((حَاجَةُ الْعَالَمِ كُلِّهِ إِلَى دِينِنَا الرَّشِيدِ))
((إِنَّ شَرْحَ الدِّينِ عَلَى نَحْوِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ شَرْحًا وَافِيًا, وَتَطْبِيقَ تَعَالِيمِهِ وَهِدَايَتِهِ عَلَى أَحْوَالِ الْبَشَرِ, وَبَيَانَ أَنَّهَا صَالِحَةٌ لِكُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ, وَأَنَّ الِانْحِرَافَ وَالشَّرَّ وَالضَّرَرَ إِنَّمَا يَكُونُ بِفَقْدِ رُوحِ الدِّينِ أَوْ نَقْصِهَا.
وَكَذَلِكَ شَرْحُ أَوْصَافِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَنُعُوتِهِ وَأَخْلَاقِهِ الَّتِي مَنْ تَدَبَّرَهَا وَعَرَفَهَا وَفَهِمَهَا حَقَّ الْفَهْمِ؛ عَلِمَ أَنَّهُ ﷺ أَعْلَى الْخَلْقِ فِي كُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ, وَأَنَّ كُلَّ صِفَةِ كَمَالٍ لَهُ مِنْهَا أَعْلَاهَا وَأَكْمَلُهَا, وَأَنَّ الْكَمَالَاتِ الْمَوْجُودَةَ فِي الرُّسُلِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- قَدْ جُمِعَتْ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ أَحَدٌ, وَبِذَلِكَ صَارَ سَيِّدَ الْخَلْقِ, وَمُقَدَّمَهُمْ, وَإِمَامَهُمْ, وَأَرْفَعَهُمْ عِنْدَ اللهِ, وَأَعْظَمَهُمْ جَاهًا ﷺ)).
((فَلَوْ عَلِمَنَا حَقَّ الْعِلْمِ أَنَّ فِي دِينِنَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ, وَتَمْتَدُّ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ, وَتَطْمَحُ إِلَيْهِ الْأَنْظَارُ؛ مِنَ الْمَبَادِئِ الرَّاقِيَةِ, وَالْأَخْلَاقِ الْعَالِيَةِ, وَالنُّظُمِ الْعَادِلَةِ, وَالْأُسُسِ الْكَامِلَةِ؛ لَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَشَرَ كُلَّهُمْ مُفْتَقِرُونَ غَايَةَ الِافْتِقَارِ أَنْ يَأْوُوا إِلَى ظِلِّهِ الظَّلِيلِ الْوَاقِي مِنَ الشَّرِّ الطَّوِيلِ.
فَأَيُّ مَبْدَأٍ وَأَصْلٍ, وَأَيُّ عَمَلٍ نَافِعٍ لِلْبَشَرِ إِلَّا وَدِينُ الْإِسْلَامِ قَدْ تَكَفَّلَ بِهِ كَفَالَةَ الْمَلِيءِ الْقَادِرِ عَلَى تَيْسِيرِ الْحَيَاةِ التَّامَّةِ عَلَى قَوَاعِدِهِ وَأُسُسِهِ, فَفِيهِ حَلُّ الْمُشْكِلَاتِ الْحَرْبِيَّةِ وَالِاقْتِصَادِيَّةِ, وَجَمِيعِ مَشَاكِلِ الْحَيَاةِ الَّتِي لَا تَعِيشُ الْأُمَمُ عِيشَةً سَعِيدَةً بِدُونِ حَلِّهَا, أَلَيْسَتْ عَقَائِدُهُ أَصَحَّ الْعَقَائِدِ وَأَصْلَحَهَا لِلْقُلُوبِ وَلَا تَصْلُحُ الْقُلُوبُ إِلَّا بِهَا؟!!
فَهَلْ أَصَحُّ وَأَنْفَعُ وَأَعْظَمُ بَرَاهِينَ مِنَ الِاعْتِقَادِ الْيَقِينِيِّ الصَّحِيحِ, وَأَنْ نَعْلَمَ عِلْمًا يَقِينِيًّا أَنَّ لَنَا رَبًّا وَإِلَهًا عَظِيمًا تَتَضَاءَلُ عَظَمَةُ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا فِي عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ, لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلْيَا, قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ, عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ, لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ, وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
رَحِيمٌ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَلَأَ جُودُهُ أَقْطَارَ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْعَالَمِ السُّفْلِيِّ، حَكِيمٌ فِي كُلِّ مَا خَلَقَهُ, وَفِي كُلِّ مَا شَرَعَهُ، قَدْ أَحْسَنَ مَا خَلَقَهُ، وَأَحْكَمَ مَا شَرَعَهُ، يُجِيبُ الدَّاعِينَ، وَيُفَرِّجُ كُرَبَ الْمَكْرُوبِينَ، وَيَكْشِفُ هَمَّ الْمَهْمُومِينَ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ وَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ قَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، وَمَنْ آوَى إِلَيْهِ آوَاهُ، لَا يَأْتِي بِالْخَيْرِ وَالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَكْشِفُ السُّوءَ وَالضُّرَّ إِلَّا هُوَ.
يَتَوَدَّدُ إِلَى عِبَادِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ كُلَّ سَبِيلٍ، لَا يَخْرُجُ عَنْ خَيْرِهِ وَكَرَامَتِهِ وَجُودِهِ إِلَّا الْمُتَمَرِّدُونَ..
فَهَلْ تَصِحُّ الْقُلُوبُ وَالْأَرْوَاحُ إِلَّا بِالتَّأَلُّهِ وَالتَّعَبُّدِ لِمَنْ هَذَا شَأْنُهُ؟
فَمَنْ يُشَارِكُ اللهَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الشُّؤُونِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا؟!!
وَكَذَلِكَ الْأَخْلَاقُ لَا يَهْدِي هَذَا الدِّينُ إِلَّا لِأَحْسَنِهَا، فَهَلْ تَرَى مِنْ خَلَّةِ كَمَالٍ إِلَّا أَمَرَ بِهَا، وَلَا خَصْلَةِ نَفْعٍ وَانْتِفَاعٍ إِلَّا حَثَّ عَلَيْهَا؟
وَهَلْ تَرَى مِنْ خَيْرٍ إِلَّا دَلَّ عَلَيْهِ، وَلَا شَرٍّ إِلَّا حَذَّرَ مِنْهُ؟
أَمَا حَثَّ عَلَى الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ؟
أَمَا أَمَرَ بِالْإِخْلَاصِ للّهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ؟
أَمَا حَثَّ عَلَى الْإِحْسَانِ الْمُتَنَوِّعِ لِأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ؟
أَمَا أَمَرَ بِنَصْرِ الْمَظْلُومِينَ، وَإِغَاثَةِ الْمَلْهُوفِينَ، وَإِزَالَةِ الضُّرِّ عَنِ الْمُضْطَرِينَ؟
أَمَا رَغَّبَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ فِي كُلِّ طَرِيقٍ فِي الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَالْعَدُوِّ وَالصِّدِيقِ، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]؟
أَمَا نَهَى عَنِ الْكَذِبِ وَالْفُحْشِ وَالْخِيَانَاتِ، وَحَثَّ عَلَى رِعَايَةِ الشَّهَادَاتِ وَالْأَمَانَاتِ؟
أَمَا حَذَّرَ مِنْ ظُلْمِ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ؟
فَمَا مِنْ خُلُقٍ فَاضِلٍ إِلَّا أَمَرَ بِهِ, وَلَا خُلُقٍ رَذِيلٍ سَاقِطٍ إِلَّا نَهَى عَنْهُ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْقَاعِدَةُ الْكُبْرَى لِهَذَا الدِّينِ: ((رِعَايَةَ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا, وَدَفْعَ الْمَفَاسِدِ جَمِيعِهَا)).
ثُمَّ إِذَا نَظَرْنَا مُسَايَرَتَهُ لِلْحَيَاةِ وَمُجَارَاةَ الْأُمَمِ؛ فَإِذَا فِيهِ جَمِيعُ النُّظُمِ النَّافِعَةِ وَالنُّظُمِ الْوَاقِيَةِ، أَلَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِطَلَبِ الْأَرْزَاقِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهَا النَّافِعَةِ الْمُبَاحَةِ؛ مِنْ تِجَارَاتٍ, وَصِنَاعَاتٍ, وَزِرَاعَاتٍ, وَأَعْمَالٍ مُتَنَوِّعَةٍ؟
فَلَمْ يَمْنَعْ سَبَبًا مِنَ الْأَسْبَابِ النَّافِعَةِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ الْمُعَامَلَاتِ الضَّارَّةَ؛ وَهِيَ الَّتِي تَحْتَوِي عَلَى ظُلْمٍ أَوْ ضَرَرٍ أَوْ قِمَارٍ.
وَمِنْ مَحَاسِنِهِ تَحْرِيمُهُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي لَا تَخْفَى مَفَاسِدُهَا وَأَضْرَارُهَا، أَلَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِأَخْذِ الْحَذَرِ مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَتَوَقِّي شُرُورِهِمْ بِكُلِّ وَسِيلَةٍ؟
أَلَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِإِعْدَادِ الْعُدَّةِ لِلْأَعْدَاءِ بِحَسَبِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِاسْتِطَاعَةِ؟
أَلَيْسَ يَحُثُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ وَالِائْتِلَافِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ الْأَصِيلُ لِلتَّعَاوُنِ وَالتَّكَافُلِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَمَنَافِعِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَالنَّهْيِ عَمَّا يُضَادُّهُ مِنَ الِافْتِرَاقِ؟
أَلَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ الْقِيَامِ بِمَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ وَبَانَتْ مَنْفَعَتُهُ، وَالْأَمْرُ بِالْمُشَاوَرَةِ فِيمَا تَشَابَهَتْ فِيهِ الْمَسَالِكُ؟
أَلَيْسَ فِيهِ الْإِرْشَادُ إِلَى جَمِيعِ طُرُقِ الْعَدْلِ وَالرَّحْمَةِ الْمُتَنَوِّعَةِ، وَالْحَثِّ عَلَى تَنْفِيذِهَا فِي حَقِّ جَمِيعِ الْخَلْقِ؟
أَلَيْسَ فِيهِ الْحَثُّ عَلَى وَفَاءِ الْعُقُودِ وَالْعُهُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي بِهَا قِوَامُ الْعِبَادِ؟
أَلَيْسَ فِيهِ الْأَخْذُ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ وَالْمُجْرِمِينَ بِحَسَبِ مَا يُنَاسِبُ جَرَائِمَهُمْ، وَفِيهِ رَدْعُهُمْ بِالْعُقُوبَاتِ وَالْحُدُودِ الْمَانِعَةِ وَالْمُخَفِّفَةِ لِلْجَرَائِمِ؟
فَأَيُّ مَصْلَحَةٍ تَخْرُجُ عَنْ إِرْشَادَاتِ هَذَا الدِّينِ؟
وَهَلْ مِنْ أَصْلٍ وَأَسَاسٍ فِيهِ الْخَيْرُ وَالصَّلَاحُ إِلَّا وَقَدْ أَرْشَدَ إِلَيْهِ الدِّينُ, لَا فَرْقَ بَيْنَ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ؟
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ؛ أَنَّ هَذَا الدِّينَ بَيَّنَ اللهُ فِيهِ لِلْعِبَادِ أَنَّهُ خَلَقَهُمْ لِعِبَادَتِهِ الْجَامِعَةِ لِمَعْرِفَتِهِ, وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ, أَوْ مَالٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَخَلَقَ لَهُمْ مَا فِي الْكَوْنِ مُمَهَّدًا مُسَخَّرًا لِجَمِيعِ مَصَالِحِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْصِلُوا هَذِهِ النِّعَمَ بِكُلِّ طَرِيقٍ وَوَسِيلَةٍ تُمْكِنُهُمْ مِنْهَا، وَأَنْ يَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى طَاعَةِ الْمُنْعِمِ.
فَهَلْ أَوْضَعُ وَأَحْقَرُ وَأَظْلَمُ وَأَجْهَلُ مِمَّنْ أَعْرَضَ عَنْ هَذَا الدِّينِ الَّذِي هُوَ الْغَايَةُ وَالنِّهَايَةُ فِي الْكَمَالِ, وَهُوَ الْمَطْلَبُ الْأَعْلَى لِأُولِي الْعُقُولِ وَالْأَلْبَابِ، ثُمَّ ذَهَبَ يَسْتَمِدُّ الْهُدَى وَالنَّفْعَ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ مُسْلِمٌ؟!!
لَقَدْ زَادَهُ هَذَا الِاسْتِمْدَادُ غَيًّا وَضَلَالًا!!
وَمَنِ احْتَجَّ بِمَا يَرَى مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِينَ, وَتَأَخُّرِهِمْ عَنْ مُجَارَاةِ الْأُمَمِ فِي مَرَافِقِ الْحَيَاةِ؛ فَقَدْ ظَلَمْ بِاحْتِجَاجِهِ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُومُوا بِمَا دَعَا إِلَيْهِ الدِّينُ, وَلَمْ يُحَكِّمُوهُ فِي أُمُورِهِمُ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ, وَنَبَذُوا مُقَوِّمَاتِ دِينِهِمْ وَرُوحِهِ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا--, وَاكْتَفَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِالِاسْمِ عَنِ الْمُسَمَّى, وَبِاللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى، وَبِالرُّسُومِ عَنِ الْحَقَائِقِ.
وَالْوَاجِبُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى تَعَالِيمِ الدِّينِ وَتَوْجِيهَاتِهِ, وَأُصُولِهِ وَمَقَاصِدِهِ, وَدَعْوَتِهِ لِجَمِيعِ الْبَشَرِ إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُهُمُ الْمُتَنَوِّعُ، وَلِهَذَا كَانَ الْمُنْصِفُونَ مِنَ الْأَجَانِبِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ يَعْتَرِفُونَ بِكَمَالِهِ، وَأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى زَوَالِ الشُّرُورِ عَنِ الْعَالَمِ إِلَّا بِالْأَخْذِ بِتَعَالِيمِهِ وَأَخْلَاقِهِ وَإِرْشَادِهِ.
وَكَمَا أَنَّ الدِّينَ هُوَ الصِّلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بَيْنَ الْعِبَادَ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ؛ بِهِ إِلَيْهِ يَتَقَرَّبُونَ وَيَتَحَبَّبُونَ، وَبِهِ يُغْدِقُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ الصِّلَةُ بَيْنَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ؛ تَقُومُ بِهِ حَيَاتُهُمْ، وَتَنْحَلُّ بِهِ مُشْكِلَاتُهُمْ السِّيَاسِيَّةُ وَالِاقْتِصَادِيَّةُ وَالْمَالِيَّةُ، فَكُلُّ حَلٍّ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ، وَشَرَّهُ أَعْظَمُ مِنْ خَيْرِهِ.
فَإِنْ فُرِضَ إِصْلَاحُ بَعْضِ الْمُشْكِلَاتِ بَبَعْضِ النُّظُمِ إِصْلَاحًا حَقِيقِيًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ الْحَلَّ؛ فَلَابُدَّ أَنْ تَجِدَهُ مُسْتَنِدًا إِلَى هَذَا الدِّينِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، كَلِمَةٌ عَامَّةٌ جَامِعَةٌ لَا تُبْقِي شَيْئًا، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ.
المصدر:حَاجَتُنَا إِلَى الدِّينِ الرَّشِيدِ وَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ