تفريغ مقطع : ((3))...(( هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))
((3))...(( هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))
فسبحان ربي الرحمنُ
الرحيم الذي عمَّت رحمتُهُ أهلِ الأرضِ و السماوات ووسِعَت جميعَ الخَلْقِ في كلِّ
الأنات و اللحظات، وسِعَةُ رحمتهِ تتضمنُ أنه
لا يَهلِكُ عليه أحد من المؤمنين من أهلِ توحيدهِ ومحبتهِ، فإنه واسعُ الرحمة، لا يخرجُ
عن دائرةِ رحمتهِ إلا الأشقياء المحرومون، و لا أشقى ممن لم تَسَعهُ رحمتُهُ التي وسِعَت
كلَّ شيء.
يكفيك من وَسِعَ الخلائق رحمةً *** وكفاية ذو الفضلِ والإحسانِ.
قال ربنا -جلَّ وعلا- و هو الرحمنُ الرحيم: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54]،
وهذا وعدٌ من اللهِ، وهو لا يُخلفُ الميعاد ولا يخلف الوعد، وهو خبرٌ منه لعبادهِ،
وهو صادقُ المقالِ على كلِّ حال، إنه ذو رحمةٍ واسعة و خيرُ الراحمين، ورحمتهُ اسم
جامعٌ لكلِّ خيرٍ؛ أرحمُ بنا مِن كلِّ راحمٍ، أرحمُ بنا من آبائِنا وأمهاتِنا وأولادِنا
وأنفسِنا.
فكلُّ راحمٍ للعبدِ؛
فاللهُ أرحمُ به منه، إنه أرحمُ الراحمين، لو جُمعت رحماتُ الخَلْقِ كلِّهم لكانت رحمةُ
الله أشدُّ وأعظم، و ما تبلغُ هذه الرَّحْمَاتُ من رحمةِ الرحمن الرحيم.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى النبي -صلى الله
عليه وسلم- رجلٌ ومعه صبيٌّ؛ فجعلَ يَضُمُّهُ إليه.
فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أترحمه؟))
قال: نعم.
قال: ((فاللهُ أرحمُ بك منك به و هو أرحم الراحمين)).
جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ومعه صبيٌّ
فجعلَ الرجُل يضمُّهُ إليه رحمةً به وحنانًا وبِرًّا.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أترحمه؟))
قال: نعم.
قال: ((فاللهُ أرحمُ بك
منك به و هو أرحمُ الراحمين)).
وهذا الحديث أخرجه البخاريُّ في ((الأدب المفرد)) و صححه
الألباني.
أرحمُ ما يكونُ من الخلقِ بالخلقِ الأمُّ بولدِها، فإنَّ
رحمةَ الأمِ ولدَها لا يساويها شيءٌ من رحمةِ الناس أبدًا، حتى الأبُ لا يرحمُ أولادَه
مِثل أُمِّهِم في الغالب.
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قَدِمَ على النبي
-صلى الله عليه وسلم- سَبْيٌ، فإذا امرأةٌ مِن السَّبي تحلبُ تسقي؛ إذا وجدت صبي في
السبي أخذتهُ فألصقتهُ ببطنِها وأرضعتهُ.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أترون هذه طارحة ولدها في النار؟))
قلنا: لا؛ -وهي
تقدر على ألا تطرحه-.
فقال: ((اللهُ أرحمُ بعبادهِ
مِن هذه بولدِها)).
والحديثُ في الصحيحين.
وأين تقعُ رحمةُ الوالدةِ من رحمةِ الله التي وَسِعت كلَّ
شيء، فهو أرحمُ بالعبدِ من الوالدةِ بولدِها الرفيقة به في حَمْلِهِ ورضاعهِ وفصالهِ.
التعليقات
مقاطع قد تعجبك