تفريغ مقطع : قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ وَضَعَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَوْتِ وَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ

((قَاعِدَةٌ عَظِيمَةٌ وَضَعَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ مَوْتِ وَلَدِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ))

((لَا تَقُلْ لَوْ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ))، تَجْعَلُ الْإِنْسَانَ قَلِقًا مُشَوَّشًا..

((مَا اسْتَأْثَرَ اللهُ بِهِ؛ فَالْهُ عَنْهُ -انْسَهُ-، مَا اسْتَأْثَرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِهِ فَالْهُ عَنْهُ))، هَذِهِ كَلِمَةُ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا مَاتَ وَلَدُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ.

وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ سَبَبًا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي حَازَهُ أَبُوهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَانَ صُلْبًا فِي السُّنَّةِ، مُوَاظِبًا مُحَافِظًا عَلَى مَا يُحِبُّهُ اللهُ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَطْلُبُ مِنْ أَبِيهِ أَنْ يُقِيمَ أُمُورًا تَوَرَّطَ فِيهَا بَنُو أُمَيَّةَ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ الْخِلَافَةُ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ-.

فَلَمَّا مَاتَ -وَكَانَ لَهُ مُحِبًّا وَمَاتَ شَابًّا- دَفَنَهُ، فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ، وَجَدَ شَابًّا يُشِيرُ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَشِرْ بِيَمِينِكَ.

وَأَيْضًا رَأَى شَابًّا قَدْ اسْتَرْسَلَ إِزَارُهُ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، ارْفَعْ إِزَارَكَ؛ لِأَنَّ الْإِسْبَالَ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ.

قَالَ -مَنْ وُجِّهَ إِلَيْهِ هَذَا الْخَيْرُ-: فِي هَذَا الْمَوْطِنِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي الْعَبْرَةُ عَلَى وَلَدِكَ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمْ تَجِفَّ بَعْدُ، اللَّوْعَةُ عَلَيْهِ لَمْ تَذْهَبْ عَنِ الْقَلْبِ بَعْدُ، مَا زَالَ تُرَابُ قَبْرِهِ عَالِقًا بِيَدَيْكِ، فَيَقُولُ لِعُمَرَ بِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ؟!! يَعْنِي لَا تَنْسَى النَّهِيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا تَنْسَى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، لَا تَنْسَى الِالْتِزَامَ بِالشَّرِيعَةِ، فِي هَذَا؟!!

فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا اسْتَأْثَرَ اللهُ بِهِ فَالْهُ عَنْهُ.

مَاتَ، مَاذَا تَصْنَعُ؟!!

الصَّبْرُ صَبْرَانِ: صَبْرُ الْكِرَامِ، وَصَبْرُ اللِّئَامِ.

فَأَمَّا الْكَرِيمُ فَإِنَّهُ يَرْضَى بِقَلْبِهِ عَنْ قَدَرِ اللهِ فِيهِ، وَيَنْطَلِقُ لِسَانُهُ بِالرِّضَا عَنْ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَجَوَارِحُهُ لَا تَأْتِي بِشَيْءٍ يُغْضِبُ الرَّبَّ -جَلَّ وَعَلَا-؛ مِنْ شَقِّ الْجُيُوبِ، وَلَطْمِ الْخُدُودِ، وَنَتْفِ الشُّعُورِ، وَكَذَلِكَ اللِّسَانُ يَنْضَبِطُ وَلَا يَنْطِقُ إِلَّا بِمَا يُرْضِي اللهَ -جَلَّ وَعَلَا-، ((إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهم أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا)).

لَا يَقُولُ وَاجَبَلَاهُ!! وَا كَذَا وَا كَذَا.. مِمَّا يَعْتَرِضُ بِهِ عَلَى قَدَرِ اللهِ.

فَيَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي أَنْ يَكُونَ صَابِرًا صَبْرَ الْكِرَامِ، أَمَّا صَبْرُ اللِّئَامِ؛ فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَسَلَّى عَنْ فَقِيدِهِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، هَذِهِ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ، جَعَلَهَا اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هَكَذَا، وَإِلَّا مَا اسْتَطَاعَ الْبَشَرُ أَنْ يَعِيشُوا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، الْأَحْزَانُ تَطْمُرُهَا الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي وَكَرُّ السِّنِينَ.

الْأَحْدَاثُ الَّتِي تَمُرُّ بِالْعَبْدِ يُنْسِي بَعْضُهَا بَعْضًا.

وَهَذَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَصْبِرَ صَبْرَ الْكِرَامِ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْبِرُ صَبْرَ اللِّئَامِ فَسَيَسْلُو بَعْدَ حِين رَاغِمًا، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَظَلَّ مُوَاظِبًا عَلَى حُزْنِهِ إِلَى الْمَمَاتِ، بَلْ سَيَخِفُّ ذَلِكَ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَخُذْ بِمَا يَنْفَعُكَ وَبِمَا يَنْفَعُ مَيِّتَكَ، ادْعُ اللهَ لَهُ أَنْ يُثَبِّتَهُ عِنْدَ السُّؤَالِ وَأَنْ يَغْفِرَ لَهُ.

((مِنْ دَرْسِ: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ))

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  فرقة إسلامية! يأتون فيها برجال مخنثين يغنون ويرقصون!!
  عدة الشهور عند الله وعبث الجاهليين بالتقويم
  يعرفون عن الممثلين والمغنيين والمشاهير كل شيء!!
  من الذي يفجر المساجد...؟! خوارج العصر
  الدرس الوحيد الذي تعلمناه من التاريخ... هو أننا لا نتعلم من التاريخ
  حكم قول علي كرّم الله وجهه
  النَّصِيحَةُ مَبْنَاهَا عَلَى الْإِخْلَاصِ لَا عَلَى الْقَبُولِ
  ((أَحسِن إسلامَك يُحسِن اللهُ إليك))
  إسقاط النظام الآن يعني: الحرب الأهلية
  اصمتوا رحمكم الله... ألا تبصرون؟!
  طَعْنُ شَيْخِ الْحَدَّادِيَّةِ هِشَامٌ البِيَلِيّ فِي الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ
  ندم الحسين -رضي الله عنه- على خروجه
  سَماؤُكِ يا دُنيا خِداعُ سَرابِ
  إيَّاكَ أنْ تقولَ على اللهِ ما لا تَعْلَم
  رسالة أب لابنه الصغير!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان