ذِكْرُ اللهِ حَيَاة


ذِكْرُ اللهِ هُوَ عِمَارَةُ الْأَوْقَاتِ, وَبِهِ تَزُولُ الْهُمُومُ وَالْغُمُومُ وَالْكُدُورَاتُ, وَبِهِ تَحْصُلُ الْأَفرَاحُ وَالْمَسَرَّاتُ, وَهُوَ عِمَارَةُ الْقُلُوبِ الْمُقْفِرَاتِ, كَمَا أَنَّهُ غِرَاسُ الْجَنَّاتِ.

 

وَهُوَ مُوصِلٌ لِأَعْلَى الْمَقَامَاتِ, وَفِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا لَا يُحْصَى, وَمِنَ الْفَضَائِلِ مَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُسْتَقْصَى, قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} «الأحزاب: 41-42».

 

يَقُولُ الرَّسُولُ صلى الله هليه وسلم: {مَثَلُ الَّذِى يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِى لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ؛ مَثَلُ الْحَى وَالْمَيِّتِ}.

 

فَالْإِنْسَانُ الَّذِى يَذْكُرُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, وَيُدَاوِمُ عَلَى ذِكْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- حَيٌّ, حَى بِمَعْنَى الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ, وَأَمَّا الَّذِى لَا يَذْكُرُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ذِكْرًا كَثِيرًا, وَلَا يُقْبِلُ عَلَى ذِكْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَهُوَ مَيِّتٌ.

وَفِى رِوَايَةٍ: يَقُولُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: {مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِى يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ, وَالْبَيْتِ الَّذِى لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ؛ مَثَلُ الْحَى وَالْمَيِّتِ}.

 

إِذَا مَا كَانَ الْبَيْتُ مَوْصُولًا بِاللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ -عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ-: {إِنَّ الْبُيُوتَ الَّتِى فِيهَا الذِّكْرُ فِى الْأَرْضِ, وَإِنَّ مَسَاجِدَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَتَتَرَاءَى لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تَتَرَاءَى النُّجُومُ لَنَا أَهْلَ الْأَرْض}.

 

إِنَّ الْبُيُوتَ الَّتِى يُذْكَرُ فِيهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, وَيُتْلَى فِيهَا كِتَابُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ تَبْدُو لِأَهْلِ السَّمَوَاتِ مُنِيرَةً مُتَلَأْلِئَةً مُشْرِقَةً كَمَا تَبْدُو لَنَا النُّجُومُ فِى صَفْحَةِ السَّمَاءِ بِاللَّيْلِ.

فَالنَّبِى صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِأَنْ نُكْثِرَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, وَأَخْبَرَ أن السَّابِقِينَ هُمُ الْمُفَرِّدُونَ, هُمُ الذَّاكِرُونَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ.

 

قَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم: ((سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ)).

 

قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

 

قَالَ: ((الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)).

 

فَالَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ السَّبْقِ وَمِنْ أَهْلِ الِانْفِرَادِ؛ فَهُمْ أَثْبَاتٌ أَفْذَاذٌ لَا يُلْحَقُونَ وَلَا يُسْبَقُونَ, هَؤُلَاءِ الْمُفَرِّدُونَ السَّابِقُونَ؛ كَمَا قَالَ النَّبِى الْمَأْمُونُ صلى الله عليه وسلم: ((هُمُ الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ)).

وَالذِّكْرُ غَرْسُ الْجَنَّةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِى الجَنَّةِ)). أَخْرَجَهُ التِّرمِذِى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

 

نَسأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أن يَمُنَّ عَلَيْنَا بِذِكرِهِ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِنَا.

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مَعَانِي التَّضْحِيَةُ فِي دِينِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  أَفْضَلُ الصُّوَّامِ أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا للهِ
  أَوْلَى الْكِبَارِ بِالْبِرِّ الْوَالِدَانِ
  سُبُلُ الْحِفَاظِ عَلَى الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ
  أَيَّامُ الْعَشْرِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا
  عِيدُكُمْ السَّعِيدُ بِالتَّطَهُّرِ مِنَ الشِّرْكِ، وَالْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي
  آدَابُ النَّظَافَةِ
  وَرَعُ السَّلَفِ الشَّدِيدُ عَنْ أَكْلِ السُّحْتِ
  حُرْمَةُ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَأَدِلَّتُهَا
  أُمَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
  كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ ﷺ دِيمَةً
  أَهْدَافُ الْحَجِّ
  مَبْنَى حَرَكَةِ حَيَاةِ الْمُسْلِمِ عَلَى نِظَامٍ مُحْكَمٍ
  حَضَّ الْإِسْلَامُ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَنَبَذَ الْكَرَاهِيَةَ
  نَهْيُ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الْعُنْفِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَذِيَّتِهِمْ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان