((بَيَانُ الشَّيْخِ رَسْلَان حَوْلَ تَهْجِيرِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ))
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
((أَزْمَةُ مِصْرَ الْعَاصِفَةُ وَحُلْمُ إِسْرَائِيلَ الْكُبْرَى))
فَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مَا تَمُرُّ بِهِ مِصْرُ مِنْ أَزْمَةٍ عَاصِفَةٍ عَارِمَةٍ، رُبَّمَا لَمْ تَمُرَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْعَصْرِ، إِنَّنَا نُحَاطُ بِالْأَزْمَاتِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ.
وَإِنَّ الْأَحْمَقَ فِي الْبَيْتِ الْأَسْوَدِ يُرِيدُ أَنْ يُمَزِّقَ الْعَالَمَ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَهُوَ يُهَدِّدُنَا بِتَهْدِيدٍ وُجُودِيٍّ؛ نَكُونُ أَوْ لَا نَكُونُ، إِمَّا سَيْنَاءُ وَإِمَّا الْمَوْتُ عَطَشًا، فَيُهَدِّدُ بِهَذَا.
وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحَقِّقَ لِلْيَهُودِ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ بِخَيَالِهِ أَكْبَرُ مُتَعَصِّبِيهِمْ مُنْذُ (تُيودُور هِرْتِزِل) إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا، يُرِيدُ أَنْ يُحَقِّقَ لَهُمْ حُلْمَ إِسْرَائِيلَ الْكُبْرَى.
وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ الَّتِي تَجْلِسُونَ عَلَيْهَا الْآنَ دَاخِلَةٌ فِي الْوَعْدِ؛ دَاخِلَةٌ فِي الْوَعْدِ الْمَزْعُومِ فِي التَّوْرَاةِ الْمَكْذُوبَةِ مِنَ الْإِلَهِ يَهْوَهْ إِلَهِ الْيَهُودِ، مِنَ النِّيلِ إِلَى الْفُرَاتِ، هَذِهِ الْأَرْضُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَعْدِ.
((تَهْجِيرُ شَعْبٍ كَامِلٍ مِنْ أَرْضِهِ وَتَارِيخِهِ!))
وَالْيَوْمَ يُرِيدُونَ إِيقَاعَ الظُّلْمِ عَلَى شَعْبٍ بِأَسْرِهِ؛ بِتَغْيِيرِ الْجُغْرَافْيَا وَالتَّارِيخِ، وَطَمْسِ الْمَعَالِمِ كُلِّهَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَا يُبَالُونَ بِأَحَدٍ!
الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَضُمَّ بَلَدًا كَامِلًا -وَهِيَ كَنَدَا- حَتَّى تَكُونَ وِلَايَةً مِنْ وِلَايَاتِ أَمِرِيكَا، وَسَوْفَ يَصِلُ إِلَى مَا يُرِيدُ!
وَيَنْظُرُ إِلَى الدِّنِمَارْك فَيَقُولُ: هَذِهِ الْجَزِيرَةُ -وَتُسَمَّى بِـ(جِرين لَانْد)- أُرِيدُ أَنْ أَضُمَّهَا!
وَيُخَاطِبُ الصَّحَفِيِّينَ فِي مُؤْتَمَرٍ صَحَفِيٍّ وَأَمَامَهُ مِنْضَدَةٌ -مَائِدَةٌ- فَيقُولُ: الشَّرْقُ الْأَوْسَطُ كَهَذِهِ الْمِنْضَدَةِ، ثُمَّ الْتَقَطَ قَلَمًا، ثُمَّ قَالَ: وَإِسْرَائِيلُ مِثْلُ رَأْسِ هَذَا الْقَلَمِ؛ صَغِيرَةٌ!
إِنَّ بِالرَّجُلِ جِنَّةً!
إِنَّ بِالرَّجُلِ جِنَّةً!
وَجُنُونُهُ قَدْ خَرَجَ عَلَيْنَا -فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونُ-.
الْأَمْرُ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ، يُرِيدُونَ تَرْحِيلَ شَعْبٍ كَامِلٍ، وَتَهْجِيرَهُ، وَإِخْرَاجَهُ مِنْ دِيَارِهِ، وَمِنْ أَرْضِهِ، وَمِنْ تَارِيخِهِ، وَمِنْ تُرَاثِهِ؛ بَلْ وَمِنْ دِينِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَعْكِسُوا الْأَمْرَ!
فَهَذِهِ الشَّرَاذِمُ مِنَ الْعِصَابَاتِ مِنْ شُذَّاذِ الْآفَاقِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ كَانُوا شَرَاذِمَ، فَصَارُوا دَوْلَةً؛ لِاسْتِحْكَامِ الْغَفْلَةِ فِي أَصْحَابِ الْأَرْضِ وَأَصْحَابِ الْحَقِّ وَأَصْحَابِ الدِّينِ.
شَرَاذِمُ صَارَتْ دَوْلَةً، وَدَوْلَةٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوهَا إِلَى شَرَاذِمَ، وَيُرِيدُ أَنْ يُهَجِّرَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لَا إِلَى سَيْنَاءَ وَلَا إِلَى الْأُرْدُنّ فَقَطْ؛ حَتَّى إِنْ رَفَضْنَا؛ يَقُولُ: لَا بَأْسَ، يُحَارِبُنَا بِشَيْءٍ آخَرَ، وَيَقْتَرِحُ سَبْعَ دُوَلٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: تِسْعَ دُوَلٍ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُهَجِّرَ إِلَيْهَا الْفِلِسْطِينِيِّينَ؛ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الْقِطَاعِ وَلَا فِي الضَّفَّةِ فِلِسْطِينِيٌّ وَاحِدٌ، وَيَعِدُ بِالْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَبِالرَّغَدِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ.
مَا هَذَا الَّذِي يَحْدُثُ؟!!
((مَا هُوَ دَوْرُنَا فِي هَذَا الظَّرْفِ التَّارِيخِيِّ؟!!))
إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَنْطِقَةِ بَعْدَ تَدْمِيرِ الْجَيْشِ الْعِرَاقِيِّ، وَالْجَيْشِ السُّورِيِّ، وَتَدْمِيرِ حِزْبِ اللهِ، وَالِاعْتِدَاءِ عَلَى مَا كَانَ هُنَالِكَ مِنَ الْقُدْرَةِ حَتَّى فِي الْقِطَاعِ؛ لَمْ يَبْقَ سِوَى الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ.
فَمَا هُوَ دَوْرُنَا الْآنَ؟
دَوْرُنَا الْآنَ يَتَضَمَّنُ وَظِيفَتَيْنِ:
الْوَظِيفَةُ الْأُولَى: أَنْ نَتُوبَ إِلَى اللهِ؛ فَإِنَّهُ مَا نَزَلَتْ نِقْمَةٌ وَلَا بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ وَمَعْصِيَةٍ، وَمَا رُفِعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.
فَنَتُوبُ إِلَى اللهِ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ!
نَتُوبُ إِلَى اللهِ تَوْبَةً فَرْدِيَّةً وَتَوْبَةً جَمَاعِيَّةً!
نَتُوبُ جَمِيعًا إِلَى اللهِ!
وَنَرْجِعُ جَمِيعًا إِلَى اللهِ!
وَنَضْرَعُ إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ أَنْ يُسَلِّمَ وَطَنَنَا، وَأَنْ يُسَدِّدَ قِيَادَتَنَا، وَأَنْ يُثَبِّتَهَا عَلَى الْحَقِّ.
فَهَذَا مِنَ الدَّوْرِ الْمَنُوطِ بِرِقَابِنَا، نُسْأَلُ عَنْهُ أَمَامَ رَبِّنَا، وَنُسْأَلُ عَنْهُ أَمَامَ التَّارِيخِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وَأَمَّا الْوَظِيفَةُ الثَّانِيَةُ: فَهِيَ أَنْ نَكُونَ قَلْبًا وَاحِدًا، أَنْ نَكُونَ رَجُلًا وَاحِدًا.
((نِدَاءٌ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ وَعُمُومِ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ:
لَا تَتْرُكُوا الرَّئِيسَ الْمِصْرِيَّ وَحْدَهُ!))
إِنَّ رَئِيسَنَا سَوْفَ يَذْهَبُ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ لِلِقَاءِ الرَّجُلِ فِي الْبَيْتِ الْأَسْوَدِ؛ فَيَنْبَغِي أَلَّا يَذْهَبَ وَحْدَهُ، لَا يَجُوزُ، لَا يَصِحُّ أَنْ يَذْهَبَ وَحْدَهُ، يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ مَعَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِلْيُونًا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ، وَمِئَاتُ الْمَلَايِينِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ بِالتَّأْيِيدِ؛ بِأَنْ يَكُونُوا ظَهِيرًا لَهُ.
أَشْعِلُوا مَوَاقِعَ التَّوَاصُلِ، وَأَشْعِلُوا الْمَنَصَّاتِ بِالتَّأْيِيدِ لِجَيْشِكُمْ، وَالْوُقُوفِ خَلْفَهُ، وَبِتَفْدِيَتِهِ بِكُلِّ رَخِيصٍ وَغَالٍ، وَكَذَلِكَ بِالْوُقُوفِ وَرَاءَ قِيَادَتِكُمْ وَرَئِيسِكُمْ.
وَقُولُوا لِلْعَالَمِ كُلِّهِ: إِنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ وَقَبْلَ أَنْ يُعْلِنَ مَوْقِفًا سِيَاسِيًّا فَإِنَّ الْإِرَادَةَ الشَّعْبِيَّةَ الْمِصْرِيَّةَ، وَكَذَلِكَ الْفِلِسْطِينِيَّةَ وَالْعَرَبِيَّةِ؛ هَذِهِ الْإِرَادَةُ تَسْبِقُهُ فِي الْإِعْلَانِ: أَنَّنَا لَا نَقْبَلُ بِالْهَوَانِ!
وَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟!
نَسْتَفُّ التُّرَابَ، وَنَلْتَحِفُ السَّمَاءَ، وَنَفْتَرِشُ الْغَبْرَاءَ، وَلَا نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا!
((ضَرُورَةُ الْوَحْدَةِ الْآنَ وَنَبْذِ الْخِلَافَاتِ))
الْأَمْرُ جِدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ!
دَعُوا خِلَافَاتِكُمْ جَانِبًا، ثُمَّ حَاسِبُوا عَلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ، لَا يَجُوزُ الْخِلَافُ الْآنَ مَهْمَا كَانَ سَبَبُهُ؛ فَإِنَّهَا الْخِيَانَةُ، وَبِئْسَتِ الْبِطَانَةُ.
فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسَلِّمَ وَطَنَنَا وَجَمِيعَ أَوْطَانِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَنْ يَحْفَظَ بَلَدَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَنْ يُسَدِّدَ قِيَادَتَنَا وَقِيَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْنَا، وَأَنْ يُفْضِلَ عَلَيْنَا، وَأَنْ يَكْبِتَ أَعْدَاءَنَا.
اللهم اجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي نَحْرِهِمْ، وَأَدِرِ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ.
اللهم أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَأَهْلِكْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
المصدر: بَيَانُ الشَّيْخِ رَسْلَان حَوْلَ تَهْجِيرِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ