَحْتَ أَقْدَامِهَا تَنْحَسِرُ الْأَمْوَاجُ -أَمْوَاجُ الْمُؤَامَرَاتِ-، وَلَيْسَ هَذَا بِحَادِثٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَدِيمٍ، شَرِيطَةَ أَنْ يَرْجِعَ الْمِصْرِيُّونَ إِلَى رَبِّهِمْ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَلَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى مَا فَعَلَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ فَجْرِ التَّارِيخِ، مِنْ أَيَّامِ الْهُكْسُوسِ، مَا قَبْلَ ذَلِكَ وَمَا بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ فِي التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ، لَوْ رَجَعْتُمْ لَعَلِمْتُمْ أَنَّ انْحِسَارَ أَمْوَاجِ الصَّلِيبِيِّينَ وَالتَّتَارِ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْغُزَاةِ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَمَا تَوَحَّدَتِ الْأُمَّةُ عَلَى دِينِ رَبِّهَا، عَلَى مُجْمَلِ الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ، مُتَآزِرَةً، مُتَعَاوِنَةً، مُتَكَاتِفَةً، مُتَرَابِطَةً، لَهَا هَدَفٌ، هَدَفٌ سَامٍ وَنَبِيلٌ، تُبْذَلُ الْمُهَجُ لَهُ رَخِيصَةً، وَتُبْذَلُ الْأَمْوَالُ لَهُ بِلَا حِسَابٍ؛ مِنْ أَجْلِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ وَتَحْصِيلِهِ؛ لِتَبْقَى مِصْرُ رَافِعَةً رَايَةَ الْإِسْلَامِ عَالِيَةً خَفَّاقَةً فِي الْأَجْوَاءِ.

اتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، اتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمِصْرِيُّونَ، لَا تَكُونُوا عَوْنًا لِأَعْدَائِكُمْ عَلَيْكُمْ وَعَلَى أَبْنَائِكُمْ وَحَفَدَتِكُمْ، عَلَى أَعْرَاضِكُمْ، عَلَى أَمْوَالِكُمْ، عَلَى أَرْضِكُمْ وَدِيَارِكُمْ.

إِنَّ الْمُؤَامَرَةَ تَلُوحُ حِينًا بَعْدَ حِينٍ، أَفَلَا تُبْصِرُونَ؟!!

إِنَّ أَصْوَاتَ النَّاعِقِينَ بِالْمُؤَامَرَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، عَالِيَةً زَاعِقَةً، أَلَا تَسْمَعُونَ؟!!

إِنَّ الْمُؤَامَرَاتِ قَدْ طَفَحَ بِهَا الْكَيْلُ، وَصَارَتْ تُحَاكُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، أَفَلَا تُحِسُّونَ؟!!

اتَّقُوا اللهَ، اتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، عَسَى اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يَرْفَعَ الْكَرْبَ، وَأَنْ يُزِيلَ الْغُمَّةَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  فكرة وآلية
  أكثر نسب الإنتحار فى الدول المتقدمة .لماذا ؟
  الدين حجة على الجميع
  نحن حـرب لا سلم على كل مَن اعتدى على أحدٍ من أصحاب الرسول حيًّا كان أو ميتًا
  إسقاط النظام الآن يعني: الحرب الأهلية
  الدفاع عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة التكفير بلا مُوجِب
  لَيْسَ لمَن عَمِلَ بالمعصيةِ أنْ يُنْكرَ وقوعَ العقوبة
  هل كان موسى عليه السلام عميلًا لفرعون؟ هل كان الحسن البصري عميلًا للحجاج؟!
  دفع البهتان حول عبارة (فيواطئ الهوى الهوى)
  أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ما الذي يمنعكم عن اتباع نبيكم؟
  الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا
  جهل الخوارج قديما وحديثا
  كيفية الجلوس في حِلَقِ العلم
  جملة مختصرة من أحكام عيد الفطر
  توحيد الربوبية لا ينكره أحد
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان