مُوجَزُ تَارِيخِ الْقُدْسِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ


((مُوجَزُ تَارِيخِ الْقُدْسِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ))

مَدِينَةُ الْقُدْسِ لَمْ تَكُنْ يَوْمًا لِلْيَهُودِ تَارِيخًا وَلَا وَطَنًا.

قَدْ يَسْأَلُ سَائِلٌ: أَلَمْ يَدْخُلِ الْيَهُودُ مَدِينَةَ الْقُدْسِ؟

أَلَمْ يُقِيمُوا فِيهَا مَمْلَكَةً لَهُمْ رَدْحًا مِنَ الزَّمَانِ؟

وَالْإِجَابَةُ التَّارِيخِيَّةُ عَنْ هَذَا: هِيَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ دَخَلُوا الْقُدْسَ فِعْلًا، وَأَقَامُوا فِيهَا مَمْلَكَةً لَهُمْ فِعْلًا، وَكَانَ هَذَا فِي عَهْدِ (دَاوُدَ) وَابْنِهِ (سُلَيْمَانَ) -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-، وَقَدْ عَاشَتْ هَذِهِ الْمَمْلَكَةُ الْإِسْرَائِيلِيَّةُ فِي الْقُدْسِ سَبْعِينَ سَنَةً -نَعَمْ سَبْعِينَ سَنَةً فَقَطْ هِيَ عُمُرُ الْيَهُودِ فِي الْقُدْسِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَهْدٌ بِتِلْكَ الْمَدِينَةِ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ-، وَهِيَ فَتْرَةٌ قَصِيرَةٌ جِدًّا مِنْ تَارِيخِ مَدِينَةِ الْقُدْسِ، وَتَارِيخُ الْقُدْسِ يُضَاهِي تَارِيخَ مِصْرَ وَهِيَ أَقْدَمُ بِلَادِ الْعَالَمِ.

وَتَارِيخُ الْقُدْسِ يَتَكَوَّنُ مِنْ مَرَاحِلَ طَوِيلَةٍ، كُلُّ مَرْحَلَةٍ دَامَتْ مِئَاتِ السِّنِينَ:

*الْمَرْحَلَةُ الْعَرَبِيَّةُ الْأُولَى فِي الْقُدْسِ -أُصُولُهَا وَجُذُورُهَا عَرَبِيَّةٌ مُنْذُ فَجْرِ التَّارِيخِ-:

*الْمَرْحَلَةُ الْعَرَبِيَّةُ الْأُولَی: الَّتِي جَاءَتْ فِيهَا (قَبَائِلُ كَنْعَانَ الْعَرَبِيَّةِ)، وَاسْتَوْطَنَتْ فِلَسْطِينَ، وَزَرَعَتْ أَرْضَهَا، وَبَنَتْ فِيهَا الْقُرَى، وَهِيَ مَرْحَلَةٌ طَوِيلَةٌ اسْتَمَرَّتْ زُهَاءَ أَلْفَيْنِ (2000) مِنَ السِّنِينَ.

تَعَاقَبَ بَعْدَهَا عَلَى الْقُدْسِ مَنْ تَعَاقَبَ، تَعَاقَبَ عَلَى غَزْوِ فَلَسْطِينَ وَحُكْمِهَا وَالْإِقَامَةِ فِيهَا، أُمَمٌ عَدِيدَةٌ: هِيَ أُمَمُ الْآشُورِيِّينَ، وَالْبَابِلِيِّينَ، وَالْفُرْسِ، وَالْمِصْرِيِّينَ، وَالْيُونَانِ، وَالرُّومَانِ، وَقَدْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَرْحَلَةً تَارِيخِيَّةً أَطْوَلَ مِنَ السَّنَوَاتِ السَّبْعِينَ الَّتِي عَاشَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْقُدْسِ، دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا يَدَّعِيهِ الْيَهُودُ فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ أَنَّ لَهُمْ حَقًّا تَارِيخِيًّا فِي الْقُدْسِ وَفِي فَلَسْطِينَ جَمِيعًا!!

بَدَأَتْ تِلْكَ السَّنَوَاتُ السَّبْعُونَ عِنْدَمَا دَخَلَ النَّبِيُّ دَاوُدُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْقُدْسَ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَأَلْفٍ قَبْلَ الْمِيلَادِ (1050 ق.م) أَوْ حَوْلَ هَذَا التَّارِيخِ، وَلَمْ يَبْنِ مَعْبَدًا، وَلَمْ يَبْنِ فِي الْقُدْسِ هَيْكَلًا، فَقَدْ جَاءَ فِي ((الْعَهْدِ الْقَدِيمِ فِي سِفْرِ الْأَيَّامِ الْأُوَلِ)) مَا يَلِي:

((قَالَ دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ: يَا بُنَيَّ قَدْ كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتًا لِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِي، فَكَانَ إِلَيَّ كَلَامُ الرَّبِّ قَائِلًا: قَدْ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً، وَعَمِلْتَ حُرُوبًا عَظِيمَةً، فَلَا تَبْنِ بَيْتًا لِاسْمِي؛ لِأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى الْأَرْضِ أَمَامِي، هُوَ ذَا يُولَدُ لَكَ ابْنٌ اسْمُهُ يَكُونُ سُلَيْمَانَ، هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لِاسْمِي)).

وَظَلَّ دَاوُدُ يُؤَدِّي صَلَوَاتِهِ فِي خَيْمَةٍ مِنَ الشَّعَرِ، وَبَنَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- الْمَعْبَدَ، وَكَانَ مَعْبَدًا صَغِيرًا مُلْحَقًا بِالْقَصْرِ الْمَلَكِيِّ، وَبَابُهُ مَفْتُوحٌ مِنْ جِهَةِ الْقَصْرِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِسُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَبِحَاشِيَتِهِ وَزَوْجَاتِهِ.

هَذَا الْمَعْبَدُ يُسَمُّونَهُ الْهَيْكَلَ الْأَوَّلَ، وَلَمْ يَدُمْ هَذَا الْمَعْبَدُ طَوِيلًا؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ قَدْ نَشِبَتْ بَيْنَهُمُ الْمُنَازَعَاتُ وَالْمُنَاوَشَاتُ فَلَمْ يَسْتَمِرُّوا فِي حُكْمِ الْقُدْسِ وَفَلَسْطِينَ طَوِيلًا، أَغَارَ عَلَيْهَا (الْمِصْرِيُّونَ) مِنْ جَانِبٍ، وَ(الْآشُورِيُّونَ) مِنْ جَانِبٍ، وَصَارَتِ الْمَنْطِقَةُ كُلُّهَا مَنْطِقَةَ مَعَارِكَ وَحُرُوبٍ وَخَرَّبَتْ مُدُنَهَا وَشَتَّتْ سُكَّانَهَا.

*اقْتِحَامُ الْبَابِلِيِّينَ لِلْقُدْسِ:

ثُمَّ ظَهَرَتْ قُوَّةٌ كَبِيرَةٌ فِي الشَّرْقِ هُمُ (الْبَابِلِيُّونَ) فَاقْتَحَمُوا الْمَدِينَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ قَبْلَ الْمِيلَادِ (587 ق.م)، وَدَخَلَهَا (نَبُوخَذ نَصَّر) مَلِكُ بَابِلَ فَأَحْرَقَ الْهَيْكَلَ وَقَوَّضَ أَرْكَانَهُ، وَهَدَمَ جُدْرَانَهُ، وَسَبَى جَمِيعَ الرِّجَالِ وَالشُّبَّانِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَادِرًا عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ أَوْ مَاهِرًا فِي صَنْعَتِهِ أَوْ حِرْفَتِهِ وَنَقَلَهُمْ جَمِيعًا إِلَى بِلَادِهِ، وَبَقِيَتْ (أُورشَلِيمُ) مَدِينَةً مُخَرَّبَةً تَحْتَ حُكْمِ الْبَابِلِيِّينَ فَتْرَةً مِنَ الزَّمَنِ.

*احْتِلَالُ الْفُرْسِ لِأُورشَلِيمَ:

ظَهَرَتْ قُوَّةُ (الْفُرْسِ) وَمَلِكُهُمْ (قُورَش)، فَأَغَارَ عَلَى (أُورشَلِيمَ) وَانْضَمَّ إِلَيْهِ أَشْتَاتُ الْيَهُودِ انْتِقَامًا مِنَ الْبَابِلِيِّينَ فَسَمَحَ لَهُمْ حِينَئِذٍ بِالْعَوْدَةِ إِلَى (أُورشَلِيمَ)، وَبَنَى لَهُمْ فِيهَا مَعْبَدًا وَهَذَا مَا يُسَمُّونَهُ (الْهَيْكَلَ الثَّانِيَ).

*حُكْمُ الرُّومَانِ لِأُورشَلِيمَ:

وَكَمَا أُحْرِقَ وَدُمِّرَ الْهَيْكَلُ الْأَوَّلُ؛ أُحْرِقَ وَدُمِّرَ الْهَيْكَلُ الثَّانِي، وَذَلِكَ عِنْدَمَا جَاءَ (الْإِغْرِيقُ) وَحَكَمُوا (أُورشَلِيمَ)، جَاءَ (الْإِسْكَنْدَرُ الْمَقْدُونِيُّ) أَوَّلًا، وَكَانَ شَابًّا تَتَلَمَذَ عَلَى (أَرِسْطُو) وَفَلَاسِفَةِ الْيُونَانِ، وَكَانَ يَحْلُمُ بِأَنْ يَنْشُرَ حَضَارَةَ الْيُونَانِ فِي بِلَادِ الشَّرْقِ؛ وَلِهَذَا اسْتُقْبِلَ فِي الْبِلَادِ الَّتِي فَتَحَهَا بِشَيْءٍ مِنَ التَّرْحِيبِ حَدَثَ عِنْدَمَا جَاءَ إِلَى مِصْرَ، وَحَدَثَ مِثْلُهُ عِنْدَمَا وَصَلَ جَيْشُهُ إِلَى (أُورشَلِيمَ)، فَوَجَدَ أَحْبَارَ الْيَهُودِ فِي انْتِظَارِهِ مُرَحِّبِينَ وَأَسْرَفُوا فِي التَّرْحِيبِ، فَأَعْلَنُوا أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يَهُودِيٍّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ يُسَمَّی بِالْإِسْكَنْدَرِ.

وَلَمْ يَدُمِ الْوُدُّ بَيْنَ الْيُونَانِ وَالْيَهُودِ طَوِيلًا، فَجَاءَ أَحَدُ خُلَفَاءِ الْإِسْكَنْدَرِ وَأَذَلَّ الْيَهُودَ؛ هَدَمَ الْهَيْكَلَ، وَأَقَامَ مَكَانَهُ تِمْثَالًا لِرَئِيسِ آلِهَةِ الْيُونَانِ، وَأَمَرَ بِأَنْ تُذْبَحَ فِي هَذَا الْمَعْبَدِ الْخَنَازِيرُ، وَحَظَرَ عَلَى الْيَهُودِ الِاخْتِتَانَ، وَأَجْبَرَهُمْ عَلَى الْعَمَلِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَكَانَتْ عُقُوبَةُ مَنْ يُخَالِفُ هَذَا هِيَ الْإِعْدَامَ.

ظَلَّ الْأَمْرُ هَكَذَا حَتَّى دَخَلَ الرُّومَانُ مَدِينَةَ الْقُدْسِ، وَكَانَ هَذَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ قَبْلَ الْمِيلَادِ (63ق.م)، وَرَحَّبَ الْيَهُودُ بِالرُّومَانِ مِثْلَمَا رَحَّبُوا مِنْ قَبْلُ بِالْيُونَانِ.

فَأَقَامَ الْحَاكِمُ الرُّومَانِيُّ (هِيرُودس) مَعْبَدًا كَبِيرًا يُسَمُّونَهُ هُمْ (الْهَيْكَلَ الثَّالِثَ)، وَلَمْ يَكُنْ مَعْبَدًا يَهُودِيًّا وَإِنْ كَانَ يُسْمَحُ لِلْيَهُودِ بِدُخُولِ بَعْضِ أَرْجَائِهِ، كَانَ مَعْبَدًا رُومَانِيًّا، بُنِيَ عَلَى الطِّرَازِ الرُّومَانِيِّ، وَعَلَى مِسَاحَةٍ تَبْلُغُ عِشْرِينَ فَدَّانًا، وَكَانَتِ الْأَلْعَابُ الْأُولِمْبِيَّةُ وَمُسَابَقَاتُ الْأُولِمبِيَّاتِ تُقَامُ بِهِ، وَكَانَتِ الْحَفَلَاتُ السَّاهِرَةُ تُقَامُ بِهِ أَيْضًا تَكْرِيمًا لِضُيُوفِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْكُبَرَاءِ.

ثُمَّ سَاءَتِ الْعَلَاقَاتُ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالرُّومَانِ، فَأَمَرَ الْإِمْبِرَاطُورُ الرُّومَانِيُّ (نِيرُون) بِأَنْ تُحْرَقَ (أُورشَلِيمُ) كَمَا أُحْرِقَتْ رُومَا نَفْسُهَا، وَتَمَّ هَذَا عَلَى يَدِ أَحَدِ الْقُوَّادِ الرُّومَانِ، الَّذِي أَشْعَلَ النَّارَ فِي الْمَدِينَةِ، فَظَلَّتْ مُشْتَعِلَةً شَهْرًا كَامِلًا، وَأَمَرَ بِهَدْمِ ذَلِكَ الْهَيْكَلِ -وَمَا كَانَ هَيْكَلًا وَإِنَّمَا كَانَ مَعْبَدًا وَثَنِيًّا رُومَانِيًّا- فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا حَائِطٌ، يَقُولُونَ هُمْ عَنْهُ هُوَ (حَائِطُ الْمَبْكَى)، وَذَبَحَ جُنُودُهُ كُلَّ مَنْ وَجَدُوهُ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الْيَهُودِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ سَبْعِينَ (70) بَعْدَ الْمِيلَادِ.

وَقَرَّرَ الْحَاكِمُ الرُّومَانِيُّ إِلْغَاءَ اسْمِ (أُورشَلِيمَ) وَأُطْلِقَ عَلَى الْمَدِينَةِ اسْمًا جَدِيدًا فَسَمَّاهَا (إِيليَا كَابِيتُولِينَا)، وَظَلَّتْ تُعْرَفُ بِهَذَا الِاسْمِ حَتَّى دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَدِينَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ (636م) مِنَ الْمِيلَادِ؛ وَلِهَذَا تَجِدُ فِي الْعَهْدِ الْعُمْرِيِّ نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ عَهْدُ أَمَانٍ لِأَهْلِ إِيليَّا -وَهُوَ الِاسْمُ الْجَدِيدُ الَّذِي غُيِّرَ اسْمُ الْمَدِينَةِ الْقَدِيمَةِ إِلَيْهِ-.

هَذِهِ إِلْمَامَةٌ سَرِيعَةٌ جِدًّا بِتَارِيخِ مَدِينَةِ الْقُدْسِ أَوْ بِعَلَاقَةِ الْيَهُودِ بِالْقُدْسِ، وَمِنْهَا تَتَبَيَّنُ أَنَّ آخِرَ مَعْبَدٍ يَهُودِيٍّ، أَوْ إِنْ شِئْتَ الدِّقَّةَ فَقُلْ: تَتَبَيَّنُ أَنَّ آخِرَ مَعْبَدٍ سُمِحَ لِلْيَهُودِ بِدُخُولِهِ وَكَانَ مَعْبَدًا رُومَانِيًّا وَثَنِيًّا-، فَسُمِحَ لَهُمْ بِدُخُولِهِ وَمُمَارَسَةِ طُقُوسِهِمْ فِي بَعْضِ أَرْجَائِهِ هُوَ مَا سَمَّوْهُ بِالْهَيْكَلِ الثَّالِثِ الَّذِي أَحْرَقَهُ الرُّومَانُ وَهَدَمُوهُ، وَنَهَبَ جُنُودُهُمْ مَا فِيهِ فِي سَنَةِ سَبْعِينَ (70م) مِنَ الْمِيلَادِ؛ أَيْ قَبْلَ دُخُولِ الْمُسْلِمِينَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ قُرُونٍ وَنِصْفِ قَرْنٍ.

*دُخُولُ الْمُسْلِمِينَ مَدِينَةَ الْقُدْسِ، وَفِرْيَةُ الْهَيْكَلِ الْيَهُودِيِّ:

لَمَّا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَدِينَةَ؛ تَجَوَّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَعَ أَسْقُفِ الْمَدِينَةِ (صفرنيوس) وَهُوَ أَسْقُفُ الْمَدِينَةِ-؛ لِيَرَى مَعَالِمَ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَعْبَدٌ وَلَا هَيْكَلٌ يَهُودِيٌّ وَاحِدٌ، انْدَثَرَ هَذَا كُلُّهُ مُنْذُ قُرُونٍ وَقُرُونٍ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَعَلَى رَأْسِهِمْ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَقَرُّوا النَّصَارَى عَلَى مَا كَانَ هُنَالِكَ مِنْ مَعَابِدِهِمْ وَلَمْ يَمَسُّوهَا بِسُوءٍ، فَلَمْ يَهْدِمُوا مِنْهَا شَيْئًا وَلَمْ يَسْتَوْلُوا مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ.

فَلَوْ كَانَ لِلْيَهُودِ مَعْبَدٌ فِي مَدِينَةِ الْقُدْسِ عِنْدَمَا فَتَحَهَا الْمُسْلِمُونَ وَدَخَلَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ- وَدَخَلَهَا بَعْدُ لَأَبْقَى ذَلِكَ عَلَى حَالِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَبْقَ هُنَالِكَ شَيْءٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُمْ يَدَّعُونَ الْحَقَّ التَّارِيخِيَّ فِي الْمَدِينَةِ، وَيَقُولُونَ إِنَّهُمْ أَحَقُّ بِهَا وَأَهْلُهَا، وَأَنَّهَا مِلْكٌ خَالِصٌ لَهُمْ، يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا، إِذْ هِيَ مَوْعُودُ الرَّبِّ بِزَعْمِهِمْ، وَهُمْ كَذَبَةٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إِرْهَابَهُمُ الصُّهْيُونِيَّ يَرْتَكِزُ عَلَى عَقِيدَةٍ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ. 

 

المصدر:الْقُدْسُ عَرَبِيَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ وَسَتَظَلُّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ
  الدرس الثامن : «التَّوَاضُعُ»
  حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ
  مَظَاهِرُ الِابْتِلَاءِ
  رِسَالَةُ الْمُسْلِمِينَ:دَعْوَةُ الْعَالَمِ إِلَى التَّوْحِيدِ بِالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ
  الْأَوْلَادُ هِبَةٌ مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  حُسْنُ الخُلُقِ مِنْ كُبْرَى غَايَاتِ دِينِنَا
  عِظَمُ شَأْنِ الْأَمَانَةِ وَخُطُورَةُ رَفْعِهَا
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: أَنَّ قُدْرَةَ اللهِ لَا حَدَّ لَهَا
  تَقْدِيمُ مَصْلَحَةِ الْأُمَّةِ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ
  رِعَايَةُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْيَتِيمِ وَالْكَسِيرِ وَالضَّعِيفِ
  مِنْ أَبْوَابِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ: زِرَاعَةُ الْأَشْجَارِ، وَسَقْيُ الْمَاءِ
  بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَتَقْدِيمُ حَقِّ الْأُمِّ
  بَيَانُ مَخَاطِرِ التَّدْخِينِ وَوُجُوهُ تَحْرِيمِهِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ وَالسَّعِيُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان