تفريغ خطبة الْحَرْبُ الصُّهْيُوصَلِيبِيَّةُ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ

الْحَرْبُ الصُّهْيُوصَلِيبِيَّةُ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ

خُطْبَةُ عِيدِ الْفِطْرِ 1446 هـ

((الْحَرْبُ الصُّهْيُوصَلِيبِيَّةُ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ))

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((الْحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الصَّوْمِ))

فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- شَرَعَ الصِّيَامَ لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ بَيَّنَهَا لَنَا رَبُّنَا فِي كِتَابِهِ الْمَجِيدِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].

وَالتَّقْوَى هِيَ وَصِيَّةُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131].

وَالتَّقْوَى: هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكُ الْمَحْظُورِ.

فَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَتَرَكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ فَهُوَ مِنَ الْمُتَّقِينَ.

وَقَدْ سَأَلَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أُبَيًّا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ التَّقْوَى، فَقَالَ: ((يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَمَا سِرْتَ فِي طَرِيقٍ ذِي شَوْكٍ؟)).

قَالَ: ((بَلَى)).

قَالَ: ((فَمَا صَنَعْتَ؟)).

قَالَ: ((شَمَّرْتُ وَاجْتَهَدْتُ)).

قَالَ: ((فَتِلْكَ هِيَ التَّقْوَى)).

((أَسْبَابُ الْمَغْفِرَةِ فِي رَمَضَانَ وَخُطُورَةُ تَضْيِيعِهَا))

إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عِصْمَةً وَجُنَّةً وَوِجَاءً مِنْ مُوَاقَعَةِ السَّيِّئَاتِ وَمُقَارَفَةِ الذُّنُوبِ.

وَبَيَّنَ لَنَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّ الصِّيَامَ لَهُ، وَهُوَ -تَعَالَى- يَجْزِي بِهِ، فَلَا يَجْزِي رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى الصِّيَامِ بِحِسَابٍ مَعْدُودٍ، وَإِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.

إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ لَنَا فِي رَمَضَانَ أَسْبَابًا لِتَحْصِيلِ الْمَغْفِرَةِ؛ فَقَدْ قَالَ نَبِيُّنَا ﷺ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).

فَإِنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ ذَنْبُهُ بِالصِّيَامِ فَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْقِيَامَ سَبَبًا لِتَحْصِيلِ الْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ ﷺ: ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).

وَمَنْ لَمْ يُسْعِفْهُ الصِّيَامُ وَلَا الْقِيَامُ فِي عُمُومِ رَمَضَانَ فَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ سَبَبًا لِتَحْصِيلِ الْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ ﷺ: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).

فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ((فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ لَهُ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي رَمَضَانَ)).

وَبَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مَنْ لَمْ تَشْمَلْهُ الْمَغْفِرَةُ بِكُلِّ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ لِلصَّائِمِ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ يَسْتَغْفِرَهُ؛ وَإِلَّا فَقَدْ رَغِمَ أَنْفُهُ؛ فَإِنَّ مَنِ انْسَلَخَ عَنْهُ رَمَضَانُ غَيْرَ مَغْفُورٍ لَهُ فَقَدْ دَعَا عَلَيْهِ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَمَّنَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى دُعَاءِ جِبْرِيلَ بِأَنْ يَسُومَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الذُّلَّ وَالْهَوَانَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَعِدَ الْمِنْبَرَ يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: ((آمِينَ))، فَلَمَّا رَقَى الثَّانِيَةَ قَالَ: ((آمِينَ))، ثُمَّ رَقَى الثَّالِثَةَ فَقَالَ: ((آمِينَ)).

فَلَمَّا نَزَلَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ مِنْ قَبْلُ؟!

فَقَالَ: ((أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَرَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ)).

فَالنَّبِيُّ ﷺ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَاءِ جِبْرِيلَ أَنَّ مَنِ انْسَلَخَ عَنْهُ رَمَضَانُ غَيْرَ مَغْفُورٍ لَهُ بَعْدَ هَذِهِ الْعَطَايَا الْمُبَارَكَاتِ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ رَمَضَانَ غَيْرَ مَغْفُورٍ لَهُ؛ فَقَدْ دَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ، وَكَذَلِكَ دَعَا جِبْرِيلُ.

فَنَسْأَلُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يَغْفِرَ لَنَا الذُّنُوبَ أَجْمَعِينَ.

((أَسْبَابُ السَّعَادَةِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ كُلَّ النَّاسِ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ يَجِدُّونَ فِي تَحْصِيلِ السَّعَادَةِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ؛ وَلَكِنْ أَبَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ إِلَّا لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].

وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ فِي الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ حَتَّى يَحُطَّ رَحْلَهُ فِي جَنَّةِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَقَدْ أَمَرَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- نَبِيَّهُ ﷺ بِأَنْ يَعْبُدَهُ -سُبْحَانَهُ- حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ، {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99] يَعْنِي: حَتَّى يَأْتِيَكَ الْمَوْتُ.

وَاعْلَمُوا -عِبَادَ اللهِ- أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ، وَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَمْ يَجْعَلِ الصِّيَامَ، وَلَا الْقِيَامَ، وَلَا تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ، وَلَا الذِّكْرَ، وَلَا الْعَمَلَ الصَّالِحَ، وَلَا الصَّدَقَةَ وَلَا الْبَذْلَ وَلَا الْعَطَاءَ مَقْصُورًا عَلَى رَمَضَانَ، وَالْمُسْلِمُ لَا يَكُونُ رَمَضَانِيًّا وَلَا شَعْبَانِيًّا، وَإِنَّمَا يَكُونُ رَبَّانِيًّا، فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مَمْدُودٌ طُولَ الْعَامِ.

((وَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً))، كَمَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-، وَالنَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرَنَا: ((أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ)).

فَالْإِنْسَانُ يَجْتَهِدُ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَصِّرَ بَعْدَ أَنْ مَرَّ بِهَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَاتِ فِي رَمَضَانَ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الصِّيَامِ كَمَا شَرَعَ لَنَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَبَيَّنَ لَنَا نَبِيُّنَا ﷺ؛ ((فَإِنَّ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)).

وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ فَقَالَ: ((شَهْرٌ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ؛ فَذَلِكَ تَمَامُ الدَّهْرِ)) أَيْ: تَمَامُ الْعَامِ.

بَلْ إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَسَّرَ لَنَا مَا هُوَ أَسْهَلُ وَأَيْسَرُ مِنْ هَذَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَيَّنَ: ((أَنَّ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ)).

وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَنَّ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ)) يَعْنِي: غِشَّهُ وَدَغَلَهُ وَوَسَاوِسَهُ.

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصُومُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، وَبَيَّنَ لَنَا ﷺ أَنَّ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ، وَكَذَلِكَ تُفْتَحُ فِي هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَيُغْفَرُ لِكُلِّ امْرِئٍ إِلَّا مَنْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَخِّرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.

((الْإِسْلَامُ دِينُ الِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ))

وَدِينُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ مِنْ أَعْظَمِ قَوَاعِدِهِ: أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ، وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ؛ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا جَسَدًا وَاحِدًا، كَمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)).

فَهَذَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَأَمَّا التَّفَرُّقُ وَالتَّبَاعُدُ وَالِاخْتِلَافُ؛ فَهَذَا مِمَّا نَهَى عَنْهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَنَهَى عَنْهُ نَبِيُّهُ ﷺ.

((وَدَقَّتْ طُبُولُ الْحَرْبِ الصُّهْيُوصَلِيبِيَّةِ عَلَى الْأُمَّةِ!))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الْأُمَّةَ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ الَّتِي تَلُوحُ فِيهَا نُذُرُ الْحَرْبِ مِنْ قَرِيبٍ، وَالَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يُصْبِحَ الْمَرْءُ أَوْ يُمْسِيَ وَإِذَا حَرْبٌ قَدْ قَامَتْ تُهْلِكُ الْأَخْضَرَ وَالْيَابِسَ، وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى--.

فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي رِعَايَةِ هَذَا الْأَمْرِ فِيمَا يَخُصُّ هَذِهِ الْأُمَّةَ الْمَرْحُومَةَ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي بَذْلِ مَا يُمْكِنُ؛ مِنْ أَجْلِ الْأَخْذِ بِأَسْبَابِ التَّوَادِّ وَالتَّرَاحُمِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّعَاطُفِ، وَأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ مَا يُسَبِّبُ الِاخْتِلَافَ وَالْفُرْقَةَ تَحْتَ مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ؛ فَإِنَّنَا نَمُرُّ بِمَا لَمْ نَمُرَّ بِهِ فِي تَارِيخِنَا كُلِّهِ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ؛ فَإِنَّ الْقَوْمَ مِنْ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ يَجْتَهِدُونَ فِي إِنْهَاءِ مَا عَلَيْهِ هَذَا الْعَالَمُ مِنْ أَجْلِ الْحَرْبِ الْكُبْرَى، وَمِنْ أَجْلِ التَّأْصِيلِ لِمَا عِنْدَهُمْ فِي كُتُبِهِمُ الَّتِي يُؤْمِنُونَ بِأَنَّهَا كُتُبٌ مُقَدَّسَةٌ.

* اعْرِفْ عَدُوَّكَ.. بَيَانُ عَقِيدَةِ الْإِدَارَةِ الْأَمِرِيكِيَّةِ:

وَالْإِدَارَةُ الَّتِي تُحَارِبُنَا.. يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ أَعْدَاءَنَا، يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ عَدُوَّنَا؛ وَإِلَّا فَإِنَّنَا لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَنْ نَنْجُوَ مِنْ شَرِّهِ، وَلَا مِنْ كَيْدِهِ، وَلَا مِنْ مَكْرِهِ.

إِنَّ أَعْدَاءَنَا -كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ- مُنْذُ أَنْ جَاءَ (بُوش الْأَبُ)، وَكَانَ جَدُّهُ (جُورْج بُوش الْجَدَّ)، كَانَ مُتَعَصِّبًا ضِدَّ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَلَهُ كِتَابٌ يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، ثُمَّ جَاءَ (بُوش الْأَبُ)، وَأَهْلَكَ مَا يَزِيدُ عَلَى مِلْيُون طِفْلٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَمَا أَحْدَثَ فِي الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ مِنَ الْمَآسِي وَالْكُرُوبِ.

ثُمَّ جَاءَ ابْنُهُ فَأَعْلَنَهَا صَرِيحَةً، وَقَالَ: هَذِهِ حَرْبٌ صَلِيبِيَّةٌ!

فَالْقَوْمُ يَصْدُرُونَ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ، وَعَنْ كُتُبِهِمُ الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا وَحْيٌ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَيُحَارِبُونَنَا عَلَى هَذَا الْأَسَاسِ.

وَفِي هَذِهِ الْإِدَارَةِ مَعْلُومٌ مَنْ عَلَى رَأْسِهَا، وَهُوَ يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ إِسْرَائِيلُ دَوْلَةً عُظْمَى، وَإِنَّهُ لَيَقُولُ -وَكَانَ أَمَامَهُ مِنْضَدَةٌ-: إِنَّ الشَّرْقَ الْأَوْسَطَ كَهَذِهِ الْمِنْضَدَةِ، ثُمَّ تَنَاوَلَ قَلَمًا وَقَالَ: إِنَّ إِسْرَائِيلَ مِثْلُ رَأْسِ هَذَا الْقَلَمِ -صَغِيرَةٌ-، وَيَنْبَغِي أَنْ تَتَّسِعَ!

تَتَّسِعُ عَلَى حِسَابِ مَنْ؟!!

عَلَى حِسَابِ الدُّوَلِ الْمُجَاوِرَةِ.. عَلَى حِسَابِ دُوَلِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ!

مِنْ أَجْلِ مَاذَا؟!!

مِنْ أَجْلِ إِنْشَاءِ إِسْرَائِيلَ الْكُبْرَى؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ.

* أَسْرَارُ الْوُشُومِ عَلَى ذِرَاعِ وَزِيرِ الدِّفَاعِ الْأَمِرِيكِيِّ:

وَأَنْتُمْ لَعَلَّكُمْ رَأَيْتُمْ بِأَعْيُنِكُمْ أَوْ سَمِعْتُمْ مَنْ دَلَّكُمْ وَأَرْشَدَكُمْ أَنَّ وَزِيرَ الدِّفَاعِ الْأَمِرِيكِيَّ لَهُ وَشْمٌ عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُمْنَى، كُتِبَتْ عَلَيْهِ عِبَارَةٌ بِاللَّاتِينِيَّةِ مَعْنَاهَا: (الرَّبُّ يُرِيدُ، أَوْ: إِرَادَةُ الرَّبِّ!).

مَا مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ؟!!

هَذِهِ الْعِبَارَةُ كَانَتْ شِعَارَ الْجُنُودِ الصَّلِيبِيِّينَ فِي الْحَمْلَةِ الصَّلِيبِيَّةِ الْأُولَى سَنَةَ أَلْفٍ وَسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ (1096 م)، فَكَانَ هَذَا شِعَارَهُمُ الَّذِي اسْتَبَاحُوا بِهِ الدِّمَاءَ، وَالَّذِينَ قَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى؛ حَتَّى كَانَتِ الْخُيُولُ تَخُوضُ فِي الدِّمَاءِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: (إِرَادَةُ الرَّبِّ، إِرَادَةُ الرَّبِّ!).

فَهَذَا هُوَ وَزِيرُ الدِّفَاعِ الْأَمِرِيكِيُّ الْجَدِيدُ فِي الْإِدَارَةِ الْجَدِيدَةِ، هُنَاكَ وَشْمٌ عَلَى ذِرَاعِهِ يَقُولُ: (إِنَّهَا إِرَادَةُ الرَّبِّ)، شِعَارُ الْحَمْلَةِ الصَّلِيبِيَّةِ الْأُولَى، يَعْنِي: قَدْ جِئْنَاكُمْ كَمَا جَاءَكُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَلَنَفْعَلَنَّ بِكُمْ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلُوا بِكُمْ!

ثُمَّ هُنَاكَ عَلَى ذِرَاعِهِ -أَيْضًا- صُورَةُ السَّيْفِ الْقُدُسِيِّ، أَوْ صُورَةُ السَّيْفِ الصَّلِيبِيِّ، وَهُوَ سَيْفُ فُرْسَانِ الْمَقْدِسِ مَرْسُومٌ عَلَى ذِرَاعِهِ.

وَهُنَاكَ -أَيْضًا- كَلمَةُ (كَافِر) مَكْتُوبَةٌ عَلَى ذِرَاعِ الرَّجُلِ!

وَالرَّجُلُ لَيْسَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ مِمَّا يُهِمُّهُ سِوَى -كَمَا يَقُولُ- يَقُولُ: الْمَسِيحِيَّةُ، وَالْيَهُودُ -يَعْنِي: إِسْرَائِيلَ-، وَإِيمَانُهُ!

هَذَا مَا يُهِمُّهُ، وَهَذَا مَا يُرِيدُهُ، وَهُوَ عَلَى رَأْسِ الْجَيْشِ الْأَمِرِيكِيِّ.

مَنِ الَّذِي أَتَى بِهِ؟!!

أَتَى بِهِ مَنْ هُوَ عَلَى شَاكِلَتِهِ.

مِنْ أَجْلِ مَاذَا؟!!

لَيْسَ لَهُمْ حَرْبٌ سِوَى مَعَ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.

وَوَزِيرُ الْخَارِجِيَّةِ الْأَمِرِيكِيُّ يَأْخُذُ الرَّمَادَ الْمُقَدَّسَ فِي (أَرْبِعَاءِ الرَّمَادِ)، وَيَصْنَعُ صَلِيبًا يَرْسُمُهُ عَلَى جَبْهَتِهِ!

هَذَا مَنْشُورٌ فِي الدُّنْيَا كُلِّهَا.

بَلْ إِنَّ هَذَا الْوَشْمَ الَّذِي عَلَى ذِرَاعِ وَزِيرِ الدِّفَاعِ الْأَمِرِيكِيِّ إِنَّمَا أَعْلَنَ عَنْهُ فِي أَكْبَرِ مَحَطَّةٍ إِخْبَارِيَّةِ فِي أَمِرِيكَا، وَهِيَ (فُوكْس نُيُوز)؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ إِلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْعَالَمِ.

يَكْتُبُ عَلَى ذِرَاعِهِ -مَوْشُومٌ عَلَى ذِرَاعِهِ- كَلِمَةُ (كَافِر) بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِكَيْ يَقْرَأَهَا كُلُّ مُسْلِمٍ، لِكَيْ يَعْلَمَهَا كُلُّ عَرَبِيٍّ، وَأَنَّهُ كَمَا أَنَّكُمْ تَخَافُونَ مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ فَإِنَّنَا سَنَأْتِي إِلَيْكُمْ بِمَا لَمْ يَأْتِ وَلَنْ يَأْتِيَ بِهِ أَحَدٌ وَلَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ.

فَهَؤُلَاءِ يُرْهِبُونَنَا عَلَى هَذَا النَّحْوِ.

قِسِّيسَةٌ فِي الْبَيْتِ الْأَبْيَضِ تُحَرِّكُ الرَّئِيسَ الْأَمِرِيكِيَّ:

وَهَذَا الرَّئِيسُ الْأَمِرِيكِيُّ الَّذِي يُعَادِينَا هَذَا الْعَدَاءَ الْمُرَّ، وَيُحَارِبُ الْإِسْلَامَ هَذِهِ الْحَرْبَ السَّافِرَةَ الَّتِي لَمْ يَعُدْ فِيهَا الْتِوَاءٌ وَلَا غُمُوضٌ، يَسْتَحْدِثُ فِي الْبَيْتِ الْأَبْيَضِ مَكْتَبًا يُسَمَّى بِـ(مَكْتَبِ الْإِيمَانِ)، وَجَعَلَ عَلَى رَأْسِهِ قِسِّيسَةً هِيَ كَأَنَّهَا الْأُمُّ الرُّوحِيَّةُ لِهَذَا الرَّئِيسِ، يُقَالُ لَهَا: (بَاوْلَا).

وَهَذَا كُلُّهُ مُؤَسَّسٌ عَلَى مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَسَاطِيرِ.

* اهْتِمَامَاتُ شَبَابِ الْمُسْلِمِينَ الْآنَ!

مَا الَّذِي يَهْتَمُّ بِهِ شَبَابُ الْمُسْلِمِينَ فِي مُقَابِلِ هَذَا كُلِّهِ؟!!

هَؤُلَاءِ إِنَّمَا يَهْتَمُّونَ بِالْحَرْبِ الْكُبْرَى بِـ(هَرْمَجِدُّون)..

هَؤُلَاءِ يَهْتَمُّونَ بِهَدْمِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى..

هَؤُلَاءِ يَهْتَمُّونَ بِإِعَادَةِ بِنَاءِ الْهَيْكَلِ..

هَؤُلَاءِ يَهْتَمُّونَ بِإِسْرَائِيلَ الْكُبْرَى..

هَذَا مَا يَهْتَمُّ بِهِ هَؤُلَاءِ.

وَفِي الْمُقَابِلِ مَا الَّذِي يَهْتَمُّ بِهِ شَبَابُ الْمُسْلِمِينَ؟!!

يَهْتَمُّونَ بِالْكُرَةِ!

يَهْتَمُّونَ بِالْمُسَلْسَلَاتِ!

يَهْتَمُّونَ بِالْأَفْلَامِ!

يَهْتَمُّونَ بِالْمُخَدِّرَاتِ!

لَا يَنْفَكُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَنْ هَاتِفِهِ الْمَحْمُولِ، يُقْبِلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا يَنْفَعُ وَمَا يَضُرُّ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ!

مَا الَّذِي يَهْتَمُّ بِهِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَهْتَمُّونَ بِالدَّعْوَةِ إِلَى دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟!!

يَهْتَمُّونَ بِالْخِلَافَاتِ، وَبِإِيقَاظِ الثَّارَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ!

مَا الَّذِي نَهْتَمُّ نَحْنُ بِهِ وَنَحْنُ فِي حَرْبٍ وُجُودِيَّةٍ، يَنْبَغِي أَنْ نُظْهِرَ لِلْعَالَمِ كُلِّهِ فِيهَا أَنَّنَا كُتْلَةٌ وَاحِدَةٌ، أَنَّنَا جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَأَنْ نَكُونَ -مَثَلًا- فِي مِصْرَ جَمِيعًا وَرَاءَ الْقِيَادَةِ الْمِصْرِيَّةِ؛ وَإِلَّا فَهُوَ الدَّمَارُ وَالْخَرَابُ، وَالْقَوْمُ يُهَدِّدُونَنَا بِأَسْلِحَةِ الدَّمَارِ الشَّامِلِ، وَلَمْ يَبْقَ أَمَامَهُمْ سِوَى الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ -حَفِظَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ-، هَذِهِ هِيَ الْعَقَبَةُ الْآنَ، وَهَؤُلَاءِ لَنْ يَهْدَأَ لَهُمْ بَالٌ، وَلَنْ يَقَرَّ لَهُمْ قَرَارٌ حَتَّى يُحَطِّمُوا هَذِهِ الْقُوَّةَ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ سَدًّا مَنِيعًا دُونَ إِنْفَاذِ هَذِهِ الْمُخَطَّطَاتِ.

* اتَّقُوا اللهَ وَخَافُوا عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ!

عِبَادَ اللهِ! يَنْبَغِي عَلَيْكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا مَاذَا يُرَادُ بِكُمْ؟!!

إِنَّ السَّكَاكِينَ تُشْحَذُ، وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ غَافِلُونَ!

اتَّقُوا اللهَ!

إِنْ لَمْ تَخَافُوا عَلَى دِينِكُمْ فَخَافُوا عَلَى أَرْوَاحِكُمْ!

خَافُوا عَلَى أَعْرَاضِكُمْ!

خَافُوا عَلَى مُسْتَقْبَلِ حَفَدَتِكُمْ!

خَافُوا عَلَى أَرْضِكُمْ!

خَافُوا عَلَى مَجْدِكُمْ!

خَافُوا عَلَى عِزِّكُمْ!

إِنْ لَمْ تَخَافُوا عَلَى دِينِكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي مُسْتَقْبَلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ فَإِنَّهُ عَلَى الْمِحَكِّ!

نَحْنُ الْآنَ فِي مَفْرِقِ الطَّرِيقِ؛ إِمَّا أَنْ نَتَّقِيَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَنَرْجِعَ إِلَيْهِ؛ وَإِلَّا فَهُوَ الذُّلُّ الَّذِي سَيَصِلُ إِلَى ذِرْوَتِهِ مَعَ مَا نُعَانِيهِ مِنْهُ.

يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ -كَمَا فِي ((سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ)) بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا--: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).

وَتَأَمَّلْ فِي هَذَا التَّنْكِيرِ فِي قَوْلِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ﷺ: ((ذُلًّا)) لَا يُعْلَمُ مَدَاهُ، وَلَا يَنْتَهِي عَلَى قَرَارٍ، بَيْنَمَا هُوَ ذُلٌّ مُذِلٌّ، ((سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا))، وَتَأَمَّلْ فِي هَذَا الْفِعْلِ: ((سَلَّطَ))، لَمْ يَقُلْ نَبِيُّنَا ﷺ: يُنْزِلُ، وَلَمْ يَقُلْ: يُصِبْكُمْ ذُلٌّ، وَإِنَّمَا: ((سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا))، مَنِ الْفَاعِلُ فِي التَّسْلِيطِ؟

اللهُ.

((سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).

فَلْنَرْجِعْ مِنْ قَرِيبٍ، فَلْنَتُبْ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا أَصَابَنَا شَيْءٌ يَسُوءُنَا إِلَّا بِسَبَبِ ذُنُوبِنَا، وَمَا يُصِيبُ الْمَرْءَ مِنْ شَيْءٍ يَضُرُّهُ وَلَا يَسُوءُهُ إِلَّا بِذَنْبٍ أَحْدَثَهُ، وَلَا يُرْفَعُ هَذَا عَنْهُ إِلَّا بِتَوْبَةٍ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَلْنَرْجِعْ إِلَى اللهِ، وَلْنَعْلَمْ حَقِيقَةَ الدِّينِ، وَلْنَعْلَمْ حَقِيقَةَ مَا يُرَادُ بِنَا، أَمَّا أَنْ نَكُونَ فِي هَذِهِ الْغَفْلَةِ الْغَافِلَةِ فَهِيَ مِحْنَةٌ سَادِرَةٌ!

فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَتَّقِيَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأَنْ نَنْزِعَ مَا فِي قُلُوبِنَا مِمَّا لَا يُرْضِي رَبَّنَا، وَأَنْ نَجْعَلَ مَكَانَ ذَلِكَ مَا يُرْضِيهِ -بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ-، وَأَنْ نَجْتَهِدَ فِي مَدِّ يَدِ الْمُسَاعَدَةِ لِمَنْ يَحْتَاجُهَا؛ فَإِنَّ هَذَا مَا أَتَى بِهِ دِينُنَا وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ نَبِيُّنَا ﷺ.

* آلَامُ أَهْلِ غَزَّةَ، وَهَدَفُ تَهْجِيرِهِمْ، وَالْحَرْبُ عَلَى مِصْرَ:

فَلْيَفْرَحِ الْمُسْلِمُونَ بِالْعِيدِ..

وَلَكِنْ مَاذَا بَعْدُ وَهُنَاكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُسَامُ سُوءَ الْعَذَابِ؛ يُقَتَّلُونَ، يُذَبَّحُونَ، تُخَرَّبُ بُيُوتُهُمْ، وَيُسْحَقُونَ!

مِنْ أَجْلِ مَاذَا؟!!

أَتَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ سَحْقِ مُقَاوَمَةٍ، أَوْ مِنْ أَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنْ أَسْلِحَةٍ؟!!

هَذَا كُلُّهُ وَهْمٌ، الْقَوْمُ يُرِيدُونَ الْقِطَاعَ؛ لِمَاذَا يُرِيدُونَهُ؟!!

مِنْ أَجْلِ حَفْرِ قَنَاةٍ يُسَمُّونَهَا بِـ(قَنَاةِ بِن جُورْيُون)، هَذَا حُلْمُ الْيَهُودِ.

وَأَمَّا حُلْمُ الْإِدَارَةِ الْأَمِرِيكِيَّةِ الْجَدِيدَةِ؛ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ حَفْرَ قَنَاةٍ -أَيْضًا-، وَلَكِنَّهَا لَنْ تَكُونَ بِهَذَا الِاسْمِ.

هَذِهِ الْقَنَاةُ يُرِيدُونَهَا فِي الْقِطَاعِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَزْنٌ وَلَا أَنْ تُؤَدِّيَ بِثَمَرَةٍ وَنَتِيجَةٍ إِلَّا إِذَا مَا أُخْلِيَ الْقِطَاعُ مِنْ كُلِّ مَنْ فِيهِ، وَأُمِّنَ مَا حَوْلَ الْقِطَاعِ.

هَذَا كُلُّهُ مُرَادٌ مِنْ أَجْلِ تَحْوِيلِ الْمَجْرَى الْمِلَاحِيِّ مِنْ قَنَاةِ السُّوَيْسِ إِلَى قَنَاةِ بِن جُورْيُون، إِلَى هَذِهِ الْقَنَاةِ الْجَدِيدَةِ؛ وَهَذَا مِنْ أَجْلِ السَّيْطَرَةِ عَلَى الشَّرْقِ؛ مِنْ أَجْلِ حَرْبِ الصِّينِ، هَذَا كُلُّهُ مُرَادٌ بِهِ هَذِهِ الْقُوَّةُ الَّتِي تَخْشَاهَا أَمِرِيكَا؛ وَلِذَلِكَ هُمْ يَضْرِبُونَ فِي بِلَادِنَا؛ لِمَاذَا؟!!

لِمَاذَا تَضْرِبُونَ بِلَادَنَا؟!!

لِمَاذَا تَسُومُونَ أَهْلَنَا سُوءَ الْعَذَابِ؟!!

لِمَاذَا تُسْتَهْدَفُ دِيَارُ الْمُسْلِمِينَ؛ بِأَيِّ حَقٍّ؟!! وَنَحْنُ فِي الْقَرْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ؛ قَرْنِ الدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ الَّتِي بِهَا يَتَشَدَّقُونَ، وَقَدْ صَارَ هَذَا نِسْيًا مَنْسِيًّا، كَمَا قُلْتُ لَكَ: إِدَارَةٌ يَمِينِيَّةٌ مُتَطَرِّفَةٌ عُنْصُرِيَّةٌ تُرِيدُ أَنْ تُنْهِيَ الْمَسْأَلَةَ، وَأَنْ تَأْتِيَ بِالْحَرْبِ الْكُبْرَى؛ مِنْ أَجْلِ التَّأْسِيسِ لِإِسْرَائِيلَ الْكُبْرَى!

وَمَا الَّذِي يُهِمُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ؟!!

كِتَابُهُمْ يَقُولُ: أَنَّ الْمَسِيحَ لَنْ يَأْتِيَ إِلَّا بِهَدْمِ الْمَعْبَدِ -يَعْنِي: الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى-، وَبِبِنَاءِ الْهَيْكَلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَقُومَ مَعْرَكَةٌ كُبْرَى بَيْنَ يَدَيْ مَقْدَمِ الْمَسِيحِ فِي قُدُومِهِ الثَّانِي عِنْدَ النَّصَارَى، وَفِي قُدُومِهِ الْأَوَّلِ -وَهُوَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ- عِنْدَ الْيَهُودِ، لَا بُدَّ مِنَ الْمَلْحَمَةِ يَفْنَى فِيهَا ثُلُثَا أَهْلِ الْأَرْضِ، وَوَقُودُهَا مِنَّا، وَقُودُهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَكُونُ هَاهُنَا فِي مَنْطِقَتِنَا فِي (هَرْمَجِدُّون) عَلَى بُعْدِ خَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ كِيلُو مِتْر (55 كم) مِنْ تَلِّ أَبِيب.

الْقَوْمُ يُفَكِّرُونَ فِي ذَلِكَ؛ هَلْ تَعْلَمُونَ؟!!

لَمْ يَعُدْ هَذَا خَافِيًا، وَلَمْ يَعُدْ هَذَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لَا يَعْلَمُهُ الْعَوَامُّ، صَارَ هَذَا مَبْذُولًا؛ فَرَئِيسُ وُزَرَاءِ الْكِيَانِ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ بَعْدَ السَّابِعِ مِنْ أُكْتُوبَر وَقَفَ -وَالدُّنْيَا كُلُّهَا تَرَاهُ- يَتَكَلَّمُ عَنْ سِفْرِ إِشَعْيَاءَ، وَفِيهِ: حَمْلُ الْخَرَابِ إِلَى مِصْرَ؛ بِتَهْيِيجِ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ!

وَلَنْ يَنَالُوا مِنْكُمْ مَنَالًا إِلَّا بَتَفَرُّقِكُمْ، إِلَّا بِبَعْثَرَةِ جُهُودِكُمْ، إِلَّا بِالْمُؤَامَرَاتِ فِي الدَّاخِلِ، وَأَمَّا إِذَا مَا ظَهَرْتُمْ يَدًا وَاحِدَةً، وَقَلْبًا وَاحِدًا، وَجَسَدًا وَاحِدًا؛ فَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَحَدٌ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَنْ يَمَسَّكُمْ بِسُوءٍ.

الْمَسْأَلَةُ الْآنَ عِنْدَنَا نَحْنُ، لَيْسَتْ عِنْدَ أَعْدَائِنَا، فَإِمَّا أَنْ نُمَكِّنَهُمْ مِنَّا، وَمِنْ دِيَارِنَا، وَمِنْ دِينِنَا، وَمِنْ أَعْرَاضِنَا، وَمِنْ أَبْنَائِنَا وَحَفَدَتِنَا، وَتُرَاثِنَا وَمَجْدِنَا وَتَارِيخِنَا، وَإِمَّا أَنْ نَسْحَقَ كُلَّ هَذِهِ الْمُؤَامَرَاتِ سَحْقًا؛ أَوَّلًا بِالْفَهْمِ بِأَنْ تَفْهَمَ؛ لِأَنَّنَا إِذَا لَمْ نَفْهَمْ.. فَالنَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا، وَالدُّنْيَا كُلُّهَا الْآنَ تَعْلَمُ، وَنَحْنُ لَا نُبَالِي، النَّاسُ عِنْدَمَا تَتَأَمَّلُ فِي صَفْحَاتِ وُجُوهِهِمْ، وَفِي طَرِيقَةِ حَيَاتِهِمْ؛ تَتَيَقَّنُ أَنَّهُمْ لَا يَدُورُ عَلَى بَالِهِمْ، وَلَا يَخْطُرُ فِي خَلَدِهِمْ أَنَّ الْحَرْبَ يُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِذَا هَذَا السُّكُونُ، وَإِذَا هَذَا الْهُدُوءُ، وَإِذَا هَذَا الْأَمْنُ وَهَذَا السَّلَامُ قَدْ تَبَدَّدَ!

وَأَنْتُمْ تَرَوْنَ مَا يَحْدُثُ فِي غَزَّةَ، وَهَذَا مَا يُوعَدُ بِهِ وَيُتَوَعَّدُ بِهِ كُلُّ مَنْ خَالَفَ!

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-!

اتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-!

هُنَاكَ أُمُورٌ كُبْرَى يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ الْأُمُورُ الصُّغْرَى تَحْتَ مَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ مِنْ أَجْلِهَا.

الْآنَ نَحْنُ فِي حَرْبٍ وُجُودِيَّةٍ؛ إِمَّا أَنْ نَكُونَ، وَإِمَّا أَلَّا نَكُونَ.

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44].

أَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يُؤَلِّفَ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ.

اللهم أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ.

اللهم أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ.

اللهم اجْعَلْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ كَيْدَ أَعْدَائِهِمْ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَجِّنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ مِنْ شُرُورِهِمْ.

تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

المصدر: الْحَرْبُ الصُّهْيُوصَلِيبِيَّةُ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  حُسْنُ الْخَاتِمَةِ
  أَحْوَالُ الْفَرَجِ وَالشِّدَّةِ
  دُرُوسٌ عَظِيمَةٌ وَحِكَمٌ جَلِيلَةٌ مِنْ تَحْوِيلِ القِبْلَةِ
  السَّكِينَةُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَفَضَائِلُ الْعَشْرِ
  رِعَايَةُ الْمُسِنِّينَ وَحِمَايَةُ حُقُوقِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ
  الرد على الملحدين:الأدلة على وجود الله عز وجل 1
  دُرُوسٌ مُهِمَّةٌ لِعُمُومِ المُسْلِمِينَ فِي رَمَضَانَ
  اسْمُ اللهِ الرَّحِيمُ
  الصِّحَّةُ الْإِنْجَابِيَّةُ بَيْنَ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ وَحَقِّ الطِّفْلِ
  أَهَمِّيَّةُ الِاسْتِثْمَارِ فِي حَيَاتِنَا
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان