تَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَالَاتٍ يُهْلِكُ الْجَمِيعَ!!


 

((تَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَالَاتٍ يُهْلِكُ الْجَمِيعَ!!))

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-, عَنِ النَّبِيِّ ﷺ, قَالَ: ((مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا؟! فَإِنْ يَتَرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا)).

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((صَحِيحِهِ)) ، وَلَفْظُهُ فِيهِ: ((مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا، فَكَانَ الَّذِين فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ؛ فَقَالُوا: مَا لَكَ؟!

قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي، وَلَا بُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَوْا جَمِيعًا، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ، وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ)).

قَالَ الْحَافِظُ: ((مَثَلُ الْمُدْهِنِ)): الْمُدْهِنُ وَالْمُدَاهِنُ وَاحِدٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يُرَائِي، وَيُضَيِّعُ الْحُقُوقَ، وَلَا يُغَيِّرُ الْمُنْكَرَ.

((اسْتَهَمُوا سَفِينَةً)): أَيِ اقْتَرَعُوهَا، فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا؛ أَيْ: نَصِيبًا مِنَ السَّفِينَةِ بِالْقُرْعَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: تَعْذِيبُ الْعَامَّةِ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ، وَالتَّعْذِيبُ الْمَذْكُورُ إِذَا وَقَعَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِنَّهُ يُكَفَّرُ بِهِ مِنْ ذُنُوبِهِ إِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ، أَوْ يَرْفَعُ اللهُ لَهُ بِهِ دَرَجَتَهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((إِنِّي كَثِيرًا مَا أَقِفُ عِنْدَ الْحَدِيثِ الدَّقِيقِ أَتَعَرَّفُ أَسْرَارَهُ، فَإِذَا هُوَ يَشْرَحُ لِي وَيَهْدِينِي بِهَدْيِهِ؛ ثُمَّ أُحِسُّهُ كَأَنَّمَا يَقُولُ لِي مَا يَقُولُ الْمُعَلِّمُ لِتِلْمِيذِهِ: أَفَهِمْتَ؟!!

وَقَفْتُ عِنْدَ قَوْلِهِ ﷺ: ((إِنَّ قَوْمًا رَكِبُوا سَفِينَةً.. )). وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَقَفْتُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَكَانَ لَهُ فِي نَفْسِي كَلَامٌ طَوِيلٌ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخُوضُونَ مَعَنَا الْبَحْرَ وَيُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْمُجَدِّدِينَ، وَيَنْتَحِلُونَ ضُرُوبًا مِنَ الْأَوْصَافِ؛ كَـ (حُرِّيَّةِ الْفِكْرِ)، وَ(الْغَيْرَةِ)، وَ(الْإِصْلَاحِ)؛ وَلَا يَزَالُ أَحَدُهُمْ يَنْقُرُ مَوْضِعَهُ مِنْ سَفِينَةِ دِينِنَا، وَأَخْلَاقِنَا، وَآدَابِنَا بِفَأْسِهِ -أَيْ: بِقَلَمِهِ- زَاعِمًا أَنَّهُ مَوْضِعُهُ مِنَ الْحَيَاةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ، وَيَتَوَلَّاهُ كَمَا يُرِيدُ، مُوَجِّهًا لِحَمَاقَتِهِ وُجُوهًا مِنَ الْمَعَاذِيرِ وَالْحُجَجِ، مِنَ الْمَدَنِيَّةِ، وَالْفَلْسَفَةِ، جَاهِلًا أَنَّ الْقَانُونَ فِي السَّفِينَةِ إِنَّمَا هُوَ قَانُونُ الْعَاقِبَةِ دُونَ غَيْرِهَا.

فَالْحُكْمُ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ وُقُوعِهِ كَمَا يُحْكَمُ عَلَى الْأَعْمَالِ الْأُخْرَى؛ بَلْ قَبْلَ وُقُوعِهِ.

وَالْعِقَابُ لَا يَكُونُ عَلَى الْجُرْمِ يَقْتَرِفُهُ الْمُجْرِمُ كَمَا يُعَاقَبُ اللِّصُّ وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُمَا، بَلْ عَلَى الشُّرُوعِ فِيهِ، بَلْ عَلَى تَوَجُّهِ النِّيَّةِ إِلَيْهِ.

فَلَا حُرِّيَّةَ هُنَا فِي عَمَلٍ يُفْسِدُ خَشَبَ السَّفِينَةِ أَوْ يَمَسُّهُ مِنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ مَا دَامَتْ مُلَجِّجَةً فِي بَحْرِهَا، سَائِرَةً إِلَى غَايَتِهَا؛ إِذْ كَلِمَةُ (الْخَرْقُ) لَا تَحْمِلُ فِي السَّفِينَةِ مَعْنَاهَا الْأَرْضِيَّ، وَهُنَاكَ لَفْظَةُ: (أَصْغَرُ خَرْقٍ) لَيْسَ لَهَا إِلَّا مَعْنًى وَاحِدٌ وَهُوَ (أَوْسَعُ قَبْرٍ).

فَفَكِّرْ فِي أَعْظَمِ فَلَاسِفَةِ الدُّنْيَا مَهْمَا يَكُنْ مِنْ حُرِّيَّتِهِ وَانْطِلَاقِهِ، فَهُوَ هَا هُنَا مَحْدُودٌ عَلَى رَغْمِ أَنْفِهِ بِحُدُودٍ مِنَ الْخَشَبِ وَالْحَدِيدِ, تُفَسِّرُهَا فِي لُغَةِ الْبَحْرِ حُدُودُ الْحَيَاةِ وَالْمَصْلَحَةِ.

كَمَا أَنَّ لَفْظَةَ (الْخَرْقِ) يَكُونُ مِنْ مَعَانِيهَا فِي الْبَحْرِ: الْقَبْرُ وَالْغَرَقُ وَالْهَلَاكُ، فَكَلِمَةُ (الْفَلْسَفَةِ) يَكُونُ مِنْ بَعْضِ مَعَانِيهَا فِي الِاجْتِمَاعِ: الْحَمَاقَةُ وَالْغَفْلَةُ وَالْبَلَاهَةُ،وَكَلِمَةُ (الْحُرِّيَّةِ) يَكُونُ مِنْ مَعَانِيهَا: الْجِنَايَةُ وَالزَّيْغُ وَالْفَسَادُ.

وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ اللُّغَوِيِّ؛ فَالْقَلَمُ فِي أَيْدِي بَعْضِ الْكُتَّابِ مِنْ مَعَانِيهِ: الْفَأْسُ، وَالْكَاتِبُ مِنْ مَعَانِيهِ: الْمُخَرِّبُ، وَالْكِتابَةُ مِنْ مَعَانِيهَا: الْخِيَانَةُ)).

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((مَثَلُ الْقَائِمِ فِي حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا)) الْقَائِمُ فِيهَا؛ يَعْنِي: الَّذِي اسْتَقَامَ عَلَى دِينِ اللهِ فَقَامَ بِالْوَاجِبِ وَتَرَكَ الْمُحَرَّمَ, وَالْوَاقِعُ فِيهَا؛ أَيْ: فِي حُدُودِ اللهِ, أَيْ: الْفَاعِلُ لِلْمُحَرَّمِ أَوِ التَّارِكُ لِلْوَاجِبِ.

((كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ))؛ يَعْنِي: ضَرَبُوا سَهْمًا، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالْقُرْعَةِ أَيُّهُمْ يَكُونُ الْأَعْلَى.

((فَصَارَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا الْمَاءَ))؛ يَعْنِي: إِذَا طَلَبُوا الْمَاءَ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ.

((مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ))؛ يَعْنِي: الَّذِينَ فِي أَعْلَى السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ فَوْقَ.

((فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا))؛ يَعْنِي: لَوْ نَخْرِقُ خَرْقًا فِي مَكَانِنَا نَسْتَقِي مِنْهُ؛ حَتَّى لَا نُؤْذِيَ مَنْ فَوْقَنَا، هَكَذَا قَدَّرُوا وَأَرَادُوا.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا))؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا خَرَقُوا خَرْقًا فِي أَسْفَلِ السَّفِينَةِ؛ دَخَلَ الْمَاءُ، ثُمَّ أَغْرَقَ السَّفِينَةَ.

((وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ))؛ وَمَنَعُوهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ ((نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا))؛ يَعْنِي: نَجَا هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.

وَهَذَا الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَهُ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ مِنَ الْأَمْثَالِ الَّتِي لَهَا مَغْزًى عَظِيمٌ، وَمَعْنًى عَالٍ, فَالنَّاسُ فِي دِينِ اللهِ كَالَّذِينَ فِي سَفِينَةٍ فِي لُجَّةِ النَّهْرِ, فَهُمْ تَتَقَاذَفُهُمُ الْأَمْوَاجُ, وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ -إِذَا كَانُوا كَثِيرِينَ- فِي الْأَسْفَلِ, وَبَعْضُهُمْ فِي أَعْلَى؛ حَتَّى تَتَوَازَنَ حُمُولَةُ السَّفِينَةِ, وَحَتَّى لَا يُضَيِّقَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

وَفِيهِ: أَنَّ هَذِهِ السَّفِينَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؛ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُخَرِّبَهَا؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يُمْسِكُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَأَنْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ؛ لِيَنْجُوا جَمِيعًا, فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا هَلَكُوا جَمِيعًا.

هَكَذَا دِينُ اللهِ؛ إِذَا أَخَذَ الْعُقَلَاءُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ عَلَى الْجُهَّالِ وَالسُّفَهَاءِ نَجَوْا جَمِيعًا, وَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25].

وَنَحْنُ جَمِيعًا فِي سَفِينَةِ الْوَطَنِ، وَمَا أَكْثَرَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ مَعَاوِلَهُمْ وَفُئُوسَهُمْ؛ لِيَخْرِقُوا السَّفِينَةَ لِيُغْرِقُوهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجِدُوا أَحَدًا يَأْخُذُ عَلَى أَيْدِيهِمْ!!

إِنَّ رَأْسَ الدَّوْلَةِ وَرَئِيسَهَا يُصَرِّحُ لِلْقَوْمِ جَمِيعًا أَنَّ الدَّوْلَةَ مُهَدَّدَةٌ, وَقَبْلَ ذَلِكَ صَرَّحَ لَهُمْ أَنَّ الْمُؤَامَرَةَ قَدْ أَفْلَحَتْ مِصْرُ فِي تَعْطِيلِهَا, لَا فِي وَأْدِهَا وَلَا فِي إِحْبَاطِهَا, وَإِنَّمَا قَالَ: (فِي تَعْطِيلِهَا), فَالْمُؤَامَرَةُ مُسْتَمِرَّةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقَوْمُ لَا يَرْعَوُونَ عَنْ سَفَاهَاتِهِمْ!!

وَهَذَا الْإِعْلَامُ يَضْرِبُ فِي كُلِّ سَبِيلٍ بِمَا يَؤُزُّ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى الدَّوْلَةِ, وَيُقَلِّبُ النُّفُوسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ, وَيُثِيرُ الْأَحْقَادَ وَيُهَيِّجُ الْفِتَنَ, هَؤُلَاءِ يَحْمِلُونَ مَعَاوِلَهُمْ؛ لِيَخْرِقُوا سَفِينَةَ الْوَطَنِ, وَلَا بُدَّ مِنَ الْأَخْذِ عَلَى أَيْدِيهِمْ؛ فَإِنَّ الدَّوْلَةَ مُهَدَّدَةٌ.

وَعِنْدَمَا يَقُولُ رَأْسُ الدَّوْلَةِ وَرَئِيسُهَا: إِنَّ الدَّوْلَةَ مُهَدَّدَةٌ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ عَنْ كَذِبٍ وَلَا مُبَالَغَةٍ، وَمَا عَهِدُوا عَلَيْهِ كَذِبًا وَلَا مُبَالَغَةً, وَإِنَّمَا يَقُولُهُ عَنْ رُؤْيَةٍ وَبَصِيرَةٍ عَنْ وَاقِعٍ يَعْلَمُهُ عِلْمَ يَقِينٍ.

غَيْرَ أَنَّهُ مِنْ أَسَاسِيَّاتِ الْأَمْنِ الْقَوْمِيِّ أَلَّا يُصَرَّحَ بِتَفَاصِيلِهِ, وَيَكْفِي أَنْ يَفْهَمَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ أَنَّ الدَّوْلَةَ مُهَدَّدَةٌ, فَمَاذَا تُرِيدُونَ بَعْدَ ذَلِكَ؟!!

وَالْمُؤَامَرَةُ عُطِّلَتْ وَلَمْ تُحْبَطْ, فَهِيَ مَاضِيَةٌ تَتَجَمَّعُ خُيُوطُهَا وَأَطْرَافُهَا مِنْ أَجْلِ أَنْ تُحْكِمَ الْخِنَاقَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمِصْرِيَّةِ, وَالْمِصْرِيُّونَ لَا يُبَالُونَ! فَمَتَى يَرْعَوُونَ؟! وَمَتَى يُدْرِكُونَ؟!

وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى الْإِجْمَاعِ وَيَخْبِطُونَ فِي خَشَبِ السَّفِينَةِ؛ لِيَخْرِقُوهَا يُرِيدُونَ إِغْرَاقَهَا, يَعْمَلُونَ لِحِسَابِ مَنْ؟!!

إِنَّهُ مِمَّا يَتَوَجَّبُ عَلَى الْمَرْءِ الْآنَ أَنْ يُرَاعِيَ الْمَصْلَحَةَ الْعُلْيَا لِهَذَا الْوَطَنِ, فَهَذَا وَطَنٌ مُسْلِمٌ, وَهَذِهِ أَرْضٌ يَحْيَا عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ مُنْذُ قُرُونٍ, وَيَنْبَغِي عَلَيْهِمْ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَيْهَا وَأَلَّا يُضَيِّعُوهَا!!

وَلَكِنَّ طَائِفَةً مِنْ هَذَا الشَّعْبِ الْأَبِيِّ الْكَرِيمِ تَأْبَى إِلَّا أَنْ تَدْفَعَ سَفِينَةَ الْوَطَنِ إِلَى الصُّخُورِ الْوَعْرَةِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَرْتَطِمَ بِهَا, وَيُحَاوِلُونَ جَاهِدِينَ أَنْ يَخْرِقُوهَا لِيُغْرِقُوهَا!!

وَالنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ لِلْعُقَلَاءِ: ((فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا, وَإِنْ تَرَكُوهُمْ هَلَكُوا وَهَلَكُوا جَمِيعًا))

فَعَلَى كُلِّ مِصْرِيٍّ أَنْ يَنْتَبِهَ، وَأَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ؛ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ أَقْلَامَهُمْ أَوْ فُؤُوسَهُمْ أَوْ يُهَرِّفُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ تَضْرِبُ بَيْنَ أَشْدَاقِهِمْ بِكُلِّ مَا يَضُرُّ الْوَطَنَ وَمَصْلَحَتَهُ, وَبِكُلِّ مَا يَعْبَثُ بِالْأَمْنِ الْقَوْمِيِّ لِهَذَا الْبَلَدِ.

 

المصدر:تَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْخَاصَّةِ وَأَثَرُهَا فِي اسْتِقْرَارِ الْمُجْتَمَعَاتِ وَبِنَاءِ الدُّوَلِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  حُسْنُ الْخُلُقِ مَنْهَجٌ عَمَلِيٌّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حُبِّ تَعَلُّمِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّة
  حُكْمُ الشَّرْعِ فِي تَعَدُّدِ الْفِرَقِ وَالْجَمَاعَاتِ فِي الْأُمَّةِ
  جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ الصَّوْمِ
  أَعْظَمُ سُبُلِ بِنَاءِ الْأُمَّةِ: الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ
  أَثَرُ الْإِيمَانِ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: رِعَايَةُ الْأَهْلِ وَتَعْلِيمُهُمْ
  سُؤَالُ النَّبِيِّ ﷺ رَبَّهُ الثَّبَاتَ عَلَى الدِّينِ
  مَنْزِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَفَضَائِلُ الشُّهَدَاءِ
  بَيَانُ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ
  خَوْفُ السَّلَفِ مِنَ النِّفَاقِ
  أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَى الثَّقَليْنِ نِعْمَةُ الرَسُولِ ﷺ
  الْمَقَاصِدُ الْعُظْمَى لِدِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  الْأَمَلُ وَأَسْرَارُهُ اللَّطِيفَةُ
  آثَارُ الْمَعِيَّةِ فِي تَحْقِيقِ السَّلَامِ النَّفْسِيِّ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان