تفريغ خطبة إرهاب الطابور الخامس

إرهاب الطابور الخامس

تفريغ خطبة إرهاب الطابور الخامس

خطبة الجمعة 5 من رجب 1436هـ الموافق  24-4-2015 م

الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ. أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وعلي آلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. أَمَّا بَعْدُ:

فَهَذِهِ نَفثَةُ مَصْدُور, وَزَفْرَةُ مَكلُوم, وَعَبْرَةُ مَهْمُوم, عَلَى وَطَنٍ يَتَفَسَّخ، تَتَقَاطَعُ تَوَجُهَاتُ أَبنَائَهِ فَتَعجِزُ قُواهُم عَنْ إِعَادَةِ بِنَائِهِ، وَتَتَصَارَعُ رَغَبَاتُ الطَامِعِينَ فِيهِ، وَتَقْعُدُ عَنْ نَيْلِ المَعَالِي هِمَمُ بَنِيهِ، وتُعْمِلُ مَعَاوِلَ الهَدْمِ فِيهِ سَوَاعِدُ قَاطِنيهِ.

فَهَذِهِ نَفثَةُ مَصْدُور, وَزَفْرَةُ مَكلُوم, قَدْ يشَمُ مِنهَا رَائِحَةُ كَبِدٍ تَحْتَرِق، ولشَدَّ مَا تَغَيَّرَت فِي زَمَنٍ قَصِيرٍ أَفئِدَةُ رِجَال, وَتَبَدَّلَت مِنْهُمُ أَحْوَال, وَلُفَّت شَمْسُ اليَقِينِ فِي أَكْفَانِ سَحَائِبِ الضَّلَال، وَسَكَنَ القُلُوبَ حُزنٌ صَدِيق، وَغَشَّى عَلَى العُيونِ رَمَادٌ مُتَخَلِّفٌ مِنْ بَقَايَا مُحْتَرِقِ الآمَالِ.

وَالحَالُ كَحَالِ مَنْ مَدَّ يَدَهُ لِيجْلُوَ عَرَوسَه, فَتَكَشَّفَ لَهُ قِنَاعُهَا المُوَشَّى عَنْ جُمْجُمَةِ مَيِّتٍ .

وَحْدَهُ الرَّجَاءُ فِي اللهِ يَلتَقِي فِيهِ الأَلَمُ بِالأَمَلِ، كَالفَجْرِ تَلتَقِي عِندَهُ حَاشِيَةُ اللَيلِ بِأَهْدَابِ النَّهَارِ، وَحْدَهُ تَزْيِفُ التَّارِيخِ يُثَبِّتُ الإنْتِعَاضَ عَلَى الشِفَاهِ, ويُسكِنُ المَرَارَةَ فِي اللُعَابِ .

وَلَكِن تَنِقُّ بِلَا شَيءٍ شُيوخُ مُحَارِبٍ     وَمَا خِلْتُهَا كَانَت تَرِيشُ وَلَا تَبْرِي

ضَفَادِعُ فِي ظَلمَاءِ لَيْلٍ تَجَاوَبَتْ       فَدَلَّ عَليهَا صَوتُهَا حَيَّةَ البَحْرِ.

 لَقَدْ كُنَّا ثُمَّ صِرْنَا, وَكَانَ الخِطَابُ الدَّعَوِيُ مُستَقِيمًا ظَاهِرًا يَبِينُ زَيفِهُ مِنْ صَرِيحُه, ويَتَبَيَّنُ لَيْلُه مِنْ نَهَارِه, ثُمَّ اخْتَلَطَتْ أُمُور، وَكُنَّا فِي ذَلِكَ المُعْتَرَكِ كَالذَّي يَطَأُ عَلَى أَضْرَاسِ الجَبَلِ الصَّخْرِيِّ وَأَسْنَانِه, مُتَّئِدًا حَذِرًا أَنْ يَزِلَّ, فَيَسْقُطَ سقُوطَ اللُّقْمَةِ المَمضُوغَةِ, وَلَا يَنْفَعُه فِي الصَّخْرِ وَشُمُوخِهِ وَتَعَالِيهِ, أَنَّهُ كَانَ فِي عَرِيضِ السَّهْلِ عَدَّاءً لَا يُلحَق، إِذَا كُنْتَ مَعَ الله, كَانَت كُلُّ أَفْكَارِكَ صُوَرًا رُوحَانِيَّة, فَأَنتَ كَالمَلَكِ هُوَ فِي الأَرْضِ مَا هُوَ فِي السَّمَاءِ, وَإذَا كُنْتَ مَعَ الشَيَاطِين, كَانَت كُلُّ أَفْكَارِكَ صُورًا حَيَوانِيَّة, فَأَنتَ كَهَذَا المُتَجَهِّمِ الطَيَّاشِ الَّذِي نَظَرَ فِي مِرْآةٍ, وَلَوْ نَظَرَ فِي كُلِّ مَرَاءِ الدُّنْيَا مَا رَأَى فِي جَمِيعِهَا غَيرَ وَجْهِ القِرْدِ لِأَنَّهُ القِرد.

وَقَدْ صَارَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَعْشُ عَنْ نُورِهِ سَارٍ, لَا يُرَى بَلْ يُتَوَهَّمُ, وَلَا يُستَيقَنُ بَلْ يُظَنُّ, فَلَأُمْسِكُ عَلَى قَلْبِي أَنْ يَطِير .

وَمَا أَمْلِكُ إِلَّا أَنْ أَقُولَ لِكُلِّ مُجَدِّفٍ زَائِغٍ وَمُهَرْطِقٍ زِنْدِيق (يَا هَذَا لَا أَدْرِي مَا تَقُولُ, وَلَكِنَّ الْحَقِيقَةَ الَّتِي أَعْرِفُهَا, أَنَّ نَفْسَ الإِنْسَانِ إِذَا اتَّسَخَت, كَانَ كَلَامُهُ فِي حَاجَةٍ إِلَي أَنْ يُغْسَلَ بِالمَاءِ وَالصَّابُونِ وَهَيْهَات، يَا هَذَا إِنَّكَ تُعْطِي مَثَلًا حَيًّا لِقُوَةِ البَلَاغَةِ, عِنْدَمَا تَتَصَدَّى لِلدِفَاعِ عَنْ بَاطِلٍ, أَفَيَبْلُغُ مِنْ غَفلَتِكَ أَلَّا تَعْرِفَ لَعْنَةَ اللهِ إِلَّا إِذَا رَأَيْتَهَا مِلْأَ مَمْلَكَة, وَلَا تَعْرِفَ حَقَّ وَطَنِكَ فِيكَ إِلَّا حِينَ تَرَاهُ غَرِيبًا مُنْقَطِعًا, لَا حَقَّ لَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ, وَلَا تُدرِكُ وَاجِبَ التَّضحِيَةِ بِلَذَّاتِكَ وَشَهَوَاتِ نَفْسِكَ, إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَرَى الوَطَنَ مِنْ اضطِرابِ المَوتِ فِي مِثْلِ حَالِ الذَّبِيحَةِ تَضْحَدُ بِرِجْلِهَا تَحْتَ سِكِّينِ الذَابِحِ).

أَيُ إنسَانٍ هَذَا الَّذِي يَتَّخِذُ مِنْ المَأْسَاةِ مَسْلَاة, وَأَيْ قَلْبٍ هَذَا الَّذِي يُصَفِّقُ طَرَبًا فِي مَأْتَمِ الدِّمُوعِ وَالجُوعِ, وَفِي هَذِهِ البِيئَةِ الَّتِي تَلْهَثُ فَقْرًا, وَتَتَنَفَّسُ حِرْمَانًا وَمَرَضًا, كثيرًا مَا تَصْطَدِمُ بِالأَكْرَاشِ المُنْتَفِخَة, وَالأَقْفِيَةِ الْعِرَاضِ, وَأَكثَرهُم يَتَحَدَّثُونَ عَنْ الفَضِيلَة, كَمَا تَتَحَدَّثُ الخَاطِبَةُ عَنْ عَرُوسٍ لَمْ تَرَهَا, وَقَدْ غَرُبَ مَجْدُ الْقِيَمِ وَالمُثُلِ وَجَاءَ عَصرُ الشهَادَاتِ, يَحْمِلُهَا أَبْنَاءُ السَّفَلَة, وَمُنَاقَشَةُ أَحَدِهِم مُتْعِبَة, يَرُوغُونَ مِنْ التَّطوِيقِ بِالتَّهْرِيجِ, وَيَحلُمُونَ بِالطَّيرَانِ وَهُم غَرْقَى فِي الأَوْحَالِ.

إِنَّ الهُمومَ قَدْ اسْتَولَت, فَرَبَطَت أَقْدَامًا مُسْرِعَةً, وَطَوَت أَشْرِعَةً مَبسُوطَة, وَأَثْقَلَت أَجْنِحَةً لَطَالَمَا رَفْرَفَت, وَلَكِنْ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَّوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ .

عَقْدُ الإِسلَامِ لَا يَنْحَلُّ بِكَثرَةِ الآثَامِ, وَتَرتَفِعُ أَلفُ حَوْبَةٍ بِتَوْبَةٍ, وَمَا أَكْثَرَ القُلُوبَ الَّتِي استُلِبَت, يَتَكَلَّمُ حَامِلُوهَا لِيُثبِتُوا أَنَّهُم أَحْيَاء، بَلَى إِنَّهُم أَحْيَاءٌ يَهْذُونَ أَشَدَّ مَا يَهْذُون.

مَا أَفْظَعَ النَّفسَ إِذَا خَانَت صَاحِبَهَا, إِنَّ الحَيَاةَ تَبْدُوا مُتَلَفِّعَةً بِثَوبِ حِدَاد، وَالعَالَمُ كَأَنَّهُ مُلْتَقَى خَرَابَاتٍ يُسْتَعْذَبُ عَنْهُ الرَّحِيلُ .

مَا أَعْظَمَ الخِدَاعَ، إِنَّ العَينَ لَتَجِدُ نَوعًا مِنْ الشَّبَهِ بَينَ بَشْرَةِ المُخْتَنِقِ وَأَدِيمِ السَّمَاءِ الصَّافِيَةِ, إِنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ السَّعَادَةِ وَبَاطِنٌ مِنْ الشَّقَاءِ .

مَنْ عَرَفَ النَّاسَ حَمِدَ اللهَ عَلَى الوَحْدَةِ, وَإنْ كَانَت مُخَالَطَةُ النَّاسِ لَا تَخْلُو أَحْيَانًا مِنْ فَائِدَة، فَإِنَّهُ حَتَّى البِغَالُ تَنْطِقُ أَحْيَانًا بِالحِكْمَةِ .

وَيَا لَا اللهِ مَا أَحمَقَهُم يَظِنُونَ بِالتَّافِهِ مِنْ الأَشْيَاءِ عَنْ العَبَث, وَيَعْبَثُونَ جُزَافًا بِنِعْمَةِ الأَمَان, بِنِعْمَةِ الحَيَاة, وَيَبغُونَ الوَطَنَ خَرَائِبَ تَنْعَقُ فِيهَا البُوم, وَمُسْتَنْقَعَاتٍ يَرْعَاهَا البَعُوض .

كَمْ أَتَمَنَّى لَوْ كَانَت الجِرَاحَة ُتَسْتَطِيعُ بَتْرَ الفَاسِدِ مِنْ النَّفْسِ, كَمَا تَبْتُر الفَاسِدَ مِنْ الأَعْضَاءِ, إِنَّهَا الفِتْنَة إِذَا أُشْرِبَتهَا القُلوبُ عَمِيَتْ وَعَمَّتْ بِهَا أَصنَافُ البَلَاء .

فِي الصَحِيحَينِ، مِنْ رِوَايَةِ عَبدِ اللهِ ابن عَمرو رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاس, وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ, حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا, فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا). هَذَا الحَدِيثُ المُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .

وَانْظُر حَوْلَكَ وَاسْمَع تُوقِنُ وَتَقْنَعُ, هَذَا النَّصُ الَّذِي ذَكَرَهُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَتَنَاوَلَهُ بَعضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْبَيَانِ .

قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرِ ابنُ الطَّيِبِ "اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللهُ وَإيَّاكُمْ: أَنَّ أَهْلَ البِدَعِ وَالضَّلَالِ مِنْ الْخَوَارِجِ، وَالرَّوَافِضِ، وَالمُعْتَزِلَةِ قَدْ اجْتَهَدُوا أَنْ يُدْخِلُوا عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ شَيْئًا مِنْ بِدَعِهِم وَضَلَالِهِم فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ، لِذَبِّ أَهْلِ العِلْمِ وَدَفْعِ البَاطِلِ، حَتَّى ظَفِرُوا بِقَوْمٍ فِي آخِرِ الوَقتِ مِمَّنْ تَصَدَّى لِلعِلْمِ, وَلَا عِلْمَ لَهُ وَلَا فَهْمَ لَهُ، وَيَستَنْكِفُ وَيَتَكَبَّرُ أَنْ يَتَفَهَّمَ وَأَنْ يَتَعَلَّمَ؛ لَأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُتَصَدِرًا مُعَلِمًا بِزَعْمِهِ، فَيَرَى بِجَهْلِهِ أَنَّ عَلَيهِ مِنْ ذَلِكَ عَارًا وَغَضَاضَة، وَكَانَ ذَلِكَ مِنهُ سَبَبًا إِلَى ضَلَالِهِ وَضَلَالِ جَمَاعَتِهِ مِنْ الأُمَّة، حَتَّى إِذَا لم يُبقِ عالما اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" .

وَقَالَ الرَّاغِبُ الأَصْبَهَانِيُ "لَا شَيءَ أَوْجَبُ عَلَى السُّلطَانِ مِنْ رِعَايَةِ أَحوَالِ المُتَصَدِّرينَ لِلرِيَاسَةِ فِي الْعِلْمِ, فَمِنَ الإِخْلَالِ بِهَا, يَنْتَشِرُ الشَرُّ وَيَكثُرُ الأَشْرَارُ، وَيَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ التَّظَاهُر وَالتَّنَافُر. وَلَمَّا تَرَشَّحَ قَومٌ لِلزَّعَامَةِ فِي العِلْمِ بِغَيرِ اسْتِحْقَاق، وَاحْدَثُوا بِجَهْلِهِم بِدَعًا استَغْنَوا بِهَا عَامَة، واسْتَجْلَبُوا بِهَا مَنْفَعَةً وَرِيَاسَةً، فَوَجَدُوا مِنْ العَامَةِ مُسَاعَدَةً بِمُشَارَكَةٍ لَهُم، وَقُرْبِ جَوْهَرِهِم مِنْهُم، وَفَتَحُوا بِذَلِكَ طُرُقًا مُنْسَدةً, وَرَفَعُوا بِهِ سُتُورًا مُسْبَلَة, وَطَلَبُوا مَنْزِلَةَ الخَاصَة, فَوَصَلُوهَا بِالوَقَاحَةِ، وَبِمَا فِيهِم مِنْ الشَّرَهِ، فَبَدَّعُوا العُلَمَاءَ وَجَهَّلُوهُم, اغْتِصَابًا لِسُلطَانِهِم، وَمُنَازَعَةً لِمَكَانِهِم، فَأَغْرَوا بِهِم أَتْبَاعَهُم, حَتَّى وَطَؤُوهُم بِأَظْلَافِهِم وَأَخْفَافِهِم، -هَذَا كَلَامُه: حَتَّى وَطَؤُوهُم بِأَظْلَافِهِم وَأَخْفَافِهِم- فَتَوَلَّدَ بِذَلِكَ البَوَارُ, وَالْجَوْرُ العَامُ وَالعَارُ" .

تَأَمَّل فِي كَلَامِهِ, وَانْظُر فِي حَالِ النَّاسِ حَوْلَه "لَا شَيءَ أَوْجَبُ عَلَى السُّلطَانِ مِنْ رِعَايَةِ أَحوَالِ المُتَصَدِّينَ لِلرِيَاسَةِ فِي الْعِلْمِ, فَمِنَ الإِخْلَالِ بِهَا, يَنْتَشِرُ الشَرُّ وَيَكثُرُ الأَشْرَارُ، وَيَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ التَّظَاهُر وَالتَّنَافُر. وَلَمَّا تَرَشَّحَ قَومٌ لِلزَّعَامَةِ فِي العِلْمِ بِغَيرِ اسْتِحْقَاق، وَاحْدَثُوا بِجَهْلِهِم بِدَعًا استَغْنَوا بِهَا عَامَة، واسْتَجْلَبُوا بِهَا مَنْفَعَةً وَرِيَاسَةً، فَوَجَدُوا مِنْ العَامَةِ مُسَاعَدَةً بِمُشَارَكَةٍ لَهُم، وَقُرْبِ جَوْهَرِهِم مِنْهُم، وَفَتَحُوا بِذَلِكَ طُرُقًا مُنْسَدةً, وَرَفَعُوا بِهِ سُتُورًا مُسْبَلَة, وَطَلَبُوا مَنْزِلَةَ الخَاصَة, فَوَصَلُوهَا بِالوَقَاحَةِ" .

يَنْفُونَ العِلْمَ عَنْ الأَئِمَّةِ جُملَةً, الصَّحَابَة لَا حُرْمَةَ لَهُم، مِنْهُم مَنْ هُوَ كَاذِبٌ, وَمِنْهُم مَنْ هُوَ مُغَفَّلٌ, وَمِنْهُم مَنْ هُوَ مُفْتَرِيٍ عَلَى اللهِ وَعَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَان, لَا وَزْنَ لَهُم وَلَا قِيمَةَ وَلَا قَدَر، هَكَذا يَقُولُون!!!

هَذِهِ الفِرقَةُ الَّتِي ظَهَرَت, تُشَكِكُ المُسْلِمِينَ فِي أُصُولِ دِينِهِم, يَعْتَدُونَ عَلَى ثَوَابِتِ الأُمَّةِ, يُهَرْطِقُونَ, يُجَدِّفُونَ, يَتَزَنْدَقُونَ فِي الصَّبَاحِ وَفَي المَسَاءِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ, وَيُطَالِبُونَ النَّاسَ بِحِفْظِ أَمْنِهِم, النَّاسُ يَمُوتُونَ مِنْ أَجْلِهِم, مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَنُوا فِي الذَّاتِ الإِلَهِيَةِ مَرَّة!! وَفِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّة!! وَفِي أَصْحَابِهِ مَرَّات!! وَأَمَّا فِي الأَئِمَّةِ!! فَالأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ مُرَبَّعُ الشَّر, لَا عِلْمَ عِنْدَهُم, وَلَا قِيمَةَ لَهُم, وَلَا وَزْنَ لَهُم فِي العِلْمِ وَلَا فِي الخُلُقِ وَلَا فِي الدِّينِ!! مَنْ يَتَحَمَّلُ هَذَا؟ وَمَنْ يَقْبَلُه؟!

عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَقْطَعَ أَلْسِنَتَهُم, هَؤلَاءِ أَضَرُّ عَلَى الأُمَّةِ مِنْ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى, وَهُمْ لَا يَفْعَلُونَ شَيْئًا, وَاحِدٌ مِنْ هَؤلَاءِ تَبَرَّأَ مِنْهُ أَبُوه, يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ المُنَوِرينَ المُتَنَوِرِينَ, فَيَقُولُ إِنَّهُ مُهَدَّدٌ بِالقَتْلِ مُنْذُ سَنَةِ إِثْنَتَينِ وَتِسْعِين, ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ فِي قَافِلَةِ التَّنْوِيرِ يَسِير, ثُمَّ ذَكَرَ أَقْوَامًا لَا يُسَاوِي الوَاحِدُ مِنْهُم وَزْنَهُ ذُبَابًا لَا تُرَابًا,،،،

فَرَج فُودَه, محمد سَعِيد العَشمَاوِي, محمد أحمد خَلَف الله, وَذَكَرَ فِي هَذَا الوَقْت, إِسْلَام بِحِيري...إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ المُسُوخِ الشَائِهِة,,,

يَقُولُ - وَهُوَ لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا- إِنَّهُ يُحَاوِلُ التَّنْوِيرَ مِنْ قَدِيم, وَيُحَاوِلُ مَعَ هَذِهِ الفِرقَة تَجْدِيدَ الخِطَابِ الدِّينِي, وَحَمَلَ حَمْلَةً شَعْوَاءَ عَلَى الرَّئِيسِ لِأَنَّهُ قَالَ بِتَجْدِيدِ الخِطَابِ الدِّينِي فَلَمْ يُفْهَم, وَوَجَدَ انْحِرَافًا فَصَحَّحَه -إِنْحِرَافَ المُنْحَرِفِينَ- وَقَالَ إِنَّمَا أَرَدتُ المُؤَسَّسَاتِ المَعْنِيَّة, لَا أَنْ يَتَكَلَّمَ كُلُّ أَحَدٍ, وَالَّذِي يَحْدُثُ فِي الإِعْلَامِ يُخِيفُ النَّاسَ فِي بِيُوتِهِم, فَلَا أَعَزَّ عَلَى النَّاسِ مِنْ الدِّينِ, فِي مَعْنَى مَا قَالَ, فَخَرَجَ هَذَا لِكَي يَقُولَ: إِنْ كَانَ الرَّئِيس يَظُنُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ دَعَا إِلَى تَجْدِيدِ الخِطَابِ الدِّينِي, فَهَذِهِ خَطِيئَة سِيَاسِيَّة, وَكَبِيرَةٌ مِنْ الكَبَائِرِ السِيَاسِيَّةِ, وَمَنْ قَالَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ؟؟

ثُمَّ إِنَّكُم تَدْعُونَ إِلَى تَجْدِيدِ الخِطَابِ بِمَعْنَى, وَهُوَ يُرِيدُهُ بِمَعْنًى أَخَر, مَا الَّذِي تَقُولُونَهُ أَنْتُم؟!

هَذَا قَالَ فِي بَعْضِ مَا قَال: أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِعَذَابِ القَبْرِ, وَاسْتَهْزَأَ بِكِتَابِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا, فَمَنْ يُطِيقُ هَذَا؟!!

يَقُولُ: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) سُلْطَانِيَه, سُلْطَانِيَه, السُّلْطَنِيَّة. كَذَا قَال!!! وَأَنْكَرَ عَذَابَ القَبْرِ .

تَبَرَّأَ مِنْهُ أَبُوهُ, كَانَ أَبُوهُ رَجُلًا فَاضِلًا, يَؤُمُّ النَّاسَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ مَرْكَزِ قُويسْنَا بِمُحَافَظَةِ المنُوفِيَّة, فَقَالَ المَأْمُومُونَ بَعْضُهُم لِبَعْض, لَعَلَّ إِمَامَنَا مِثْلُ إبْنِهِ, يَقُولُ بِمَا يَقُولُ بَهَ!! فَلَنْ نُصَلِّيَ خَلْفَهُ .

فَلَمَّا عَلِمَ بِذَلِكَ, صَلَّى بِهِم المَغْرِبَ لَيْلَةً مِنْ اللَيَالِي ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: إِنَّهُ يُؤْمِنُ بِعَذَابِ القَبْرِ, وَيُؤْمِنُ أَنَّ مَنْ لَا يَقُولُ بِعَذَابِ القَبْرِ وَلَا يُؤْمِنُ بِهِ فَهُوَ كَافِر, وَقَالَ إِنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ هَذَا القَوْلِ وَمِنْ قَائِلِهِ, فَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَوِّرَ أَبَاهُ عَلَى كِبَرِ سِنِّهِ, أَيُنَوِّرُ أُمَّة؟!!!

" وَطَؤُوهُم بِأَظْلَافِهِم وَأَخْفَافِهِم, فَتَوَلَّدَ بِذَلِكَ البَوَارُ, وَالْجَوْرُ العَامُ وَالعَارُ" .

أَخْرَجَ مَالِك ٌرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أَثَرَ ابنِ مَسْعُود (وَسَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكُم زَمَانٌ, قَلِيلٌ فُقَهَاؤُه, كَثِيرٌ خُطَبَاؤُه, كَثِيرٌ سُؤَّالُه, قَلِيلٌ مُعْطُوه, الهَوَى فِيهِ قَائِدٌ لِلعَمَلِ, اعْلَمُوا أَنَّ حُسْنَ الهَدْيِ فِي أَخِرِ الزَّمَانِ, خَيْرٌ مِنْ بَعْضِ العَمَلِ) وَأَخْرَجَهُ البُخَارِيُ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ, وَالطَّبَرَانِيُ فِي الكَبِيرِ, وَعَبدُ الرَّزَاقِ فِي المُصَنَّفِ, وَصَحَّحَهُ ابنُ حَجَر, وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي .

هَلْ حَلَّ بِالنَّاسِ مَا حَلَّ مِنْ انْحِرَافِ بَعْضِ الشَّبَابِ فِي مُعْتَقَدِهِ, وَظُهُورِ بَوَادِرِ الفِتَنِ, وَتَجَرُّؤِ الصِّغَارِ عَلَى كِبَارِ الأَئِمَّةِ, وَخُرُوجِهِم عَنْ طَرِيقَتِهِم المُسْتَقَاةِ مِنْ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالأَثَرِ, مَعَ مَعْرِفَةٍ تَامَّةٍ بِمَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ, وَمَوَاقِعِ المَصْلَحَةِ .

مَا حَلَّ بِالنَّاسِ مَا حَلَّ مِنْ هَذَا, إِلَّا لِإخْتِلَالِ المِيزَانِ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ العُلَمَاء, وَارْتِقَاءِ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ إِلَى مَصَافِّ الكِبَار؟ زَوُرًا وَظُلْمًا وَبُهْتَانًا وَإِلَى اللهِ المُشْتَكَى .

عَنْ عَبْدِ اللهِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (إِنَّكُم فِي زَمَانٍ كَثِيرٍ فُقَهَاؤُه, قَلِيلٍ خُطَبَاؤُه, قَلِيلٍ سُؤَّالُه, كَثِيرٍ مُعْطُوه -هَذَا حَال- وَقَدْ كَانَ العَمَلُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَائِدًا لِلهَوَى, وَسَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكُمْ زَمَانٌ, قَلِيلٌ فُقَهَاؤُه, كَثِيرٌ خُطَبَاؤُه, كَثِيرٌ سُؤَّالُه, قَلِيلٌ مُعْطُوه, الهَوَى فِيهِ قَائِدٌ لِلْعَمَلِ, اعْلَمُوا أَنَّ حُسْنَ الهَدْىِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ, خَيرٌ مِنْ بَعْضِ العَمَلِ) أَخْرَجَ مَالِكٌ هَذَا الأَثَرَ فِي المُوَطَأْ .

وَقَالَ ابنُ عَبدِ البَر فِي الإسْتِذْكَارِ, هَذَا الحَدِيث وَرَدَ عَنْ ابنِ مَسعُودٍ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ حِسَانٍ مُتَوَاتِرَة, قَالَ ابنُ عَبدِ البَر " وَالعِيَانُ – يَعْنِي المُشَاهَدَةَ- فِي هَذَا الزَّمَان- أَيْ فِي زَمَانِهِ, فِي مُنْتَصَفِ القَرْنِ الخَامِسِ الهِجْرِي, فَقَد تُوفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمائة, يَقُولُ: وَالمُشَاهَدَةُ فِي هَذَا الزَّمَان- عَلَى صِحَّةِ مَعْنَى هَذَا الحَدِيث كَالبُرْهَان" يَقُول: لَقَد وَقَعَ فِي زَمَانِنَا أَيْ فِي زَمَانِهِ هُوَ, هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فَكَأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ أَمْرِ المُشَاهَدَةِ, كَالبُرهَانِ عَلَى صِدْقِ مَا قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَانِهِ فَمَا نَقُولُ فِي زَمَانِنَا ؟!!

أَخْرَجَ أَبُو دَاوُودَ بِسَنَدِهِ عَنْ يَزِيدَ ابنِ عَمِيرَةَ أَنَّ مُعَاذَ ابنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ حِينَ يِجْلِسُ إِلَّا قَالَ: (اللهُ حَكَمٌ قِسْطٌ, هَلَكَ المُرْتَابُون) وَقَالَ مُعَاذُ ابنُ جَبَلٍ يَوْمًا (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُم فِتَنًا, يَكْثُرُ فِيهَا المَال, وَيُفْتَحُ فِيهَا القُرْآنُ حَتَّى يَأْخُذُهُ المُؤْمِنُ وَالمُنَافِقُ, وَالرَّجُلُ وَالمَرْأَةُ, وَالصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ, وَالعَبْدُ وَالْحُرُّ, يُفْتَحُ فِيهَا القُرآنُ فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأتُ القُرآنَ!! مَا هُم بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُم غَيْرَه, فَإِيَّاكُم وَمَا ابْتُّدِعَ, فَإِنَّ مَا ابْتُّدِعَ ضَلَالَة) وَأَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن وَفِي الشُعَب, وَعَبدُ الرَّزَاقِ فِي المُصَنَّفِ, وَهُوَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ مَوقُوف, (وَأُحَذِّرُكُم زَيْغَةَ الحَكِيمِ, فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الحَكِيمِ, وَقَدْ يَقُولُ المُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ) حِينَئِذْ وَقَعَ يَزِيدُ فِي حَيْصَ بَيْص, قَالَ: (وَمَا يُدْرِينِي رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ الحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَة, وَأَنَّ المُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الحَق, قَالَ: بَلَى إجْتَنِب مِنْ كَلَامِ الحَكِيمِ المُشْتَهِرَاتِ, الَّتِي يُقَالُ لَهَا مَا هَذِهِ ؟! وَلَا يُثْنِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنه, فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَه, وَتَلَقَّ الحَقَّ إِذَا سَمِعْتَه, فَإِنَّ عَلَى الحَقِّ نُورًا) فَإِنَّ عَلَى الحَقِّ نُورًا .

يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ المُصَارَحَةُ التَّامَة مَنْهَجَنَا, عَنْ اقْتِنَاعٍ بِأَنَّ هَذِهِ الفِتْنَة الَّتِي نُعَالِجُهَا مِنْ القَضَايَا الَّتِي لَابُدَّ أَنْ تُعَالَجَ بِكُلِّ صَرَاحَة, وَبِكُّلِ وُضُوح, وَبِلَا نِفَاقٍ أَوْ مُوَارَاةٍ أَوْ حَيَاءٍ أَوْ خَوْفٍ, لِأَنَّنَا إِنْ لَمْ نَفْعَل, فَلَنْ تُثْمِرَ جُهُودُنَا إِلَّا شَرًا يَفُوقُ مَا حَاوَلْنَا مُعَالَجَتَهُ, وَإَذَا اقتَحَمْنَا هَذَا المَوضُوع, وَنَحْنُ نُسَلِّمُ مُقَدَّمًا بَوُجُودِ جَوَانِبَ يُحْذَرُ الحَدِيثُ فِيهَا فَلَا أَمَلَ فِي الوصُولِ إِلَى نَتِيجَةٍ مَا, بَلْ الأَفْضَلُ الإِمْتِنَاعُ عَنْ الحَدِيثِ كُلِيَّةً, وَالتَّخَلِّي عَنْ أيْ إِدِّعَاءٍ أَوْ تَصَدِّيٍ لِحَلِّ القَضِيَة .

فِي القَضَايَا الحَسَّاسَةِ وَالمَصِيرِيَةِ يُصبِحُ شَرُّ الحِلُولِ الحَلَّ التَوفِيقِي, وَأَسوَءُ مُعَالَجَةٍ هَيَ الَّتِي تَحُومُ حَولَ الظَاهِرَةِ مِنْ الخَارِج, أَوْ تُحَاوِلُ اقْتِحَامَهَا عَلَى إِسْتِحْيَاءٍ, مَعَ التَّسلِيمِ مُقَدَّمًا بِأنَّ المُشْكِلَةَ أَكبَرُ مِنْ الحَلِّ المَسمُوحِ بِهِ, لِنَتَذَكَّر دَائِمًا أَنَّهُ لِحَلِّ القَضَايَا الشَّدِيدَةِ الحَسَاسِيَّةِ, يَجِبُ أَنْ نُفَكِّرَ, وَأَنْ نَتَحَاوَرَ بِلَا أَدْنَى حَسَاسِيَّة, لِأنَّهُ إِنْ تَعَفَّفَ المُخْلِصُونَ عَنْ كَشْفِ مَا فِي قُلُوبِهِم, فَإِنَّ الفَتَّانِيينَ لَنْ يَتَورَّعُوا عَنْ مَلْئِ الفَرَاغِ بِأَكَاذِيبِهِم, إِذَا تَوَرَّعَ المُخلِصُونَ عَنْ كَشفِ مَا فِي قُلُوبِهِم, فَإنَّ الفَتَّانِيينَ لَنْ يَتَوَرَّعُوا عَنْ مَلْئِ الفَرَاغِ بِأَكَاذِيبِهِم, وَكَثِيرًا مَا يَتَحَوَّلُ الخَدْشُ اليَسِيرُ إِلَى خُرَّاجٍ مُؤلِمٍ إِذَا لَمْ يَتَعَرَّض لِلهَواءِ وَالنُّورِ, نَحنُ نُحَذِّرُ مِنْ المُخَرِّبِين, المُخَرِّبُونَ لَا يَعْمَلُونَ إِلَّا مِنْ الدَّاخِلِ وَبِالدَّاخِلِ, نَحنُ نُحَذِّرُ مِنْ المُخَرِّبِين - وَالمُخَرِّبُ فِي العُرْفِ السِّيَاسِي هُوَ الَّذِي يَنْدَسُ وَسطَ مُظَاهَرَةٍ مثلًا, وَيَهْتِفُ بِحَمَاسَةٍ شَدِيدَةٍ, ثُمَّ يَدْعُو المُتَظَاهِرِينَ إِلَى حَرْقِ حَافِلَةٍ, أَوْ قَتْلِ طِفْلٍ صَغِيرٍ, لِكَيْ يُمَكِّنَ السُّلْطَةَ مِنْ ضَرْبِهِم, ثُمَّ يَتَطَوعُ هُوَ بِالشَّهَادَةِ بِالزُّورِ ضِدَّهُم بِحُجَّةِ الحِرصِ عَلَى قَولِ الحَقِّ, وَتَنْقِيَةِ السَّاحَةِ مِنْ الإِنْحِرَافَاتِ- نَحنُ نُحَذِّرُ مِنْ المُخَرِّبِين, وَقَدِيمًا قَالَت العَرَبُ وَمَا أَصْدَقَ مَا قَالَت "مَنْ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ ظَلَم" أَيْ ظَلمَ الغَنَم, وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ ظَلمَ الذِّئْبَ, حَيثُ كَلَّفَهُ مَا لَيسَ فِي طَبْعِهِ فَاسْتَرْعَاهُ غَنَمَهُ, وَهَذَا المَثَلُ يُضْرَبُ لِمَنْ يُوَلِّي غَيْرَ أَمِين, " مَنْ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ ظَلَم " .

وَوَاقِعُ المُسلِمِينَ اليَومَ يَفْرِضُ عَلَينَا أَنْ نَتَأَمَّلَ فِيهِ بِدِقَّةٍ وَرِفْقٍ, وتُؤَدَةٍ وَأَنَاةٍ, إِنَّ جَمَاهِيرَ المُسلِمِينَ تَتَوَرَّطُ فِي أُمُورٍ مِنْ أُمُورِ مُخَالَفَاتِ العَقِيدَةِ, الَّتِي تُنْذِرُ بِأَسْوَءِ المَأَلآتِ فِي الأَخِرَةِ, إِنَّ جَمَاهِيرَ المُسلِمِينَ لَا تَكَادُ تُحَقِّقُ مِنْ العَقِيدَةِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَقِّقَهُ المُسْلِمُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَنْجُوَّ بِدِينِهِ وَعِرْضِهِ, سَالِمًا فِي الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ مِنْ المَعَابَةِ وَالتَّأْثِيمِ, وَالوُلُوغِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَتَّى مِنْ مُسْلِمٍ صَحِيحِ الإعْتِقَاد, إِنَّ جَمَاهِيرَ المُسلِمِينَ اليَومَ, مَازَلَت تَطْلُبُ الأُمُورَ الَّتِي لَا تُطْلَبُّ إِلَّا مِنْ اللهِ تَعَالَى مِنْ غَيرِ الله, لَا مِنْ الأَحْيَاءِ بَلْ مِنْ الأَمْوَاتِ, إِنَّ جَمَاهِيرَ المُسلِمِينَ اليَومَ, مَا تَزَالُ جَاهِلَةً بِأَسمَاءِ اللهِ تَعَالَى الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ المُثْلَى, وَمَا أَكْثَرَ مَا تَسْمَعُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَبِكُلِّ سَبِيلٍ مَنْ يَقُولُ مُعْتَقِدًا بِيَقِين "إِنَّ اللهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ!!! " يُرِيدُ بِذَاتِهِ, مَا أَكْثَرَ مَا يَتَورَّطُ المُسلِمُونَ اليَومَ فِي مُخَالَفَةِ أُصُولِ الإعْتِقَادِ الصَّحِيحِ, إِنَّ الجَمَاهِيرَ الَّتِي هِيَ كَالقُطْعَانِ الشَّارِدَةَ تَؤُمُّ الرِّمَمَ البَالِيَةَ, تَقْصِدُهَا بِالطَّلَبِ, وَتَسْتَغِيثُ عِندَهَا بِمَا لَا يُسْتَغَاثُ فِيهِ إِلَّا بِاللهِ, وَمَا أَكْثَرَ الخُرُوقَات, الَّتِي تَعتَرِضُ وَتَلحَقُ بِنَسِيجِ العَقِيدَةِ حَتَّى صَارَ مُتَهَرِأً لَا يَكَادُ يَقُومُ, وَلَا يَكَادُ يَقِفُ عِندَهُ البَصَرُ لَا يَنْزَلِقُ عَلَيهِ.

تَنْقِيَةُ العَقِيدَة مِنْ الغَبَشِ, وَمِمَّا لَحِقَ بِهَا عَلَى مَرِّ القُرُونِ وَتَطَاوُلِ السِّنِينَ, أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ مَا يَعْقِدُ عَلَيهِ الدَّاعِي إِلَى اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ الخِنْصَر, عِندَ بَدْئِهِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى .

هَذَا مَا يَدْعُو إِلَيهِ أَهْلُ السُّنَّة, يُلَخِّصُونَ الدَّعْوَةَ فِي كَلِمَتَين, فِي التَّصْفِيَةِ وَالتَّرْبِيَةِ, وَالتَّصْفِيَة لَيْسَت هِيَ الَّتِي يُرِيدُهَا أُولَئِكَ المُغَرُورُونَ الزَّائِغُونَ مِنْ المُتَأَمِرِينَ عَلَى دِينِ رَبِّ العَالَمِين, وَإِنَّمَا هِيَ تَنْقِيَةُ الدِّين مِمَّا عَلِقَ بِهِ مِنْ الشَّوَائِبِ, وَلَحِقَهُ مِمَّا لَيْسَ مِنْهُ, هَذَا يَدْعُو إِلَيهِ عُلَمَاءُ الإِسْلَامِ عَلَى مَرِّ القُرُونِ وَيَقُومُونَ بَهِ, فَيَدْعُونَ إِلَى تَنْقِيَةِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَكُتُبِ التَّارِيخِ, وَشُرُوحِ الحَدِيثِ, إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الإِسْلَامِ العَظِيمِ.

 يَدْعُونَ إِلَى تَنْقِيَتِهَا مِمَّا لَحِقَهَا وَشَابَهَا وَعَلِقَ بِهَا, عَلَى مَنْهَجٍ عِلْمِيٍ مُنْضَبِطٍ, لَا أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُم هَذَا التُرَاثُ العُفِنُ!!! وَاللهِ مَا هُنَالِكَ مِنْ عَفِنٍ سِوَاكَ ,,,

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّعَات, يُصَدَّقُ فِيهَا الكَاذِب, وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِق, وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِن, وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِين, وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَة, قَالُوا وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَةِ) أَخْرَجَهُ ابن مَاجَة, وَالبَذَّارُ وَالحَاكِم, وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ .

وَفِي رِوَايَةٍ عِندَ أَحمَد وَأَبِي يَعْلَى (الفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَةِ)

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَةِ)

وَفِي بَعْضِهَا (مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَةِ) .

هَلْ تَظُنُّ أَنْ حَامِلًا لِلدُكْتُورَاه, مِنْ كُلِّيَةِ الشَّرِيعَةِ وَالقَانُونِ بِدَمَنهُورِ يَقُولُ: صَحِيحُ البُخَارِي هَذَا, لَا أَقُولُ لَكُم فِيهِ ضَعِيف, بَلْ لَيْسَ هُنَالِكَ مَا يُقَالُ لَهُ صَحِيحُ البُخَارِي!! فَقَالَ لَهُ مُحَاوِرُهُ: وَهَذِهِ الكُتُبُ الَّتِي -هِيَ صَحِيحُ البُخَارِي- صُفَّت عَلَى الأَرْفُفِ فِي المَكْتَبَاتِ العَامَةِ وَالخَاصَةِ, مَاهِيَ؟ قَالَ: هَذَا الكِتَابُ الَّذِي تَقُولُونَ عَنهُ صَحِيحُ البُخَارِي, الَّذِي أَلَّفَهُ جُمْعَهْ مُحَمَّد ابنِ اسمَاعِيلَ البُخَارِي – يُرِيدُ (جَمَعَهُ) مُحَمَّدُ ابنُ اسمَاعِيلَ البُخَارِي- هَذَا يَتَكَلَّمُ فِي الدِّينِ؟!  جُمْعَهْ !!!!

إِذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ العَامَةِ, إِذَا تَكَلَّمَ الفُوَيْسِقُ فِي أَمْرِ العَامَةِ, وَالفُوَيْسِقُ تَصْغِيرُ فَاسِق, لِلتَّحْقِيرِ وَالتَّقْلِيلِ, وَالبَيَانِ لِمَا هُوَ عَلَيهِ مِنْ ذِلَّةٍ وَقِلَّةٍ وَحِطَّةٍ, سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فُوَيْسِقًا, يَكُونُ هَذَا فِي السَّنَوَاتِ الخَدَّعَاتِ, يُصَدَّقُ فِيهَا الكَاذِب, وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِق, وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِن, وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِين, وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَة, فِتْنَةٌ مَاحِقَةٌ, قَائِمَةٌ وَقَاعِدَةٌ, وَالنَّاسُ فِي حَيْرَةٍ, وَفِي أَمْرٍ مَرَيجٍ, انْبَهَمَتْ المَعَالِم, اخْتَلَطَتْ السُّبُل, صَارَ النَّاسُ لَا يَدْرُونَ أَينَ يَسِيرُونَ, وَيُخبِرُهُم النَّبِيُّ المَأْمُونُ أَنَّ خَلَاصَهُم بِالرِّجُوعِ إِلَى الأَمْرِ الأَوَّلِ, إِلَى مَا كَانَ عَلَيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ, وَمَا كَانَ عَلَيهِ أصْحَابُه .

أَكْثَرُ الَّذِينَ يَجْتَهِدُونَ فِي مُعَالَجَةِ الوَاقِعِ المَرِيضِ اليَوم, مِنْ هَذَا الصِّنْف الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ, فُوَيْسِقٌ, تَافِهٌ, لَا يُؤْبَهُ لَهُ, سَفِيهٌ, وَقَدْ تَجْتَمِعُ هَذِهِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا فِيهِ, وَهَؤلَاءِ يَدعُونَ إِلَى الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ, وَأَخَصُّ خَصَائِصِهَا حُرِّيَةُ الرَّأيِ, فَيَجْعَلُونَ حُرِّيَةَ الرَّأيِ حَظرًا وَحِكرًا عَلَيهِم, وَلَا يَسمَحُونَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ, حُرِّيَةُ الرَّأيِ لَهُم وَحدَهُم, وَأَمَّا غَيرُهُم فَلَيسَ لَهُ مِنْ حُرِّيَةِ الرَّأيِ نَصِيب .

هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَوْصَلَت الأُمَّةَ إِلَى مَا وَصَلَتْ إِلَيهِ, هَؤلَاءِ عِندَمَا يَجِدُونَ أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْتَدَى عَلَى ذَاتِهِ الإِلَهِيَّةِ, وَيَقَعُ فِي التَّجْدِيفِ بَعْضُ مَنْ هُوَ كَافِرٌ بِاللهِ وَرَسُولهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ, لَا يَنْبِسُ وَاحِدٌ مِنْهُم بِبِنْتِ شَفَه, يَكِيلُونَ بِمِكْيَالَينِ, إِذَا كَتَبَ رَجُلٌ قَصِيدَةً يَعْتَدِي فِيهَا عَلَى رَبِنَا جَلَّ وَعَلَا, وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ, خَرَجَ مَنْ يُدَافِعُ عَنهُ, بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ الشِّعْرِ, وَلُغَةُ الشِّعْرِ لَيْسَت بِخَاضِعَةٍ لِمُوَاضَعَاتِ اللُّغَة, وَهَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ, فَإِنَّ كَلَامَهُ لَا يَبْلُغُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا, فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ شِعْرًا, وَسَؤُذَكِّرُ بِأَمْرٍ مَضَى .

أَصْدَرَتْ مَحكَمَةُ القَضَاءِ الإِدَارِي المِصرِيَّةُ يَوْمَ الثُلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَر مِنْ رَبِيعٍ الثَّانِي سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَأَربَعمائةٍ وَأَلْف(18 ربيع الثاني 1430) المُوَافِقُ لِلرَّابِعَ عَشَر مِنْ شَهْرِ أَبرِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَلْفَين(14/4/2009) -أَيَّامَ الرَّئِيسِ الأَسْبَق- أَصْدَرَتْ مَحكَمَةُ القَضَاءِ الإِدَارِي المِصرِيَّةُ فِي يَوْمَ الثُلَاثَاءِ ذَلِكَ, حُكْمًا بِإِلغَاءِ تَصْرِيحِ مَجَلَّةِ إِبْدَاع الأَدَبِيَّة, الَّتِي كَانَت تَصْدُرُ عَنْ الهَيئَةِ العَامَةِ لِلكِتَاب, لِنَشْرِهَا قَصِيدَةً تُسِيءُ إِلَى الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَالمَجَلَّةُ الصَّادِرَةُ كَمَا جَاءَ فِي حَيْثِيَّاتِ الحُكْمِ, صَادِرَةٌ عَنْ الهَيْئَةِ العَامَةِ لِلكِتَاب, وَيَرْأَسُ تَحْرِيرَ تِلْكَ المَجَلَّة أَحمَد عَبدِ المُعْطِي حِجَازِي, قَامَتْ بِنَشْرِ قَصِيدَةٍ بِعُنْوَانِ "شُرْفَة لَيلَى مُرَاد" لِلشَّاعِر "حِلْمِي سَالِم" تَتَضَمَّنُ إِسَاءَةً لِلذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَأَكَّدَتْ المَحْكَمَةُ فِي حَيْثِيَّاتِ قَرَارِهَا, أَنَّهُ ثَبَتَ لَدَيهَا أَنَّ القَصِيدَةَ وَرَدَت بِهَا أَلْفَاظٌ تُسِيءُ إِلَى اللهِ, وَأَنَّ هَذَا الفِعْلَ يُبَاعِدُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رِسَالَةِ الصَّحَافَةِ, وَمِنْ غَيرِ المَعقُولِ أَنْ يَكُونَ هَذَا العَمَلُ قَدْ نُشِرَ عَبَثًا, دُونَ أَنْ يَمُرَّ عَلَى القَائِمِ عَلَى هَذِهِ المَجَلَّة, وَهُوَ الأَمْرُ الَّذِي يُؤَكِدُ أَنَّ بَعْضَهُم لَدَيْهِ القَنَاعَةُ والاستِعْدَادُ لِنَشرِ مِثْلِ هَذِهِ الإِسْفَافَاتِ المُتَطَاوِلَةِ عَلَى رَبِّ العَالَمِين .

مِنْ حَيْثِيَّاتِ الحُكْمِ, وَاعتَبَرَتْ المَحْكَمَةُ أَنَّهُ إِذَا كَانَت الصَّحَافَةُ حُرَّةً فِي أَدَاءِ رِسَالَتِهَا, إلَّاّ أَنَّ هَذِهِ الحُرِّيَة يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَسؤُولَة, وَأَنْ لَا تَمَسَّ المُقَوِّمَاتِ الأَسَاسِيَّةَ لِلمُجتَمَعِ المِصرِي, وَالأُسْرَةِ وَالدِّينِ وَالأَخْلَاقِ .

وَجَاءَ هَذَا الحُكْمُ بِنَاءًا عَلَى دَعْوَى طَالَبَة بِإِلغَاءِ تَرخِيصِ المَجَلَّةِ, بِسَبَبِ هَذِهِ القَصِيدَةِ الَّتِي تُسِيءُ لِلذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَتَعِيثُ فِي المُقَدَّسَاتِ, وَالأَزهَرُ قَدْ اتَّهَمَ الكَاتِبَ لِتلكَ الإِسْفَافَاتِ بِالكُفْرِ, مُعْتَبِرًا أنَّ هَذِهِ القَصِيدَةَ تَتَضَمَّنُ مَسَاسًا بِالذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ .

عَلَّقَ الَّذِينَ يَنْشُرُونَ هَذَا الهُرَاء مِمَّا يُسَمُّونَهُ شِعْرًا, عَلَّقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَنْشُرُونَ ذَلِكَ الهُرَاءَ, وَالقَيْءَ عَلَى الشَّبَكَةِ العَنكَبُوتِيَّةِ, عَلَّقُوا عَلَى الحُكْمِ بِقَولِهِم: هَذِهِ صُورَةٌ أُخرَى لِمَا آلَتْ إِلَيهِ أَوْضَاعُ الثَّقَافَةِ العَرَبِيَّةِ، وَقَدْ اُبتُلِيَتْ بِأَصْوَاتِ مُنْكَرٍ وَنَكِير- كَذَا قَالَ كَاتِبَهُم!!- أَلَيسَ مِنْ المُؤْسِفِ حَقًا – يَقُولُ- أَنْ يَغِيبَ الشَّاعِرُ, وَيَحْضُرَ الرَّقِيبُ, وَالمُحْتَسِبُ, وَالغَرِيبُ, وَكُلُّ مَنْ لَيْسَت لَهُ الصِّفَةُ أَنْ يَحْضُرَ القَضَاءُ الإِدَارِي، وَأَنْ يَحْضُرَ المُحَامِي صَاحِبُ الدَّعْوَى، وَالمُحْتَسِبُ, وَالأَزْهَرُ, وَيَغِيبَ الشَّاعِر - ثُمَّ قَالَ المُعَلِق- وَتَضَامُنًا مَعَ الشَّاعِر وَالمَجَلَّة, وَانْتِصَارًا لِحُرِّيَةِ الإِبْدَاعِ, نَنْشُرُ مَقَاطِعَ القَصِيدَةِ مَوْضُوعَ الحُكْم .

ثُمَّ قَامُوا بِنَشْرِهَا, وَكَذَا صَنَعَت بَعْضُ المَجَلَّات, وَبَعضُ الصُّحُف, الَّتِي تُمَوَّلَ مِنْ أَمْوَالِ الشَّعْبِ, وَالَّتِي يُنْفَقُ عَلَيهَا مِنْ قُوتِهِ, مِنْ عَرَقِهِ, مِنْ مَجْهُودِ أَبْنَائِهِ, لِكَيْ تَقُومَ بِرِسَالَتِهَا, مِنْ أَجْلِ تَثْقِيفِهِ وَتَعْلِيمِهِ, وَوَضْعِ قَدَمِهِ عَلَى طَرِيقِ الحَقِّ وَالخَيرِ, وَالصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ, فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ خَانَت الأَمَانَةَ, وَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ اعْمَلَتْ أَقْلَامَهَا المَسمُومَةَ مُشْرَعَةً فِي عِرْضِ الأُمَّةِ, وَلَيسَ لِلأُمَّةِ مِنْ عِرْضٍ سِوَى الدِّينِ, فَإِذَا فَقَدَت الأُمَّةُ دِينَهَا فَلَا قِيمَةَ لَهَا .

تَأَمَّل فِي بَعْضِ مَقَاطِعِ تِلْكَ القَصِيدَةِ الفَاجِرَةِ, وَأَنَا بِمَعْرِفَتِي لِلشِّعْرِ, وَبِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا, حَتَّى بِقَصِيدَةِ النَّثْرِ كَمَا يَزعُمُونَ, وَحَتَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِالحَدَاثَةِ وَمَا بَعْدَ الحَدَاثَة, أَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بِشِعْرٍ, وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْقَى أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يُسَمَّى إِبْدَاعًا كَمَا يَقُولُونَ, حَتَّى مِنْ الزَّاوِيَةِ الأَدَبِيَّةِ المُجَرَّدَةِ, وَإِنَّمَا هُوَ إِصْرَارٌ وَسَبْقُ تَرَصُّدٍ بِعَمْدٍ لِلإِسَاءَةِ إِلَى الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَالإِعتِدَاءِ عَلَى دِينِ الأُمَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ, وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الجَرَائِمِ فِي حَقِّ هَذِهِ الأُمَّة, وَفِي حَقِّ هَذَا الوَطَنَ, وَفِي حَقِّ أَبْنَائِهِ, إِذْ تُسْتَغَلُّ أَمْوَالُهُ عَلَى أَيْدِي أُولَئِكَ الكَتَبَة, مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَنُوا فِي دِينِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا, بَلْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَنُوا فِي رَبِّ العَالَمْينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

قَالَ الشَّاعِرُ -عَامَلَهُ اللهُ بِعَدْلِهِ- حِرَاسَةٌ - وَهُوَ مَقْطَعٌ مِنْ مَقَاطِعِ قَصِيدَتِهِ- يَقُولُ:

لَيْسَ مِنْ حَلٍّ أَمَامِي سِوَى أَنْ اسْتَدْعِيَ اللهَ وَالأَنْبِيَاء

لِيُشَارِكُونِي فِي حِرَاسَةِ الجُثَّة

فَقَدْ تَخُونُونِي شَهْوَتِي أَوْ يَخْذُلُونِي النَّقْصُ

– وَهَذَا لَيْسَ شَيْئًا, فَإِنَّهُ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ عَنْ رَبِنَا جَلَّ وَعَلَا, تَكَلَّمِ بِكَلَامٍ عَجِيبٍ -عَامَلَهُ اللهُ بِعَدْلِهِ- قَالَ:

الرَّبُ لَيْسَ شُرْطِيًا حَتَّى يُمْسِكَ الجُنَاةَ مِنْ قَفَاهُم – هَذَا شِعْر!! هَذَا تَنْوِير!! هَذَا تَثْقِيف!!

الرَّبُ لَيْسَ شُرْطِيًا حَتَّى يُمْسِكَ الجُنَاةَ مِنْ قَفَاهُم

وَإِنَّمَا هُوَ قَرَوِيٌ يُزَغِطُ البَطَّ

وَيَجُسُّ ضَرْعَ البَقَرَةِ بِأَصَابِعِهِ

صَائِحًا وَافِرٌ هَذَا اللَّبَنِ

الجُنَّاةُ أَحْرَارٌ لِأَنَّهُم امْتِحَانُنَا

الَّذِي يَصْنَعَهُ الرَّبُ أَخِرَ كُلِّ فَصْلٍ قَبْلَ أَنْ يُؤَلِفَّ سُورَةَ البَقَرَة

قَالَ -عَامَلَهُ اللهُ بِعَدْلِهِ-

الرَّبُ لَيْسَ عَسْكَرِي مُرُورٍ

إِنْ هُوَ إِلَّا طَائِر وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا تَجْهِيزُ العُنُق

لِمَاذَا تَعْتِبِينَ عَلَيهِ رَفْرَفَتَهُ فَوقَ الرُّؤُس؟

هَلْ تُرِيدِينَ مِنْهُ أَنْ يَمْشِيَ بِعَصَاةٍ فِي شَارِعِ زَكَرِيَّا أَحْمَد

يُنَظِّمُ السَّيْرَ وَيُعَدِّي بِالمَرْسِيدِسْ, المَرْسِيدِسْ!!!

ثُمَّ خَرَجَ مَنْ يُدَافِعُ عَنْ هَذَا الكَلَامِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ إِبْدَاع, وَكُتِبَ بِلُغَةٍ شِعْرِيَّةٍ لَا تَخْضَعُ لِلُغَةِ النَّاسِ, فَإِذَا قَالَ: الرَّبُ يُظَغِطُ البَطَّ, فَهُوَ لَا يُرِيدُ هَذَا, أَلَا تَفْهَمُون!!!

أَلَا يَسْتَحِي إِنْسَانٌ يَنْتَمِي إِلَى الثَّقَافَةِ أَيِ ثَقَافَة, وَلُو كَانَ انْتِمَاءًا ضَعِيفًا, أَنْ يَكْتُبَ يُظَغِطُ البَطَّ فِي شِعْرٍ مِنْ شِعْرِهِ, هَلْ هَذَا شِعْر؟!! هَلْ هَذَا كَلَام؟!! هَلْ يُقَالُ هَذَا فِي حَقِّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا؟!!

فَإِذَا مَا قَالَ الأَزْهَرُ هَذَا كُفْر, وَاتَّهَمَ قَائِلَهُ بِأَنَّهُ كَافِر, وَحَكَمَت المَحْكَمَةُ الإِدَارِيَّةُ بَعْدُ بِإِلغَاءِ تَصْرِيحِ المَجَلَّةِ, الَّتِي كُتِبَ فِيهَا هَذَا الكَلَام, الَّذِي هُوَ كُفْرٌ أَصْلَع, قِيلَ رَجْعِيَّة, يُرِيدُونَ أَنْ يُعِيدُونَنَا إِلَى عُصُورِ الظَّلَامِ, وَمَحَاكِمِ التَّفْتِيشِ, أَيُ تَفْتِيشٍ؟!! هَذَا يَعْتَدِي عَلَى ذَاتِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلَا بَهَذا الكَلَامِ القَبِيح, لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا شَتَمَهُ هُوَ, لَأَخَذَ فِيهِ حُكْم, مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَاوِي وَزْنَهُ ذُبَابًا لَا تُرَابًا, مَنْ يَكُونُ؟ وَمَا يَكُون؟! لَوْ اعْتَدَى أَحَدٌ عَلَى عِرْضِهِ, وَتَكَلَّمَ فِي حَقِّهِ لِقَضَاهُ, وَلَأَخَذَ فِيهِ حُكْمًا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيهِ, إِذَا اعْتَدَى عَلَى عِرْضِهِ المَصُونِ, وَأَمَّا رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا فَيُكْتَبُ مِثْلُ هَذَا الكَلَامِ فِي حَقِّهِ, وَهُوَ قَطْرَةٌ مِنْ بَحْر, تِلْكَ المَجَلَّةُ الفَاجِرَةُ, كَانَت تَنْشُرُ أَمْثَالَ هَذِهِ الكَلِمَاتِ وَالقَصَائِدِ مِنْ قَدِيمٍ, وَلَيْسَتْ بِأَوَّلِ سَابِقَةٍ لَهَا, وَإِنَّمَا أُوقِفَ تَرخِيصُهَا مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّة, لِإِعْتِدَئِهَا عَلَى الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الأَنْبِيَّاءِ, وَعَلَى دِينِ الإِسْلَامِ العَظِيمِ .

وَاليَوم تَسْمَعُونَ مَنْ يَقُولُ فِي حَقِّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا (اللهُ حَتْمًا مَا كَانْشِ يِتْخَيَّل إِنْ دَه هَيِحْصَل، وَإِنْ كَانَ هُوَ عَالِمُ الغَيبِ, وَلَكِنْ مَا كَانْشِ أَبَدًا يَتْخَيَّلْ إنْ دَه هَيِحْصَل، أَكِيد اللِّي حَصَل دَه حَصَلَ بِغِير إِرَادَتُهُ !!)

يَتَكَلَّمْ عَنْ مِيرَاثِ المَرْأَةِ وَعَنْ حُقُوقِهَا مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِهِ، ثُمَّ يَقُولُ (مَا دَامَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ مُشْكِلَة مَعَ هَذَا الجِنْس- يَعْنِي النِّسَاء- فَــ لِيه مَبِيوَأَفْشِ خَط الإِنْتَاج- خَط إِنْتَاج النِّسَاء فِي مَعْمَلِ التَّفْرِيخِ!!!-)

هَذَا كَلَامٌ يُقَالُ فِي حَقِّ الله؟! فِي حَقِّ رَسُولِ الله؟!

وَأَمَّا مَا يُقَالُ فِي حَقِّ القُرْآنِ (يقُولُ إِنَّهُ يَقْرَأُهُ وَيَقُولُ (بِيِأْرَاه!!) يَقْرَأُهُ بِالطُّولِ وَالعَرْضِ، قِرَاءَة طُولِيَّة وَقِرَاءَة عَرضِيَّة) كَلِمَات مُتَقَاطِعَة يَعْنِي!!!-

كَلَامُ الله يُتَكَلَّمُ فِي حَقِّهِ رُبَّمَا بِمَا فِيهِ إِنْكَار، وَأَمَّا الصَّحَابَة فَحَدِّث عَنْ سَفَاهَتِهِ فِي حَقِّ سَادَتِنَا مِنْهُم, وَكُلُّهُم مِنْ سَادَتِنَا، حَدِّثْ عَنْ سَفَاهَتِهِ فِي الكَلَامِ عَنْهُم وَلَا حَرَجَ، هَؤلَاءِ هُم الَّذِينَ يَسْكُبُونَ النِّفْطَ عَلَى نَارِ الإِرْهَابِ وَالتَّطَرُفِ، هَؤلَاءِ هُم السَّبَب .

الَّذِي يَخْرُجُ وَيَقُولُ (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) وَيَبْتَسِم كَالبَغْلِ سُلْطَانِيَه, السُّلْطَانِيَّة!! هَذَا يُقَالُ فِي حَقِّ كَلَامِ الله؟؟ هَذَا كُفْرٌ، إِذَا سَمِعَ هَذَا شَابٌ مُسْلِمٌ, عِنْدَهُ عَاطِفَةٌ إِسْلَامِيَّةٌ يُبْغِضُ الإِخْوَانَ، يُبْغِضُ التَّطَرُّفَ، يُبْغِضُ الإِرْهَابَ، يُبْغِضُ الإِعْتِدَاءَ عَلَى الدِّمَاءِ وَالأَبْشَارِ، ويُبْغِضُ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ الإِعْتِدَاءَ عَلَى المُقَدَّسَاتِ، عَلَى الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَعَلَى كَلَامِ رَبِّنَا, وَعَلَى نَبِيِّنَا, وَعَلَى صَحَابَتِهِ, وَعَلَى الأَئِمَّةِ, وَعَلَى السَّلَفِ, وَعَلَى التُّرَاثِ، يُبْغِضُ هَذَا, وَيُبْغِضُ ذَلِكَ، إِذَا سَمِعَ هَذَا الكَلَامَ، مَاذَا يَصْنَعُ؟! يَتَطَرَّف .

هُم الَّذِينَ يَصْنَعُونَ التَّطَرُف, وَهُم يُحَصِّلُونَ الأَمْوَال، جَهَلَة, لَا يَعْرِفُونَ العَقِيدَةَ، يَعْرِفُونَ مَا جَاءَ بِهِ مَارْكِسْ!!! مِنْ التَّظَاهُرَاتِ, وَالإِعْتِصَامَاتِ, وَالعِصْيَانِ المَدَنِي, وَالفَوْضَى الجَالِبَةِ لِلشِّعَارَاتِ الَّتِي قَامَتْ عَلَيْهَا الثَّوْرَةُ الفَرَنْسِيَّة: الإِخَاءُ وَالحُرِّيَّةُ وَالمُسَاوَاةُ، الحُرِّيَّةُ الَّتِي أَدَّت إِلَى هَذَا العَبَث, وَهَذَا الكُفْر، يَقُولُونَ هِيَ حُرِّيَّةُ التَّعْبِير، أيُ حُرِّيَّة؟! المُسَاوَاةُ: يَقُولُونَ النَّاسُ جَمِيعًا سَوَاسِيَةٌ عِندَ الله، كَذَلِكَ؟ هُمْ لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ، هَذِهِ هِيَ المُسَاوَاةُ الحَقَّةُ، النَّاسُ جَمِيعًا سَوَاسِيَةٌ عِندَ الله، وَلَكِنَّ المُسَاوَاة عِندَمَا تَكُونُ فِي الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ، أَمَّا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ سَوَاسِيَةً فَتُلْغَى المِيزَات, وَتُلْغَى العَطَاءَاتُ وَالهِبَاتُ وَالمِنْحَاتُ مِنْ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ، أَنْ يَصِيرَ العَالِمُ كَالجَاهِل، وَأَنْ يَصِيرَ الشَّرِيفُ كَالدَّنِيء، وَأَنْ يَصِيرَ النَّاسُ جَمِيعًا شَيئًا وَاحِدًا، فَهَذَا هُوَ العَبَثُ بِعَيْنِهِ, وَهَذِهِ هِيَ الفَوْضَى بِعَيْنِهَا وَذَاتِهَا، وَذَلِكَ شَيءٌ لَمْ يَجِأ بِهِ دِينُ الله.

الإِخَاءُ: يَدْعُونَ إِلَى هَذَا يَعْلَمُونَ أَوْ لَا يَعْلَمُون، وَالعَالَمُ كُلُّهُ لَمْ يَشْهَدْ فَاتِحًا أَرْحَمَ مِنْ العَرَبِ، هَذَا مَا قَالَهُ رَجُلٌ لَمْ يُؤْمِنْ يَومًا بِمُحَمَّدٍ, وَلَا بِدِينِ مَحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ .

قَالَ جُوسْتَاف لُوبُون "إِنَّ العَالَمَ كُلَّهُ, لَمْ يَشْهَدْ فَاتِحًا أَرْحَمَ مِنْ العَرَبِ" يَعنِي أَرْحَمَ مِنْ المُسلِمِينَ, مِنْ أَتْبَاعِ النَّبِيِ الأَمِينِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

نَهَى عَنْ قَتْلِ الشِّيُوخِ, وَعَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ, وَعَنْ قَتْلِ الذُّرِيَّةِ، عِندَ أَحمَد وَالدَّارِمِيِ بِإِسْنَادٍ صَحِيح (أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِيَّة، أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِيَّة، أَلَا لَا تَقْتُلُوا الذُّرِيَّة).

وَنَهَى عَنْ الإِجْهَازِ عَلَى الجَرْحَى, وَنَهَى عَنْ الرُّهْبَانِ وَالقُسُوسِ فِي الأَدْيِرَةِ, وَالصَّوَامِعِ وَالبِيَعِ, مَا دَامُوا لَمْ يَحْمِلُوا سَيْفًا, وَلَمْ يُسَدِّدُوا رُمْحًا, لِأَنَّ الحَرْبَ لَمْ تَكُنْ يَومًا فِي دِينِ الإِسْلَامِ العَظِيمِ, إِبَادَةً وَإِهْلَاكًا, وَإِنَّمَا الحَرْبُ فِي الإِسْلَامِ, تَأمِينٌ لِلدَّعْوَةِ, وَنَشْرٌ لِلإِسْلَامِ وَالسَّلَامِ، وَهِيَ نَوعٌ مِنْ التَّخَطِّيِ لِذَلِكَ الحَاجِز الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الدُّعَاةِ المُسلِمِينَ الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى التَّوْحِيدِ وَالشُّعُوبِ، لّمْ يُحَارِبْ الإِسْلَامُ يَومًا الشُّعُوبَ، وَإِنَّمَا كَانَت الحَرْبُ حَرْبًا, مَعَ مَنْ يَحُولُ دُونَ كَلِمَةِ اللهِ وَالشُّعُوبِ .

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَهُ قَولُ سَعْدِ ابنُ عُبَادَةَ يَومَ الفَتْحِ "اليَوْمَ يَومُ المَلْحَمَة، اليَوْمَ تُسْتَبَاحُ الحُرْمَة، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَة" وَكَانَ قَدْ دَفَعَ رَايَةَ الأَنْصَارِ إِلَيهِ، اسْتَدْعَاهُ وَنَزَعَ مِنْهُ الرَّايَة, وَأَعْطَاهَا وَلَدَهُ قَيْسَ ابنَ سَعْد، وَرَأَى بِذَلِكَ أَنَّ الرَّايَةَ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيتِ سَعْدِ ابنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ كَمَا فِي صَحِيحِ البُّخَارِي .

وَقَالَ النَّبِيُ "اليَومَ يَومُ المَرْحَمَة، اليَومَ أَعَزَّ اللهُ قُرَيْشًا" لَيسَ بِيَومِ المَلْحَمَةِ، اليَومَ أَعْلَى اللهُ تَعَالَى شَأنَ المُسلِمِينَ، اليَومَ - فِي يَومِ الفَتْحِ- يُؤَذِّنُ بِلَالُ, وَكَانَ عَبْدًا حَبَشِيًا, فَأَنْعَمَ اللهُ عَلَيهِ بِالإِسْلَامِ وَالحُرِّيَّةِ، يُؤَذِّنُ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ عَلَى ظَهْرِ الكَعْبَةِ، هَذَا دِينُ الإِسْلَامِ العَظِيِمِ, الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى اليَومِ يُكْتَبُ عِنْدَ قَومٍ يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُم, قَادَةَ العَالَم وَسَادَتَه, الَّذِينَ يُدَبِّروُنَ أُمُورَهُ -عِندَ الأَمْرِيكِيينَ-، يَكْتُبُونَ هُنَالِكَ فِي المَشَّارِفِ, وَالمَقَاصِفِ وَالمَلَاهِيِ, وَالمُؤَسَّسَاتِ, يُمْنَعُ دُخُولُ السُودُ كَمَا يُمْنَعُ دُخُولُ الكِلَاب .

لَا فَضْلَ لِعَرَبىٍّ عَلَى حَبَشِي, وَلَا فَضْلَ لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدِ إلَّا بِالتَّقْوَى، مَنْ أَطَاعَنَي دَخَلَ الجَنَّةَ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًا, وَمَنْ عَصَانِي دَخَلَ النَّارَ وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًا .

النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ وَقُوتِل، دَافَعَ عَنْ دِينِ رَبِّهِ لَمَّا هُوجِم, وَحَمَلَ الدِّينَ لِيُبَلِّغَهُ لِلعَالَمِين, وَمَعَهُ الثُّلَّةُ الصَّالِحَةُ, وَأُوذِيَ وَمَنْ مَعَهُ, فَشُرِّدُوا, وَطُرِدُوا, وَعُذِّبُوا, وَقُتِّلُوا, وَحُوصِرُوا, وَجُوِّعُوا, وَسُلِكَت مَعَهُم مَسَالِكُ تَأْبَاهَا النَّفْسُ الكَرِيمَةُ, وَتَعَافُهَا الفِطْرَةُ المُسْتَقِيمَةُ، فَلَمَّا مَلَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الأَمْرَّ, أَطْلَقَهُم وَعَفَى عَنهُم, وَلَمْ يَقُل يَا لَثَارَاتِ مَكَّة، لَمْ يَقُل يَومًا يَا لَثَارَاتِ أُحُد, وَلَا شَيء, وَإِنَّمَا قَالَ "عَسَى أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِم مَنْ يُوَحِّدُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ"، فَكَانَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ الأَمِينُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يُعْتَدَى عَلَيهِ، يَقُولُ قَائِلٌ (مُحَمَّد القُرآن, سِوَى مُحَمَّد السُّنَّة)، يقول مُحَمَّدٌ فِي القُرآنِ سِوَى مُحَمَّدٍ فِي السُّنَّةِ!! مَاذَا تُرِيدُ إِذَنْ؟!

إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوْحَى اللهُ إِلَيهِ كِتَابَهُ العَزِيز فَبَلَّغَهُ، وَالوَحْيُ الثَّانِي سُنَّتُهُ, وَقَدْ بَلَّغَهُ، فَهَذَا وَهَذَا وَحْيٌ مِنْ اللهِ .

فَعِنْدَمَا تُشَكِّكُ حَتَّى فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَمَاذَا يَصْنَعُ الشَّبَابُ مِنْ المُتَحَمِّسِينَ لِلدِّين؟! تُلقُونَهُم فِي أَفْوَاهِ المُتَطَرِفِينَ وَالإِرْهَابِيينَ وَالتَّكْفِيرِيينَ.

تُحْرِجُونَ القِيَادَةَ, وَتُحْرِجُونَ الأَزْهَرَ نَفْسَهُ، لِأَنَّهُم يَقُولُونَ: هَذَا يَحدُثُ تَحتَ سَمْعِهِم وَأَبْصَارِهِم، وَهُم لَا يَتَكَلَّمُون, مَعَ أَنَّ الكَلَامَ لَهُم لَا لِغَيرِهِم، وَهُم لَا يَتَكَلَّمُون، هُم سَاكِتُون، وَالسُّكُوتُ عَلَامَةُ الرِّضَا، وَالرِّضَا بِالكُفْرِ كُفْر، فَيُكَفِّرُونَهُم .

فَهَذَا هُوَ مَا يُقْتَادُ بِهِ الشَّبَابُ, إِلَى سَاحَةِ الإِرْهَابِ وَالتَّطَرُّفِ وَالتَّكْفِيرِ, بِسَبَبِ هَذِهِ الفِرْقَةِ المُنْحَلَّةِ, الضَّالَةِ المُضِلَّةِ .

إِمْرَأَةٌ حَيْزَبُونٌ دَرْدَبِيس, تَخَطَّتْ التِّسْعِين, تَعَافُ الأَعْيُنُ النَّظَرَ إِلَيهَا, تَدْعُو إِلَى العُرْيِّ الكَامَلِ، تَدْعُو النَّاسَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ, إِلَى الخُرُوجِ فِي الشَّوُارِعِ, وَفِي كُلِّ المَحَالِ, عُرَاةً كَمَا وَلَدَتُهُم أُمَّهَاتُهُم!!

يَا هَذِهِ! عِنْدَكِ أَنْتِ مُشْكِلَةٌ مَعَ الرِّجَال، فَمَا شَأْنُ الفُضْلَّيَات؟!!

اسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعَامِلَهُم بِعَدْلِهِ, وَأَنْ يُخَلِّصَ الأُمَّةَ مِنْ هَؤلَاءِ، فَهُم الشَّرُ الوَبِيلُ, وَالخَطَرُ المُسْتَفْحِلُ, وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِين.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هُوَ يَتَوَلَّى الصَالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ, صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَينِ مُتَلَازِمَينِ إِلَى يَومِ الدِينِ، أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ اللهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ, لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، فَدَعَى إِلَى الحَقِّ وَالعَدْلِ, وَالهُدَى وَالرَّشَادِ، يُؤَسَسُ هَذَا كُلُّهُ عَلَى التَّوحِيدِ, تَوحِيدِ رَبِّ العِبَاد، فَأَقَامَ ذَلِكَ عَلَى قَانُونِ العَقْلِ, وَالعَدْلِ وَالرُّشْدِ, وَلَا يَكُونَ ذَلِكَ إِلَّا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، لَا يُخَاطِب المَجَانِين، وَإِنَّمَا يُخَاطِبُ العُقَلَاء, وَالعَقْلُ مَنَاطُ التَّكْلِيف .

أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَالِدًا رَضِيَ اللهُ عَنهُ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ, فَدَعَاهُم إِلَى الإِسْلَامِ, فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا, وَإِنَّمَا قَالُوا صَبَئْنَا صَبَئْنَا، فَأَوْقَعَ بِهِمُ القَتْل, وَأَعْمَلَ فِيهُم السَّيْف, فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيًّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَالَ: (اللَّهُم إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِد) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُ فِي صَحِيحِهِ .

أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَالِدًا رَضِيَ اللهُ عَنهُ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ, فَجَاءَ قَومًا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَهُم بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، فَلَيسَ الأَمْرُ مَبْنِيًا عَلَى غَدْرٍ, وَلَا تَبْيِيتٍ بِلَيلٍ, وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرُ دِينٍ, وَدَعْوَةٌ إِلَى الرُّشْدِ وَالحَقِّ المُبِينِ، فَإِذَا خُولِفَ, فَلَابُدَّ مِنْ إِقَامَةِ الأَمْرِ عَلَى حَقِّهِ, وَإِعَادَتِهِ إِلَى نِصَابِهِ، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ يُعَادَ الأَمْرُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيهِ, أَوْ إِلَى مَا يُقَارِبُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِدَفْعِ الدِّيَةِ .

الإِسْلَامُ يَحْتَرِمُ الجَسَدَ الإِنْسَانِي, وَيَأْمُرُ عِندَ القَتْلِ خَطَأً بِدَفْعِ الدِّيَةِ, مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الإِرَادَةِ الفَاعِلَة لِسَفْكِ الدَّمِ, وَإِزْهَاقِ الرُّوحِ .

وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ القَتْلُ فَمَاذَا يَكُون؟ لَابُدَّ مِنْ دِيَةٍ مَعَ القَتْلِ الخَطَأ, الَّذِي لَمْ يَقْصِدْ صَاحِبَهُ قَتْلًا, وَلَمْ يَعْمَدْ إِلَيهِ, لِأنَّ الإِسْلَامَ يَحْتَرِمُ الجَسَدَ الإِنْسَانِي, وَيَحْتَرِمُ الرُّوحَ الإِنْسَانِيَّة, وَلَا يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ عَلَى أَنَّهُم مِنْ هَوَامِ الأَرْضِ وَحَشَرَاتِهَا .

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ النَّاسِ, وَمِنْ أَمرِ بَدْرٍ، لَمْ يَدَعْ جُثَثَ طَوَاغِيتِ قُرَيش, مِمَّنْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِهِ, وَقَتْلِ أَصْحَابِهِ, وَإِطْفَاءِ نُورِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، مِمَّنْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى إِزْهَاقِ رُوحِهِ, وَسَفْكِ دَمِهِ، مِمَّنْ كَانَ يَحْمِلُ العَدَاوَةَ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَة، سَاعِيًا إِلَى تَفْعِيلِهَا بِكُلِّ سَبِيلٍ مُمْكِنَة، لَمْ يَدَعْهُم لِوُحُوشِ الفَلَاةِ, وَلَا لِطَيرِ السَّمَاءِ مِنْ جَوَارِحِهَا, وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالقَلِيبِ فَحُفِرَ, وَأَمَرَ بِالجُثَثِ فَجُمِعَت, ثُمَّ جُعِلَتْ فِي القَلِيبِ, وَأُهِيلَ عَلَيهَا التُّرَابُ, وَجُعِلَ فَوْقَهُ الحِجَارَة, حَتَّى لَا تَنْبِشُ عَنْ الجُثَثِ السِّبَاع .

هَؤلَاءِ طَوَاغِيتُ قُريشٍ, وَكِبَارُ كُفَّارِهَا، وَقَدْ مَاتُوا عَلَى الكُفْرِ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدَعْ جُثَثَهُم بَعْدَ قَتْلِهِم بِالحَقِّ، لَمْ يَدَعْهَا نَهْبًا لِوحُوشِ الصَّحَرَاءِ, وَجَوَارِحِ السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهَا مُغَيَّبَةً فِي بَطْنِ الأَرْضِ, وَأَهَالَ عَلَيهَا التُّرَابَ, ثُمَّ ازْدَادَ فِي احْتِرَازِهِ فَجَعَلَ فَوقَ التُّرَابِ الحِجَارَة.

إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، مَنْ وَصَفَهُ رَبُّهُ, بِأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ .

هَذَا الدِّين دِينٌ مَتِينٌ, وَالعِلْمُ فِيهِ لَهُ قَانُون، أَمَّا أَنْ يَأْتِيَنَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ, مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ, لِكَي يَقُولُ: هَذَا التُّرَاثُ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُ!!

كَيْفَ فَرَغْتَ مِنْهُ يَا وَلَد؟!

قَالَ: فِي حَلْقَاتٍ،,, أَيُّ حَلْقَات؟! هَذِهِ تَذْهَبُ أَدْرَاجَ الرِّيَاح، هَذِهِ ضَرْطَةُ عَيْرٍ فِي فَلَاةٍ، فَسْوَةٌ فِي سُوقٍ, مَاذَا تَصْنَعُ؟

يَقُولُ: هَذَا الفِقْهُ قَدْ فَرَغْنَا مِنهُ، هَذَا الصَّنَم الَّذِي يُقَالُ لَهُ الإِجْمَاعُ قَدْ هَدَمْنَاهُ، هَذَا الَّذِي يَقُولُ مُتَّفُقٌ عَلَيهِ, قَدْ انْتَهَيتُ مَنهُ، مَنْ أَنْتَ؟ مَنْ تَكُون؟ لَا شَيء .

هَذَا لَيسَ بِأَكْفَرَّ مِمَّنْ مَضَى, وَلَا بِأَكْثَرَ زَنْدَقَةً مِنْهُم, وَلَا بِأَشَدَّ حِقْدًا عَلَى الإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ مِنْهُم، لَكِنَّ المُشْكِلَةَ فِي أَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الأَبْوَاق, الَّتِي تَأتِي بِهَذَا النَّشَازِ فِي دِينِ رَبِّ العَالَمِينَ, تَتَكَلَّمُ عَنْ الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, وَعَنْ النَّبِيِّ الكَرِيمِ, وَعَنْ القُرآنِ, وَعَنْ الصَّحَابَةِ وَأُمَّهَاتِ المُؤمِنينَ, وَعَنْ السُّنَّةِ, وَعَنْ الأَئِمَّةِ, وَعَنْ العُلَمَاءِ, وَعَنْ التُّرَاثِ, وَعَنْ كُلِّ شَيءٍ, هَذِهِ الأَبْوَاق تُحْسَبُ عَلَى القِيَادَةِ, تُحْسَبُ عَلَى الدَّوْلِةِ, تُحْسَبُ عَلَى النِّظَامِ .

الجَيْشُ المِصْرِيُ يُحَارِبُ العَالَمَ كُلَّهُ فِي سَيْنَاء, تَجَمَّعَت عَلَيهِ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا وَلَنْ يَضُرُّوهُ شَيئًا إِنْ شَاءَ الله, وَلَكْنْ تَجَمَّعَ عَلَيهِ مَنْ بِأَقْطَارِهَا فِي سَينَاء, العَالَمُ كُلُّهُ يُحَارِبُ الجَيْشَ المِصْرِيَّ فِي سَينَاء, وَالمُقَاتِلُ المِصْرِيُّ مِنْ فَجْرِ التَّارِيخِ, عَقِيدَتُهُ النَّصْرُ أَوْ الشَّهَادَةُ, لَا يَعْرِفُ سِوَى هَذَا,,,

يُقَتَّلُونَ, فِي سَبِيلِ اللهِ يَمْضُونَ, تُزْهَقُ أَرْوَاحُهُم, تُكْلَمُ قُلُوبُ أُمَّهَاتِهِم, يَتَيَتَّمُ أَطْفَالُهُم, تَتَرَمَّلُ نِسَاءُهُم, يَبْكِيهِم كُلُّ جَارٍ وَحَبِيبٍ, وَهُم يَتَسَاقَطُونَ, لَا يُبَالُونَ, عَقِيدَتُهُم النَّصْرُ أَوْ الشَّهَادَةُ, لِمَاذَا يُقْتَلُون؟!

هُم يُقَاتِلُونَ مِنْ أَجْلِ القَضِيَّةِ, مِنْ أَجْلِ وَأْدِ المُؤَامَرَةِ, وَالأَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ مِنْ أَجْلِ مَاذَا؟!!

لَيْسَ لَهُم أَنْ يَقْتُلوُا ذُبَابًا, لَوْ أَنَّهُم حَكَمُوا عَلَيهِم – أَيْ عَلَى الجَيْشِ – بِالْكُفْرِ, لَيْسَ لَهُم أَنْ يَبْسُطُوا أَيْدِيَهُم فِيهِم, هَذَا لَيْسَ إِلَيهِم, هَؤلَاءِ لَا إِمَامَ لَهُم, هَؤلَاءِ لَا قَائِدَ يَقُودُهُم, هَؤلَاءِ لَيْسَت لَهُم أَسَانِيدُ شَرْعِيَّةُ, لِقَتْلِ أَحَدٍ مِنْ البَرِيَّةِ, لَيْسَ لَهُم الحُكْمُ عَلَى أَحَدٍ بِكُفْر, هَذَا لَيْسَ إِلَيْهِم, فَلِمَاذَا يُكَفِّرُون؟!

هَؤلَاءِ المُتَهَوِّكُونَ مِنْ التَّكْفِيرِيينَ الحَمْقَى المَجَانِين, لِمَاذَا يُكَفِّرُونَ وَلَيْسَ التَّكْفِيرُ إِلَيهِم؟ ثُمَّ لِمَاذَا يُقِيمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ حَدَّ الرِّدَّةِ؟ وَلَيْسَ لَهُم أَنْ يَبْسُطُوا أَيْدِيَهُم فِي أَبْشَارِ النَّاسِ, وَلَا أَنْ يَسْتَطِيلًوا فِي دِمَائِهِم, وَلَا أَنْ يَعْتَدُوا عَلَى حُرُمَاتِهِم .

الجَيْشُ المِصْرِيُّ يُعَانِي مُعَانَاةً مُرَّةً فِي سَينَاء, لِأَنَّ الوَضْعَ هُنَالِكَ فِي غَايَةِ التَّعْقِيدِ, لَيْسَ كَمَا يَبْدُوا لِلنَّظْرَةِ الأُولَى, وَالنَّظْرَةُ الأُولَى حَمْقَاءُ, الوَضْعُ مُعَقَّدٌ غَايَةَ التَّعْقِيدِ, وَمَعَ ذَلِكَ فَالبَوَاسِلُ مِنْ الرِّجَالِ, يُوَاجِهُونَ بِصُدُورٍ مَكْشُوفَةٍ, وَسَوَاعِدَ مَفْتُولَةٍ, وَعَقَائِدَ قَائِمَةً, لَا يُبَالُونَ, يَمُوتُونَ, يَتَسَاقَطُونَ,,,,

لَا بَأْسَ, إِنَّ المَجْدَ لَا يُصْنَع إِلَّا بِالتَّضْحِيَّاتِ الغَالِيَةِ, بِالدِّمَاءِ النَّازِفَةِ, بِالأَرْوَاحِ الزَّاهِقَةِ, إِنَّ القِيَمَ وَالمُثُلَ لَا يُؤَسَسُ لَهَا وَلَا تُعْلَى, إِلَّا بِالتَّضْحِيَّاتِ العَظِيمَةِ, إِنَّ المَجْدَ العَظِيمَ لَا يُصْنَعْ إِلَّا بِتَضْحِيَةٍ عَظِيمَةٍ, وَهُم يُدَافِعُون, يُدَافِعُونَ عَمَّنْ يَقَعُونَ فِي الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ, لَوْلَا أَنَّ اللهَ قَيَّدَ هَؤلَاءِ, عِندَ البَوَابَةِ الشَّرْقِيَّةِ, وَعِندَ الحُدُودِ الغَرْبِيَّةِ, وَعِندَ الحُدُودِ الجَنُوبِيَّةِ, وَفِي البَحْرِ الأَحْمَرِ, وَفِي السَّمَاءِ, وَعِندَ المُؤَسَّسَاتِ وَالمُنْشَأَتِ, لَوْلَا أَنَّ اللهَ قَيَّدَ هَؤلَاءِ مَعَ إِخْوَانِهِم مِنْ الشُّرْطَةِ المَدَنِيَّةِ, الَّذِينَ يَصْطَادُونَهُم وَهُم يَحْمُونَهُم, وَمَا كَانَ الوَاحِدُ مِنهُم لِيَجْرُؤَ عَلَى أَنْ يَمْشِيَ فِي ضَوْءِ النَّهَارِ يَسْعَى عَلَى قَدَمَيْهِ, خَفَافِيشُ لَا تَعِيشُ إِلَّا فِي الظَّلَامِ, لَوْلَا أَنَّ اللهَ قَيَّدَ هَؤلَاءِ, مَا جَلَسَ هَؤلَاءِ لِيَطْعَنُوا, وَلَكِنَّ الخَوْفَ كُلَّ الخَوْف, أَنْ يَتَسَرَّبَ لَونٌ مِنْ أَلوَانِ التَّسَاؤُلِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ, نَحنُ نَحْمِي هَؤلَاءِ, وَهُم يَطْعَنُونَ فِينَا, نَحنُ نَمُوتُ مِنْ أَجْلِ هَؤلَاءِ, وَهُم يُسَاعِدُونَ مَنْ يَقْتُلُونَا, وَيَبْسُطُ الأَيْدِي إِلَينَا بِالأَسْلِحَةِ الفَتَاكَةِ, نَحنُ نَسْهَرُ وَهُم يَنَامُونَ أَوْ يَسْهَرُونَ يَعْبَثُونَ, يَسْخَبُونَ, يَعِيثُونَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا, نَحنُ نَعْمَلُ وَهُم يَتَكَلَّمُون, لَيْسَ لَهُم مِنْ صَنْعَةٍ سِوَى الكَلَام, الكَلَامِ التَّافِهِ, الكَلَامِ البَغِيضِ مِنْ التَّجْدِيفِ, وَالزَّنْدَقَةِ, وَمَا أَشْبَهَ, وَمَا دَارَ فِي هَذَا الفَلَكِ, هَؤلَاءِ هُم الخَطَرُ الأَوَّلُ, هَؤلَاءِ يَنْخَرُونَ فِي عِظَامِ هَذِهِ الأُمَّة, وَهُم أَشَدُّ خَطَرًا عَلَيْهَا, عَلَى دِينِهَا وَمُسْتَقْبَلِهَا وَمُسْتَقْبَلِ أَبْنَائِهَا, وَعَلَى سَلَامَةِ تُرَابِهَا وَوَحْدَةِ أَرَاضِيهَا, هَؤلَاءِ أَخْطَرُ عَلَى ذَلِكَ, مِنْ أَعْدَائِهَا الظَّاهِرِينَ الحَقِيقِيينَ, مِنْ الأَمْرِيكِيينَ إِلَى اليَهُودِ, إِلَى الصَّلِيبِيينَ, إِلَى التَّكْفِيرِيينَ, وَمَا شِئْتَ, وَمَنْ شِئْتَ . لَيْتَ قَومِي يَعْلَمُونَ!!!

وَأَمَّا الشَّعْبُ الغَافِي, الشَّعْبُ الغَافِل, الشَّعْبُ النَّائِم, فَقَدْ عَوَّدَنَا أَنَّهُ لَا يَسْتَيقِظْ إِلَّا عَلَى المَصَائِبِ .

المَرَّةُ الأَتِيَةُ لَيْسَ فِيهَا إِسْتِدْرَاكٌ, المَرَّةُ الأَتِيَةُ لَيْسَ فِيهَا إِسْتِدْرَاك, فِي الأُولَى كَانُوا يَقُولُونَ,, سِلْمِيَّة,, سِلْمِيَّة, وَالآنَ دَمَوِيَّة,, دَمَوِيَّة ,,

يَعْرِفُونَ مَنْ يُرِيدُونَ تَصْفِيَتَهُ, وَيُعِدُّونَ العُدَّة لِذَلِكَ, وَالكُلُّ مُسْتَهْدَفٌ, الكُلُّ مُرْتَدٌّ كَافِرٌ, مُؤَسَّسَاتُكُم, أَمْوَالُكُم, أَبْنَاؤُكُم, أَعْرَاضُكُم, أَمْوَالُكُم, حَيَاتُكُم, مُسْتَقْبَلُكُم, وَمُسْتَقْبَلُ أَبْنَائِكُمْ, وَمُسْتَقْبَلِ حَفَدَتِكُم فِي مَهَابِّ الرِّيَاحِ الأَرْبَعَةِ, فَكَيْفَ تَنَامُون؟! كَيْفَ تَضْحَكُون؟! كَيْفَ تَصْخَبُون؟! كَيْفَ تَتَغَافَلُون؟! أَلَا تُفِيقُون !!!!!

وَاللهُ المُسْتَعَانُ, وَعَلَيهِ التُّكْلَان, وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ .

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  هؤلاء يساندون التكفير والإرهاب
  أَهَمِّيَّةُ الِاسْتِثْمَارِ فِي حَيَاتِنَا
  الْبِرُّ وَالْوَفَاءُ وَرِسَالَةٌ هَامَّةٌ وَمُتَجَدِّدَةٌ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ
  دَوْرُ الشَّبَابِ فِي بِنَاءِ الْأُمَّةِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ
  فَضَائِلُ عْشَرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ، وَفِقْهُ الْمَقَاصِدِ
  مصر بين حاضر الكفايات وماضي المجاعات
  حَاجَتُنَا إِلَى الدِّينِ الرَّشِيدِ وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ
  مِنْ سُنَنِ اللهِ تَعَالَى الْكَوْنِيَّةِ: إِجْرَاءُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى الْأَسْبَابِ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالِانْتِصَارَاتِ
  الرد على الملحدين:الأدلة على وجود الله عز وجل 3
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان