وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعرِفُ
عَن الرَّسُولِ ﷺ مَا يَدفَعُهُ لِمُتابَعتِه؛ لِأنَّ النَّاسَ أَعدَاءُ مَا
جَهِلُوا, فَإذَا كَانُوا جَاهِلينَ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبيُّ ﷺ, بَلْ كَانُوا جَاهِلِينَ بِالنَّبِيِّ نَفسِه!!
لِأنَّكَ تَستَطِيعُ أَنْ تَسأَلَ
الشَّبَابَ وَمَن فَوقَهُم مِنَ الكُهُولِ وَالشِّيوخِ, يُمكِنُ أَنْ تَسأَلهُم عَن
خُصوصِيَّاتِ مَن يَعشَقُونَهُ مِنَ لَاعِبِي الكُرَةِ, وَالمُمَثِّلِينَ, وَالمُغَنِّيِينَ,
وَمَن دَارَ فِى هَذَا الفَلَكِ الخَاسِرِ؛فَسَيُخبِرُونَك!!
هَذا عِندَهُ مِنَ الأَبنَاءِ كَذَا
وَكَذَا! وَهَذَا يَفعَلُ كَذَا وَيَنتَهِي عَن كَذَا!
وَهَذا قَامَ بِإلقَاءِ أُغنِيَّةٍ فِى
المَكانِ الفُلَانِي فِى عَامِ كَذَا وَحَدَثَ كَذَا! أُمُورٌ تَفصِيلِيَّةٌ!!
فَإِذَا سَأَلتَ الوَاحِدَ مِن هَؤلَاءِ
فَقُلتَ لهُم: عَدِّدْ لِي أَبنَاءَ الرَّسُولِ ﷺ؟
قُل لِي كَمْ لِلنَّبِيِّ مِن ابن؟ -وَالابنُ
عِندَ الإِطلَاقِ يَدخُلُ فِيهِ البِنت أَيضًا-
قُل لِي أَولَادَ النَّبِيّ ﷺ تَعرِفَهُم؟ سَمِّ لِي أبنَاءَ نَبِيِّكَ ﷺ؟
بَلْ أَخبِرنِي عَن نَسَبِ
الرَّسُولِ ﷺ؟
لَا يَرتَفِعُ فَوقَ جِدِّهِ
الأَوَّل!!
لَا يَعرِف شَيئًا عَن النَّبِيِّ ﷺ!!
فَإِذَا مَا تَرَقَّيتَ فَقُلتَ لَهُ:
صِف لِي رَسُولَ اللهِ؟ صِف لِي النَّبِيَّ ﷺالذِي أَرسَلَهُ اللهُ رَحمَةً
لِلعَالمِين؟
تَعرِفُ شَيئًا مِن وَصفِهِ؟!
كَيفَ كَانَ طُولُه؟ كَيفَ كَانَ
وَجهُهُ؟
كَيفَ كَانَت يَدُه؟ كَيفَ كَانَت
رِجلُه؟ كَيفَ كَانَت بَطنُه؟
كَانَ سَواءَ الصَّدرِ وَالبَطنِ ﷺ, وَكَانَ أَزهَرَ اللَّونِ وَهُوَ الأَبيَضُ المُشرَبُ
بِالحُمرَةِ, وَكَانَ أَدعَجَ ﷺ, كَانَ شَدِيدَ سَوَادِ العَينِ, وَكَانَت
عَينَاهُ بِبَيَاضِهِمَا يُمَازِجُ البَيَاضَ فِيهِمَا حُمرَة؛ وَذَلِكَ مِنَ البُكَاءِ
وَمِنَ القِيامِ للهِ -جَلَّ وَعَلَا-.
رَسُولُ اللهِ كَانَ بَعِيدَ مَا بَينَ
المَنكَبَين, وَكَانَت لِحيَتُهُ تَملَأُ مَا بَينَ مِنكِبَيهِ ﷺ, كَانَ النَّبِيُّ ﷺ شَثْنَ الكَفَّينِ وَالقَدَمَينِ –يَعنِي: غَلِيظَهُمَا-, وَكَانَ ﷺ فِى شَعرِهِ كَذَا...
كَانَ فِي مِشيَتِهِ كَذَا, كَانَ فِى
اشَارَتِهِ كَذَا ﷺ, كُلُّ ذَلِكَ مَنقُول فَمَن يَعرِفُ ذَلِكَ عَن الرَّسُول
ﷺ؟!
لِذَلِكَ يَهُونُ عَلَى المُسلِمِينَ
جِدًّا أَنْ يَعتَدِيَ سَافِلٌ كَافِرٌ مُنحَرِفٌ مُجرِمٌ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّد
ﷺ, وَلَو اعتَدَى هَذَا السَّافِلُ المُجرِمُ عَلَى ابِ الرَّجُلِ
لَم يَقبَل, وَلَو اعتَدَى عَلَيهِ لَمْ يَقبَل؛ وَلَكِنَّهُ يَقبَلُ أَنْ يُعتَدَى
عَلَى رَسُولِ اللهِ وَالنَّبِيُّ أَوْلَى بِكَ مِنكَ, النَّبِيُّ أَوْلَى بِكَ مِنكَ...
أَوْلَى بِكَ مِن أَبِيكَ وَأُمِّك,
النَّبِيُّ ﷺ لَا يَكمُلُ إيمَانُكَ حَتَّى تُحِبَّهُ أَكثَرَ مِمَّا
تُحِبُّ وَلَدَكَ, وَأَكثَرَ مِمَّا تُحِبُّ وَالِدَك, وَأَكثَرُ مِمَّا تُحِبُّ
النَّاس أَجمَعِين؛ بَلْ لَا يَتِمُّ إيمَانُك وَلَا يَكمُل حَتَّى تُحِبَّ
النَّبِيَّ ﷺ أَكثَرَ مِنْ مَحَبَّتِكَ لِنَفسِك
((لَا يُؤمِنُ
أَحَدُكُم حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن وَالِدِهِ -فَذَكَرَ الأُصُول- وَوَلَدِهِ -فَذَكَرَ الفُرُوعَ- وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ)).
فَذَكَرَ الحَوَاشِي مِنَ الأَرحَامِ
وَالمَرأَةُ –الزَّوجَة-
إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَصحَابِ وَالأَقَارِبِ وَالمَعَارِفِ وَالأَحِبَّاءِ,
فَذَكَرَهُم جَمِيعًا, لَا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يَكُونَ أَحَبَّ إِلَيهِ مِن
هَؤلَاءِ جَمِيعًا.
وَكَانَ عُمَرُ يَومًا يَمشِي وَيَدُهُ
فِى يَدِ النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ لَأَنتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن
كُلِّ شَيء إِلَّا نَفسِي.
قَالَ: ((وَلَا هَذِهِ يَا عُمَر))
قَالَ: الآنَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: ((الآنَ يَا عُمَر)) يَعنِي: الآنَ أَنتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن
نَفسِي الَّتِي بَينَ جَنبَيَّ.
مَن حَقَّقَ هَذَا؟
آلرَّسُولُ ﷺ أَحَبُّ إِلَيكَ مِن نَفسِكَ التِي
بَينَ جَنبَيكَ؟ اسأَل نَفسَكَ؟
تُقَدِّمُ أَمرَهُ عَلَى هَوَاكَ؟ تُقَدِّمُ
شَرعَهُ عَلَى مَحَابِّك؟
تُقَدِّمُ مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّتِكَ
لِامرَأَتِكَ وَوَلَدِكَ وَوَالِدِكَ وَأُمَّكَ؟
تُقَدِّمُ مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّتِكَ
لِنَفسِك؟
سَل نَفسَكَ وَأَجِب أَنتَ, فَإِنْ كَانَ
الجَوابُ بِالسَّلبِ فَلَا تَلُومَنَّ إِلَّا نَفسَكَ.