تفريغ مقطع : في الأمة مٙن لا يعرف اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم


عَلَى المُسْلِمِ الضَّنِينِ بِآخِرَتِهِ, الشَّحِيحِ بِهَا وَبِدِينِهِ؛ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ رَبَّهُ, وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ, وَأَنْ يَدَعَ عَنْهُ السَّفَاسِفَ وَمَا تَوَاضَعَ عَلَيْهِ النَّاس, وَلْيَعْلَم أَنَّ رَأَسْ مَالِهِ إِنَّمَا هُوَ عُمُرُهُ, وَالتَّاجِرُ الحَاذِقُ إِذَا خَسِرَ خَسِرَ الرِّبح, وَلَكِنَّ الفَاشِلَ مِنَ التُّجَّارِ مَنْ يَخْسَرُ رَأْسَ المَال, فَمَا الَّذِي يَتَبَقَّى لَهُ؟!

 رَأْسُ مَالِ العَبْدِ عُمُرُهُ, وَمَهْمَا ضَاعَ مِنْ ثَانِيَةٍ مِنْهُ فَإِنَّهَا لَا تُعَوَّض, وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا تَسْبِيحَةٌ... تَكْبِيرَةٌ... تَهْلِيلَةٌ... تَحْمِيدَةٌ... ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ, ((لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ)).
 أَقْبِل عَلَى شَأْنِكَ وَدَعْ عَنْكَ بُنَيَّاتِ الطَّرِيق, دَعْ عَنْكَ السَّفَاسِف وَمَا تَوَاضَعَ عَلَيْهِ النَّاس, انْشَغِل بِنَفْسِكَ وَبِآخِرَتِكَ, وَأَقْبِل عَلَى العِلْمِ النَّافِعِ وَحَوِّلْهُ إِلَى عَمَلٍ صَالِحٍ, وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ عَلَيْك.
 فَإِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا إِزْدَادَ عِلْمًا وَلَمْ يَزْدَدْ عَمَلًا؛ إِزْدَادَ مِنْ إِقَامَةِ حُجَجِ اللَّهِ –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ, وَالعِلْمُ إِنْ لَمْ يَنْفَعْكَ ضَرَّك؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْكَ لَا لَكَ.
 فَعَلَى المَرْءِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي قِيَامِهِ عَلَى رَأْسِ طَرِيقِهِ, وَأَنْ يُرَاجِعَ نَفْسَهُ, وَأَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى هَذَا الأَصْلِ الأَصِيلِ مِنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَالرُّكْنِ الرَّكِينِ فِيهِ, وَهُوَ أَفْرَضُ الفُرُوضِ فِي دِينِ الإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ؛ أَعْنِي الصَّلَاة, تَأَمَّلْ فِيهَا... كَيْفَ تُصَلِّي؟!
وَأَنْتَ حِينَ تُصَلِّي كَيْفَ تَكُونُ فِي صَلَاتِكَ؟!
هَلْ وَجَدتَ لَذَّةَ الصَّلَاةِ يَوْمًا؟!
هَلْ كَانَتْ قُرَّةَ عَيْنٍ لَكَ فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ؟!
 هَلْ دَخَلْتَهَا فَأَلْقَيْتَ خَلْفَ ظَهْرِكَ الهُمُومَ وَالغُمُومَ وَالأَحْزَان, وَنَظَرْتَ إِلَى مَنْ أَمَامَكَ وَلَمْ تَنْظُر إِلَى الدُّنْيَا الَّتِي طَرَحْتَهَا خَلْفَكَ؟!
هَلْ أَحْدَثَتْ فِيكَ الصَّلَاةُ تَغْيِيرًا؟!
هَلْ نَهَتْكَ عَنِ المُنْكَرِ وَالفَحْشَاءِ وَنَهَتْكَ عَنْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ مِنْكَ مِمَّا يُغْضِبُ الرَّبَّ –تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؟!
 تَأَمَّل فِي أَحْوَالِكَ, وَأَقْبِل عَلَى شَأْنِكَ, وَلَا تُضَيِّع وَقْتَك, وَلَا تُبَدِّد عُمُرَك؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ مَالِك, وَإِذَا ذَهَبَ فَلَنْ يُعَوَّض!!
وَاتَّقِ اللَّهَ فِي المُسْلِمِين, عَلِّمْهُم مَا يَنْفَعُهُم, وَلَا تَشْغَلْهُم بِمَا يُفَرِّقُ جَمْعَهُم, وَيُبَدِّدُ قَوَّتَهُم, وَيُبَعْثِرُ طَاقَتَهُم.
 اتَّقِ اللَّهَ فِي إِخْوَانِكَ فَإِنَّهُ لَنْ يَكْمُلَ إِيمَانُكَ حَتَّى تُحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّهُ لِنَفْسِكَ, وَأَنْتَ تُحِبُّ لِنَفْسِكَ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ, فَلَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا كَامِلًا فِي إِيمَانِكَ حَتَّى تُحِبَّ لِأَخِيكَ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ, وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالأَخْذِ بِالأَسْبَابِ الَّتِي تُنْجِي مِنَ النَّارِ.
 عَلِّمُوا المُسْلِمِينَ التَّوْحِيد, وَبَيِّنُوا لَهُم مَا يَخْرُجُونَ بِهِ مِنَ الشِّرْكِ وَمِنَ البِدْعَةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ مُكَفِّرَةً وَهُمْ لَا يَعْلَمُون!!
عَلِّمُوا المُسْلِمِينَ اتِّبَاعَ رَسُولِ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
 عَرِّفُوا المُسْلِمِينَ بِاللَّهِ, بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ حَتَّى يُحِبُّوا رَبَّهُم, فَإِنَّهُم إِذَا عَرَفُوهُ أَحَبُّوهُ, وَإِذَا أَحَبُّوهُ أَطَاعُوهُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْصُوا رَبَّهُم –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَهُمْ يَعْرِفُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ.
عَرِّفُوا المُسْلِمِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-.
 عَرِّفُوا المُسْلِمِينَ سُنَّتَهُ وَسِيرَتَهُ وَأَخْلَاقَهُ وَحِلْيَتَهُ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ الأُسْوَةُ وَالقُدْوَةُ, فَكَيْفَ يُقْتَدَى بِمَنْ لَا تُعْرَفُ أَحْوَالُه؟ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ يُقْتَدَى بِهِ حِينَئِذٍ؟!
 وَإِذَا كَانَ المُسْلِمُ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالتَّأَسِّي وَالاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَعْرِفُ عَنْهُ سِوَى اسْمِهِ وَرُبَّمَا لَا يَعْرِفْه!!
فَفِي المُسْلِمِينَ مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَ رَسُولِ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!! وَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ وَسَمِعْتُهُ بِأُذُنَيَّ!!
حَتَّى إِنَّ امْرَأَةً كَانَ يُفْحَصُ وَلَدُهَا عِنْدَ بَعْضِ الأَطِبَّاءِ فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُ نَبِيِّنَا؟
قَالَت: النَّبِيُّ صَلُّوا عَلِيهِ.
قَالَ لهَا: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَا اسْمُه؟
قَالَت: النَّبِيُّ صَلُّوا عَلِيهِ.
قَالَ: مَا اسْمُه؟! فَكَرَّرَت
فَقَالَ لهَا -وَقَدْ ضَجِر-: النَّبِيُّ هُوَ مُوسَى –عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
مَنْ نَبِيُّنَا؟
 قَالَت: مُوسَى –عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهَمَّت بِالانْصِرَافِ, فَرَاجَعْتُهُ قُلْتُ: هَذِهِ إِذَا خَرَجَتْ لَنْ يَخْرُجَ مِنْ قَلْبِهَا وَلَا مِنْ ضَمِيرِهَا أَنَّ نَبِيَّنَا هُوَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَام-, وَإِذَا رُوجِعَت وَصُحِّحَ لهَا فَقِيلَ إِنَّ نَبِيَّنَا هُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ؛ لِمَكَانَتِكَ فِي قَلْبِهَا!!
فَقَالَ: يَا هَذِهِ؛ نَبِيُّنَا هُوَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ-.
فِي الأُمَّةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَ رَسُولِ اللَّهِ!! مَاذَا تَصْنَعُونَ أَنْتُم؟! مَا الَّذِي تَفْعَلُونَهُ؟!
فِي أَيِّ شَيْءٍ تُقَضُّونَ أَوْقَاتَكُم وَتُنْفِقُونَ أَمْوَالَكُم؟!
فِي أَيِّ شَيْءٍ تُبَدِّدُونَ طَاقَاتِكُم وَتُبَعْثِرُونَ قُوَاكُم؟!
مَاذَا تَصْنَعُونَ وَالأُمَّةُ عَلَى هِذِهِ الحَال وَلَا تَجِدُ مَنْ يَأْخُذُ بِيَدِ أَبْنَائِهَا إِلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ؟!!
أَلَايَسْتَحْيِي مُسْلِمٌ يَعْلَمُ فِي أُمَّتِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَ وَسَلَّمَ-؟
أَلَا يَسْتَحِي مَنْ يَعْلَم ذَلِكَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ أَنْ يَنَام؟!
 وَكَيْفَ يَنَامُ؟ كَيْفَ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِغُمْضٍ وَهُوَ يَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ الكَبِيرَ فِي أُمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!!
يَا طُلَّابَ الْعِلْمِ؛ كَفَاكُم بَعْثَرَةً لِقُوُاكُم, وَكَفَاكُمْ تَبْدِيدًا لِطَاقَاتِكُم, اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُم...
 تَآلَفُوا... تَآزَرُوا... تَنَاصَرُوا... تَمَاسَكُوا... اصْدَعُوا بِكَلِمَةِ الحَقِّ بِتَوْحِيدِ الخَالِقِ العِظِيم؛ مَعْرِفَةً وَتَطْبِيقًا وَتَقْرِيرًا, وَدَعْوَةً إِلَيْهِ, وَاتِّبَاعًا لِسَيِّدِ المُرْسَلِينَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعْرِفَةً وَتَطْبِيقًا وَصَدْعًا بِالحَقِّ وَدَعْوَةً إِلَيْهِ؛ حَتَّى تُفِيقَ هِذِهِ الأُمَّةُ مِنْ سُبَاتِهَا وَهِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَت لِلنَّاسِ.
 أَسْأَلُ اللَّهَ –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُوقِظَنَا مِنْ غَفْلَتِنَا, وَأَنْ يُنَبِّهَنَا مِنْ رَقْدَتِنَا إِنَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير, وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى البَشِيرِ النَّذِيرِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  هكذا تكون الراحة في الصلاة... وحقيقة الافتقار إلى الله
  هَلْ خَلَا مَجْلِسٌ لَكَ مِنْ غِيبَة؟!
  سقوط القاهرة... سقوط غرناطة الحديثة
  كُنْ جَادًّا مُتَرَفِّعًا وَلَا تَكُن هَازِلًا، وَلَا تَكُن مَائِعًا..
  كان يُدافِع عن الله وعن الرسول وعن الدين، ثم صار يسب الله ويسب الرسول ويهاجم الدين!!
  كيفَ نُؤمِنُ بالقَضاءِ والقَدرِ إيمانًا صَحِيحًا؟
  هل يلزم لكل يوم نية؟ وما حكم مَن نوى الإفطار ولم يأكل؟ وما هي المشقة التي يجوز من أجلها الفطر؟
  أين دُفن هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم-
  صفات المرأة الصالحة
  القول على الله بلا علم سيضيعُ الأمة...اصمتوا رحمكم الله!!
  كَمْ مَضَى مِنْ عُمُرِك؟
  هَلْ يَحِقُّ لَكَ التَّوَاضُعُ أَصْلًا؟!!
  كٓلِمة الْعَلَّامَةِ رَسْلَان لِطُلَّابِ جَامِعَةِ مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ
  لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها
  ما الذي قدموه؟ بنطال محزق مرقع! خلاعة ومجون!!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان