((الْعِلْمُ الصَّحِيحُ يُورِثُ الْخَشْيَةَ))
إِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ هُوَ صَاحِبُ الْعِلْمِ، وَيُعَلِّمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ، غَايَةَ مَا هُنَالِكَ أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْأَسْبَابِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحَصِّلَ مَحْبُوبَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهَ، وَمَرْجُوَّ النَّبِيِّ ﷺ مِنْهُ.
فَأَمَّا إِذَا مَا فَرَّطَ؛ فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- سَيُحَاسِبُهُ دُنْيَا وَآخِرَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ضِمْنًا فِي كِتَابِهِ قَدْ فَضَّلَ الْكَلْبَ الْعَالِمَ عَلَى الْكَلْبِ الْجَاهِلِ.
وَإِذَا كَانَ عُلَمَاءُ الشَّرْعِ هُمْ زِينَةُ الدُّنْيَا وَبَهْجَتُهَا، وَغُرَّةُ الْوُجُودِ وَدُرَّتُهُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ.. فَإِنَّ مِنَ الْعَارِ أَنْ يَجْعَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وِلَايَةً لِرَجُلٍ عَلَى وَلِيدٍ صَغِيرٍ لَا يَفْقَهُ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَلَا مِنْ مُسْتَقْبَلِهِ شَيْئًا؛ فَيَفِرُّ بِهِ أَبُوهُ وَوَلِيُّ أَمْرِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَحْرِ الشَّرْعِ مُتَعَلِّمًا ثُمَّ عَالِمًا -بِإِذْنِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ-، وَيَذْهَبُ بِهِ إِلَى خَيَالَاتٍ وَأَوْهَامٍ لَا تُغْنِي شَيْئًا؛ لِأَنَّ السَّعَادَةَ الْحَقِيقِيَّةَ فِي أَصْلِهَا إِنَّمَا هِيَ فِي اتِّبَاعِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ ﷺ.
الْعِلْمُ الصَّحِيحُ هُوَ عِلْمُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعِلْمُ بِدِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا ظَوَاهِرُ الْأَشْيَاءِ فَالنَّاسُ فِيهَا لِبَعْضٍ خَدَمٌ.
عِبَادَ اللهِ! إِنَّ رَبَّكُمْ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، وَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- سُبْحَانَهُ يُعَلِّمُ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ.
وَالْعِلْمُ الصَّحِيحُ هُوَ الْخَشْيَةُ، لَيْسَ بِكَثْرَةِ الْمَحْفُوظِ؛ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ الْخَشْيَةُ، كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- فِي اسْتِعْمَالِ أَدَاةِ الْحَصْرِ (إِنَّمَا): {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
فَلَنْ تَجِدَ الْعُلَمَاءَ إِلَّا أَهْلَ خَشْيَةٍ، وَلَنْ تَجِدَ الْخَشْيَةَ إِلَّا فِي الْعُلَمَاءِ، فَمَنْ كَانَ عَالِمًا بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَقًّا فَهُوَ مِمَّنْ يَخْشَى اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ حَقًّا.
وَأَمَّا إِذَا مَا رَأَيْتَ رَجُلًا ذَا هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ أَهْلِ الْعِلْمِ ولَا يَخْشَى اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَادْفَعْ فِي قَفَاهُ، أَوْ فِي ظَهْرِهِ، أَوْ فَادْفَعْ فِي وَجْهِهِ -إِنْ شِئْتَ الْأَدَبَ- بِقَوْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}؛ فَلَا يَخْشَى اللهَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ.
فَادْفَعُوا بِأَبْنَائِكُمْ إِلَى هَذَا، وَقُومُوا عَلَيْهِ، وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِيمَا أَعْطَاكُمْ مِنْ أَمْوَالٍ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَمَانَاتِ الَّتِي جَعَلَكُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مُسْتَخْلَفِينَ عَلَيْهَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ أَنْتُمْ مَسْؤُولُونَ عَنْهَا أَمَامَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي الْآخِرَةِ؛ فَاسْأَلُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ الْعَافِيَةَ، وَتُوبُوا إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِجُمَّاعِ قُلُوبِكُمْ.
وَعُودُوا إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِذَوَاتِ نُفُوسِكُمْ؛ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يَرْحَمَنَا، وَأَنْ يُبَدِّلَ أَحْوَالَنَا، وَأَنْ يُصْلِحَ نِيَّاتِنَا، وَأَنْ يُعْطِيَنَا وَلَا يَحْرِمَنَا؛ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ.
المصدر:الْإِسْلَامُ وَالْعِلْمُ