تفريغ مقطع : احذر ثم احذر هذه البدع الكبيرة!!

الآن أنت تحتاجُ إلى النظرِ في الكلمةِ الغريبةِ؛ فترجعُ إلى المراجعِ وإلى القواميس، فَتَجِدُ أنَّ للكلمةِ أكثرَ مِن معنى، ثمَّ تُرِيدُ أنْ تَعْرِفَ المعنى الذي ينطبقُ على السياقِ، ثم تعودُ إلى كلامِ أهلِ اللغةِ في مسألةِ الاستعمالِ والدلالةِ، وقد لا تَصِلُ إلى الصوابِ، وقد لا تعرفُ المُراد. 
وأمَّا الصحابةُ؛ فإنَّ اللهَ –تبارك وتعالى- نَجَّاهُم مِن هذا كُلِّهِ، كذلك عندما تنظرُ في الآياتِ وفي الأحاديثِ، لابدَّ أنْ تكونَ مُلِمًّا بطرفٍ مِمَّا يتعلقُ بأصولِ الفقهِ من العامِّ والخاص والمُطلق والمُقَيَّدِ، إلى غيرِ ذلك مِن تلك الدلالات، ثم تُعْمِل ذلك في النصِّ.
الصحابةُ لم يحتاجوا إلى شيءٍ من ذلك، ولذلك تجدُ هؤلاء الأصحاب لم يستشكلوا، عندما قال اللهُ –تبارك وتعالى- وسَمِعوا قولَهُ: {الرحمن على العرش} لم يقولوا كيف استوى، وهل يمكنُ أن يستويَ كاستواءِ المخلوقِ على المخلوق؟!! ولا نُقِلَ حرفٌ واحدٌ من أمثالِ هذه المُهاترات عن الصحابةِ –رضوان الله عليهم-، هم يعلمون المراد، يعلمون أنَّ الصفةَ على قَدْرِ الموصوف، يفهمونَ الإسناد، يعرفون الإسنادَ والمُسنَدَ إليه، ويعلمونَ أنَّ استواءَ الربِّ –تبارك وتعالى- على عرشِهِ هو استواءُ الربِّ –تَبَارَكَ وَتَعَالى- فهو صِفَتُهُ، وصفةُ الربِّ كذاتِهِ، وذاتُهُ ليس كمِثلِها ذات، فإذن استوائُهُ ليس كمِثلِهِ استواء، ولذلك لمَّا أخبرَهُم اللهُ –تبارك وتعالى- بما يذكرونَهُ به إذا استَوَوْا على ظهور الأنعام، وأخبرَهُم أنَّ السفينةَ استوت على الجُوديِّ؛ لم يستشكلوا، فاستواءُ السفينةِ ليس كاستواءِ الرجلِ على ظهرِ الدَّابة، فهذا استواءٌ وهذا استواء، ولكنَّ استواءَ السفينةِ كذاتِ السفينةِ، واستواءُ الإنسانِ كذاتِ الإنسان، فكذلك استواءُ الربِّ –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وسائرُ صفاتِهِ كذاتِهِ، وذاتُهُ ليس كمِثلِها ذات، فصفاتُهُ ليس كمِثلِها صفات.
فَنَفْهَمُ كلامَ اللهِ، وَنَفْهَمُ كلامُ رسولِهِ –صلى الله عليه وآله وسلم- حتى لا نتورطَ في البدعِ الاعتقاديةِ، ونحن نحسبُ أننا نُحسِنُ صُنعًا وقولًا، وحتى لا يُلِمَّ بالمرءِ إرجاء: 
فيقول: يمكنُ للإنسانِ أنْ يدخلَ الجنةَ وقد قال: لا إله إلَّا الله واعتقدَ بها قلبُهُ، ثم لم يلفظ بها ثانيةً وعاشَ ستينَ عامًا..خمسين عامًا..عاش ما عاش، لا يحول بينه وبين العملِ الصالحِ حائل، ومع ذلك تَرَكَ العملَ الصالحَ ظاهرًا وباطنًا ولفظًا، فَلَم يَأْتِ مِنْهُ عَمَلٌ صَالِحٌ قطُّ، ولم يعمل عملًا خيِّرًا قطُّ، وعاشَ ما عاش ثم مات فدخلَ الجنة!! وأين النصوص؟!! وأين الإجماع؟!!
والإجماعُ ليس عند المتأخرين، بَل مِن عند الصحابة كَمَا قال الشافعيُّ –رحمهُ الله- ومَن بَعْدَهُ من أهلِ العلم، فأين تذهب بهذا كلِّهِ؟!!
اجمع بين النصوص، لا تَستقلَّ بنصٍّ ثم تُؤسِّسُ عليه عقيدة، هذا لا يجوز، وإنما ننظرُ في سائرِ النصوصِ ويُجْمَعُ بين النصوص كَمَا مَرَّ وكما فعلَ العلماءُ –رحمةُ الله عليهم-، ثم ينبغي عليك أنْ تفهمَ بِفَهْمِ سلفِكَ كما قال ابنُ خُزيمة –رحمه الله-. 
يعني لماذا تفهم ((لم يعمل خيرًا قط)) بمعنى أنه لم يأت منه خيرٌ بمرة لا من ظاهرٍ ولا من باطن حتى مات على ذلك؟!! فتقول هي هذا وهذا هو معناها، عندك!! 
وأمَّا عند الذين يفهمون العربية فهمًا مستقيمًا، بل يتأملونَ في نصوصِ السُّنةِ التي ورد فيها هذه الجملة في سائرِ السياقاتِ كما مرَّ، حتى أولئك الذين يُخرَجونَ من النارِ لم يعملوا خيرًا قط مِمَّن لم يُشرك بالله شيئًا، سبحان الله! لقد قيلت الجملة في حقِّ من لم يُشرك بالله شيئًا، ثم إنهم يقولون لا إله إلا الله، ثم إنهم أيضًا يُعرفون بآثارِ السجود، ومع ذلك قيل في حَقِّهِم مِمَّن لا يعملُ خَيْرًا قط.
أسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يعفو عنا إنه على كل شيءٍ قدير.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  مقطع تاريخي : حول تعامل الإعلام مع أحداث البطرسية
  يوم عرفة وفضل صيامه
  طَعْنُ شَيْخِ الْحَدَّادِيَّةِ هِشَامٌ البِيَلِيّ فِي الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ
  الحرب على مصر حرب عقائدية فهل تخاض بالطعن في ثوابت الدين
  إياك أن تظلم
  تزكية فضيلة الشيخ العلامة رسلان -حفظه الله- لابنه عبد الله
  لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
  بين المنحرف عمرو خالد والإمام الألباني –رحمه الله-
  هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ صَكٌّ وَبَرَاءَةٌ أَنْ يَمُوتَ مُسْلِمًا؟!
  الحلقة الخامسة: تتمة بيان بعض أساليب الملحدين الماكرة
  العلماء منارات الهداية للناس
  هَلْ تَعْلَمُ أَنَّكُ إِنْ تَسَتَّرْتَ عَلَى مُجْرِمٍ خَارِجِيٍّ تَكْفِيرِيٍّ فَأَنْتَ ملعون؟
  رسالة الرسلان للذين يطعنون فيه....!
  تَعَاهَدُوا أَبْنَائَكم
  قصة تبلغيى تكفيرى مع الرسلان !
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان