((أَقْبِلُوا عَلَى ذِكْرِ اللهِ!))
عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجْتَهِدَ إِذَا وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ فِي بَيْتِهِ مَسْجِدًا, أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ أَمْتَارًا؛ تَكُونُ خَاصَّةً بِالصَّلَاةِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ, وَقِيَامِ اللَّيْلِ, وَذِكْرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
يَخْلُو فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ بِرَبِّهِ دَاعِيًا مُنِيبًا مُتَبَتِّلًا بَعِيدًا عَنِ الْأَصْوَاتِ الْمُلْهِيَةِ, وَالْمَرَائِي الدَّاعِيَةِ إِلَى تَشَتُّتِ الْخَاطِرِ، وَتَبَلْبُلِ الْفِكْرِ, فَيَكُونُ مُقْبِلًا عَلَى رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ, وَالصَّلَاةِ، وَالْإِنَابَةِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ, فَمُقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ.
وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الذِّكْرَ مِنْ أَهْوَنِ الْأُمُورِ وَأَيْسَرِهَا إِذَا يَسَّرَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، لَيْسَ فِيهِ بَذْلُ مَالٍ, وَلَيْسَ فِيهِ بَذْلُ مَجْهُودٍ, وَلَيْسَ فِيهِ تَكَلُّفٌ بِشَيْءٍ يَجِدُ الْمَرْءُ فِيهِ الْعَنَتَ وَالْمَشَقَّةَ, وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يَسَّرَهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-, فَالسَّعِيدُ مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ سَائِلًا رَبَّهُ أَنْ يُيَسِّرَ عَلَيْهِ هَذَا الْأَصْلَ الْكَبِيرَ؛ يَذْكُرُ رَبَّهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنْبٍ.
وَلَكِنْ مَعَ هَذَا التَّيْسِيرِ الْعَظِيمِ لَا تَجِدُ مَنْ يُوَفَّقُ إِلَيْهِ إِلَّا الْقَلِيلُ, أَوْ إِلَّا النَّادِرُ, وَالنَّاسُ في غَفْلَةٍ يَعْمَهُونَ, فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
المصدر:ذِكْرُ اللهِ فِي رَمَضَانَ