تفريغ مقطع : غَزَّةُ أَكْبَرُ سِجْنٍ فِي الْعَالَمِ!

((غَزَّةُ أَكْبَرُ سِجْنٍ فِي الْعَالَمِ!))

الْأَحَدُ 30 مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ 1445هـ / 15-10-2023م،

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِلَى الْيَوْمِ تَمَّ قَصْفُ وَهَدْمُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ مَنْزِلٍ (30000).. هُدِمَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ بَيْتٍ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ، ثَلَاثُونَ أَلْفًا مِنَ الْبُيُوتِ تَمَّ تَسْوِيَتُهَا بِالْأَرْضِ!

وَنَتَجَ عَنْ ذَلِكَ تَشْرِيدُ مِلْيُون وَمِائَتَيْ أَلْفِ فِلِسْطِينِيٍّ فِي الْقِطَاعِ بِلَا مَأْوَى، فِي الشَّوَارِعِ -إِنْ كَانَتِ الشَّوَارِعُ تَتَحَمَّلُهُمْ-، مِلْيُون وَمِائَتَا أَلْفٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ صَارُوا بِلَا مَأْوَى؛ لِأَنَّ الْقَصْفَ عَلَى الْمَشَاعِ، لَيْسَ فِيهِ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ الِاخْتِيَارِ، أَيُّ مَعْلُومَةٍ اسْتِخْبَارَاتِيَّةٍ يَتِمُّ عَلَى إِثْرِهَا الْقَصْفُ الْعَشْوَائِيُّ؛ بِتَدْمِيرِ الْأَحْيَاءِ كَامِلَةً، وَبِتَسْوِيَتِهَا بِالْأَرْضِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَرَئِيسُ الْكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ يَدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي غَزَّةَ مَدَنِيُّونَ عُزَّلٌ، يَقُولُ: كُلُّ مَنْ فِي غَزَّةَ مِنَ الْمُحَارِبِينَ، مَعَ أَنَّ عَدَدَ الْقِطَاعِ -يَعْنِي: عَدَدَ السُّكَّانِ فِي الْقِطَاعِ- حَوَالَيْ مِلْيُونَانِ وَنِصْفٌ، هَذَا عَدَدُ سُكَّانِ الْقِطَاعِ، مِنْهُمْ مِلْيُون طِفْلٍ، وَحَوَالَيْ سَبْعُ مِائَةٍ وَخَمْسُونَ أَلْفًا مِنَ النِّسَاءِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهَذَا الْمُجْرِمُ رَئِيسُ الْكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ يُصَدِّرُ إِلَى الْغَرْبِ هَذِهِ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي تُؤْخَذُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الْجِدَالَ، لَيْسَ فِي غَزَّةَ مَدَنِيُّونَ عُزَّلٌ، كُلُّهُمْ مُحَارِبُونَ!

هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالُ مَا يَصِلُ إِلَى مِلْيُونَ طِفْلٍ؛ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُحَارِبِينَ؟!!

النِّسَاءُ الْعَجَائِزُ، الشُّيُوخُ الْمَرْضَى؟!!

الْمُسْتَشْفَيَاتُ تُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِ مَنْ فِيهَا؛ أَيْنَ يَذْهَبُونَ؟!! مَا الْبَدِيلُ؟!!

قَوَافِلُ الْمُسَاعَدَاتِ الطِّبِّيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ تَمْتَدُّ الْقَاطِرَاتُ الَّتِي تَحْمِلُهَا إِلَى عَشَرَاتِ الْكِيلُو مِتْرَاتٍ، وَلَا يُؤْذَنُ لِقَاطِرَةٍ وَاحِدَةٍ بِالْمُرُورِ إِلَى دَاخِلِ غَزَّةَ، كُلُّهَا تَقِفُ، هَذِهِ الشَّاحِنَاتُ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمُسَاعَدَاتِ الطِّبِّيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ تَقِفُ، وَلَا تَتَحَرَّكُ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهَا!

وَهُنَاكَ حَامِلَتَانِ أَمْرِيكِيَّتَانِ تُرَابِطَانِ أَمَامَ السَّوَاحِلِ الْيَهُودِيَّةِ، حَامِلَتَا طَائِرَاتٍ؛ لِمَاذَا؟!!

يُحَارِبُونَ مَنْ؟!!

حَامِلَتَا طَائِرَاتٍ لِحَرْبِ حَمَاسٍ؟!! لِحَرْبِ حِزْبِ اللهِ؟!!

وَبِرِيطَانْيَا وَإِيطَالْيَا تَدْفَعَانِ بِالْقِطَعِ الْبَحْرِيَّةِ لِمُسَانَدَةِ حَامِلَتَيِ الطَّائِرَاتِ الْأَمْرِيكِيَّتَيْنِ؛ مَا هَذَا الْفُجُورُ؟!!

هَذَا الْعَالَمُ الْغَرْبِيُّ بِلَا قَلْبٍ، بِلَا ضَمِيرٍ، بِلَا شُعُورٍ، وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ يَقُولُونَ: نَحْنُ نُحَارِبُ حَيَوَانَاتٍ آدَمِيَّةً!

إِنَّ الْحَيَوَانَاتِ أَكْثَرُ عَاطِفَةً وَأَعْظَمُ شَفَقَةً مِنْ هَذَا الْعَالَمِ الْغَرْبِيِّ الْفَاجِرِ.

الْعَالَمُ كُلُّهُ يَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الْمَأْسَاةِ، إِلَى هَذَا السِّجْنِ الْكَبِيرِ، هُوَ أَكْبَرُ سِجْنٍ فِي الْعَالَمِ، ((غَزَّةُ أَكْبَرُ سِجْنٍ فِي الْعَالَمِ كُلِّهِ!)).

وَالْآنَ أَكْثَرُهُمْ بِلَا كَهْرُبَاءَ، بِلَا مَاءٍ، الْيَوْمَ فَقَطْ الْإِدَارَةُ الْيَهُودِيَّةُ تُعْلِمُ الْإِدَارَةَ الْأَمْرِيكِيَّةَ بِأَنَّ جَنُوبَ غَزَّةَ تَمَّ إِيصَالُ الْمِيَاهِ إِلَيْهِ، وَلِمَ تُقْطَعِ الْمِيَاهُ؟!!

الْمِيَاهُ لَا تَصِلُ إِلَى الْقِطَاعِ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ الْيَهُودِ، وَالْكَهْرُبَاءُ، وَالْوَقُودُ، وَكَذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآلَاتِ وَالْأَدَوَاتِ وَالْمُعِدَّاتِ الطِّبِّيَّةِ؛ كُلُّ هَذَا إِنَّمَا يَأْتِي عَنْ طَرِيقِ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ رَحْمَةٌ، هُمْ يَسِيرُونَ عَلَى الْمُعْتَقَدِ الَّذِي يَعْتَقِدُونَ؛ أَنَّ مَنْ لَيْسَ يَهُودِيًّا فَلَيْسَ إِنْسَانًا، هَؤُلَاءِ -يَعْنِي: الْجُويِيمَ، يَعْنِي: الْأُمَمِيِّينَ مَنْ لَيْسُوا بِيَهُودٍ- هَؤُلَاءِ عِنْدَ الْيَهُودِ أَحَطُّ مِنَ الْكِلَابِ، أَوْ هُمْ كَالْكِلَابِ عِنْدَهُمْ، يَنْبَغِي أَنْ يَقْنَعُوا بِالْفُتَاتِ الَّذِي يُلْقَى إِلَيْهِمْ مُتَنَاثِرًا مِنْ مَوَائِدِ أَسْيَادِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ!!

أَيُّ فُجُورٍ هَذَا؟!!

الْجِهَادُ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَهُ صُوَرٌ، لَيْسَ الْجِهَادُ مَقْصُورًا عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ، إِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ شُرُوطُهُ، وَلَمْ تَتَيَسَّرْ أَسْبَابُهُ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِهَادُ؟

الْجِهَادُ بِالْمَالِ، مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُسَاعِدَ فَلْيُسَاعِدْ.

الْجِهَادُ بِالدُّعَاءِ الَّذِي يَضِنُّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ؛ فَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ فِي غَفْلَةٍ، أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ فِي غَفْلَةٍ، وَلَا تَمُرُّ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمَآسِي إِلَّا مُرُورَ الْكِرَامِ، لَا يَتَوَقَّفُونَ عِنْدَهَا، لَا تُحَرِّكُ فِيهِمُ الْمَشَاعِرَ، مَعَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَإِذَا مَا تَأَلَّمَ مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى، هَذِهِ مُسَلَّمَاتٌ وَحَقَائِقُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ رَاسِخَةً فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ.

فَلَا يَتَيَسَّرُ الْجِهَادُ بِالسِّلَاحِ؛ وَلَكِنَّهُ يَتَيَسَّرُ بِالْمَالِ، وَهُنَاكَ مَنَافِذُ الْآنَ مِنْ أَجْلِ تَوْصِيلِ الْمُسَاعَدَاتِ لِهَؤُلَاءِ الْمَكْرُوبِينَ.

أَسْأَلُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْمُثْلَى أَنْ يُفَرِّجَ كَرْبَهُمْ، اللهم فَرِّجْ كَرْبَهُمْ، اللهم فَرِّجْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ فِي الْقِطَاعِ، وَفِي الضِّفَّةِ، وَفِي الشَّتَاتِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللهم ارْفَعْ عَنْهُمْ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.

اللهم اجْعَلْ ثَأْرَهُمْ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ، اللهم اجْعَلْ ثَأْرَهُمْ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ، اللهم اجْعَلْ ثَأْرَهُمْ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ.

اللهم احْفَظْهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ، وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ، وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ يُغْتَالُوا مِنْ تَحْتِهِمْ.

اللهم انْصُرْهُمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَيَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ وَيَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينِ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  حُكْمُ الْخِتَانِ – ضَوَابِطُ الْخِتَانِ – الرَّدُّ عَلَى مُؤْتَمَرَاتِ تَجْرِيمِ الْخِتَانِ
  رمضان وشياطين الجن والإنس
  تَعَلَّمْ كَيْفَ تَتَوَضَّأُ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَكَيْفَ تَتَيَمَّمُ
  أنت مسلم ودينك الإسلام ولست إرهابي ولا دينك الإرهاب
  اتَّقُوا اللَّهَ وَكُلُوا مِنْ حَلَالٍ، وَصَلُّوا فِي الصَّفِّ الأَخِيرِ
  من صورِ التبرُّج
  من الذي يفجر المساجد...؟! خوارج العصر
  فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ أَوْ شَيْخُ الْحَدَّادِيَّةِ يُعْلِنُ تَفْلِيسَهُ
  رسالة إلى جنود وضباط القوات المسلحة المصرية
  هَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ
  نصيحةٌ للموظفِ الذي يقبلُ الهدية... شبهة الراتب لا يكفي
  لا تَعْمَل لتُذكر
  الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ يُفَرِّقُ الْأُمَّةَ وَيُمَزِّقُ وَحْدَتَهَا
  رسالة أب لابنه الصغير!
  إياك أن تكون ديوثا
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان