تَجْرِيمُ الْأَعْمَالِ الْإِرْهَابِيَّةِ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ


((تَجْرِيمُ الْأَعْمَالِ الْإِرْهَابِيَّةِ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ))

الشَّرْعُ وَالعَقْلُ وَالفِطْرَةُ؛ كُلُّ ذَلِكَ رَافِضٌ لِلْأَعْمَالِ الإِجْرَامِيَّةِ؛ رَافِضٌ لِلتَّدْمِيرِ وَلِلتَّفْجِيرِ وَلِلتَّخْرِيبِ وَلِإِشَاعَةِ الفَوْضَى فِي البِلَادِ.

* فَالنُّصُوصُ القُرْآنِيَّةُ وَالنُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ:دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ احْتِرَامِ المُسْلِمِينَ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ المُسْلِمِينَ عَهْدٌ وَأَمَانٌ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ بَيْنَهُمْ؛ فَأَمْوَالُهُم مُحَرَّمَةٌ، وَدِمَاؤُهُمْ كَذَلِكَ وَأَعْرَاضُهُمْ.

احْتِرَامُ هَؤُلَاءِ المُعَاهَدِينَ وَالمُسْتَأْمَنِينَ مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ دَلَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الدِّينِ الإِسْلَامِيِّ العَظِيمِ، وَهُوَ مِنَ الوَفَاءِ بِالعَهْدِ: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].

* وَأَمَّا العَقْلُ:فَقَدْ دَلَّ عَلَى رَفْضِ وَمَقْتِ الأَعْمَالِ الإِجْرَامِيَّةِ؛ لِأَنَّ العَاقِلَ لَنْ يَتَصَرَّفَ أَبَدًا فِي شَيْءٍ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ سُوءَ النَّتِيجَةِ وَالعَاقِبَةِ، يَعْلَمُ الإِنْسَانُ العَاقِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مُبَاحٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ مَا نَتِيجَتُهُ، وَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُحَرَّمًا؟!!

* وَأَمَّا مُخَالَفَتُهَا لِلفِطْرَةِ:فَإِنَّ كُلَّ ذِي فِطْرَةٍ سَلِيمَةٍ يَكْرَهُ العُدْوَانَ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَرَاهُ مِنَ المُنْكَرِ.

مَا ذَنْبُ المُصَابِينَ فِي الْحَوَادِثِ الْإِرْهَابِيَّةِ؟!!

مَا ذَنْبُ الآمِنِينَ؟!!

مَا ذَنْبُ المُصَابِينَ مِنَ المُعَاهَدِينَ وَالمُسْتَأْمَنِينَ وَغَيْرِهِمْ؟!!

مَا ذَنْبُ الأَطْفَالِ؟!!

مَا ذَنْبُ الأَشْيَاخِ؟!!

مَا ذَنْبُ العَجَائِزِ؟!!

لِمَاذَا يَقْتُلُونَ النِّسَاءَ، وَيَقْتُلُونَ الصِّبْيَانَ، وَيَقْتُلُونَ المَرْضَى وَالشُّيُوخَ؟!!

لِمَاذَا يُدَّمِّرُونَ وَيُخَرِّبُونَ، وَيَعِيثُونَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا؟!!

كُلُّ هَذَا لَا يَجُوزُ فِي حَالِ الحَرْبِ وَالقِتَالِ، فَكَيْفَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الحَالِ؟!!

النبيُّ ﷺ بُعِثَ بِدِينِ السَّلَامِ، بِدِينِ الرَّحْمَةِ، بِالدِّينِ العَظِيمِ الَّذِي يُؤَلِّفُ وَيُجَمِّعُ، وَلَا يُنَفِّرُ وَلَا يُفَرِّقُ، هُوَ دِينُ الحَقِّ دِينُ اللهِ، فَإِذَا مَا جَعَلَهُ أَبْنَاؤُهُ بِهَذِهِ المَثَابَةِ؛ فَإِلَى اللهِ المُشْتَكَى، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلُ.

إِنَّ هَذَا الدِّينَ العَظِيمَ لَمْ يُبِحْ لِأَحَدٍ قَطُّ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى أَحَدٍ وَلَوْ فِي مِثْقَالِ ذَرَّةٍ، فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يُوَفَّ حَقَّهُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّمَا هُوَ القِصَاصُ فِي الآخِرَةِ؛ لِأَنَّ اللهَ -تَعَالَى- يَبْعَثُ الخَلَائِقَ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَقْضِي بَيْنَهَا؛ كَمَا قَالَ اللهُ -تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي خِطَابِهِ، يَبْعَثُ اللهُ -تَعَالَى- الخَلَائِقَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَقْضِي رَبُّنَا بَيْنَهَا بِالحَقِّ وَالعَدْلِ وَالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ.

حَتَّى لَيَفْصِلَ رَبُّكَ بَيْنَ الشَّاةِ الجَلْحَاءِ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا وَالشَّاةِ القَرْنَاءِ الَّتِي لَهَا قَرْنٌ، فَنَطَحَتْ بِهِ ضَرْبًا الجَلْحَاءَ، وَلَمْ يُقْتَدْ وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهَا هَاهُنَا، يَقْتَصُّ اللهُ -تَعَالَى- لَهَا، يَقْتَصُّ مِنَ القَرْنَاءِ لِلجَلْحَاءِ؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَالحَدِيثُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي «الصَّحِيحِ»؛ فيُنشئُ للجَلْحَاءِ قَرْنَيْنِ، فَتَضْرِبُ الأُخْرَى كَمَا ضَرَبَتْهَا، ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا.

إِنَّهُ العَدْلُ الَّذِي لَا عَدْلَ فَوْقَهُ.

إِنَّهُ الحَقُّ الَّذِي لَا حَقَّ بَعْدَهُ.

وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ دِينًا أَهَانَهُ أَهْلُهُ، وَظَلَمَهُ أَبْنَاؤُهُ كَالإِسْلَامِ العَظِيمِ، فَمَا أَكْثَرَ مَا شَوَّهَهُ بَعْضُ مَنِ انْتَمَى إِلَيْهِ وَانْتَسَبَ إِلَيْهِ ظُلْمًا وَزُورًا وَبُهْتَانًا.

لَا يُعْلَمُ دِينٌ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَرَّطَ فِيهِ أَقْوَامٌ مِمَّنْ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ كَهَذَا الدِّينِ العَظِيمِ، كَأَنَّمَا يَسْعَوْنَ جَاهِدِينَ لِتَشْوِيهِ الدِّينِ العَظِيمِ، الَّذِي رَضِيَهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ لِخَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ، يُشَوِّهُونَهُ فِي أَعْيُنِ المُسْلِمِينَ الجَاهِلِينَ، وَغَيْرِ المُسْلِمِينَ.

إِنَّ اللهَ رَفَعَ عَنْ أُمَّةِ الإِسْلَامِ العَنَتَ وَالحَرَجَ، وَإِنَّ نُصْرَةَ دِينِ اللهِ -تَعَالَى- وَإِعْزَازَ شَرِيعَتِهِ؛ لَا تَكُونُ بِبَثِّ الخَوْفِ وَالرُّعْبِ أَوِ الإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ، وَلَا تَكُونُ بِإِلْقَاءِ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا تَكُونُ بِالتَّضْحِيَةِ بِالنَّفْسِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ، فَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا جَاءَ بِهِ دِينُ الإِسْلَامِ الحَنِيفِ، وَإِنَّمَا جَاءَ الإِسْلَامُ لِيَحْمِيَ لِلنَّاسِ ضَرُورَاتِهِمْ، وَيَعْمَلَ عَلَى حِفْظِهَا، وَيَنْشُرَ الأَمْنَ وَالعَدْلَ وَالسَّعَادَةَ وَالسَّلَامَ فِي صُفُوفِ مُجْتَمَعَاتِهِ.

المصدر:مَفْهُومُ الشَّهَادَةِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالِادِّعَاءِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ وَرِسَالَةٌ إِلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللهِ
  حِيَاطَةُ الشَّرْعِ لِلْعَقْلِ
  مِنْ سُبُلِ الْقَضَاءِ عَلَى إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: الْعِلَاجُ بِالْوَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ وَالطِّبِّيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ
  الْأَمَلُ وَأَسْرَارُهُ اللَّطِيفَةُ
  بِنَاءُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِالْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ
  الْعِيدُ وَاجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَنَبْذُ الْخِلَافَاتِ
  الدرس الرابع : «التَّسَامُحُ»
  عَوَامِلُ قُوَّةِ بِنَاءِ الدُّوَلِ فِي نَصَائِحَ جَامِعَةٍ لِلنَّبِيِّ ﷺ​
  فَهْمُ مَقَاصِدِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ
  الدَّرْسُ الثَّالِثُ ((دُرُوسُ التَّوْحِيدِ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ))
  مِنَ الثَّمَرَاتِ الْعَظِيمَةِ لِلزَّكَاةِ: تَحْقِيقُ التَّكَافُلِ وَالتَّوَازُنِ الْمُجْتَمَعِيِّ
  مُوجِبَاتُ الْعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ فِي رَمَضَانَ
  مِنْ مَعَالِمِ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: الْإِحْسَانُ وَالرَّحْمَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ
  الْمَعْنَى الْحَقُّ لِاسْتِفْتَاءِ الْقَلْبِ
  حَادِثَةُ الْإِفْكِ أَخْطَرُ شَائِعَةٍ فِي تَارِيخِ الْإِسْلَامِ
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان