تفريغ مقطع : الإيجاز في أحكام الصيام

(الإيجاز في أحكام الصيام)                                   

وَيجبُ صيامُ رَمضَانَ أَداءً علَى كُلِّ مُسلِمٍ بَالغٍ عَاقلٍ قَادرٍ مُقيمٍ خَالٍ مِنَ المَوانِع.

* يجبُ صيامُ رَمضَانَ أَداءً علَى كُلِّ مُسلِمٍ بَالغٍ عَاقلٍ قَادرٍ مُقيمٍ خَالٍ مِنَ المَوانِع...

·        مُسلِمٌ: فَالكَافِرُ لَا يَجبُ عَلَيهِ الصِّيامُ وَلَا غَيرُهُ مِنَ العِبادَات، وَهُنَالِكَ مِن أَهلِ العِلمِ مِن يَقُولُ: إِنَّ الكَافِرَ مُخاطَبٌ بِفُروعِ العِبادَاتِ, وَأَنَّهُ يُحاسَبُ عَليهَا يَومَ القِيَامَة.

وَأمَّا الذِينَ يَقولُونَ: إِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِفُروعِ العِبادَات؛ فَعِندَهُم مِنَ الأَدِلَّةِ كَقُولِ رَبِّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

·      المُسلِمُ البَالِغُ: وَالبُلُوغُ يَحصُلُ بَواحِدٍ مِن أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ ؛ إِمَّا أَنْ يُتِمَّ خَمسَةَ عَشرَةَ سَنَة، وَإِمَّا أَنْ يَنبُتَ شَعرُ العَانَةِ -وَهُوَ الشَّعرُ الخَشِنُ الذِي يَكُونُ عِندَ القُبُل-, أَوْ أَنْ يُنزِلَ المَنِيَ بِلَذةٍ سَواءٌ كَانَ بِاحتِلَامٍ أَوْ بِيَقَظِةٍ, فَمَتَى ثَبَتَ البُلُوغُ فَقَد وَجَبَ عَلَيهِ الصِّيَامُ, وَأَمَّا الأُنثَى فَإِنَّهَا تَزِيدُ علَى مَا مَرَّ أَمرًا رَابعًا وَهُوَ الحَيضُ.

صِيَام رَمَضَان يَجِبُ أَدَاءً علَى كُلِّ مُسلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ...

·       وَالعَقلُ يَحصُلُ بِهِ التَّميِيزُ بَينَ الأَشيَاءِ, فَلَا يُشْرَعُ الصِّيَامُ عَلَى المَجنُونِ, وَلَا عَلَى الطَّاعِنِ فِي السِّنِّ الذِي لَا يُمَيِّزُ بَينَ الأَشيَاء -يَعنِي: وَقَعَ لَهُ اختِلَاطٌ بِحَيثُ غَابَ عَنهُ التَّميِيزِ- لِذَهابِ العَقل.

·       وَأَيضًا لَابُدَّ مِن القُدرَةِ عَلَى الصِّيامِ، وَعَدَمُ القُدرَةِ عَلَى الصِّيامِ يَنقَسِمُ إِلَى قِسمَين:
القِسمُ الأَوَّلُ: العَجزُ الدَّائِمُ كَحَالِ كَبِيرِ السِّن, أَوْ المَرِيضِ الذِي لَا يُرجَى بُرؤُه

المَرِيضُ الذِي لَا يُرجَى بُرؤُه أَيْ: شِفَاؤُهُ مِن مَرَضِهِ.
وَأَمَّا العَجزُ فِي القِسمِ الثَّانِي: فَهُوَ الذِي يُرجَى زَوَالُهُ, وَهُوَ العَجزُ الطَّارِئُ؛ كَالمَرَضِ العَارِضِ المُؤقَّت, فَيُفطِرُ المُسلِمُ فِي حَالِ مَرَضِهِ, وَيَقضِي يَومًا مَكانَ اليَّومِ الذِي أَفطَرُهُ إِذَا كَانَ مَرِيضًا مَرضًا يُرجَى بُرؤُه، وَأَمَّا الذِي هُوَ مُريضُ مَرضًا لَا يُرجَى شِفَاؤهُ فِإِنَّ عَلَيهِ الفِديَة.

·       وَلَابُدَّ مِنَ الإِقَامَةِ أَيضًا، وَهِيَ خِلَافُ السَّفَر, كَأَنَّ يَكُونَ الإِنسَانُ فَارِقَ وَطَنَهُ وَأَصبَحَ عَلَى وَفقِ العُرفِ مُسَافِرًا فَلَهُ الفِطرُ، فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ يَسِيرًا قَرِيبًا لَا يَشُقُّ عَلَيهِ وَلَا يُتعِبُهُ؛ فَإِنَّ الصِّيامَ فِي حَقِّهِ هُوَ الأَفضَلُ، وَإِذَا كَانَ السَّفَرُ يَشُقُّ عَلَيهِ وَيُتعِبُهُ فَإِنَّ الفِطرَ فِي حَقِّهِ هُوَ الأَفضَلُ.
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ مُسَافِرًا وَمَعَهُ صُوَّمٌ وَمُفطِرُون، فَوَجَدَ أَنَّ المُفطِرِينَ هُم الذِينَ يَقُومُونَ بِالعَمَلِ, وَأَمَّا الصُوَّمُ فَكَانُوا يَتَسَاقَطُونَ مِنَ الظَّمَأ وَمِنَ الجُوعِ, وَمِنَ التَّعَبِ وَحَرِّ الشَّمسِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِالفِطرِ, وَأَفطَرَ هُوَ وَكَانَ ذَلِكَ مَعَ العَصر.
فَأُبلِغَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَقوامًا مِنَ الصَّائمِينَ لَم يُفطِرُوا كمَا أَمَرَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-, فَقَالَ: ((أُولَئكَ العُصَاة, أُولَئكَ العُصَاة, أُولَئكَ العُصاة))؛ لِأنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَمْ يَفرِض عَلينَا مَا فَرَضَ مِنَ العِبَادَاتِ مِن أَجلِ أَنْ يَقتُلَنَا بِذَلِكَ, وَلَا مِن أَجلِ أَنْ يَبلُغَ بِنَا الجَهدَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُطَهِّرَنَا بِذَلِكَ وَهُوَ الرَّحمَنُ الرَّحِيمُ.

·       لَابُدَّ أَيضًا لِصِيَامِ رَمَضَانَ أَدَاءً مِنَ الخُلُوِّ مِنَ المَوَانِعِ، وَهَذا يَتَعَلَّقُ بِالمَرأَةِ الَّتِي تَكُونُ حَائضًا أَوْ تَكُونُ نُفَسَاءً.

* هُنَالِكَ أُمُورٌ لَابُدَّ أَنْ يُرَاعِيَهَا الإِنسَانُ فِي حَالِ صَومِهِ وَهِيَ:

-        أَنَّهُ عَلَيهِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى الصَّلَاةِ المَفرُوضَةِ فِي المَساجِدِ.

-        وَعَلَيهِ أَنْ يَحرِسَ علَى قِرَاءَةِ القُرآنِ، وَعَلَيهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي قَولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-: ((خَيرُكُم مَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ)).

-        وَإِنْ استَطَاعَ أَنْ يَعتَمِرَ فِي رَمَضَانَ فَهُوَ خَيرٌ, كَمَا فِي ((الصَّحِيحَينِ)) عَن ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((عُمرَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ)), وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسلِمٍ: ((كَحَجَّةٍ مَعِي)).

-        وَالإِنسَانُ عَلَيهِ أَنْ يَجتَهِدَ فِي الجُودِ وَالبَذلِ وَالإِنفَاقِ وَالتَّصَدُّقِ فِي رَمَضَان، فَعَن ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَجوَدَ النَّاس، وَكَانَ أَجوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حَينَ يَلقَاهُ جِبرِيل, فَلَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-أَجوَدَ بِالخَيرِ مِن الرَّيحِ المُرسَلَةِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَخبَرَنَا: ((أَنَّهُ فِي رَمَضَانَ يُنَادِي مُنَادٍ؛ يَا بَاغِيَ الخَيرِ أَقبِل وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِر، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيلَة)).
وَقَد قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((مَن فَطَّرَ صَائمًا كَانَ لَهُ مِثلُ أَجرِهِ غَيرَ أَنَّهُ لَا يُنقِصُ مِن أُجُورِ الصَّائمِ شَيئًا)).

-        وَعَلَى الإِنسَانِ أَنْ يَجتَهِدَ فِي الإِكثَارِ مِنَ الدُّعَاءِ, قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-: ((ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعوَتُهُم؛ الصَّائِمُ حَتَّى يُفطِر, وَالإِمَامُ العَادِلُ, وَدَعوَةُ المَظلُوم)).

-        وَعَلَى الإِنسَانِ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ لِلصِّيَامِ مِنَ اللَّيلِ.

وَالمَقصُودُ بِالنِّيَّةِ هُوَ: أَنْ يَعلَمَ مَن يَجِبُ عَلَيهِ الصِّيَامُ أَنَّ عَلَيهِ فِي الغَدِ الصِّيَامَ؛ فَيَعزِمَ عَلَى الصِّيَامِ مِنَ اللَّيلِ.

يَعنِي يُبَيِّتَ لِلنِّيَّةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَهَذَا أَمرٌ مُهِمٌ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: ((مَنْ لَمْ يُبَيِّت النِّيَّةَ قَبلَ الفَجرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ)).

وَفِي رِوَايَةٍ: ((مَنْ لَمْ يُجمِع الصَّومَ مِنَ اللَّيلِ يَعنِي: مَن لَمْ يُجمِع النِّيَّةَ عَلَى الصِّيَامِ مِنَ اللَّيلِ قَبْلَ الفَجرِ- فَلَا صِيَامَ لَهُ)).
وَدَلَالَةُ السُّحُورِ عَلَى نِيَّةِ الصِّيَامِ قَائمَة، وَإِذَا وَسوَسَ الإِنسَانُ فِي النِّيَّةِ فَعَلَيهِ أَنْ يَستَعِيذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الوَسوَاسِ الخَنَّاسِ.
وَالَّذِي لَا يَعلَمُ أَنَّ غَدًا هُوَ مِن رَمَضَان, فَأَصبَحَ وَاستَيقَظَ فِي نَهَارِ أَوَّلِ يَومٍ مِن رَمَضَانَ؛ فَعَلَيهِ الإِمسَاكُ مُبَاشَرَةً مَتَى عَلِمَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيهِ القَضَاءُ وَإِنْ كَانَ قَد أَفطَرَ بِشَيءٍ، وَهَذَا اختِيَارُ شَيخِ الإِسلَامِ ابنِ تَيمِيَةَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وَهُوَ الصَّوَابُ.

مَن نَوَى الفِطرَ نِيَّةً جَازِمَةً وَإِنْ لَمْ يَأتِ بِشَيءٍ مِنَ المُفطِرَاتِ فَقَد أَفطَرَ، وَإِنْ لَمْ يَأكُل أَوْ يَشرَب أَوْ يُجَامِع, فَإِنَّهُ يَكُونُ مُفطِرًا إِذَا نَوَى الفَسخَ، فَفَسَخَ نِيَّةَ الإِمسَاكِ عَنِ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُفطِرًا.

وَأَمَّا فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ فِإِنَّ النِّيَّةَ تَكُونُ فِي أَيِّ وَقتٍ مِن نَهَارِ يَومِ الصِّيَامِ؛ إِنْ لَم يَفعَل المُسلِمُ شَيئًا مِمَّا يُفِطرُ بِهِ الصَّائِمُ لِحَدِيثِ أُمِّنَا أُمِّ المُؤمِنِينَ عَائشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- قَالَت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَومٍ، فَقَالَ : ((هَل عِندَكُم شَيء؟))
قُلنَا: لَا
قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((فَإِنِّي صَائمٌ)) وَهَذَا رَوَاهُ مُسلِمٌ.

* هَل يَكفِي نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلشَّهرِ كُلِّهِ أَوْ لَابُدَّ مِن نِيَّةٍ لِكُلِّ لَيلَةٍ؟
قَالَ بَعضُ أَهلِ العِلمِ:

فِي العِبَادَةِ المُتَتَابِعَةِ الَّتِي تَكُونُ كَالعِبَادَةِ الوَاحِدَة، يَعنُونَ بِذَلِكَ صِيَامَ شَهرِ رَمَضَانَ، فَهُوَ كَالصَّلَاةِ مَثَلًا لَا يَحتَاجُ الإِنسَانُ إِلَى نِيَّةٍ لِتَكبِيرَةِ الإِحرَامِ, وَإِلَى نِيَّةٍ لِلرُّكُوعِ, وَإِلَى نِيَّةٍ لِلرَّفعِ مِنهُ, وَإِنَّمَا هِيَ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِعِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا تَتَابَعَ الصِّيَامُ فَيَكفِي فِيهِ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِصِيَامِ الشَّهر؛ وَلَكِنْ إِذَا قُطِعَ التَّتَابُع  لِعُذرٍ فَعَلَيهِ أَنْ يُجَدِّدَ النِّيَّة، -إِذَا قُطِعَ التَّتَابُع كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ- فَإِنَّهُ إِذَا أَرَادَ بَعدَ ذَلِكَ أَنْ يَصُومَ فَعَلَيهِ أَنْ يَنوِيَ الصِّيَامُ.

* المُبَاحَاتُ فِي الصِّيَامِ:

1.   يُبَاحُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ استِعمَالُ السِّوَاك فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَفِي آخِرِه، لِقَولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((لَولَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرتُهُم بِالسِّوَاكِ عِندَ كُلِّ وُضُوءٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

2.   الصَّائِمُ يُصبِحُ جُنُبًا، كَأَنْ يُجَامِعَ أَهلَهُ أَوْ يَحتَلِمَ ثُمَّ يُؤَذَّنُ لِلفَجرِ, أَوْ يَستَيقِظُ هُوَ مِن نَومِهِ بَعدَ طُلُوعِ الشَّمسِ فَلَا شَيءَ عَلَيهِ فِي صِيَامِهِ.

فَعَن أُمِّنَا أُمِّ المُؤمِنِينَ عاَئشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا-: ((أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-كَانَ يُدرِكُهُ الفَجرُ وُهُوَ جُنُبٌ مِن أَهلِهِ, ثُمَّ يَغتَسِلُ وَيَصُومُ)) -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

3.   وَكَذَلِكَ النُفَسَاءُ وَالحَائضُ, إِذَا انقَطَعَ الدَّمُ وَرَأَت الطُّهرَ قَبلَ الفَجرِ وَلُوْ بِلَحظَةٍ؛ فَعَلَيهَا الصِّيَامُ مَعَ النَّاس وَإِنْ اغتَسَلَت بَعدَ أَذَانِ الفَجرِ.

4.   يُبَاحُ أَيضًا المُبَاشَرَةُ وَالقُبلَةُ لِلصَّائِمِ.

قَالَت عَائشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا-: ((كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ, وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَملَكَكُمُ لِإِرْبِهِ ـ أَيْ: لِوَطَرِهِ وَشَهوَتِهِ-)) وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وَمَعنَى المُبَاشَرَة: مَسُّ البَشَرَة أَيْ: الجِلد- مِن غَيرِ جِمَاعٍ تَامٍّ.

فَهَذَا إِذَا لَم يُخشَى تَهيِيجًا بِإنزَالٍ وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَحرُم, فَهَذَا مُبَاحُ إِلَّا إِذَا خُشِيَ مَعَهُ إِفسَادُ الصَّوم.

5.   كَذَلِكَ تُبَاحُ المَضمَضَةُ وَيُبَاحُ الاستِنشَاقُ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((وَبَالِغ فِي الاستِنشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائمًا)).

6.   وَكَذَلِكَ يُبَاحُ تَذَوُّقُ الطَّعَامِ، وَهَذَا جَائزٌ لِضَرَورَةِ إِعدَادِهِ مَع الاحتِرَازِ مِن بِلُوغِهِ إِلَى الجَوفِ.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا-: ((لَا بَأسَ أَنْ يَذُوقَ الخَلَّ أَوْ الشَّيءَ مَا لَمْ يَدخُل حَلقَهُ وَهُوَ صَائِمٌ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ مَعَلَّقًا, وَوَصَلَهُ ابنُ أَبِي شَيبَة.

7.   كَذَلِكَ يُبَاحُ الكُحْل، فَقَد وَرَدَ عَن أَنسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- أَنَّهُ كَانَ يَكتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ.

8.   بَخَّاخُ الرَّبْوِ, وَالتَّدَاوِيِ بِالحُقنَةِ العِلَاجِيَّةِ, وَكَذَلِكَ إِبَرُ التَّطعِيمِ, وَالحُقَنُ الشَّرَجِيَّةُ, وَالقَطرَةُ فِي العَينِ, وَالمَرَاهِمُ لِلجِلدِ, جَمِيعُهَا لَا تُفَطِّرُ الصَّائمَ؛ بِشَرطِ أَلَّا تَكُونَ الحُقَنُ مُغَذِّيَةً أَيْ: فِيهَا المُغَذِّيَات كَالجُلُوكُوزِ وَغَيرُه وَمَا شَابَهَ مِنَ المُقَوِّيَاتِ-.

9.   الاسْتِحمَامُ مُبَاحٌ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.

((كَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَصُبُّ المَاءَ عَلَى رَأسِهِ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ العَطَشِ أَوْ مِنَ الحَرِّ)) أَخرَجَهُ أَحمَد وَأَبُو دَاوُد.

وَيُبَاحُ الاستِحمَامُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِن أَجلِ الابتِرَادِ, مَعَ الاحتِرَازِ مِنْ وُصولِ المَاءِ إِلَى الجَوفِ.

10.   يُباحُ أَيضًا فَحصُ الدَّمِ, وَهُوَ أَخذُ الدَّمِ اليَّسِيرِ لِلفَحصِ، فَذَلِكَ لَا يُفسِد الصِّيَام.

11.    وَمُعَالَجَةُ الأَسنَانِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لَا شَيءَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ حَشوُ الأَسنَانِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الصِّيَامِ، وَإِنْ اضطُرَ المَرِيضُ إِلَى أَنْ يُعطَى إِبرَةً مُخَدِّرَةً لِلأَسنَانِ فَلَا شَيءَ فِي ذَلِكَ، فَقَط يَنبَغِي عَلَى المَرِيضِ التَّحَفُّظُ مِن ابتِلَاعِ شَيئًا مِنَ الدَّوَاءِ أَوْ مِنَ الدَّمِ.

12.    كَذَلِكَ خُرُوجُ الدَّمُ مِنَ الأَنفِ وَهُوَ الرُعَافُ، أَوْ خُرُوجُهُ مِن نَزِيفٍ بِالأَسنَانِ، أَوْ خَرُوجُ الدَّمِ مِن أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الجِسمِ إِنْ كَانَ بِغَيرِ اختِيَارٍ مِنهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ, فَهَذَا لَا يُبطِلُ الصِّيَام، إِلَّا أَنَّ الصَّائِمَ يَنبَغِي عَلَيهِ أَنْ يَحتَاطَ مِن دُخُولِ الدَّمِ إِلَى جَوفِهِ.

13.   فُرشَاةُ الأَسنَانِ مُبَاحَةٌ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ, وَلَا شَيءَ فِيهَا عَلَى الصِّيَامِ إِذَا كَانَ السَّائِلُ لَا يَنفُذُ إِلَى الجَوفِ, وَالأَوْلَى استِعمَالُهَا فِي اللَّيلِ أَوْ قَبلَ أَذَانِ الفَجرِ.

14.   اسْتِعمَالُ الطِّيبِ لَا بَأسَ بِهِ سَواءٌ كَانَ دُهْنًا أَوْ سَائِلًا عَلَى الجَسَدِ أَوْ عَلَى الثِّيَابِ.

15.البُخُورُ؛ الأَولَى فِيهِ أَلَّا يَقرَبَهُ الصَّائِمُ مُبَاشَرَةً فِي مَنَافِذِ الجِسمِ، فَتَركُهُ أَفضَل؛ لِلخِلَافِ بِينَ أَهلِ العِلمِ فِي إِنَّهُ مُفطِر أَوْ لَا.

16.   وَكَذَلِكَ صَيدُ البَّرِّ وَالبَّحرِ؛ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى صِيَامِ المُسلِمِ اصطِيَادُ مَا هُنَالِكَ مِن صَيدِ البَّرِّ وَالبَحرِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذَا بِعِبَادَةِ الصَّومِ أَصلًا.

* وَأَمَّا المَمنُوعَاتُ فِي الصِّيَامِ:

1.   فَالأَكلُ وَالشُّربُ مُتَعَمِّدًا.
قَالَ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}
وَالمَقصُودُ بِالخَيطِ الأَبيَضِ وَالأَسوَدِ: وَقتُ الفَجرِ الذِي يُعلَمُ بِالأَذَانِ.

2.   القَيْءُ مُتَعَمِّدًا؛ مُفطِرٌ أَيضًا وَعَلَيهِ القَضَاء.

قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((مَن ذَرَعَهُ - أَيْ: غَلَبَهُ- القَيءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيهِ، وَمَن اسْتَقَاءَ فَعَلَيهِ القَضَاءُ)).

وَأَمَّا مَن غَلَبَهُ القَيءُ فَهَذَا صِيَامُهُ صَحِيحٌ وَلَا شَيءَ عَلَيهِ, وَأَمَّا مَن تَعَمَّدَ القَيء أَيْ: اسْتَقَاءَ- فَهَذَا عَلَيهِ القَضَاء، كَمَا قَالَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

3.   أَيضًا الحَيضُ وَالنِّفَاسُ وَلَوْ حَدَثَ فِي آخِرِ جُزءٍ مِن نَهَارِ يَومٍ مِن أَيَّامِ رَمَضَانَ.

فَإِنَّ المَرأَةَ تَصِيرُ مُفطِرَةً حِينَئذٍ, وَلَوْ كَانَ قَبلَ الغُرُوبِ بِلَحظَةٍ, فَإِنَّهَا تَصِيرُ مُفطِرَةً, فَإِذَا انقَضَى حَيضُهَا فَعَلَيهَا أَنْ تَقضِيَ هَذَا اليَومَ مَعَ سَائرِ أَيَّامِ الحَيضِ أَوْ أَيَّامِ النِّفَاسِ وَذَلِكَ بَعدَ رَمَضَان.

4.   الاسْتِمنَاءُ.

وَهُوَ خُرُوجُ المَنِيِّ بِشَهوَةٍ مُتَعَمِّدًا, بِأَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَت مَعَ الزَّوجَةِ أَوْ بِدُونِهَا، يُبطِلُ الصِّيَامَ, يَبطُلُ الصِّيَامِ بَسَبَبِهِ إِنْ كَانَ فِي نَهَارِ رَمَضَان.

((الصَّائمُ يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ مِن أَجلِي)) هَذَا كَلَامُ رَبِّنَا -جَلَّ وَعَلَا-، فَقَولُهُ تَعَالَى (وَشَهوَتَهُ) يَدخُلُ فِيهِ الاستِمنَاء؛ لِأَنَّ بَعضَ أَهلِ العَلمِ قَالَ: إِنَّ الاستِمنَاءَ لَا يُفَطِّرُ الصَّائمَ، وَهَذَا غَيرُ صَوابٍ فَلَا تُعَوِّل عَلَيهِ، وَالدَّلِيلُ قَولُ رَبِّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَمَا فِي الحَدِيثِ القُدسِيِّ: ((الصَّائمُ يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ...)) وَلَا شَكَّ أَنَّ الاستِمنَاءَ فِيهِ شَهوَة.
أَمَّا إِذَا احتَلَمَ فَأَنزَلَ فِي أَثنَاءِ نَومِهِ فَلَا شَيءَ عَلَيهِ، وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ عَلَى صِيَامِهِ، وَصِيَامُهُ صَحِيحٌ, وَيَغتَسِلُ الصَّائِمُ وَيُكمِلُ صِيَامَهُ, وَهَذَا وَقَعَ بِغَيرِ قَصدٍ وَلَا إِدرَاكٍ.

5.   الجِمَاعُ بَينَ الزَّوجَين.

إِذَا تَمَّ بَينَ الزَّوجَينِ جِمَاعٌ كَامِلٌ يَستَوجِبُ الغُسلَ -كَامِلٌ: بِالتِقَاءِ الخِتَانَينِ, بِتَغيِيبِ الحَشَفَةِ أَوْ مَقطُوعِهَا فِي فَرجِ المَرأَةِ أَيْ: فِي فَرجِ الزَّوجَةِ- فَهَذَا يَستَوجِبُ القَضَاءَ وَالكَفَّارَة.

فَالتَفِت؛ هَذَا يَستَوجِبُ القَضَاءَ وَالكَفَّارَة...

يُفسِدُ الصَّومَ وَيُوجِبُ الإِمسَاكَ سَائِرَ اليَومِ مَعَ قَضَاءِ ذَلِكَ اليَوم، وَقَد أَثِمَ إِثمًا عَظِيمًا, وَوَجَبَ عَلَيهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ, وَوَجَبَت عَلَيهِ الكَفَّارَةُ.

وَالكَفَّارَةُ عِتقُ رَقَبَة، فَإِنْ لَمْ يَجِد فَصِيَامُ شَهرِين مُتَتَابِعَين، فَإِنْ لَمْ يَستَطِع فَإِطعَامُ سِتِّينَ مِسكِينًا، هَذَا كُلُّهُ إِذَا وَقَعَ مِنهُ جِمَاعٌ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَلَوْ كَانَ بِغَيرِ إِنزَالٍ!!

لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بِغَيرِ إِنزَالٍ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيهِ هَذَا الذِي مَرَّ ذِكرُهُ مِنَ الكُفَّارَةِ مَعَ القَضَاء, فَيَقضِي يَومًا مَكَانَ اليَومِ، ثُمَّ عَلَيهِ أَنْ يَصُومَ شَهرَينِ مُتَتَابِعَينِ, فَإِنْ لَم يَستَطِع فَعَلَيهِ أَنْ يُطعِمَ سِتِّينَ مِسكِينًا، وَلَنْ يُحَصِّلَ ثَوَابَ اليَومِ الذِي انْتَهَكَ حُرمَتَهُ، وَعَلَيهِ أَنْ يُمسِكَ عَن الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالشَّهوَةِ سَائِرَ اليَومِ الذِي وَقَعَ مِنهُ هَذَا المُفطِرُ فِيهِ.

6.   وَكَذَلِكَ مَا هُوَ فِي حُكمِ الأَكلِ وَالشُّربِ؛ كَإِعطَاءِ الحُقَن المُغَذِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَستَغنِي بِهَا عَن الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ, فَلَهَا نَفس الحُكم.

فَعَلَى الإِنسَانِ أَنْ يَجتَهِدَ فِي اجتِنَابِ هَذِهِ الأُمُور الَّتِي يَصِيرُ بِهَا مُفطِرًا؛ فَإِنَّهُ إِذَا أَفطَرَ بِغَيرِ عُذرٍ لَا يُجزِئهُ صِيَامُ الدَّهرِ وَلُوْ صَامَهُ... عَن يَومٍ وَاحدٍ!! فَكَيفَ إِذَا انتَهَكَ حُرمَةَ الشَّهرِ كُلَّهَا جَمِيعَهَا؟!

وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَصُوم!! -نَسأَلُ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَتُوبَ عَلَينَا وَعَلَيهِم وَعَلَى المُسلِمِينَ أَجمَعِين-.

* عَلَينَا أَنْ نَلتَفِتَ إِلَى آدَابِ السّحُورِ، وَأَنْ نَتَعَلَّمَ أَحكَامَهُ
السَّحُورُ: هُوَ أَكلَةُ السَحَر، وَهِيَ مُستَحَبَّةٌ، وَقَالَ بَعضُ أَهلِ العِلمِ؛ لِلتَّشدِيدِ الوَارِدِ فِي الأَمرِ بِهَا إِنَّهَا وَاجِبَة.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَة)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وَفِي حَدِيثَ سَلمَانَ  يَرفَعُهُ: ((البَرَكَةُ فِي ثَلَاثَةٍ؛ الجَمَاعَةُ وَالثَّرِيدُ وَالسَّحُورُ)) هِيَ بَرَكَةٌ شَرعِيَّةٌ.
يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((إِنَّهَا بَرَكَةٌ أَعطَاكُم اللهُ إِيَّاهَا فَلَا تَدَعُوهُ)).

يَعنِي بِذَلِكَ: السَّحُورُ, فَلَا تَدَعُوهُ: لَا تَترُكُوهُ.
يَقُولُ: ((هَلُمَّ إِلَى الغَدَاءِ المُبَارَك)), يَدعُو إِلَى ذَلِكَ العِربَاضَ بنِ سَارِيَةَ وَأَبَا الدَّردَاء -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا-.

عَلَينَا أَنْ نُؤخِرَهُ كَمَا كَانَ يَفعَلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-, وَعَلَينَا أَنْ نَتَسَحَّرَ وَلَوْ بِجَرعَةٍ مِن مَاءٍ، وَالأَفضَلُ أَنْ يَستَعمِلَ التَّمرَ سَحُورًا...

((نِعْمَ سَحُورُ المُؤمِنِ التَّمْرُ)) كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

* وَأَمَّا الإِفطَارُ مِن آدَابِهِ أَنْ تُعَجِّلَهُ, كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ نَبِيُّكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-:

((لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطرَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُفطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِد فَعَلَى تَمرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِد حَسَى حَسَوَاتٍ مِن المَاءِ.

فَالأَولَى أَنْ تُفطِرَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِد فَعَلَى تَمرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِد فَتَحسُو حَسَوَاتٍ مِنَ المَاءِ, كَمَا كَانَ يَفعَلُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.

وَتُفطِرُ قَبلَ صَلَاةِ المَغرِبِ, ((كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لَا يُصَلِّي حَتَّى يُفطِرَ وَلَوْ عَلَى شَربَةٍ مِنَ المَاءِ)), فَكَانَ لَا يُصَلِّي المَغرِبَ حَتَّى يُفطِرَ.

وَمِنَ الأَدعِيَةِ المَأثُورَةِ عِندَ الفِطرِ أَنْ تَقُولَ: ذَهَبَ الظَّمَأُ, وَابتَلَّت العُرُوقُ, وَثَبَتَ الأَجرُ إِنْ شَاءَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-.

أَسأَلُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِأَسمَائِهِ الحُسنَى وَصِفَاتِهِ المُثلَى؛ أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنفَعُنَا, وَأَنْ يَنفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا, وَأَنْ يَزِيدَنَا عِلمًا إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير.
* وَأَوَّلُ وَأَوْلَى مَا يَجِبُ عَلَيكَ أَنْ تَأخُذَ بِهِ فِي رَمَضَانَ:

أَنْ تَترُكَ الشِّركَ وَأَنْ تَتَطَهَّرَ مِنهُ، وَأَنْ تَتَعَلَّمَ التَّوحِيدَ وَأَنْ تُحَقِّقَهُ، وَأَنْ تَجتَهِدَ فِي تَعَلُّمِ السُّنَّةِ وَأَنْ تَجتَنِبَ البِدعَة، وَأَنْ تَكُونَ عَلَى قَدَمِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ-، وَأَنْ تُرَاقِبَ سِرَّكَ, وَأَنْ تُرَاعِيَ ضَمِيرَكَ, وَأَنْ تُهَذِّبَ نَفسَكَ, وَأَنْ تُشَذِّبَ قَلبَكَ مِن جَمِيعِ مَا عَلَقَ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرضَاهُ.
فَعَلَيكَ أَنْ تَتَطَهَّرَ مِنَ الحَسدِ, وَمِنَ الحِقدِ, وَمِنَ الغِلِّ, وَمِنَ الخِدَاعِ, وَمِنَ الدَّغَلِ, وَمِن إِرَادَةِ غَيرِ الخَيرِ لِإخوَانِكَ مِنَ المُسلِمِين.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  دَفْعُ الْبُهْتَانِ حَوْلَ قَوْلِ الْأَفَّاكِينَ فِي ادِّعَاءِ تَكْفِيرِ أَبْنَاءِ الْمُسِلِمِينَ
  مقطع تاريخي : حول تعامل الإعلام مع أحداث البطرسية
  إعلام النفاق إعلام الخزى والعار هم من يصنعون التطرف والإرهاب ..!
  انتبه... ربما يُختَم لك بالكُفر فتموت على غير ملة الإسلام!!
  حول ما يجوزُ مِنْ تزكيةِ النَّفْسِ
  صِفَاتُ الذَّاتِ وَصِفَاتُ الفِعْلِ
  تأمل في أصول عقائد الشيعة التي نخالفهم فيها
  الحَيَوَانَات تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ وَيُضَيِّعُهُا الإنسان!!
  عندما يكون عِلمُ الرجلِ أكبر من عقلهِ
  لا يُقال المدينة المنورة
  تبديل المواطن العقدية!! .. هذه هي القضية
  القطبيون في المملكة العربية السعودية
  الشيعة يرمون أم المؤمنين عائشة بالفاحشة!!
  رِسَالَةُ الشَّيْخِ رَسْلَان إِلَى الأَقْبَاطِ
  هو الرحمن الرحيم ((7))
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان