التَّحْذِيرُ مِنْ خُطَّةِ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ الْقُطْبِيَّةِ الْإِخْوَانِيَّةِ


((التَّحْذِيرُ مِنْ خُطَّةِ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ الْقُطْبِيَّةِ الْإِخْوَانِيَّةِ))

عِبَادَ اللهِ! مَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ صَاحِبِ عَقِيدَةٍ يَحْرِصُ عَلَى بَثِّهَا، وَالْإِعْلَانِ بِهَا، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْإِجَابَةُ بِـ«لَا»، فَمَا حُكْمُ قَتْلِ الْأَبْرِيَاءِ، وَمَا السِّرُّ فِي إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ؟!!

خُطَّةُ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَمَا وَضَعَهَا سَيِّدُ قُطْبٍ، قَالَ: ((كَمَا تَقَدَّمَ كُنَّا قَدِ اتَّفَقْنَا عَلَى عَدَمِ اسْتِخْدَامِ الْقُوَّةِ لِقَلْبِ نِظَامِ الْحُكْمِ، وَفَرْضِ النِّظَامِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ أَعْلَى، وَاتَّفَقْنَا فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ عَلَى مَبْدَأِ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَنْهَجُهَا إِذَا وَقَعَ الِاعْتِدَاءُ عَلَيْهَا بِالْقُوَّةِ، وَكَانَ أَمَامَنَا الْمَبْدَأُ الَّذِي يُقَرِّرُهُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ-: {فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].

وَكَانَ الِاعْتِدَاءُ قَدْ وَقَعَ عَلَيْنَا بِالْفِعْلِ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ؛ بِالِاعْتِقَالِ وَالتَّعْذِيبِ، وَإِهْدَارِ كُلِّ كَرَامَةٍ آدَمِيَّةٍ فِي أَثْنَاءِ التَّعْذِيبِ، ثُمَّ بِالْقَتْلِ، وَتَخْرِيبِ الْبُيُوتِ، وَتَشْرِيدِ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ.

وَلَكِنَّنَا كُنَّا قَرَّرْنَا أَنَّ هَذَا الْمَاضِيَ قَدِ انْتَهَى أَمْرُهُ، فَلَا تَفَكُّرَ فِي رَدِّ الِاعْتِدَاءِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْنَا فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ الِاعْتِدَاءِ عَلَيْنَا الْآنَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقَرَّرَ الرَّدُّ عَلَيْهِ إِذَا وَقَعَ، وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ لَمْ نَكُنْ نَمْلُكُ أَنْ نَرُدَّ بِالْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ ذَاتَهُ لَا يُبِيحُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُعَذِّبَ أَحَدًا، وَلَا أَنْ يُهْدِرَ كَرَامَةَ الْآدَمِيِّ، وَلَا أَنْ يَتْرُكَ أَطْفَالَهُ وَنِسَاءَهُلِلْجُوعِ، وَحَتَّى الَّذِينَ تُقَامُ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ فِي الْإِسْلَامِ وَيَمُوتُونَ تَتَكَفَّلُ الدَّوْلَةُ بِنِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِينَا مِنْ وَسَائِلِ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ الَّتِي يُبِيحُهَا لَنَا دِينُنَا إِلَّا الْقِتَالَ وَالْقَتْلَ!!

أَوَّلًا: لِرَدِّ الِاعْتِدَاءِ حَتَّى لَا يُصْبِحَ الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَأَهْلِهَا سَهْلًا يُزَاوِلُهُ الْمُعْتَدُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ.

وَثَانِيًا: لِمُحَاوَلَةِ إِنْقَاذِ وَإِفْلَاتِ أَكْبَرِ عَدَدٍ مُمْكِنٍ مِنَ الشَّبَابِ الْمُسْلِمِ النَّظِيفِ الْمُتَمَاسِكِ الْأَخْلَاقِ فِي جِيلٍ كُلُّهُ إِبَاحِيَّةٌ، وَكُلُّهُ انْحِلَالٌ، وَكُلُّهُ انْحِرَافٌ فِي التَّعَامُلِ وَالسُّلُوكِ، كَمَا هُوَ دَائِرٌ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَشَائِعٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَلَامٍ.

لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ مُجْتَمِعَةً فَكَّرْنَا فِي خُطَّةٍ وَوَسِيلَةٍ تَرُدُّ الِاعْتِدَاءَ.

وَالَّذِي قُلْتُهُ لَهُمْ -يَعْنِي لِأَفْرَادِ التَّنْظِيمِ الَّذِي أَنْشَأَهُ- لِيُفَكِّرُوا فِي الْخُطَّةِ وَالْوَسِيلَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ سَيَقُومُونَ بِهَا بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ إِمْكَانِيَّاتٍ لَا أَمْلِكُ أَنَا مَعْرِفَتَهَا بِالضَّبْطِ وَلَا تَحْدِيدَهَا، الَّذِي قُلْتُهُ لَهُمْ أَنَّنَا إِذَا قُمْنَا بِرَدِّ الِاعْتِدَاءِ عِنْدَ وُقُوعِهِ؛ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي ضَرْبَةٍ رَادِعَةٍ تُوقِفُ الِاعْتِدَاءَ، وَتَكْفُلُ سَلَامَةَ أَكْبَرِ عَدَدٍ مِنَ الشَّبَابِ الْمُسْلِمِ.

وَوَفْقًا لِهَذَا جَاءُوا فِي اللِّقَاءِ التَّالِي وَمَعَ أَحْمَدَ عَبْدِ الْمَجِيدِ قَائِمَةٌ بِاقْتِرَاحَاتٍ تَتَنَاوَلُ الْأَعْمَالَ الَّتِي تَكْفِي لِشَلِّ الْجِهَازِ الْحُكُومِيِّ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِخْوَانِ فِي حَالَةِ مَا إِذَا وَقَعَ الِاعْتِدَاءُ عَلَيْهِمْ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَرَّاتِ السَّابِقَةِ، لِأَيِّ سَبَبٍ، إِمَّا بِتَدْبِيرِ حَادِثٍ كَحَادِثِ الْمَنْشِيَّةِ الَّذِي كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْإِخْوَانَ لَمْ يُدَبِّرُوهُ، أَوْ مَذْبَحَةِ طُرَةَ الَّتِي كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا دُبِّرَتْ لِلْإِخْوَانِ تَدْبِيرًا، أَوْ لِأَيِّ أَسْبَابٍ أُخْرَى تَجْهَلُهَا الدَّوْلَةُ أَوْ تُدَسُّ عَلَيْهَا وَتَجِيءُ نَتِيجَةَ مُؤَامَرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مَحَلِّيَّةٍ.

وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ هِيَ الرَّدُّ فَوْرَ وُقُوعِ اعْتِقَالَاتٍ لِأَعْضَاءِ التَّنْظِيمِ، بِإِزَالَةِ رُؤُوسٍ فِي مُقَدِّمَتِهَا رَئِيسُ الْجُمْهُورِيَّةِ، وَرَئِيسُ الْوِزَارَةِ، وَمُدِيرُ مَكْتَبِ الْمُشِيرِ، وَمُدِيرُ الْمُخَابَرَاتِ، وَمُدِيرُ الْبُولِيسِ الْحَرْبِيِّ!!

ثُمَّ بِنَسْفٍ لِبَعْضِ الْمُنْشَآتِ الَّتِي تَشُلُّ حَرَكَةَ مُوَصِّلَاتِ الْقَاهِرَةِ؛ لِضَمَانِ عَدَمِ تَتَبُّعِ بَقِيَّةِ الْإِخْوَانِ فِيهَا وَفِي خَارِجِهَا، كَمَحَطَّةِ الْكَهْرُبَاءِ، وَالْكَبَارِي!!

وَقَدِ اسْتَبْعَدْتُ فِيمَا بَعْدُ نَسْفَ الْكَبَارِي كَمَا سَيَجِيءُ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذَا إِذَا أَمْكَنَ سَيَكُونُ كَفِيلًا كَضَرْبَةٍ رَادِعَةٍ وَرَدٍّ عَلَى الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحَرَكَةِ، وَهُوَ الِاعْتِدَاءُ الَّذِي يَتَمَثَّلُ فِي الِاعْتِقَالِ وَالتَّعْذِيبِ وَالْقَتْلِ وَالتَّشْرِيدِ، كَمَا حَدَثَ مِنْ قَبْلُ، وَلَكِنْ مَا هِيَ الْإِمْكَانِيَّاتُ الْعَمَلِيَّةُ عِنْدَكُمْ لِلتَّنْفِيذِ؟

قَالَ: وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَدَيْهِمُ الْإِمْكَانِيَّاتُ اللَّازِمَةُ)).

كَانَ هَذَا قَدِيمًا فِي مُنْتَصَفِ السِّتِّينِيَّاتِ، فَلَعَلَّ الْإِمْكَانِيَّاتُ قَدْ تَوَفَّرَتِ الْآنَ وَصَارَتْ بَيْنَ الْأَيْدِي؟!!

قَالَ: ((إِنَّ بَعْضَ الشَّخْصِيَّاتِ كَرَئِيسِ الْجُمْهُورِيَّةِ وَرَئِيسِ الْوِزَارَةِ، وَرُبَّمَا غَيْرُ هَذَيْنِ عَلَيْهِمْ حِرَاسَةٌ قَوِيَّةٌ لَا تَجْعَلُ التَّنْفِيذَ مُمْكِنًا، فَضْلًا عَنْ أَنَّ مَا لَدَيْهِمْ مِنَ الرِّجَالِ المُدَرَّبِينَ وَالْأَسْلِحَةِ اللَّازِمَةِ غَيْرَ كَافٍ لِمِثْلِ هَذِهِ الْعَمَلِيَّاتِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ اتُّفِقَ عَلَى الْإِسْرَاعِ فِي التَّدْرِيبِ، بَعْدَمَا كُنْتُ مِنْ قَبْلُ أَرَى تَأْجِيلَهُ وَلَا أَتَحَمَّسُ لَهُ، بِاعْتِبَارِهِ الْخُطْوَةَ الْأَخِيرَةَ فِي خَطِّ الْحَرَكَةِ وَلَيْسَ الْخُطْوَةَ الْأُولَى، ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ نُذُرٌ مُتَعَدِّدَةٌ تُوحِي بِأَنَّ هُنَاكَ ضَرْبَةً لِلْإِخْوَانِ مُتَوَقَّعَةً، وَالضَّرْبَةُ كَمَا جَرَّبْنَاهَا مَعْنَاهَا التَّعْذِيبُ وَالْقَتْلُ وَخَرَابُ الْبُيُوتِ، وَتَشَرُّدُ الْأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ)).

ثُمَّ ذَكَرَ تَدْمِيرَ الْقَنَاطِرِ الْخَيْرِيَّةِ الْجَدِيدَةِ، وَكَذَا ذَكَرَ تَدْمِيرَ بَعْضِ الْجُسُورِ وَالْكَبَارِي كَعَمَلِيَّةِ تَعْوِيقٍ.

وَكَذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَصِّلَاتِ، مَعَ قَطْعِ الطُّرُقِ بِوَسَائِلَ غَيْرِ مَعْهُودَةٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ لِشَلِّ مَفَاصِلِ الْبَلَدِ، وَشَلِّ مَفَاصِلِ الْجِهَازِ الْحُكُومِيِّ.

قَالَ: ((وَلَكِنِّي اسْتَبْعَدْتُ ذَلِكَ.

قَالَ: وَكَانَ حَدِيثِي مَعَهُمْ عَنْ أَهْدَافِ الصُّهْيُونِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ مِنْ تَدْمِيرِ الْمَنْطِقَةِ:

أَوَّلًا: مِنْ نَاحِيَةِ الْعُنْصُرِ الْبَشَرِيِّ، بِإِشَاعَةِ الِانْحِلَالِ الْعَقِيدِيِّ وَالْأَخْلَاقِيِّ.

ثَانِيًا: مِنْ نَاحِيَةِ تَدْمِيرِ الِاقْتِصَادِ.

وَأَخِيرًا: بِالتَّدْمِيرِ الْعَسْكَرِيِّ))؛ بِتَدْمِيرِ الْجَيْشِ، وَتَفْكِيكِهِ، وَهِيَ خُطَّةٌ أَمْرِيكِيَّةٌ مَعْلُومَةٌ الْآنَ لِكُلِّ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ طَمَسَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَيْنَ بَصِيرَتِهِ، فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ تَحْوِيلَ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ إِلَى جَيْشٍ مُقَاوِمٍ لِلْإِرْهَابِ، لَا يَعْدُو ذَلِكَ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ، فَلَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى صَدِّ اعْتِدَاءٍ، وَلَا عَلَى بَدْءِ هُجُومٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ -فَقَطْ- مِنْ أَجْلِ مُحَارَبَةِ التَّطَرُّفِ؛ مِنْ أَجْلِ مُكَافَحَةِ الْإِرْهَابِ، الَّذِي يُشِيعُونَهُ فِي هَذَا الْقُطْرِ الْآمِنِ، ثُمَّ يُحَوِّلُونَ الْجَيْشَ إِلَى مُحَارِبٍ لِذَلِكَ الْإِرْهَابِ حَتَّى يَتَفَكَّكَ، وَحَتَّى يَحْدُثَ فِيهِ مَا يَحْدُثُ مِنَ التَّمَزُّقِ، ثُمَّ مَاذَا بَعْدُ؟!!

ثُمَّ تَأْتِي الْهَيْمَنَةُ الصُّهْيُوصَلِيبِيَّةُ عَلَى الْمَنْطَقَةِ كُلِّهَا لِتَحْقِيقِ الْحُلْمِ الْمَنْشُودِ.

قَالَ: ((قَالَ الْأَخُ عَلِيُّ عَشْمَاوِيٍّ: أَلَا يُخْشَى أَنْ نَكُونَ فِي حَالَةِ تَدْمِيرِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ وَالْكَبَارِي مُسَاعِدِينَ عَلَى تَنْفِيذِ الْمُخَطَّطَاتِ الصُّهْيُونِيَّةِ مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي وَلَا نُرِيدُ؟!!

قَالَ: وَنَبَّهَتْنَا هَذِهِ الْمُلَاحَظَةُ إِلَى خُطُورَةِ الْعَمَلِيَّةِ، فَقَرَّرْنَا اسْتِبْعَادَهَا، وَالِاكْتِفَاءَ بِأَقَلِّ قَدْرٍ مُمْكِنٍ مِنْ تَدْمِيرِ الْمُنْشَآتِ فِي الْقَاهِرَةِ؛ لِشَلِّ حَرَكَةِ الْأَجْهِزَةِ الْحُكُومِيَّةِ عَنِ الْمُتَابَعَةِ؛ إِذْ إِنَّ هَذَا وَحْدَهُ هُوَ الْهَدَفُ مِنَ الْخُطَّةِ.

وَلَكِنَّ الْأَمْرَ فِي هَذَا كُلِّهِ سَوَاءً فِي الْقَضَاءِ عَلَى أَشْخَاصٍ أَوْ مُنْشَآتٍ)).

لَمْ يَتَعَدَّ التَّذْكِيرَ النَّظِيرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَكِنَّهُ يَتَعَدَّاهُ فِي أَوْقَاتٍ أُخْرَى!!

فَمِنْ هَذَا كُلِّهِ تَعْلَمُ حَقِيقَةَ مَا يَدُورُ، وَمِنْ هَذَا كُلِّهِ وَمِنَ التَّأَمُّلِ الْوَاعِي فِي خُطَّةِ رَدِّ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَعَ اعْتِبَارِ مَا وَقَعَ اعْتِدَاءً صَارِخًا وَانْتِهَاكًا حَقِيقِيًّا لِهَذِهِ الْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، يُبِيحُ لِلْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَنْ تَسْتَخْدِمَ جَمِيعَ الْوَسَائِلِ مِنْ مَشْرُوعٍ وَغَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَالْحَصِيلَةُ النِّهَائِيَّةُ فَوْضَى عَارِمَةٌ، وَتَفَكُّكٌ لِأَوَاصِرِ الدَّوْلَةِ حَتَّى تَنْهَارَ الدَّوْلَةُ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ.

فَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ الْأُمُورِ إِلَى أُصُولِهَا، وَأَنْتَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَفْهَمَ ظَاهِرَةً فَلْتَعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَةَ لَا تَكُونُ ظَاهِرَةً تُبْصِرُهَا الْأَعْيُنُ، وَتَلْمَسُهَا الْأَيْدِي، وَتُحِسُّهَا الْأَنْفُسُ بِيَقِينٍ إِلَّا بَعْدَ أَزْمِنَةٍ مُتَفَاوِتَةٍ، تَطُولُ وَتَقْصُرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَةَ إِنَّمَا تَبْدَأُ عَلَى اسْتِحْيَاءٍ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَيْثُ لَا تُرَى، فَإِذَا مَا ظَهَرَتْ فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ جُذُورَهَا فِي الْأَرْضِ قَدْ ضَرَبَتْ وَتَغَلْغَلَتْ وَبَعُدَتْ، فَحِينَئِذٍ تَبْدُو لَكَ الظَّاهِرَةُ، فَإِذَا مَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا مَا يَبْدُو لَكَ فَقَدْ أَخْطَأْتَ الْخَطَأَ الْفَادِحَ الْقَاتِلَ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ.

أَلَا إِنَّ مَا يَحْدُثُ هُوَ كَكُرَةِ الثَّلْجِ الْمُتَدَحْرِجَةِ؛ فَإِنَّهَا تَمْضِي فِي طَرِيقِهَا تَزْدَادُ كُتْلَةً وَحَجْمًا، حَتَّى تَقَرَّ عَلَى قَرَارِهَا الْهَابِطِ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ، وَإِذَا لَمْ يُتَدَارَكْ هَذَا الْأَمْرُ مَعَ تَقْوَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ مِنْ أَوْخَمِ مَا يَكُونُ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُسَلِّمَ بِلَادَنَا وَجَمِيعَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

المصدر:مَفْهُومُ الشَّهَادَةِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالِادِّعَاءِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  قِبْلَةُ المُسْلِمِينَ خَيْرُ القِبَلِ وَعِظَمُ شَرَفِ مَكَّةَ
  ​((الدَّرْسُ السَّابِعُ: دَعْوَةُ الْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا إِلَى التَّوْحِيدِ))
  جُمْلَةٌ مِنْ عَلَامَاتِ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ
  الدرس الرابع : «التَّسَامُحُ»
  اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- لَكَ كَمَا تَكُونُ أَنْتَ لَهُ وَلِعِبَادِهِ
  تَرْغِيبُ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ
  زِيَادَةُ الْإِيمَانِ مِنْ ثَمَرَاتِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ
  جُمْلَةٌ مِنْ سُنَنِ الْعِيدِ
  حَثُّ اللهِ وَرَسُولِهِ عَلَى العَمَلِ، وَالْبِنَاءِ، وَتَعْمِيرِ الْأَرْضِ
  مَوْتُ الْمُسْلِمِ دِفَاعًا عَنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ عَلَامَاتِ حُسْنِ الْخِتَامِ
  الْأَوْلَادُ زِينَةٌ وَابْتِلَاءٌ وَاخْتِبَارٌ!!
  احْذَرُوا أَنْ تُؤْتَوْا مِنْ ثُغْرِ الْعُقُوقِ!!
  اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الرَّضَاعَةُ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الِالْتِزَامُ بِسُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ وِلَادَتِهِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان