((مَعَانٍ عَظِيمَةٌ لِلْوَطَنِ))
فَـ(الْوَطَنُ) كَلِمَةٌ صَغِيرَةٌ وَاحِدَةٌ؛ وَلَكِنَّ مَعْنَاهَا عَظِيمٌ جَلِيلٌ، فَهُوَ التُّرْبَةُ الَّتِي مِنْهَا خَرَجْنَا، وَعَلَيْهَا دَرَجْنَا، وَفِيهَا حَيَاتُنَا، وَإِلَيْهَا مَرْجِعُنَا وَمَآبُنَا.
وَهَلْ كَانَ الْوَطَنُ إِلَّا أَنْتَ، وَتِلْكَ الْعِظَامَ الَّتِي اخْتَلَطَتْ بِأَرْضِهِ مِنْ عِظَامِ آبَائِكَ وَأَجْدَادِكَ مِنَ الْقِدَمِ؟!!
فَأَنْتَ بَعْضُ الْوَطَنِ، وَالْوَطَنُ كُلُّكَ؛ فِي حِيَاتِهِ حَيَاتُكَ وَلَوْ مُتَّ، وَفِي مَوْتِهِ مَوْتُكَ وَلَوْ حَيِيتَ.
وَلَا تَحْسَبَنَّ حَيَاتَكَ هِيَ تِلْكَ الْأَيَّامَ الْقَصِيرَةَ الَّتِي تَقْضِيهَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ، وَتَلْهُو وَتَلْعَبُ؛ إِنَّمَا حَيَاتُكَ أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ، هِيَ ذِكْرَى الْمَاضِي، وَعِظَةُ الْحَاضِرِ، وَأَمَلُ الْمُسْتَقْبَلِ، هِيَ كُلُّ هَذَا، وَكُلُّ هَذَا هُوَ الْوَطَنُ.
الْوَطَنُ هُوَّ الْأَرْضُ الَّتِي طَوَيْنَا فِيهَا ثَوْبَ طُفُولَتِنَا الْمَرِحَةِ، وَلَا نَزَالُ نَطْوِي فِيهَا رِدَاءَ شَبَابِنَا وَشَيْخُوخَتِنَا، وَالَّتِي نَشَأْنَا فِيهَا وَأَحْبَبْنَاهَا وَفَضَّلْنَاهَا -بِحُكْمِ الطَّبْعِ وَاللُّغَةِ وَالنَّشْأَةِ- عَلَى كُلِّ بَلَدٍ سِوَاهَا.
هَذِهِ هِيَ فِطْرَةُ الْإِنْسَانِ، وَتِلْكَ هِيَ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ.
المصدر:دَرَجَاتُ الْعَطَاءِ وَمَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ