تفريغ مقطع : حَتَّى وَلَوْ بَكَى عِنْدَكَ حَتَّى غَسَلَ قَدَمَيْكَ بِبُكَائِهِ وَدُمُوعِهِ لَنْ يَصْنَعَ لَكَ شَيْء

لو غسل أحب حبيب إليك قدميك ببكائه ودموعه لن يخفف عنك شيء عند موتك, وربما يُختَم لك بالكُفر!!

تُؤمِنُ بِاليَوْمِ الآخِر؛ يَعْنِي تُؤْمِنُ بِأَنَّكَ سَتَمُوتُ, كُلُّنَا يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَمُوت, هَذِهِ حَقِيقَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخَالِفَ فِيهَا حَيٌّ, كُلُّنَا نَعْلَمُ أَنَّنَا سَنَمُوتُ.

مَنْ الَّذِي يَعْمَلُ العَمَلَ الصَّالِحَ كَأَنَّهُ سَيَمُوت؟!

كُلُّنَا يَعْلَمُ أَنَّنَا سَنَمُوت؛ فَهَلْ نَعْمَلُ عَمَلَ مَنْ سَيَمُوتُ؟!!

نَحْنُ نَعْمَلُ عَمَلَ مَنْ سَيُخَلَّدُ فِي الأَرْضِ!! مَعَ أَنَّ المَوْتَ غَيْبٌ, وَيَأْتِي فَجْأَة بَغْتَة- لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ الَّذِي قَدَّرَهُ وَقَدَّرَ وَقْتَهُ وَمَكَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا, وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ.

فَهَذَا غَيْبٌ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ, يَعْلَمُهُ اللَّهُ وَحْدَهُ, فَإِذَا كَانَ الإِنْسَانُ لَا يَعْلَم أَنَّهُ سَيَمُوتُ, وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَمُوت, وَقَدْ يِأْتِي المَوْتُ الآنَ, فَإِذَا وَجَدَنِي عَلَى المَعْصِيَةِ فَهَذَا أَمْرٌ خَطِيرٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى هَيْئَاتِهِمُ الَّتِي مَاتُوا عَلَيْهَا, إِذَا كَانُوا مِنَ الصَّالِحِينَ أَوْ مِنَ الطَّالِحِينَ.

لِذَلِكَ كَانَ الصَّالِحُونَ يَخَافُونَ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ؛ لِأَنَّ أَحَدَكُم يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاع؛ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ؛ فَيَدْخُلُ النَّارَ!!

قَدْ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ سِتِّينَ سَنَة... سَبْعِينَ سَنَة؛ وَيُخْتَمُ لَهُ بِخَاتِمَةِ السُّوءِ نَسْأَلُ اللَّهَ العَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ-.

فَعَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَخَافَ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ البَشَرِ فِيهِ صَكٌّ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِأَنَّهُ سَيَمُوتُ مُسْلِمًا!! قَدْ يَمُوتُ كَافِرًا!!

بَلْ إِنَّكَ تَرَى مِثْلَ هَذَا أَحْيَانًا؛ مَنْ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا, مَرَضًا مُؤلِمًا كَالسَّرَطَانَاتِ المُخْتَلِفَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ العَافِيَةَ- فِي الكَبِدِ خَاصَّة وَفِي البِنْكِرْيَاسِ أَيْضًا, فَإِنَّ أَلَمَهُ لَا يُطَاقُ.

فَإِذَا جَاءَهُ هَذَا الأَلَم رُبَّمَا اعْتَرَضَ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ فَمَاتَ كَافِرًا, وَرُبَّمَا قِيلَ لَهُ قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه؛ فَكَفَرَ بِهَا عِنْدَ المَوْت؛ فَيَخْرُجُ عَلَى غَيْرِ المِلَّةِ -فَنَسْأَلُ اللَّهَ الثَّبَاتَ عِنْدَ المَمَاتِ-.

كَانُوا يَدْعُونَ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ المُبَارَكَةِ؛ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ عِنْدَ المَمَات؛ لِأَنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَات, وَيَكُونُ فِي حَالِ السِّيَاقِ فِي غَمَرَاتٍ, وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِمَّنْ حَوْلَهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهُ شَيْئًا, بَلْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحِسَّ بِهِ, هُوَ وَحْدَهُ الَّذِي يُعَانِي!!

سَتُعَانِي وَحْدَكَ عِنْدَ المَوْتِ, وَلَنْ يَحْمِلَ عَنْكَ أَحَبُّ حَبِيبٍ إِلَيْكَ, وَأَخَصُّ الخَاصَّةِ عِنْدَكَ لَنْ يَحْمِلَ عَنْك شَيْء؛ حَتَّى وَلَوْ بَكَى عِنْدَكَ حَتَّى غَسَلَ قَدَمَيْكَ بِبُكَائِهِ وَدُمُوعِهِ لَنْ يَصْنَعَ لَكَ شَيْء؛ وَسَتَلْقَى اللَّهَ وَحْدَكَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  توقف!! فإنَّ الحياة فرصة واحدة لا تتكرر
  دفع البهتان حول عبارة (يُدَوِّخُ الله رب العالمين المشركين)
  أمور هامة تتعلق بذبح الأضحية
  تَعَلُّمُ دِينِ اللهِ فِيهِ خَيْرٌ كَبِيرٌ
  رمضان فرصة للتائبين وبيان حقيقة الصيام
  حكم سب الله وسب الرسول-صلى الله عليه وسلم-
  قاعدة الإسلام الذهبية... مَن بيده السلطان ينبغي أن يُطاع في غيرمعصية
  الحل الوحيد
  الاعتراف بالخطأ بطولة
  وصية مهمة جدًا للشباب في بداية العام الدراسي
  الدين حجة على الجميع
  ليس العيب على الصعاليك...
  الاعتداء على المتمسكين بالهدي الظاهر وعلى المجبات في الشوارع والطرقات
  قانون لا ينبغي أن يغيب عنك أبدًا
  حكم الاحتفال بأعياد غير المسلمين
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان