تفريغ مقطع : الله أحق أن يُستحيا منه
والنبيُّ
–صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يدُلُّنا عليه عندما سُأل: عورَاتُنا ما نُبدي منها وما نُخفي يا رسول
الله؟
قال: ((أخفي عورَتك، وَوَارِها إلا عن زوجتِك)).
فقال: إنَّ القومَ يكونون معًا يختلطون.
فقال: ((إنْ استطعتَ ألَّا يرينَّها أحدٌ فلا يرينَّها أحد)).
قال: فالرجلُ يكونُ وحدَه، أفيضعُ عنه ثيابَه.
قال: ((فاللهُ أحقُّ أن يُستحيا منه من الناس)).
فإنْ كنتَ
خاليًا؛ فالحياءَ الحياء، ((فاللهُ أحقُّ أن
يُستحيا منه من الناس)).
بيَّنَ ذلك
نبيُّنا –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وبيَّنَ نصًّا بتحديدٍ في الحديثِ المتفقِ
على صحتهِ، قال –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((الإيمان
بضعٌ وسبعون –وفي رواية: وستون- شُعبة، أعلاها قولُ: لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ
الأذى عن الطريق، والحياءُ شُعبةٌ مِن الإيمان)).
ورأى النبيُّ –صلى الله
عليه وعلى آله وسلم- رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ.
فَقَالَ: ((دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ لا يأتِي إلَّا بِخَيْرٍ)).
هذا الخُلُقُ هو
خُلُقُ الإسلامِ العظيم، وهو من تلك المسالكِ التي جَعَلَهَا اللهُ ربُّ العالمين
مؤديةً إلى العِفَّةِ والعفافِ، وحاجزةً عن الفُحشِ والتَّفَحُّش.
والنبيُّ
–صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حدَّدَ لنا أمورًا هي:
أنَّ المجتمعَ
إذا ما انهارت أخلاقُهُ، وإذا ما سقطت أخلاقُهُ في الحمئةِ الوبيلة، المجتمع إذا
ظهرت فيه الفاحشة؛ فَكَبِّر عليه أربعًا، المجتمعُ لا يُحاربُ بِمِثْلِ ما يُحاربُ
بنشرِ الفاحشةِ والرذيلةِ بين أبنائِه، وما تَمكَّنَ أعداءُ الإسلامِ في داخلٍ ولا
خارجٍ يومًا من المسلمين إلا بالعبثِ بأخلاقِهم وبثِّ النَّزَواتِ والشهواتِ
مفتوحةً بمصارعِ أبوابِها أمامَ شهواتِهم ومَلذَّاتِهم.
فإذا انهارت
الأخلاقُ؛ انهارَ المجتمعُ لا محالة، وقد عَلِمَ أعداءُ الإسلامِ في داخلٍ وخارج؛
أنهم لن ينالوا بالمواجهةِ العسكريةِ بينهم وبين المسلمين شيئًا ذا بال؛ ولذلك كان
التركيزُ كلُّهُ على بَثِّ الشُّبهاتِ بين المسلمين، وعلى إثارةِ نوازعِ العصبيةِ
بين أبناءِ الإسلامِ العظيم، وبإثارةِ الشهواتِ وبَعْثِ النَّزَوَاتِ مِن
مكامنِها، فإذا انهارت الأخلاقُ؛ انهارَ المجتمعُ لا محالة.
لذلك تجدُ
الإسلامَ العظيم أشدَّ حِرْصًا على سَدِّ المَسَالكِ التي تؤدي إلى الوقوعِ في
الرذيلةِ والفاحشة؛ مِن كلِّ ما يُمكنُ أنْ يتصورَ المرءُ حاجزًا عن الوقوعِ في
ذلك أو مؤديًّا إليه، حتى ضربَ اللهُ ربُّ العالمين لنا الأمثال بأطهرِ القلوبِ
على الأرضِ بعد الأنبياءِ والمرسلين.
*فقال
ربُّنا -جلَّت قدرتُهُ- في كتابهِ العظيم: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ
مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ
ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
والضمير هاهنا: يعود إلى الأصحابِ –أصحابِ النبيِّ الكريم
–صلى اللهُ عليه وسلم- وإلى أُمهاتِ المؤمنين
التعليقات
مقاطع قد تعجبك