تفريغ مقطع : هل الاستمناء في نهار رمضان يفسد الصيام؟
قَالَ: ((أَوْ استَمْنَى -وَهُوَ يُعَدِّدُ مُفسِدَات الصَّوم-...
اسْتَمنَى يَعنِي: طَلَبَ خُرُوجَ المَنِيِّ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ؛ سَواءٌ بِيَدِهِ، أَوْ بِالتَّدَلُّكِ عَلَى الأَرضِ، أَوْ مَا أَشبَهَ ذَلِكَ حَتَّى أَنزَلَ، فِإِنَّ صَومَهُ يَفسُدُ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَا عَلَيهِ الأَئمَّةُ الأَربَعَةُ -رَحِمَهُم اللَّهُ تَعَالَى- مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَة، وَأَحمَد)).
أَنَّ مَنْ استَمْنَى بِأَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَ؛ فَإِنَّ صِيَامَهُ يَفْسُدُ.
وَأَبَى الظَّاهِرِيَّةُ ذَلِكَ وَقَالُوا: ((لَا فِطرَ بِالاستِمنَاءِ وَلَوْ أَمنَى، لِعَدَمِ الدَّلِيلَ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ يُفطِرُ بِذَلِك، فَإِنَّ أُصُولَ المُفَطِّرَاتِ ثَلَاثَة, وَلَيسَ هَذَا مِنهَا فَيَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ, وَلَا يُمكِنُ أَنْ نُفسِدَ عِبَادَةَ عِبَادِ اللَّهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-)).
هَذَا كَمَا تَرَى تَلخِيصُ القَولِ فِي هَذِهِ المَسأَلَةِ, وَالشَّيخُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ:
((عِنْدِي -وَاللَّهُ أَعلَمُ- أَنَّهُ يُمكِنُ أَنْ يُستَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُفَطِّرٌ –يَعنِي: الاستِمنَاء- مِن وَجهَين:
- الوَجهُ الأَوَّلُ: النَّصُّ
- وَالثَّانِي: القِيَاسُ, فَقَد جَاءَت السُّنَّةُ بِفِطرِ الصَّائمِ بِالاستِقَاءِ إِذَا قَاءَ، وَبِفِطرِ المُحتَجِمِ إِذَا احتَجَم وَخَرَجَ مِنهُ الدَّم، وَكِلَا هَذَين يُضعِفَانِ البَدَن, فَكَذَلِكَ الاستِمنَاء.
وَأَمَّا النَّصُّ: فَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ فِي الصَّائمِ: ((يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ مِنْ أَجلِي)) وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِن رِوَايَةِ أَبِي هُرَيرَةَ –رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ-.
وَالاستِمنَاءُ شَهوَة، وَخُرُوجُ المَنِيِّ شَهوَة، وَاللَّهُ –عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: ((يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ مِنْ أَجلِي))...
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ المَنِيَّ يُطلَقُ عَلَيهِ اسمُ شَهوَةٍ؛ قَولُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُم صَدَقَة))
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ أَجر؟
قَالَ: ((أَرَأَيتُم لَو وَضَعَهَا فِي الحَرَامِ أَكَانَ عَلَيهِ وِزر؟ كَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجر)).
أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهوَتَهُ...؟!
فَقَالَ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((أَرَأَيتُم لَو وَضَعَهَا فِي الحَرَامِ...)) فَالمَنِيُّ يُطلَقُ عَلَيهِ اسمُ الشَّهوَة
وَاللَّهُ –عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: ((يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهوَتَهُ مِنْ أَجلِي))
وَالذِي يُوضَعُ فِي قَولِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((أَرَأَيتُم لَو وَضَعَهَا فِي الحَرَامِ أَكَانَ عَلَيهِ وِزر؟ كَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجر)) الذِي يُوضَع هُوَ المَنِيُّ كَمَا هُوَ مَعلُومٌ.
وَهَذَا الحَدِيث ((وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُم صَدَقَة)), هَذَا الحَدِيث مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ –رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ- فِيمَا أَخرَجَهُ مُسلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).
وَالحَمدُ للَّهِ رَبِّ العَالمِينَ, وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.
التعليقات
مقاطع قد تعجبك