تفريغ مقطع : ألا يخاف هؤلاء الظلمة من دعاء المستضعفين عليهم في أجواف الليالي وفي الأسحار وفي السجود؟

وَكُلُّ مَنْ ظَلَمَ؛ فَإِنَّمَا سَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ يُحَاسِبُهُ وَيُحَاكِمُهُ، وَلَيْسَ هَذَا الدِّيوَانُ بِمُلْقىً مِنْهُ شَيْء حَتَّى يَسْتَوْفِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِأَصْحَابِ المَظَالِمِ مَظَالِمَهُم وَلِأَرْبَابِ الحُقُوقِ حُقُوقَهُم، فَعَلَى العَبْدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَلَّا يَكُونَ ظَالِمًا, وَأَكْبَرُ الظُّلْمِ أَنْ يَكُونَ ظُلْمُهُ مُؤَديًّا إِلَى إِهْلَاكِ الأُمَّةِ, وَإِلَى تَعْوِيقِ مَسِيرَتِهَا نَحْوَ هِدَايَتِهَا كَمَا يَفْعَلُ كَثِيرٌ مِنَ الظَّلَمَة، الَّذِينَ يُمَكِّنُهُم اللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ، وَهُمْ لَا يَخَافُونَ، لَا يَخَافُونَ سِهَامَ اللَّيْلِ مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ -الَّذِينَ أَوْقَعُوا الظُّلْمَ عَلَيْهِم- أَنْ تَنَالَهُم!!

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ تَكْفِيهِ لَحْظَةُ شُرُودٍ وَاحِدَةٍ، يَشْرَدُ وَهُوَ يَقُودُ سَيَّارَتَهُ؛ فَإِذَا هُوَ بَعْدُ قَعِيدُ فِرَاشِهِ، طَرِيحُ لِحَافِهِ، يَمُوجُ فِي بَوْلِهِ وَبُرَازِهِ، وَأَحَبُّ أَحِبَّائِهِ مَنْ يَتَمَنَّى لَهُ أَنْ يَمُوتَ، وَيَدْعُو اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُخَلِّصَ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ عَنَائِهِ وَأَنْ يُعَجِّلَ بِهِ.

هَؤُلَاءِ الظَّلَمَة يَنْبَغِي أَنْ يَكُفُّوا عَنْ ظُلْمِهِم، وَعَلَيْهِم أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُم إِنَّمَا يَعْبَثُونَ بِمُسْتَقْبَلِ الأُمَّةِ وَبِمَصِيرِ الدِّينِ فِيهَا، فَإِلَى اللَّهِ المُشْتَكَى.

أَلَا يَخَافُ هَؤُلَاءِ مِنْ دُعَاءِ المُسْتَضْعَفِينَ عَلَيْهِم فِي أَجْوَافِ اللَّيَالِي، وَفِي الأَسْحَارِ وَفِي السُّجُودِ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَهُم أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ؟!

وَقَدْ رَأَوْا بِأَعْيُنِهِم مَا كَانَ، فَإِنْ لَمْ يَرْعَوْا هَؤُلَاءِ؛ فَعَلَى أَهْلِ الحَقِّ أَنْ يُفَرِّغُوا الأَوْقَاتَ لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِم فِي أَجْوَافِ اللَّيَالِي، وَقَدْ صَفُّوا الأَقْدَامَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا-؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَبِيعُ الوَاحِدُ مِنْهُم دِينَهُ وَوَطَنَهُ بِحَفْنَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ يَمُنُّ بِهَا عَلَيْهِ حِزْبِيٌّ هَالِكٌ، فَإِذَا هُوَ حَرْبٌ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الحَقِّ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ عَلَى الحَقِّ وَهُوَ عَلَى صَمِيمِ البَاطِلِ، وَلَا يَدْرِي هَذَا المِسْكِينُ أَنَّهُ سَيَمُوتُ حَتْمًا، وَأَنَّ اللَّهَ رَبَّ العَالمِينَ سَيَحْشُرُ الخَلْقَ حَتَّى يَقِفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحَاسِبَهُم عَلَى مَا قَدَّمُوا وَأَخَّرُوا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ القِصَاصِ فِي الآخِرَةِ لِأَصْحَابِ الحُقُوقِ، وَلَا دِرْهَمَ وَلَا دِينَار، وَالمَذَلَّةُ قَدْ أَحَاطَت بِهِم مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَصِيِتُهُم عَلَى رُؤوسِ الأَشْهَادِ فِي كُلِّ مَجَالٍ وَبِكُلِّ مَكَانٍ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَجْعَلُ المُتَكَبِّرِينَ كَالجَعَارِينِ يَطَؤُهُم النَّاسُ بِأَقْدَامِهِم فِي القِيَامَة، يُعَامِلُهُم بِنَقِيضِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ تَكَبَّرُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذُو الجَلَالِ وَالكِبْرِيَاءِ وَالعَظَمَة، وَهُوَ ذُو العِزِّ وَحْدَهُ وَمَنْ نَازَعَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ قَصَمَهُ وَقَصَمَ ظَهْرَهُ وَأَعْمَى بَصَرَهُ وَجَعَلَهُ مِنَ الهَالِكِينَ دُنْيَا وَآخِرَة.

يَنْبَغِي أَلَّا تَنْقَسِمَ الأُمَّةُ إِلَى قِسْمٍ مَدْعُوٍّ عَلَيْهِ وَقِسْمٍ دَاعٍ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُفَّ الظَّلَمَةُ عَنْ ظُلْمِهِم, وَأَنْ يَعُودُوا إِلَى رَبِّهِم، وَإِلَّا فَهُو الهَلَاكُ وَالبَوَارُ، وَإِلَى اللَّهِ المُشْتَكَى وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  بَيْنَ الابْنِ وَأُمِّهِ
  ما الذي قدموه؟ بنطال محزق مرقع! خلاعة ومجون!!
  مَن قتل مُعاهدًا لم يَرح رائحة الجنة
  أنت مُسلم فلا تَكُن ذَليلًا
  يأتي بالرجال العراة إلى زوجته وابنته ثم يسأل لماذا ينحرفون؟!
  من خرافات شيخ الحدادية
  لماذا يحاربون المصريين في لقمة العيش
  عدة الشهور عند الله وعبث الجاهليين بالتقويم
  ندم الحسين -رضي الله عنه- على خروجه
  تَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ وَتَعَلَّمُوهُ!
  رسالة لكل زوج ضع هذه القاعدة أمام عينيك دائما حتى لا تتعب فى حياتك الزوجية!
  حافظوا على شباب الأمة فهم صمام الأمان
  رسالة إلى الفقراء... القاعدة الذهبية للإمام أحمد في مواجهة الفقر
  ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله
  متى يا عبد الله تستقيم علي أمر الله
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان