تفريغ مقطع : ليس العيب على الصعاليك...

فَيَنْبَغِي عَلَيكُم أَيُّهَا المُسلِمُونَ أَنْ تَتَمَسَّكُوا بِسُنَّةِ نَبِيِّكُم ﷺ، وَأَنْ تُشَارِكُوا فِي مَعرِفَةِ الجُهدِ الَّذِي بَذَلَهُ حَمَلَةُ مِيرَاثِ النُّبُوَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ، فَإِنَّهُ جُهْدٌ لَا نَظِيرَ لَهُ عِنْدَ أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ.

وَالعِلْمُ الَّذِي ضَبَطَ لَنَا الرِّوَايَةَ بِأُصُولِهَا وَقَوَاعِدِهَا؛ لَا وُجُودَ لَهُ عِندَ أُمَّةٍ مِنْ أُمَمِ الأَرْضِ مُنذُ خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- النَّاسَ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الأَرضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.

هَذَا عِلْمٌ نَفْخَرُ بِهِ وَنَتَشَرَّفُ بِحَمْلِهِ، ثُمَّ يَأْتِي أُولَئِكَ الصَّعَالِيك مِنْ أَجْلِ أَنْ يُشَكِّكُوا فِيهِ بِغَيرِ آثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لَغْوٌ مِنَ اللَّغْوِ، يُحسِنُهُ الأَطفَالُ أَوْ لَا يُحْسِنُونَهُ، وَلَكِنْ لَيْسَ العَيْبُ عَلَيهِم؛ العَيْبُ عَن مَنْ مَكَّنَهُم مِنْ أَسْمَاعِ عَوَامِّ المُسلِمِينَ يُلْقُونَ الشُّبُهَات، مِنْ أَجْلِ أَنْ تَنْدَفِقَ مَسْكُوبَةً كَالسُّمِّ القَاتِلِ إِلَى قُلُوبِهِم!!

فَيَنْبَغِي عَلَى كُلِّ مَنْ آتَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-وِلَايَةً أَنْ يَحْجُرَ عَلَى هَؤلَاءِ فِي كَلامِهِم وَشُبُهَاتِهِم، وَهُوَ أَهَمُّ أَيْ: هَذَا الحَجْرُ- مِنَ الحَجْرِ الصِّحيِّ لِلأَوْبِئَةِ الفَتَّاكَةِ؛ لِأَنَّ الأَوْبِئَةَ الفَتَّاكَةَ الَّتِي يُحْجَرُ عَلَى مَنْ حَمَلَ جَرَاثِيمَهَا إِنَّمَا تُصِيبُ الأَبْدَان، وَقَدْ تَصِيرُ هَذِهِ الأَرْوَاحُ الَّتِي تُصَابُ أَبْدَانُهَا إِلَى الجَنَّةِ؛ كَالمَطْعُونِ مَثَلًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الطَّاعُونَ إِذَا نَزَلَ بِمَكَانٍ؛ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ كَانَ فِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنهُ, وَعَلَى مَنْ كَانَ خَارِجَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ، وَهَذَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الحَجْرِ الصِّحِيِّ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِإِصَابَةِ بَدَنٍ، ثُمَّ يَصِيرُ مَنْ صَبَرَ إِلَى الجَنَّةِ وَنِعْمَ القَرَار، فَالمَطْعُونُ فِي الجَنَّةِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ.

فَكَيْفَ بِإِصَابَةِ القُلُوب؟!!

فَكَيْفَ بِإِصَابَةِ أُمُورِ الآخِرَةِ؟!!

فَكَيْفَ بِجَرِّ المُسْلِمِينَ بَلْ سَوْقِ المُسْلِمِينَ سَوْقًا إِلَى النَّارِ وَبِئسَ القَرَارِ؟!!

بِتَشْكِيكِهِمِ فِي مَوْرُوثِهِم، فِي عَقِيدَتِهِم الَّتِي تُبَدَّلُ جَهَارًا نَهَارًا!!

وَلَا يُمَكَّنُ أَحَدٌ, لَا المُؤسَّسَةُ الدِّينِيَّةُ الرَّسمِيَّةُ مِنْ أَنْ تَعْتَرِضَ اعْتِرَاضًا صَرِيحًا، لَا تُمَكَّن مِنْ أَنْ تَأْخُذَ عَلَى أَيْدِي هَؤلَاءِ بحُجَّةِ حُرِيَّةِ الرَّأْيِ!!

حُرِيَّةُ الرَّأيِ فِي مَا يَخُصُّهُم، أَمَّا فِي مَا يَخُصُّ المُسلِمِينَ المُؤمِنِينَ المُتَّقِينَ, وَيَخُصُّ عُلَمَائَهُم؛ فَإِنَّهُ لَا حُرِيَّةَ لِلرَّأْيِ حِينَئذٍ.

يَعْنِي إِذَا وَقَفَ نَائِبٌ تَحْتَ قُبَّةِ البَرْلَمَان؛ لِكَيْ يَقُولَ: إِنَّ أَدَبَ نَجِيب مَحفُوظ يَخدِشُ الحَيَاءَ؛ تَقُومُ الدُّنيَا وَلَا تَقْعُد!! وَأَمَّا إِذَا مَا ظَهَرَ رَجُلٌ فِي فَضَائِيَّةٍ مِنَ الفَضَائِيَّاتِ؛ يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ مَلَايِينُ المَلَايِينِ مِنَ البَشَرِ ثُمَّ يَطْعَنُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَارَةً بِالكَذِبِ, وَتَارَةً بِالفُجُورِ، وَتَارَةً بِالأَثَرَةِ وَحُبِّ الظُّهُورِ, إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُون، وَيَطْعَنُ فِي أَئِمَّتِنَا الَّذِينَ هُمْ السُّرُجُ المُنِيرَةُ بِاللَّيْلِ!! هَؤلَاءِ لَا كَرَامَةَ لَهُم، مَعَ أَنَّ خَدْشَ الحَيَاءِ لَا يُسَاوِي شَيئًا بِمُقَابِلِ الاتِّهَامِ بِالكَذِبِ وَالفُجُورِ وَهُوَ مُبَطَّنُ الكُفْرِ.

فَأَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟!!

هَذَا يَدْعُو إِلَى التَّطَرُّفِ, وَيَسُوقُ الشَّبَابَ سَوْقًا إِلَى التَّعبِيرِ عَمَّا لَا يَستَطِيعُونَ دَفْعَهُ بِأَلْسِنَتِهِم إِلَى التَّعبِيرِ بِدَفْعِهِ بِأَسْلِحَتِهِم وَأَيْدِيِهِم، وَهَذَا هُوَ مَكْمَنُ الخَطَرِ!!

وَهَؤلَاءِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي دِينِ اللَّهِ وَتُراثِ الأُمَّةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، هَؤلَاءِ هُمْ أَكْثَرُ الدَّاعِينَ إِلَى التَّطَرُّفِ والتكفير وَالإِرهَابِ، هَؤلَاءِ يَتَحَمَّلُونَ وِزْرَ الدِّمَاءِ -فَعَلَيْهِم مِنَ اللَّهِ مَا يَسْتَحِقِّونَهُ-.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  لا تتكلم فيما لا يعنيك
  ((الحلقة الثانية))((أعلام الإلحاد والقواسم المشتركة بينهم))
  إنما يطول الليل علي المستهين المستهتر
  اللعب بالعقائد سكب للنفط على النار
  هل كان موسى عليه السلام عميلًا لفرعون؟ هل كان الحسن البصري عميلًا للحجاج؟!
  أفضل أيام الدنيا أيام العشر فاجتهد في اقتناصها
  كلُّ حاكمٍ في دولة له أحكام الإمام الأعظم : يُبايع ويُسمع له ويُطاع
  الواحدُ منكم يحمل المكتبة الشاملة في يده، فماذا تعلمتم؟!! ، وبماذا عمِلتُم مما عَلِمتُم؟!!
  عيشوا الوحي المعصوم
  مات بسبب آية من كتاب الله سمعها!!
  يوم عرفة وفضل صيامه
  ليس هناك سلفية إخوانية!! ولا سلفية حركية!! ولا سلفية جهادية!!
  كان يُدافِع عن الله وعن الرسول وعن الدين، ثم صار يسب الله ويسب الرسول ويهاجم الدين!!
  الدِّفَاعُ بالبُرْهَانِ عَن الشَّيْخِ عَبْدِ الله رَسْلَان
  ((الحلقة الأُولَى)) ((الإلحاد وبداية نشأته))
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان