تفريغ مقطع : زكاة الفطر حكمها وحكمتها وجنسها ومقدارها ووقت وجوبها ومكان دفعها

فَقَد شَرَعَ اللهُ تَعَالَى لَنَا فِي خِتَامِ شَهرِنَا هَذَا أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ الفِطرِ قَبل صَلَاةِ العِيد 
*
فَأَمَّا حُكمُهَا:
فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ- عَلَى المُسلِمِينَ, وَمَا فَرَضَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَوْ أَمَرَ بِهِ فَلَهُ حُكمُ مَا فَرَضَهُ اللهُ تَعَالَى أَوْ أَمَرَ بِهِ
قَالَ تَعَالَى: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].
وِقَالَ تَعَالَى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
وِقَالَ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].
وَزَكَاةُ الفِطرِ فَرِيضَةٌ عَلَى الكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ, وَالذَّكَرِ وَالأُنثَى, وَالحُرِّ وَالعَبدِ مِنَ المُسلِمِينَ.
قَالَ عَبدُ اللهِ بنِ عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- : ((فَرَضَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ صَاعًا مِن تَمرٍ أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ عَلَى العَبدِ وَالحُرِّ, وَالذَّكَرِ وَالأُنثَى, وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنْ المُسلِمِين)) وَالحَدِيثُ فِي ((الصَّحِيحَين)).
وَلَا تَجِبُ عَن الحَملِ الذِي فِي البَطنِ إِلَّا أَنْ يُتَطَوَّعَ بِهَا عَنهُ, فَلَا بَأس؛ فَقَد كَانَ أَميرُ المُؤمِنِينَ عُثمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- يُخرِجُهَا عَنِ الحَملِ.
وَيَجِبُ إِخرَاجُهَا عَن نَفسِهِ, وَعَن مَن تَلزَمُهُ مَؤُونَتَهُم مِن زَوجَةٍ, أَوْ قَرِيبٍ إِذَا لَمْ يَستَطِيعُوا إِخرَاجَهَا عَن أَنفُسِهِم, فَإنْ استَطَاعُوا فَالأَولَى أَنْ يُخرِجُوهَا عَن أَنفُسِهِم لِأَنَّهُم المُخَاطَبُونَ بِهَا أَصلًا.
وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَن وَجَدَهَا فَاضِلَةً زَائدَةً عَمَّا يَحتَاجُهُ مِن نَفَقَةِ يَومِ العِيدِ وَلَيلَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِد إِلَّا أَقَلَّ مِن صَاعٍ أَخرَجَهُ؛ لِقَولِهِ تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}, وَلِقَولِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-: ((إِذَا أَمَرتُكُم بِأَمرٍ فَأَتُوا مِنهُ مَا استَطَعتُم)) كَمَا فِي ((الصَّحِيحَين)).

* وَحِكمَةِ صَدَقَةِ الفِطرِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا:
-
فَفِيهَا إِحسَانٌ إِلَى الفُقَرَاءِ, وَكَفٌّ لهُم عَن السُّؤالِ فِي يَومِ العِيدِ؛ لِيُشَارِكُوا الأَغنِيَاءَ فِي فَرَحِهِم وَسرُورِهِم بِهِ, وَلِيَكُونَ عِيدًا لِلجَمِيعِ.
-
وَفِيهَا الاتِّصَافُ بِخُلُقِ الكَرَمِ وَحُبِّ المُوَاسَاة.
-
وَفِيهَا تَطهِيرُ الصَّائمِ مِمَّا يَحصُلُ فِي صِيَامِهِ مِنْ نَقصٍ وَلَغوٍ وَإِثمٍ.
-
وَفِيهَا إِظهَارُ شُكرِ نِعمَةِ اللهِ بِإِتمَامِ صِيَامِ شَهرِ رَمَضَانَ, وَقِيَامِهِ, وَفِعلِ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ فِيهِ.
عَن ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قَالَ: ((فَرَضَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطرِ طُهرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعمَةً لِلمَسَاكِينِ، فَمَنْ أدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ، وَمَنْ أدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ)) أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابنُ مَاجَه وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

* وَجِنسُ الوَاجِبِ فِي الفِطرَةِ أَيْ: فِي صَدَقَةِ الفِطرِ-؛
هُوَ طَعَامُ الآدَمِيِّينَ مِن تَمرٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ أُرْزٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ أَقِطٍ -وَهُوَ اللَّبَنُ المُجَفَّف الَّذِي لَمْ تُنزَع زُبدَتُهُ- إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنْ طَعَامِ بَنِي آدَمَ.
فَعَن ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- قال: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطرِ مِن رَمَضَانَ صَاعًا مِن تَمرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ -وَكَانَ الشَّعِيرُ يَومَ ذَاكَ مِن طَعَامِهِم-))
كَمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الخُدرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: ((كُنَّا نُخرِجُ يَومَ الفِطرِ فِي عَهدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- صَاعًا مِن طَعَامٍ, وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالأقِط وَالتَّمرَ )) وَهَذَا أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي ((الصَّحِيحِ))
(
الصَّاعُ): أَربَعَةُ أَمدَادٍ, وَأَمَّا (المُدُّ): فَحَفنَةٌ بِكَفَّيِ الرَّجُلِ المُعتَدِلِ الكَفَّينِ
أَربَعَةُ أَمدَادٍ... صَاع, فَالصَّاعُ أَربَعَةُ أَمدَادٍ
المُدُّ أَنْ تَأخُذَ بِكَفَّيكَ مِلأَهُمَا؛ فَهَذَا مُدٌّ, أَربَعَةُ أَمدَادٍ... صَاع
لَا يُجزِئُ إِخرَاجُ طَعَامِ البَهَائِمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَرَضَهَا طُعمَةً لِلمَسَاكِينِ لَا لِلبَهَائِمِ...
وَلَا يُجزِئُ إِخرَاجُهَا مِنَ الثِّيَابِ, وَالفُرُشِ, وَالأَوَانِيِ, وَالأَمتِعَةِ, وَغَيرِهَا مِمَّا سِوَى طَعَامِ الآدَمِيِّينَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَرَضَهَا مِنَ الطَّعَامِ فَلَا تَتَعَدَّ مَا عَيَّنَهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-...
وَلَا يُجزِئُ إِخرَاجُ قِيمَةُ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافَ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-, وَقَد ثَبَتَ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ: ((مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) أَخرَجَهُ مُسلِمٌ فِي ((الصَّحِيحِ)), وَرَدٌّ أَيْ: مَردُودُ.
لِأَنَّ إِخرَاجَ القِيمَة مُخَالِفٌ لِرَسُولُ اللهِ وَمُخَالِفٌ لِأَصحَابِ رَسُولِ اللهِ, فَقَد كَانُوا يُخرِجُونَهَا صَاعًا مِن طَعَامٍ, وَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((عَلَيكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ مِن بَعدِي...)).
وَلِأَنَّ زَكَاةَ الفِطرِ عِبَادَةٌ مَفرُوضَةٌ مِنْ جِنسٍ مُعَيَّنٍ؛ فَلَا يُجزِئُ إِخرَاجُهَا مِنْ غَيرِ الجِنسِ المُعَيَّنِ, كمَا لَا يُجزِئُ إِخرَاجَهَا فِي غَيرِ الوَقتِ المُعَيَّنِ, وَلِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عَيَّنَهَا مِن أَجنَاسٍ مُختَلِفَةٍ, وَأَقيَامُهَا مُختَلِفَةٌ غَالِبًا, فَلَوْ كَانَت القِيمَةُ مُعتَبَرَةً لَكَانَ الوَاجِبُ صَاعًا مِنْ جِنسٍ وَمَا يُقَابِلُ قِيمَتُهُ مِنَ الأَجنَاسِ الأُخرَى. 
وَلِأَنَّ إِخرَاجَ القِيمَة يُخرِجُ الفِطرَةَ عَن كَونِهَا شَعِيرَةً ظَاهِرَةً إِلَى كَونِهَا صَدَقَةً خَفِيَّةً؛ فَإِنَّ إِخرَاجُهَا صَاعًا مِن طَعَامٍ يَجعَلُهَا ظَاهِرَةً بَينَ المُسلِمِينَ, مَعلُومَةً لِلصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ, يُشَاهِدُونَ كَيلَهَا وَتَوزِيعَهَا, وَيَتَبَادَلُونَهَا بِينَهُم بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَت دَرَاهِمَ يُخرِجُهَا الإِنسَانُ خُفيَةً بَينَهُ وَبَينَ الآخِذ.

* مِقدَارُ الفِطرَةِ وَالفِطرَةُ: هِيَ صَدَقَةُ الفِطرِ-:
صَاعٌ بِصَاعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- الذِي يَبلُغُ وَزنُهُ بِالمَثَاقِيلِ أَربَعَ مِئةٍ وَثَمَانِينَ مِثقَالًا مِنَ البُرِّ الجَيِّدِ, وَبِالجِرَامَاتِ يَبلُغُ كِيلُوَينِ اثنَين وَأَربَعِينَ جِرَامًا مِنَ البُرِّ الجَيِّدِ, فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعرِفَ الصَّاعَ النَّبَوِيَّ؛ فَلَيَزِن كِيلُوَينِ وَأَربَعِينَ جِرَامًا مِنَ البُرِّ, وَيَضَعَهَا فِي إِنَاءٍ بِقَدرِهَا بِحَيثُ تَملَؤهُ ثُمَّ يَكِيلُ بِهِ...
يَكِيلُ بِهِ بَعدَ ذَلِكَ مَا يُخرِجُهُ مِنْ أُرزٍ أَوْ مِنْ أَقِطٍ أَوْ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ مَا أَشبَهَ مِنْ طَعَامِ بَنِي آدَم, المُهِم أَنَّهُ صَارَ عِندَهُ صَاعُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

* وَوَقتُ وُوُجوبِ الفِطرَةِ:
غُرُوبُ الشَّمسِ مِن لَيلَةِ العِيد, فَمَن كَانَ مِن أَهلِ الوُجُوبِ حِينَذَاك وَجَبَت عَلَيهِ وَإِلَّا فَلَا...
وَعَلَى هَذَا فِإِذَا مَاتَ قَبلَ الغُرُوبِ وَلَوْ بِدَقَائقٍ لَمْ تَجِب صَدَقَة الفِطر عَلَيهِ, وَإِنْ مَاتَ بَعدَ الغُرُوبِ وَلَوْ بِدَقَائقٍ وَجَبَ إِخرَاجُ فِطرَتِهِ...
وَلَوْ وُلِدَ شَخصٌ بَعدَ الغُرُوبِ وَلَوْ بِدَقَائقٍ لَمْ تَجِب فِطرَتُهُ؛ وَلَكِن يُسَنُّ إِخرَاجِهَا كَمَا فَعَلَ عُثمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-, وَلَوْ وُلِدَ قَبلَ الغُرُوبِ وَلَوْ بِدَقَائقٍ وَجَبَ إِخرَاجُ الفِطرَةِ عَنهُ.
وَإِنَّمَا كَانَ وَقتُ وُجُوبِهَا غُرُوبَ الشَّمسِ مِن لَيلَةِ العِيدِ؛ لِأَنَّهُ الوَقتُ الذِي يَكُونُ بِهِ الفِطرُ مِنْ رَمَضَانَ, وَهِيَ مُضَافَةٌ إِلَى ذَلِكَ, فَإِنَّهُ يُقَالُ زَكَاةُ الفِطرِ مِنْ رَمَضَانَ, فَكَانَ مَنَاطَ الحُكمِ ذَلِكَ الوَقت.

* وَأَمَّا زَمَنُ دَفعِهَا: فَلَهُ وَقتَان؛ وَقتُ فَضِيلَةٍ, وَوَقتُ جَوَازٍ
-
أَمَّا وَقتُ الفَضِيلَة : فَهُوَ صُبحُ يَوم العِيدِ قَبلَ الصَّلَاة
لِمَا رُوِيَ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: ((كُنَّا نُخرِجُ يَومَ الفِطرِ فِي عَهدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- صَاعًا مِن طَعَامٍ...)).
وَفِيهِ أَيضًا مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا-: ((أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ قَبلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ...)) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
قَالَ ابنُ عُيَينَةَ فِي ((تَفسِيرِهِ)):
((
عَن عَمرِو بنِ دِينَارٍ عَن عِكرِمَةَ, قَالَ: يُقَدِّمُ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ يَومَ الفِطرِ بَينَ يَدَيْ صَلَاتِهِ, فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ})).
وَلِذَلِكَ كَانَ مِنَ الأَفضَلِ تَأخِيرُ صَلَاةِ العِيدِ يَومَ الفِطرِ؛ لِيَتَّسِعَ الوَقتُ لِإِخرَاجِ الفِطرَةِ, فَهَذَا وَقتُ الفَضِيلَة.
-
وَأَمَّا وَقتُ الجَوَازِ: فَهُوَ قَبلَ العِيدِ بَيَومٍ أَوْ يَومَين
عِندَ البُخَارِيِّ فِي ((الصَّحِيحِ)) عَن نَافعٍ قَال: ((كَانَ ابنُ عُمَرَ يُعطِي عَنِ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ, حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يُعطِي عَن بَنِيَّهُ, وَكَانَ يُعطِيهَا الَّذِينَ يَقبَلُونَهَا, وَكَانُوا يُعطَوْنَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أَوْ بِيَومَين)).

وَلَا يَجُوزُ تَأخِيرُهَا عَن صَلَاةِ العِيد, فَإِنْ أَخَّرَهَا عَن صَلَاةِ العِيدِ بِلَا عُذرٍ لَمْ تُقبَلْ مِنهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((مَن أَدَّاهَا قَبلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقبُولَةٌ, وَمَن أَدَّاهَا بَعدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ)).
إِنْ أَخَّرَهَا لِعُذرٍ فَلَا بَأَس؛ كَأَنْ يُصَادِفَهُ العِيدُ لَيسَ عِندَهُ مَا يَدفَعُ مِنهُ, أَوْ لَيسَ عِندَهُ مَنْ يَدفَعُ إِلَيهِ, أَوْ يَأتِي خَبَرُ ثُبُوتِ العِيدِ مُفَاجِئًا بِحَيثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِن إِخرَاجِهَا قَبلَ الصَّلَاةِ, أَوْ أَنْ يَكُونَ مُعتَمِدًا عَلَى شَخصٍ فِي إِخرَاجِهَا فَيَنسَى أَنْ يُخرِجَهَا, فَلَا بَأسَ أَنْ يُخرِجُهَا وَلَوْ بَعدَ العِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَعذُورٌ فِي ذَلِكَ, وَالوَاجِبُ أَنْ تَصِلَ إِلَى مُستَحِقِّهَا أَوْ وَكِيلِهِ فِي وَقتِهَا قَبلَ الصَّلَاةِ.

* وَمَكَانُ دَفعِهَا:
تُدفَعُ إِلَى فُقَرَاءِ المَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَقتَ الإِخرَاجِ؛ سَوَاءٌ كَانَ مَحَلُّ إِقَامَتِهِ أَوْ غَيرِهِ مِنْ بِلَادِ المُسلِمِينَ, لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مَكَانًا فَاضِلًا كَمَكَّةَ وَالمَدِينَةَ, أَوْ كَانَ فُقَرَاؤُهُ أَشَدُّ حَاجَةً, فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَيسَ فِيهِ مَنْ يَدفَعُ إِلَيهِ أَوْ كَانَ لَا يَعرِفُ المُستَحِقِّينَ فِيهِ؛ وَكَّلَ مَنْ يَدفَعُهَا عَنهُ فِي مَكَانٍ فِيهِ مُستَحِق.

* وَالمُستَحِقُّونَ لِزَكَاةِ الفِطرِ هُم: الفُقَرَاءُ... الفُقَرَاءُ المَسَاكِينُ كَمَا بَيَّنَهُم رَسُولُ اللهِ, فَقَالَ: ((طُعمَةً لِلمَسَاكِينِ)), فَلَا تُدفَعُ عَلَى حَسَبِ مَصَارِفِ زَكَاةِ المَالِ, وَإِنَّمَا لَهَا مَصرِفٌ وَاحِدٌ وَهُمْ المَسَاكِينُ وَالفُقَرَاءُ, فَيَدفَعُ زَكَاةَ الفِطرِ إِلَيهِم.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  تَعَاهَدُوا أَبْنَائَكم
  كُلَّمَا زَادَ تَعَبُ الإِنسَانِ فِي طَاعَةِ اللهِ زَادَ أَجرُهُ
  نسف قواعد الخوارج والمعتزلة فى مسالة تكفير مرتكب الكبيرة
  الإيجاز في أحكام الصيام
  هل تعلم أين تقع بورما وما الذى يحدث فيها ولماذا العالم يقف ساكتا على هذه الوحشية..؟
  سبحانه هو الغني ((2))
  مَن عَرف ربه وعرف نفسه برِئ من الرياء والسمعة والهَوى ظاهرًا وباطنًا
  كيف يسترد المسلمون فلسطين
  المعنى الصحيح للآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
  فرقة تفجر وفرقة تستنكر... التقية الإخوانية
  أين دُفن هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم-
  تأمل في نفسك قبل نهاية رمضان
  حرب العاشر من رمضان مفخرة المسلمين فى هذا العصر
  ابتعد عن الفحش والفواحش
  إنَّمَا يَتَعثَّرُ مَن لمْ يُخلِص
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان