تفريغ خطبة الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ

الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ

((الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ))

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُمَاثِلُهُ فِي دَفْعِ أَتْبَاعِهِ نَحْوَ الْعِلْمِ وَالِاسْتِزَادَةِ مِنْ بُحُورِهِ أَيُّ دِينٍ آخَرَ، الْإِسْلَامُ الدِّينُ الَّذِي كَانَتْ أَوَّلَ لَبِنَةٍ فِي بِنَائِهِ كَلِمَةُ: ((اقْرَأْ))، ثُمَّ وَضَعَ النَّاسَ عَامَّةً وَأَتْبَاعَهُ الدَّارِسِينَ لِكِتَابِهِ الْكَرِيمِ؛ خَاصَّةً أَمَامَ مَشَاهِدِ الْكَوْنِ بِسَمَائِهِ وَكَوَاكِبِهِ، وَشَمْسِهِ وَقَمَرِهِ، وَغُيُومِهِ وَأَمْطَارِهِ، وَبِحَارِهِ وَجِبَالِهِ وَأَنْهَارِهِ، وَنَبَاتِهِ وَحَيَوَانِهِ وَإِنْسَانِهِ، وَشَجَّعَهُمْ عَلَى الْبَحْثِ وَالدِّرَاسَةِ بِكَشْفِ قَوَانِينِ الْكَوْنِ وَمَعْرِفَةِ أَسْرَارِهِ: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: 20].

وَجَعَلَ نَبِيُّ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٌ ﷺ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَأَوْجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا.

وَفِي فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ بَعْدَ انْتِشَارِ الْإِسْلَامِ انْحَسَرَتْ مَوْجَةُ الْأُمِّيَّةِ وَالْجَهْلِ، وَارْتَفَعَتْ مَنَارَاتُ الْعِلْمِ؛ حَيْثُ وَصَلَ الْإِسْلَامُ وَحَلَّ الْمُسْلِمُونَ؛ فَمِنْ (سَمَرْقَنْدَ) وَ(بُخَارَى) شَرْقًا إِلَى (قُرْطُبَةَ) وَ(طُلَيْطِلَةَ) غَرْبًا.. لَا نَجِدُ مَدِينَةً وَلَا قَرْيَةً إِلَّا وَفِيهَا الْمَدَارِسُ، وَالْكَتَاتِيبُ، وَحَلْقَاتُ الْعِلْمِ، وَالْمَكْتَبَاتُ، وَأَعْدَادٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَطُلَّابِ الْعِلْمِ، وَكَانَتْ تَرْتَفِعُ مَكَانَةُ الْإِنْسَانِ بِعِلْمِهِ؛ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، وَالْأَمْثِلَةُ عَلَى ذَلِكَ لَا حَصْرَ لَهَا.

طَبِيعَةُ الْإِسْلَامِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْعِلْمِ، وَتَحْكِيمُ الْعَقْلِ، وَعِنْدَهُ أَنَّ مَنْزِلَةَ الْعَالِمِ فَوْقَ مَنْزِلَةِ الْعَابِدِ، وَفِي الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِ مِائَةِ آيَةٍ تَحُثُّ عَلَى الْعِلْمِ، وَالنَّظَرِ فِي الْكَوْنِ.

فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْعِلْمِ الطَّبِيعِيِّ وَالدِّينِ؛ بَلْ إِنَّ الدِّينَ الْحَقَّ يَعْتَرِفُ بِالْمَنْهَجِ الْعِلْمِيِّ الطَّبِيعِيِّ وَسِيلَةً إِلَى الْمَعْرِفَةِ؛ بَلْ إِنَّ الْمَنْهَجَ التَّجْرِيبِيَّ وَضَعَهُ عُلَمَاؤُنَا الْمُسْلِمُونَ، فَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَ الْمَنْهَجَ التَّجْرِيبِيَّ: هُوَ «شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ- »، وَسُرِقَ مِنَّا بَعْدُ، ثُمَّ رُوِّجَ فِي الْغَرْبِ عَلَى أَنَّهُ مِنَ ابْتِكَارِ (فَرَانْسِيس بِيكُون) وَغَيْرِهِ.

وَلَكِنَّ الثَّابِتَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْمُجَادَلَةَ وَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ أُسُسَ الْمَنْهَجِ التَّجْرِيبِيِّ: هُوَ «شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ- ».

إِذَنْ؛ فَالدِّينُ لَيْسَ مُقَابِلًا لِلْعِلْمِ الطَّبِيعِيِّ؛ وَمَعَ ذَلِكَ فَالدِّينُ الْحَقُّ الَّذِي يَعْتَرِفُ بِالْعِلْمِ الطَّبِيعِيِّ يُقَرِّرُ أَنَّ الْعِلْمَ الطَّبِيعِيَّ لَيْسَ وَسِيلَةً إِلَى كُلِّ الْمَعَارِفِ؛ فَأَنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ بِالْعِلْمِ الْمَادِّيِّ أَنْ تَصِلَ إِلَى كُلِّ الْمَعَارِفِ، هُنَالِكَ مَعَارِفُ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالرِّوَايَةِ أَوْ بِالْخَبَرِ، وَهُنَاكَ أَيْضًا- مَعَارِفُ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِالِاسْتِنْتَاجِ الْعَقْلِيِّ.

فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ وَسَائِلِ الْمَعْرِفَةِ، وَمِنْ طُرُقِهَا: الْعَقْلُ وَالْحِسُّ، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ وَالْخَبَرُ.

وَأَيْضًا هُنَالِكَ مَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الرُّسُلِ، وَهُوَ بِالْخَبَرِ الصَّادِقِ وَالْوَحْيِ الْمَعْصُومِ، فَالْعَاقِلُ هُوَ الَّذِي يَسْتَفِيدُ مِنْ كُلِّ هَذِهِ الْوَسَائِلِ بِحَسَبِ نَوْعِ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا، وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ يَحْصُرُ نَفْسَهُ فِي بَعْضِهَا، وَيُنْكِرُ غَيْرَهُ.

فَدِينُنَا يَدْعُو إِلَى الْعِلْمِ، وَيَحُضُّ عَلَيْهِ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الِاغْتِرَافِ مِنْ مَعِينِهِ، وَإِلَى  الْإِكْثَارِ مِنْ طَلَبِهِ.

وَالْإِيمَانُ الْحَقُّ وَالْعِلْمُ يَلْتَقِيَانِ وَيَتَكَامَلَانِ، وَلَا يَتَنَاقَضَانِ أَبَدًا؛ فَالْإِيمَانُ الْحَقُّ يَدْعُو إِلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَيَبْنِي عَلَيْهِ فِي تَحْقِيقِ مَصَالِحِ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ، قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].

وَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [إبراهيم: 32-33].

إِنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ يَحُضُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى التَّرَقِّي فِي الْعُلُومِ، وَعَلَى النَّظَرِ فِي آفَاقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَعَلَى النَّظَرِ فِي الْأَنْفُسِ؛ بَلْ وَعَلَى النَّظَرِ فِيمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَهُوَ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مَنْ وَصَلَ مِمَّنْ نَظَرُوا فِي أَمْثَالِ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ، وَهُوَ مَا تَحْتَ الثَّرَى، فَاسْتَخْرَجُوا الْمَعَادِنَ، وَاسْتَخْرَجُوا تِلْكَ الْمَوَادَّ الَّتِي صَارَتْ طَاقَةً لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الْعَالَمُ الْيَوْمَ.

 فَالدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ يَحُثُّ عَلَى الرُّقِيِّ الصَّحِيحِ وَالْقُوَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، عَكْسَ مَا افْتَرَاهُ أَعْدَاؤُهُ؛ أَنَّهُ -أَيْ: الْإِسْلَامَ- مُخَدِّرٌ مُفَتِّرٌ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ كَذِبَهُمْ وَافْتِرَاءَهُمْ عَلَيْهِ؛ وَلَكِنَّ الْمُبَاهَتَاتِ وَالْمُكَابَرَاتِ سَهَّلَتْ عَلَيْهِمْ، وَظَنُّوا مِنْ جَهْلِهِمْ أَنَّهَا تَرُوجُ عَلَى الْعُقَلَاءِ.

وَكُلُّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ كَذِبَهُمْ وَافْتِرَاءَهُمْ، وَإِنَّمَا يَغْتَرُّ بِهِمُ الْجَاهِلُونَ الضَّالُّونَ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ عَنِ الْإِسْلَامِ لَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا.

بَلْ يُصَوِّرُ لَهُمْ هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاءُ الْإِسْلَامَ بِصُورَةٍ شَنِيعَةٍ؛ لِيُرَوِّجُوا مَا يَقُولُونَهُ مِنَ الْبَاطِلِ؛ وَإِلَّا فَمَنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ مَعْرِفَةً صَحِيحَةً؛ عَرَفَ أَنَّهُ لَا تَسْتَقِيمُ أُمُورُ الْبَشَرِ دِينِيُّهَا وَدُنْيَوِيُّهَا إِلَّا بِهِ، وَأَنَّ تَعَالِيمَهُ الْحَكِيمَةَ أَكْبَرُ بُرْهَانٍ عَلَى أَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، عَالِمٍ بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَحِيمٍ بِعِبَادِهِ؛ حَيْثُ شَرَعَ لَهُمْ هَذَا الدِّينَ الْعَظِيمَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! طِيبُوا نَفْسًا بِهَذَا الدِّينِ الْخَاتَمِ الَّذِي رَضِيَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ لِخَلْقِهِ فِي أَرْضِهِ وَرَضِيَهُ لَكُمْ دِينًا، وَالَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْكُمْ بِهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

أَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَزِيدَنَا عِلْمًا.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}  [الزمر: 9].

وَقَالَ ﷺ: ((طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)).

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبَشِيرُ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((يَا أَبْنَاءَنَا! اتْرُكُوا الْمُنَاقَشَاتِ الْحِزْبِيَّةَ وَالْخِلَافَاتِ السِّيَاسِيَّةَ لِأَهْلِهَا، الْمُضْطَلِعِينَ بِهَا، الْمُنْقَطِعِينَ لَهَا، وَدَعُوا كُلَّ قَافِلَةٍ تَسِيرُ فِي طَرِيقِهَا، وَكُلَّ حَامِلٍ لِأَمَانَةٍ مِنْ أَمَانَاتِ الْوَطَنِ مُضْطَلِعًا بِحَمْلِهَا، قَائِمًا بِعَهْدِهِ فِيهَا؛ حَتَّى تَنْتَهِيَ تِلْكَ الْأَمَانَاتُ بِطَبِيعَتِهَا إِلَى جِيلِكُمْ، فَتَأْخُذُوهَا بِقُوَّةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُوكُمْ إِلَى ذَلِكَ إِنَّمَا يَدْعُوكُمْ لِيُضِلَّكُمْ عَنْ سَبِيلِ الْعِلْمِ؛ فَهُوَ مُضِلٌّ، وَكُلُّ مُضِلٍّ مُضِرٌّ، أَوْ لِيَسْتَكْثِرَ بِكُمْ، فَهُوَ غَاشٌّ، وَكُلُّ غَاشٍّ مَمْقُوتٌ، أَوْ لِيُلْهِيَكُمْ بِمَا لَا تُحْسِنُونَ عَمَّا تُحْسِنُونَ، فَهُوَ مَاكِرٌ، وَكُلُّ مَاكِرٍ مَمْكُورٌ بِهِ.

إِنَّ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَكْثِرَ بِكُمْ.. لَا يَسْتَكْثِرُ إِلَّا لِيُقَلِّلَكُمْ، وَلَا يَتَقَوَّى بِكُمْ حِسًّا إِلَّا عَلَى حِسَابِ إِضْعَافِكُمْ مَعْنًى، فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ؛ فَإِنَّ الْوَطَنَ يَرْجُو أَنْ يَبْنِيَ بِكُمْ جِيلًا قَوِيَّ الْأَسْرِ، شَدِيدَ الْعَزَائِمِ، سَدِيدَ الْآرَاءِ، مَتِينَ الْعِلْمِ، مُتَمَاسِكَ الْأَجْزَاءِ، يَدْفَعُ عَنْهُ هَذِهِ الْفَوْضَى السَّائِدَةَ فِي الْآرَاءِ، وَهَذَا الْفُتُورَ الْبَادِيَ عَلَى الْأَعْمَالِ، وَهَذَا الْخُمُولَ الْمُخَيِّمَ عَلَى الْأَفْكَارِ، وَهَذَا الِاضْطِرَابَ الْمُسْتَحْكِمَ فِي الْحَيَاةِ، وَهَذَا الْخِلَافَ الْمُسْتَمِرَّ عَلَى السَّفَاسِفِ، فَإِذَا جَارَيْتُمْ هَذِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُتَبَايِنَةَ، وَاسْتَجَبْتُمْ لِهَذِهِ الْأَصْوَاتِ الْمُتَنَافِرَةِ؛ ضَيَّعْتُمْ عَلَى الْوَطَنِ جِيلًا، وَزِدْتُمْ فِي بَلَائِهِ وَمِحْنَتِهِ، وَأَطَلْتُمْ مُدَّةَ الْمَرَضِ بِتَأْخِيرِ الْعِلَاجِ.

لَا يَعْذُلُكُمْ فِي حُبِّ وَطَنِكُمْ إِلَّا ظَالِمٌ، وَلَا يَصْرِفُكُمْ عَنْ إِتْقَانِ وَسَائِلِ النَّفْعِ لَهُ إِلَّا أَظْلَمُ مِنْهُ.

أَنْتُمُ الْيَوْمَ جُنُودُ الْعِلْمِ؛ فَاسْتَعِدُّوا لِتَكُونُوا غَدًا جُنُودَ الْعَمَلِ.

إِنَّ وَطَنَكُمْ مُفْتَقِرٌ إِلَى جِيلٍ قَوِيِّ الْبَدَنِ، قَوِيِّ الرُّوحِ، مُسْتَكْمِلِ الْأَدَوَاتِ مِنْ فَضَائِلَ وَعَزَائِمَ، وَإِنَّ هَذَا الْجِيلَ لَمُنْتَظَرٌ تَكْوِينُهُ مِنْكُمْ، وَمُحَالٌ أَنْ تُخْرِجَ الْحَالَةُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا جِيلًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ)).

فَاتَّقُوا اللهَ، وَاتَّبِعُوا كِتَابَ رَبِّكُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّكُمْ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

التعليقات


خطب مفرغة قد تعجبك


  مصر وخيانة الأمانة
  تَفْرِيغُ مُحَاضَرَاتِ سِلْسِلَة: «الرَّدُّ عَلَى الْمُلْحِدِينَ»
  التَّكَاتُفُ الْوَطَنِيُّ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْأَزْمَاتِ
  الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ
  [ طليعة الرد على الحلبي [ الجزء الأول
  مَعِيَّةُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَثَرُهَا فِي تَحْقِيقِ السَّلَامِ النَّفْسِيِّ
  الْحُقُوقُ وَالْحُرُمَاتُ فِي خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ
  عيد الفطر لعام 1436هـ .. خوارج العصر
  شعار الفاتيكان .. النجاسة من الإيمان !!
  ثورة الغلابة أم ثورة الديابة؟!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان