تفريغ مقطع : مَاذَا يَنْوِي الْإِنْسَانُ إِذَا أَرَادَ الزَّوَاجَ؟

مَاذَا يَنْوِي الْإِنْسَانُ إِذَا أَرَادَ الزَّوَاجَ؟

اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ هَذَا الْكَوْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَانُونٍ لَا يَتَخَلَّفُ وَهُوَ قَانُونُ الزَّوْجِيَّةِ: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49].

اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ زَوْجَيْنِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ فَكُلُّ هَذَا الْكَوْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَانُونِ الزَّوْجِيَّةِ.

*فَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يُنْفِذُ سُنَّةَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي خَلْقِهِ، فَالزَّوَاجُ إِنْفَاذٌ لِسُنَّةِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي خَلْقِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَلْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ كَمَا قَرَّرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ.

*وَهُوَ أَيْضًا يُنْفِذُ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ فِي شَرْعِهِ، فِي الشَّرْعِ الْأَغَرِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي))، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الرَّسُولُ ﷺ تَعْقِيبًا عَلَى الثَّلَاثَةِ النَّفَرِ الَّذِينَ جَاءُوا يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﷺ، ثُمَّ تَوَرَّطُوا بِحَمَاسَتِهِمُ الزَّائِدَةِ فِي أَمُورٍ مُخَالِفَةٍ لِلْمَنْهَجِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ.

قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَالَ الثَّانِي: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَفْتُرُ، وَقَالَ الثَّالِثُ: وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ ﷺ صَحَّحَ الْمَسْأَلَةَ، وَأَقَامَهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَقَالَ: ((أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَقُومُ وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)).

إِذَنْ؛ عِنْدَمَا يُرِيدُ الْعَبْدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَإِنَّهُ يَنْوِي إِنْفَاذَ سُنَّةِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي كَوْنِهِ، وَإِنْفَاذَ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي شَرْعِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ صَحِيحٍ، يَقُولُ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ آمِرًا إِيَّانَا بِالزَّوَاجِ: ((مَنْ اسْتَطَاعُ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ)).

ويقول الرسول ﷺ: ((تَنَاسَلُوا تَكَاثَرُوا فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).

النَّبِيُّ ﷺ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ يَدُلُّنَا وَيُرَغِّبُنَا عَلَى فَضِيلَةِ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنَ الْخَيْرِ مَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَمِقْدَارَهُ إِلَّا الَّذِي شَرَعَهُ لَنَا بِرَحْمَتِهِ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

*ثُمَّ يَنْوِي الْعَبْدُ أَنْ يُعِفَّ نَفْسَهُ، وَأَنْ تَعِفَّ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُحْصِنَ فَرْجَهُ، وَأَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ، وَأَنْ يُحْصِنَ قَلْبَهُ مِنْ اتِّبَاعِ الْهَوَى، وَكَذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْخَيْرُ وَاصِلًا لِوَاحِدَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ.

*وَيَنْوِي أَنَّهُ يَسْعَى مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَلَدًا صَالِحًا، يَدْعُو لَهُ مِنْ بَعْدِ الْمَمَاتِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو اللهَ لَهُ)).

*وَأَنْ يُحَصِّلَ فِي بَيْتِهِ مَنْ تُعِينُهُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ هَذَا الْخَلْقَ قَائِمًا عَلَى نِظَامٍ مُحْكَمٍ وَمَتِينٍ، وَجَعَلَ الْأَدْوَارَ فِي هَذَا الْكَوْنِ مُوَزَّعَةً مُرَتَّبَةً، فَجَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جِهَادَ الْمَرْأَةِ فِي إِصْلَاحِ بَيْتِهَا خَيْرًا لَهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ ﷺ نِسَاءَ الْأُمَّةِ فِي ((أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَطَاعَتْ زَوْجَهَا -إِذَا أَطَاعَتْ بَعْلَهَا- وَصَلَّتْ خَمْسَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا؛ دَخَلَتْ جَنَّةَ رَبِّهَا)). كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ.

وَعِنْدَمَا سَأَلَ امْرَأَةً، فَقَالَ: ((أَلَكِ بَعْلٌ؟))

قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: ((كَيْفَ أَنْتِ لَهُ، إِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ أَوْ نَارُكِ)).

فَبَيَّنَ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا دَوْرٌ فِي الْحَيَاةِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَكِدُّ وَيَكْدَحُ وَيَشْقَى وَيَعْمَلُ، وَيُحَصِّلُ مِنَ الْخَيْرِ مَا يُعِطِيهِ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ إِيَّاهُ، ثُمَّ يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)). ﷺ.

فَهَذِهِ النِّيَّاتُ مُجْتَمِعَةٌ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حَاضِرَةً فِي قَلْبِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ إِذَا مَا أَقْبَلَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْجَلَلِ الْعَظِيمِ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  ألا تخشى سوء الخاتمة
  هذا منهج أهل السنة فى مجالسة المبتدعة فانتبه!!
  الرد على العقلانيين -الرد على من أدخل العقل في العبادات
  مَن لم يحْكمْه الدينُ؛ لم يكُن له حاكمٌ سِوَى هواه وشيطانِهِ
  فَسَلُوا أَبَا الْأَلْبَانِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْجِرِيسِيِّ!!
  التفارب بين السنة والشيعة!!
  احذر أهل زمانك
  إن الذي يراد بكم لا يمكن أن تتخيلوه ولا أن تتصوروه!!
  مذاهب الناس في قتل الحسين ـ رضي الله عنه-
  النقاب فى زمان العرى والإنحلال والدياثة
  نشيد الأنشاد
  إعلامُ الأمة بحُرمةِ دماءِ المُستأمَنين
  يعرفون عن الممثلين والمغنيين والمشاهير كل شيء!!
  تنوع العبادات في ليالي رمضان
  القرآنُ كلام اللهِ..شفاءٌ للقلوبِ العليلة
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان